في إطار تشغيل تجريبي جزئي لا يتضمن الجناح الرئيسي المخصص لعرض مقتنيات «الفرعون الذهبي توت عنخ آمون»، فتح المتحف المصري الكبير، المطل على أهرامات الجيزة (غرب القاهرة)، الأربعاء، أبواب 12 قاعة عرض أثري أمام الجمهور للمرة الأولى.
ولم يشهد المتحف مراسم احتفالية بمناسبة الافتتاح، مكتفياً بإعلان رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، الأسبوع الماضي، عن موعد بدء التشغيل التجريبي، واصفاً المتحف بأنه «سيكون هدية مصر للعالم».
وسبق أن تم افتتاح جزأين من المتحف تجريبياً، الأول كان في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، حيث أعلن المتحف في حينه عن بدء استقبال بعض الأحداث والفعاليات الخاصة، بجانب الزيارات الجماعية محدودة العدد، لمنطقة «البهو العظيم»، حيث يقف تمثال الملك رمسيس الثاني، إضافة إلى منطقة الخدمات ومتحف الطفل. وكان الافتتاح التجريبي الجزئي الثاني في الأول من ديسمبر (كانون الأول) عام 2023، إذ أعلنت إدارة المتحف المصري الكبير عن افتتاح منطقة الدرج العظيم للزيارة، في إطار التشغيل التجريبي.
«الشرق الأوسط» تجولت في قاعات المتحف الـ12، قبيل افتتاحها للجمهور. وقال الدكتور عيسى زيدان، مدير عام الترميم ونقل الآثار بالمتحف المصري الكبير «إن قاعات العرض الرئيسية التي تبلغ مساحتها 18 ألف متر مربع، مزودة بأحدث وسائل التكنولوجيا الحديثة، من فتارين عرض وشاشات تفاعلية للواقع المعزز، إضافة إلى بطاقات الشرح والتحكم البيئي في درجات الحرارة والرطوبة وشدة الإضاءة».
ويمكن لزائر المتحف أن يحدد مسار الزيارة الذي يرغب فيه، إما وفقاً للموضوع أو الفترة التاريخية، حيث تتضمن قاعات العرض الرئيسية تقسيماً زمنياً يبدأ من عصر ما قبل التاريخ، مروراً بعصور ما قبل الأسرات، وبداية الأسرات، والدولة القديمة، وعصر الانتقال الأول، لتغطي فترة من 700 ألف سنة إلى 2034 سنة قبل الميلاد، ثم الدولة الوسطى والحديثة وعصر الانتقال الثالث، والعصر المتأخر والعصر اليوناني والروماني والذي يبدأ من 1069 قبل الميلاد، وحتى 394 ميلادياً. كما تقسم القاعات موضوعياً مستعرضة الملوك، والعقيدة، والمجتمع في مصر القديمة.
ويوضح زيدان لـ«الشرق الأوسط» أن «المعروضات تتضمن قطعاً أثرية تتحدث عن الحياة المستقرة في وادي النيل، مستعرضة أدوات الصيد والزراعة والصناعة وحتى الكتابة وتطورها عبر العصور، وبعض الفنون السائدة في الحقب التاريخية المختلفة».
كما تشرح المعروضات تاريخ ملوك مصر القديمة، وكيف تأسست الدولة، وفترات الحروب والتحرير وتوسيع حدود الدولة، وفق زيدان، الذي يشير إلى «قطع أثرية تستعرض تطور المعتقدات الدينية في مصر القديمة، عبر قرابين المتوفى، والتعاويذ السحرية التي عثر عليها في المقابر».
وخلال الجولة يتنقل الزائر بين قاعات مختلفة تتضمن توابيت خشبية ملونة، ومنحوتات لمعبودات وملوك وحلي وأدوات للكتابة والصيد وغيرها.
ويأتي التشغيل التجريبي في إطار الاستعداد لافتتاح رسمي «كبير» تعد له مصر منذ مدة طويلة، بحضور قادة من مختلف أنحاء العالم، وتسببت الاضطرابات الإقليمية في تأجيله. وأكد المسؤولون عن المتحف أن «الافتتاح الرسمي سيتضمن فتح جناح توت عنخ آمون، ومتحف مراكب خوفو للزيارة».
ويقع المتحف المصري الكبير على بعد نحو كيلومترين من أهرامات الجيزة على مساحة 117 فداناً، وتعتبره مصر واحداً من «أكبر متاحف العالم»، وتُعول عليه كثيراً في تنشيط الحركة السياحية، لا سيما أنه سيشهد للمرة الأولى عرض المجموعة الكاملة لآثار الفرعون الذهبي توت عنخ آمون، والتي يتجاوز عددها 5 آلاف قطعة أثرية.
وخلال الفترة الماضية تم نقل كثير من مقتنيات الفرعون الذهبي من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف الكبير، في حين تم تأجيل نقل القطع المهمة وعلى رأسها القناع الذهبي الذي من المقرر أن ينقل قبيل الافتتاح الرسمي.
ويعود تاريخ إنشاء للمتحف إلى عهد وزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني، الذي وضع حجر الأساس للمتحف عام 2002، ولاستكمال تكلفة المتحف التي كانت تبلغ في بداية المشروع نحو 550 مليون دولار، حصلت مصر على قرض ميسر من اليابان بقيمة 300 مليون دولار، وتعثر تنفيذ المشروع بسبب أحداث 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وزادت تكلفة الإنشاء، فتمت زيادة القرض الياباني.
وخلال اتصال هاتفي الأربعاء أعرب وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، لنظيره الياباني تاكيشي إيوايا، عن «تقدير بلاده لمساهمة طوكيو في العديد من المشروعات التنموية، وفي مقدمتها المتحف المصري الكبير».