«نهر ليس نهراً»... رحلة تمزج أساطير مصر القديمة بالواقع

معرض قاهري للفنانة الإسبانية ماريا بريمو

جانب من معرض «نهر ليس نهراً ببيت السناري (بيت السناري - مكتبة الإسكندرية»
جانب من معرض «نهر ليس نهراً ببيت السناري (بيت السناري - مكتبة الإسكندرية»
TT

«نهر ليس نهراً»... رحلة تمزج أساطير مصر القديمة بالواقع

جانب من معرض «نهر ليس نهراً ببيت السناري (بيت السناري - مكتبة الإسكندرية»
جانب من معرض «نهر ليس نهراً ببيت السناري (بيت السناري - مكتبة الإسكندرية»

بين ضفاف النيل، وفي حضرة الآثار المصرية التي يعود تاريخها لآلاف السنين، قضت الفنانة الإسبانية ماريا بريمو فترة إقامة فنية في مدينة الأقصر (جنوب مصر)؛ أنتجت خلالها أعمال المعرض الفني «نهر ليس نهراً» الذي يضمّ لوحات وصوراً فوتوغرافية ومواد مصورة، تعبّر عن سحر الشرق، وتربط الماضي وأساطيره بالحاضر وجمالياته.

المعرض الذي يستضيفه المركز الثقافي «بيت السناري» التابع لمكتبة الإسكندرية، ومقره في حي السيدة زينب (وسط القاهرة)، حتى 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، تضمّن أعمالاً كثيرة تشير لتأثيرات الحضارة المصرية القديمة على الفنانين الغربيين.

قال هيثم مهيب، مدير بيت السناري: «جاءت الفنانة الإسبانية ماريا بريمو إلى مصر قبل 3 سنوات، وقضت نحو 3 أسابيع في مدينة الأقصر (جنوب مصر)، أبهرها نهر النيل والآثار الفرعونية والحياة البسيطة الموجودة في الأقصر».

جانب من أعمال الفنانة الإسبانية (بيت السناري)

ترجمت الفنانة زيارتها هذه بمجموعة أعمال مختلفة قدمتها في المعرض، وفق مهيب الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «من الأعمال المميزة التي تضمّنها المعرض بعض اللوحات بطريقة السينوغرافيا، وهي طريقة كانت تُستخدم قديماً قبل اختراع الكاميرا والتصوير الفوتوغرافي، تعتمد على استخدام مواد كيميائية معينة وأحبار، لتخرج بصورة تُشبه الفوتوغرافيا لكن بلمسة فنية».

الوسائط المتعددة التي استخدمتها الفنانة الإسبانية ماريا بريمو ما بين الرسم والتصوير الفوتوغرافي والسينوغرافيا وحتى المواد الوثائقية المصورة، سلطت الضوء على ملامح عدّة في الحضارة المصرية القديمة من بينها الأساطير، بالإضافة إلى التركيز على دور المرأة في الحضارة المصرية القديمة وقدرتها على إثبات وجودها، وكذلك حضورها في المجتمع الأقصري.

الفنانة الإسبانية تشرح بعض أعمالها (بيت السناري - مكتبة الإسكندرية)

وتبرز لوحات المعرض المظاهر التي جذبت الفنانة في مدينة الأقصر والآثار الفرعونية والحضارة المصرية القديمة العريقة، ومزجت بين الحاضر والماضي بطرق فنية مختلفة. كما رصدت اللوحات مشاهد من الواقع المعاصر في المدينة العتيقة للتعبير عن تفرد الشرق وسحره الخاص الذي يتضّح في أعمالها بطرق متنوعة وتقنيات مختلفة، في محاولة للتوصل إلى معادلة بصرية تربط التاريخ بالواقع وبالمفردات البيئية.

وكان للآثار المصرية القديمة والتماثيل الضخمة دور مهم في تشكيل الأعمال الفنية التي قدمتها بريمو في المعرض، ومن بينها تمثالان مشهوران من الحضارة المصرية القديمة يبدوان على ضفاف النيل.

أعمال الفنانة الإسبانية ماريا بريمو (بيت السناري)

ومن خلال معايشتها للحياة البسيطة في الأقصر، رصدت الفنانة كثيراً من النباتات والطيور التي تدّل على التّنوع والتّفرد البيئي الذي تتمتع به الأقصر، وظهر جلياً في لوحاتها، وتشير إلى الملمح الجمالي الخاص الذي يضفيه النيل على المدينة.

ورصدت أيضاً فنون العمارة المختلفة سواء عبر الإنشاءات القديمة أو العمارة التقليدية، وعمدت إلى التوعية بالبعد البيئي على التراث والربط بين الفن والبيئة بتقنيات متعدّدة.

وفي أعمالها الفنية تهتم ماريا بريمو، بالعلاقة بين الإنسان والطبيعة، وتحاول تجسيدها في أعمالها بطرق شتّى، وتسعى دائماً لتوظيف التصوير الفني أو الفوتوغرافي بطريقة تجعله قريباً من البيئة وصديقاً لها.

ويُعدّ بيت السناري من المراكز الثقافية ذات الطابع التراثي والتاريخي، ويعود تاريخه إلى عام 1794، بناه إبراهيم كتخدا السناري، وأصوله من دُنقُلا في السودان، وأصبح أحد أعيان القاهرة، وصادرت الحملة الفرنسية هذا البيت واستخدمته منزلاً للرّسامين والهيئة العلمية المرافقة للحملة.


مقالات ذات صلة

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)

«يا عم يا جمّال»... معرض قاهري يحاكي الأغاني والأمثال الشعبية

يحاكي الفنان التشكيلي المصري إبراهيم البريدي الأمثال والحكايات والأغاني والمواويل الشعبية المرتبطة بالجمل في التراث المصري والعربي.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق ملالا مع لوحاتها (دليل باريس للمعارض)

جدارية بعرض 60 متراً تعكس تحولات البشرية نحو العولمة

في أكبر صالات «قصر طوكيو» في باريس، تعرض حالياً وحتى 5 يناير (كانون الثاني) المقبل، جدارية استثنائية للفنانة ملالا أندريالافيدرازانا.

«الشرق الأوسط» (باريس)

كيف تحوّل روتينك اليومي إلى مصدر «للفرح والرضا»؟

كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)
كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)
TT

كيف تحوّل روتينك اليومي إلى مصدر «للفرح والرضا»؟

كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)
كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)

يعتقد البعض أنه عليه الذهاب في إجازة باهظة، أو على الأقل الانتظار حتى انتهاء أسبوع العمل، للشعور بالسعادة والرضا الحقيقيين في الحياة. في الواقع، يمكنك أن تجد الفرح في روتينك اليومي، كما تقول المؤلفة وخبيرة اتخاذ القرارات السلوكية كاسي هولمز، بحسب تقرير لشبكة «سي إن بي سي».

وفقاً لمسح حديث أجري على ألفين من سكان الولايات المتحدة، يمر واحد من كل أربعة أميركيين بنوبات من الملل مع روتينه. لمكافحة ذلك، تقول هولمز لنفسها عبارة بسيطة في اللحظات التي تدرك فيها أنها غير مهتمة: «احسب الوقت المتبقي».

على سبيل المثال، كانت هولمز تأخذ ابنتها في مواعيد لشرب الشاي منذ أن كانت في الرابعة من عمرها. بعد خمس سنوات، يمكن أن تبدو جلسات التسكع وكأنها مهمة روتينية.

قالت هولمز: «الآن أصبحت في التاسعة من عمرها، لذلك ذهبنا في الكثير من المواعيد في الماضي... لكن بعد ذلك، فكرت، (حسناً، كم عدد المواعيد المتبقية لنا)؟».

بدلاً من الانزعاج من النزهات المتكررة، بدأت في حساب عدد الفرص المتبقية لها للاستمتاع قبل أن تكبر ابنتها وتنتهي أوقات الترابط هذه.

أوضحت هولمز، التي تبحث في الوقت والسعادة «في غضون عامين فقط، سترغب في الذهاب إلى المقهى مع أصدقائها بدلاً مني. لذا سيصبح الأمر أقل تكراراً. ثم ستذهب إلى الكلية... ستنتقل للعيش في مدينة أخرى».

ساعدها حساب الوقت المتبقي لها في العثور على «الفرح والرضا» في المهام الروتينية.

«الوقت هو المورد الأكثر قيمة»

إلى جانب مساعدتك في العثور على السعادة، قالت هولمز إن التمرين السريع يدفعها إلى إيلاء اهتمام أكبر لكيفية قضاء وقتها. لم تعد تستخف بالنزهات مع ابنتها -بدلاً من ذلك، تسعى إلى خلق المحادثات والتواصل الفعال، وهو أمر أكثر أهمية.

من الأهمية بمكان ما أن تفعل الشيء نفسه إذا كنت تريد تجنب الشعور بالندم في المستقبل، وفقاً لعالم النفس مايكل جيرفيس.

وشرح جيرفيس لـ«سي إن بي سي»: «الوقت هو المورد الأكثر قيمة لدينا... في روتين الحياة اليومي، من السهل أن تخرج عن التوافق مع ما هو الأكثر أهمية بالنسبة لك. لكن العيش مع إدراكنا لفنائنا يغير بشكل أساسي ما نقدره وكيف نختار استخدام وقتنا».

وأضاف: «إن تبنّي حقيقة أننا لن نعيش إلى الأبد يجعل قيمنا في بؤرة التركيز الحادة. بمجرد إدراكك أن الوقت هو أغلى السلع على الإطلاق، فلن يكون هناك انقطاع بين الخيارات التي تريد اتخاذها وتلك التي تتخذها بالفعل».