أحداث لبنان تخيّم على مشاركة دُور نشره في «معرض الرياض للكتاب»

تواجه الدور اللبنانية تحديات في الصناعة بسبب الحرب (الشرق الأوسط)
تواجه الدور اللبنانية تحديات في الصناعة بسبب الحرب (الشرق الأوسط)
TT

أحداث لبنان تخيّم على مشاركة دُور نشره في «معرض الرياض للكتاب»

تواجه الدور اللبنانية تحديات في الصناعة بسبب الحرب (الشرق الأوسط)
تواجه الدور اللبنانية تحديات في الصناعة بسبب الحرب (الشرق الأوسط)

ألقت الأحداث التي تعصف بلبنان بظلالها على دُور النشر اللبنانية المشارِكة في معرض الرياض الدولي للكتاب الذي انطلق (الخميس) الماضي، ويشهد مشاركة واسعة من دُور نشر محلية وعربية ودولية.

ولطالما اعتادت دُور النشر اللبنانية على المشاركة في معرض الرياض، بوصفه أهم وجهات المنطقة في بيع المؤلفات وتوزيعها؛ نظراً لما يشهده من إقبال جماهيري واسع، بيد أن الأحداث التي تعصف بلبنان بالتزامن مع أيام المعرض، خيّمت على بعض الدُّور اللبنانية المشارِكة وأثّرت عليها، وأصحابها يتابعون عن كثب تطوّرات الأحداث هناك.

يجلس أيمن عبد الواحد، مالك «دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع» اللبنانية، بقلق في جناح الدار الذي امتلأ بالكتب وبالقلق على حد سواء، يستقبل زوّاره مشوَّشاً بسبب متابعة الأحداث التي تعصف ببلده لبنان.

ويتحدث إلى «الشرق الأوسط» بقليل من الانتباه، وهو يتواصل عبر هاتفه مع عائلته؛ إذ تتعرض المنطقة حيث يقطنون لقصف لم يهدأ منذ ساعات، يقول إنه يتواصل كل دقيقة مع أبنائه الجالسين تحت وابل القصف الهستيري، ويتمنّى لهم ولبلده السلامة، وأن تمرّ هذه الأزمة التي تُحدق بأبنائه وبكل العائلات اللبنانية المكلومة بخسارات بسيطة.

تدأب دور النشر اللبنانية على المشاركة في معارض الكتب السعودية (الشرق الأوسط)

«دار الفارابي»؛ إحدى أهم الدور اللبنانية التي دأبت على الحضور في معرض الرياض للكتاب، تشارك في نسخة العام الحالي بنحو 95 كتاباً جديداً، في محاولة للبقاء متماسكة في سوق الكتاب المطبوع، لما تواجهه دور النشر من تحديات تهدّد مكانة الكتاب المطبوع في المشهد القرائي العربي، بينما تواجه دُور النشر اللبنانية إلى جانب ذلك تحديات من نوع خاص، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها لبنان، والتي تزداد حدةً هذه الأيام.

يقول محمد القاروط، إن «دار الفارابي» مثل بقية الدور اللبنانية، تحرص على المشاركة في كل المعارض السعودية منذ سنوات طويلة، مشيراً إلى أن معرض الرياض الدولي للكتاب يُعدّ وجهة مهمة لدور النشر العربية.

ويضيف القاروط، أن الدار قرّرت أن تُرسل موظفاً واحداً للعمل في الجناح؛ نظراً للظروف التي يمرّ بها لبنان.

وعن خطة العودة إلى لبنان بعد نهاية المعرض، حيث لا يزال مطار رفيق الحريري الدّولي في بيروت يعمل بالحدّ الأدنى من طاقته؛ نتيجة الأحداث، ووقف شركات الطيران العالمية رحلاتها من لبنان وإليه، باستثناء 4 منها فقط، يقول محمد: «الأمر متروك لنتيجة الأحداث الحالية، أتمنى من كل قلبي أن تؤول إلى خير، وأن تمرّ هذه السحابة بسلام»، لكنه مثل بقية دور النشر التي التقتها «الشرق الأوسط»، حيث يصرّ الناشرون من لبنان على الاستعداد للمشاركة في معرض جدة للكتاب الذي يُنظَّم بعد شهرين.

من جانبه، يقول توفيق جروس، صاحب «دار جروس برس» اللبنانية، إنه حريص على الحضور في معرض الرياض الدولي، وقد تيسّر له الوصول قبل انطلاقه بأيام، وتمنّى أن تنتهي الأزمة في لبنان سريعاً، وألّا تنقطع صلة القراء العرب والسعوديين بما تُنتجه دور النشر والطباعة اللبنانية، وأن تؤول كل الظروف لصالح الخير والمعرفة والإنسان في كل الأحوال.


مقالات ذات صلة

مسيرة «جاكسون بولوك» بمتحف بيكاسو في باريس

يوميات الشرق امرأة تنظر إلى لوحة «الذئبة» للفنان الأمريكي جاكسون بولوك (أ.ف.ب)

مسيرة «جاكسون بولوك» بمتحف بيكاسو في باريس

يقدم متحف بيكاسو في باريس بدءاً من الثلاثاء معرضاً مخصصاً للسنوات الأولى للرسام الأميركي جاكسون بولوك (1912-1956) التي تميزت بتأثير بابلو بيكاسو.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق معرض شيخ الخطاطين محمود إبراهيم سلامة (مكتبة الإسكندرية - بيت السناري)

لوحات شيخ الخطاطين تزيّن «بيت السناري» في القاهرة

أكثر من 30 لوحة تضمنت تنويعات من الخطوط لفنان الخط العربي الراحل محمود إبراهيم سلامة الذي اشتهر بلقب «شيخ الخطاطين» تصدرت معرضاً استعادياً لأعماله.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق المفارقة بين الظاهر والمخفي في عمل لدانية الصالح من المعرض (الفنانة)

أصداء الزمن... القصص الكامنة في قلب الصحراء تمد جسورها للواقع

قامت الفنانتان دانية الصالح وسوزان كريمان بمرافقة البعثة الألمانية في رحلة عمل بمدينة تيماء السعودية، ثم قُدّمت نتائج تلك التجربة في معرض فني بالرياض.

عبير مشخص (لندن)
يوميات الشرق نور الكوّا أمام مجموعة من لوحاتها (خاص الفنانة)

نور الكوّا تقدّم مجموعة لوحات «كوكب الشرق»

ممسكةً محرمتها الشهيرة تصوّر الكوّا أُم كلثوم واقفة على المسرح تشدو بصوتها وكأنها تحيي حفلها الغنائي في اللحظة نفسها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق هل يكون توقُّف النبض هو نهاية كل شيء؟ (دليل المعرض) 

معرض باريسي عن أساطير ما وراء الموت

المعرض صغير وشيّق؛ يبحث في تاريخ الأساطير وحفريات التربة والاكتشافات العلمية والثقافات الشعبية التقليدية وكذلك في الصور التي قدمتها السينما الهوليوودية للزومبي.

«الشرق الأوسط» (باريس)

اسم الهاكر الجزائري بن دلاج يتصدر «التريند» في بلاده

الهاكر المبتسم عقب خروجه من السجن بأميركا (حسابه على إنستغرام)
الهاكر المبتسم عقب خروجه من السجن بأميركا (حسابه على إنستغرام)
TT

اسم الهاكر الجزائري بن دلاج يتصدر «التريند» في بلاده

الهاكر المبتسم عقب خروجه من السجن بأميركا (حسابه على إنستغرام)
الهاكر المبتسم عقب خروجه من السجن بأميركا (حسابه على إنستغرام)

تصدر اسم الهاكر الجزائري حمزة بن دلاج، مواقع التواصل الاجتماعي في بلاده على مدار اليومين الماضيين، وذلك عقب إعلان بن دلاج، الذي يُلقب بـ«القرصان المبتسم» العودة لمسقط رأسه، بعد انتهاء مدة سجنه في الولايات المتحدة الأميركية.

وتداولت وسائل إعلام جزائرية محلية وأخرى عربية قصة بن دلاج، الذي تصدر «التريند» منذ مساء الخميس الماضي، عقب نشره صورة داخل طائرة، عبر ستوري على حسابه على «إنستغرام» معلقاً عليها: «الجزائر حبي».

وأعرب نشطاء جزائريون عن فرحتهم بعودة بن دلاج لبلاده، وسط تساؤلات عن المستقبل الذي ينتظره. وكتب حساب باسم «حسين هادي» على «إكس»، يقول: «(الهاكر المبتسم) يصل إلى الجزائر بعد إفراج السلطات الأميركية عنه قبل أيام... ما هو المستقبل الذي ينتظر بن دلاج في بلده ومسقط رأسه؟».

وكتب حساب آخر باسم «ألترا جزائر»: «حمزة بن دلاج... عاد إلى الجزائر محملاً بكثير من الأسرار والقصص عن ظروف اعتقاله ومحاكمته».

وأرجعت أستاذة القانون وخبيرة الشأن العام الجزائرية، زهور وعمارة، احتفاء الشارع الجزائري بحمزة بن دلاج إلى «ما يحمله اختراق المنظومة الأميركية من إغراء».

وترى عمارة أن «بن دلاج يحمل صفات عدة تجعله مصدر إغراء للحس الشعبي، فهو دائم الابتسامة، وهاكر استطاع اختراق المنظومة الأميركية». مضيفة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «في منطوق الرأي العام الجزائري، خصوصاً الشباب يمثل بن دلاج قصة نجاح، حتى وإن ارتبط النجاح بالقرصنة التي تُعد جريمة إلكترونية».

تساؤلات بشأن مستقبل بن دلاج (حسابه على فيسبوك)

واشتهر بن دلاج بابتسامته التي لم تفارقه لحظة اعتقاله أو في أثناء التحقيقات، وأكدت الكاتبة الصحافية الجزائرية سميرة لفريكي أن بن دلاج الذي عاد لبلاده مبتسماً شغل بالفعل الشباب الجزائري، حيث يرونه «بطلاً» و«أسطورة»، لا قرصاناً، مشيرة في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «بن دلاج استهدف مئات المؤسسات وبنوك العالم، خصوصاً الأميركية، واستطاع خرق أقوى نظام مؤسساتي في العالم».

وقالت: «كثير من الجزائريين يرون ما فعله بن دلاج (ضربة عادلة ومبررة)، كونها موجهة للنظام الأميركي، لكن في الوقت نفسه؛ هناك من يجرم بن دلاج وقرصنته على الأموال، ويرى أنه ارتكب جريمة، ونال عقابه ليكون عبرة للشباب».

ويتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي قصة بن دلاج بنوع من الفخر، مع وسمه بصفات بطولية جعلت منه «أسطورة حية» حسب وسائل إعلام محلية.

وكتب حساب باسم «نور الهدى» على «إكس» يقول: «عندما خضع حمزة بن دلاج للتحليل النفسي في السجن تبين أنه شاب سوي نقي السريرة، اخترق بعبقريته بنوكاً عالمية ووزع مبالغ كبيرة لفائدة جمعيات خيرية تدعم فلسطين، ولم يلمس منه أي نية إجرامية حتى إنه تلقى عروضاً قوية للعمل لدى الأميركان والأوروبيين لأنهم أيقنوا أنه لؤلؤة نادرة».

واحتفى حساب «مقالات الجزائر» على «فيسبوك»، بعودة بن دلاج إلى بلاده، وقال إنه «كان يدرس الرياضيات باللغة الإنجليزية خلال فترة احتجازه في الولايات المتحدة الأميركية».

ووفق وسائل إعلام محلية فإن الولايات المتحدة الأميركية تصنف بن دلاج «واحداً من أخطر 10 هاكرز في العالم». وتعود قصته إلى يناير (كانون الثاني) 2013، حيث أُلقي القبض عليه في العاصمة التايلاندية بانكوك، ضمن عملية مشتركة بين مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، والسلطات التايلاندية. ونُقل بن دلاج إلى ولاية جورجيا الأميركية، لتبدأ تحقيقات استمرت نحو 3 سنوات.

لقطة لحمزة بن دلاج خلال محاكمته (حسابه على فيسبوك)

وفي أبريل (نيسان) عام 2016، قضت محكمة أميركية بحبس بن دلاج 15 عاماً، بتهمة «إدخال فيروس إلى أنظمة معلوماتية، ممّا نتج عنه خسارات كبيرة لعدد من الشركات والمؤسسات عبر العالم». وحسب النائب العام الأميركي فإن بن دلاج والهاكر الروسي أندريفيش بانين، طوّرا عام 2009 فيروساً يحمل اسم «سباي آي»، وعملا على تسويقه على الإنترنت.

خلال فترة التحقيقات مع بن دلاج، راجت أنباء عدة بشأنه، من بينها أنه «قرصن إلكترونياً نحو 217 مصرفاً على مستوى العالم»، وأنه «جمع مليارات الدولارات وحوّلها إلى فلسطين وجمعيات خيرية ودول فقيرة»، وهي أنباء لم تثبت صحتها، بل على العكس تحدث خبراء عن «الأضرار التي سبّبها»، نافين تحويله أموالاً إلى الدول الفقيرة.

جزائريون ينظرون إلى بن دلاج على أنه قصة نجاح (إنستغرام)

وأرجع الصحافي المغربي المقيم بهولندا، أنس بنضريف، الاهتمام المتزايد بالهاكر الجزائري إلى «الأقاويل التي تتردد بشأنه، لا سيما قرصنته حسابات إسرائيلية ودعمه لفلسطين والدول الفقيرة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الشعوب العربية عاطفية وتعد مثل هذه التصرفات إنجازاً».

ودفعت عودة بن دلاج لبلاده، البعض للتساؤل بشأن مستقبله، حسب لفريكة، التي أوضحت أن «البعض يتساءل بشأن إمكانية استغلال الجزائر له في مسائل الأمن السيبراني، أو إذا كانت الشركات العالمية ستسعى لاستقطابه».

احتفاء في الجزائر بعودة بن دلاج (حسابه على فيسبوك)

ولفتت لفريكة إلى أن «بن دلاج كان من رواد مقهى إنترنت بسيط بحي شعبي في العاصمة الجزائر، وربما يكون قد نفّذ كل محاولات القرصنة من ذلك المقهى». وقالت: «والدة بن دراج لا تزال تسكن حياً شعبياً بسيطاً حتى الآن».

وبين الحين والآخر يبرز اسم بن دلاج إعلامياً، ويتصدر «التريند»، ففي فبراير (شباط) من العام الماضي، تداولت وسائل إعلام جزائرية محلية أنباء عن عزم شبكة «كانال +» الفرنسية إنتاج فيلم سينمائي عن قصة حياة بن دلاج، بعنوان «Smiling Hacker».

ويذكر أن بن دلاج ولد عام 1988 بالجزائر، وحصل على شهادة الهندسة في الإعلام الآلي من جامعة «باب الزوار» عام 2008.