«رفض الأدوار» بالوسط الفني المصري... حقيقي أم تبرير للغياب؟

فادية عبد الغني قالت إن الشخصيات التي تُعرض عليها «لا تناسب تاريخها الفني»

الفنانة فادية عبد الغني (برنامج واحد من الناس «فيسبوك»)
الفنانة فادية عبد الغني (برنامج واحد من الناس «فيسبوك»)
TT

«رفض الأدوار» بالوسط الفني المصري... حقيقي أم تبرير للغياب؟

الفنانة فادية عبد الغني (برنامج واحد من الناس «فيسبوك»)
الفنانة فادية عبد الغني (برنامج واحد من الناس «فيسبوك»)

يشهد الوسط الفني غياب أسماء وتصدُّر أخرى بين الحين والآخر، وخصوصاً من ممثّلي الأدوار الثانية والثانوية، ويفتح الغياب المستمر لفترات طويلة المجال لطرح تساؤلات وتكهنات حول أسبابه.

وخلال الساعات القليلة الماضية تصدَّر اسم الفنانة المصرية فادية عبد الغني مؤشرات البحث بموقع «غوغل»، بعد حديثها عن أسباب غيابها عن المشاركات الفنية؛ إذ برّرت ذلك بعدم ملاءمة الشخصيات التي تُعرض عليها لتاريخها الفني الذي قدَّمت خلاله أدواراً مختلفة.

«الدور لا يناسب تاريخي الفني»، أصبحت الإجابة المعتادة لفنانين مصريين، بينما رأى نُقّاد أن هذه الإجابة «مناسبة لحفظ ماء الوجه وكرامة الفنان»، لا سيما بعد الرهان على أسماء أخرى رابحة، يرى آخرون أن هذا المبرّر قد يكون حقيقياً، وأن الفنان من حقه الرفض، خصوصاً مَن يتمتع بمسيرة مشرّفة، ويطمح للحفاظ عليها.

وقبل فادية عبد الغني تحدّث عدد من الفنانين في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» عن أسباب أخرى لغيابهم عن الوسط الفني، من بينهم مروة عبد المنعم التي قالت إن غيابها يعود لعدم الاستعانة بها، وأن الأدوار تحكمها صفحات الفنانين ومتابعيهم بالسوشيال ميديا، وتصدُّرهم «الترند» أيضاً.

الفنانة المصرية نبيلة عبيد (حسابها بـ«إنستغرام»)

بينما قال الفنان رشوان توفيق إن ما يُعرض عليه لا يناسب مسيرته الطويلة وأدواره الفنية التي أصبحت علامات راسخة، كما ذكرت عُلا رامي أن المسرح هو المتاح أمامها بالوقت الحالي، وبرّر لطفي لبيب غيابه لعدم وجود أدوار تناسب حالته الصحية، وأشارت هالة صدقي إلى أن غيابها عن السينما يعود لتغيّر حسابات السوق.

كما تحدثت نبيلة عبيد عن عدم ممانعتها تقديم أدوار الأم والخالة والعمة، مؤكّدة إيمانها بتعاقب الأجيال، وبجانب هؤلاء الفنانين برّر آخرون غيابهم للسبب نفسه، ومنهم من أعلن اعتزاله وعودته مجدّداً، من بينهم توفيق عبد الحميد، وعبد الله مشرف، ونشوى مصطفى، وهند عاكف، وفادي خفاجة، وكريم الحسيني، وميرهان حسين، وراندا البحيري، ونجوى فؤاد، وسميحة أيوب، وسميرة عبد العزيز، وغيرهم.

الفنان رشوان توفيق وابنته المذيعة هبة رشوان (فيسبوك)

الناقدة الفنية المصرية ماجدة موريس قالت لـ«الشرق الأوسط»: إن «تصريحات الرفض صحيحة بشكل كبير، حيث لا يمكننا تكذيبها سوى في بعض الحالات القليلة، لكن عندما نسمعها من أسماء فنية بعينها فلا يمكننا نفيها».

وتساءلت موريس: «لماذا نستنكر على الفنان قول ذلك؟ فمن حقه اختيار ما يحلو له ويناسب تاريخه»، كما نوّهت موريس إلى أن «هذا الكلام واقعي تماماً؛ لتنوّع الشخصيات ومدى ملاءمتها للممثل، فمن الممكن أن يكون هناك أدوار تُعرض على البعض، لكنهم يرونها غير مناسبة في مضمونها».

من جانبه قال المنتج المصري أحمد السبكي إن «الدور هو المحدِّد الرئيسي في ترشيح الممثلين»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «عندما أجد دوراً يلائم فناناً بعينه حتى وإن لم يشارك منذ سنوات، فإنني أسعى لتشغيله، ولا أتردّد في ذلك».

الفنان المصري لطفي لبيب (أرشيفية)

وأشار إلى أن «مقولة: (الأدوار غير مناسبة لتاريخي)، التي يردّدها البعض لتبرير عدم عملهم، لا يمكن تناولها بالسلب أو الإيجاب؛ لأن هناك فنانين مناسبين أكثر للسينما، وغيرهم للتلفزيون، وربما يتوافر المنتج الذي يراهم مناسبين لدور ما، ولكنهم يرون العكس».

وترى الناقدة الفنية المصرية خيرية البشلاوي أن «الفنان أصبح سلعة تخضع لمزاجية المستهلك، وكلما كانت رابحة كانت مطلوبة»، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «الممثل حتى وإن كان سلعة فهو يملك مشاعر وكرامة، وتاريخاً من الأدوار الفنية، خصوصاً المثقفين منهم، ومن ثم يمكن أن يكون رفضهم لأدوار لا تناسبهم هو سبب الغياب فعلاً، ويمكن أن تنطوي على معنى آخر يفهمه المنتج أو المسؤول عن التشغيل».

موضّحةً أن «الفنان في هذه الحالة يحصل على التعاطف؛ لأنه بالنهاية بشر لديه حياة، ويحتاج إلى دخل مناسب للوفاء بالتزاماته، وهذه الكلمات مقبولة بشكل كبير لحفظ ماء الوجه، وعدم وضعه في خانة الكساد».


مقالات ذات صلة

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

يوميات الشرق الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق دفء الشخصيات (رويال ميل)

احتفال خاص للبريد الملكي البريطاني بمسلسل «قسيسة ديبلي»

أصدر البريد الملكي البريطاني (رويال ميل) 12 طابعاً خاصاً للاحتفال بمسلسل «The Vicar of Dibley» (قسيسة ديبلي) الكوميدي الذي عُرض في تسعينات القرن الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا يستمر معرض «CES 2025» حتى التاسع من شهر يناير بمشاركة عشرات الآلاف من عشاق التكنولوجيا والشركات التقنية في مدينة لاس فيغاس (CES)

معرض «CES» يكشف أحدث صيحات التقنيات الاستهلاكية لـ2025

إليكم بعض أبرز الابتكارات التي تكشف عنها كبريات شركات التكنولوجيا خلال أيام المعرض الأربعة في مدينة لاس فيغاس.

نسيم رمضان (لندن)
يوميات الشرق مسلسل «فريد» أول خطوة في عالم الدبلجة باللبنانية على «إم تي في»

مسلسل «فريد» ... خطوة نحو عالم دبلجة المسلسلات التركية باللبنانية

هذه الخطوة تعدّ الأولى من نوعها في لبنان، وقرّرت المحطة ولوجها في قرارٍ صعب، كما وصفه مديرها كريستيان الجميّل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق انطلق عرض الموسم الثاني من «Squid Game» قبل أيام (نتفليكس)

«الحبّار 2» يقع ضحيّة لعبته... المسلسل العائد بعد 3 سنوات يخسر عنصر الدهشة

بعض المسلسلات لم يُكتب لها أن تفرز مواسم جديدة، إنما عليها الاكتفاء بمجد الموسم الواحد. لكن يبدو أن فريق «لعبة الحبّار» لم يستوعب هذا الأمر.

كريستين حبيب (بيروت)

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
TT

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

يحتفل الأمازيغ حول العالم وخاصة في المغرب العربي بعيد رأس السنة الأمازيغية في 12 أو 13 من يناير (كانون الثاني)، التي توافق عام 2975 بالتقويم الأمازيغي. ويطلق على العيد اسم «يناير»، وتحمل الاحتفالات به معاني متوارثة للتأكيد على التمسك بالأرض والاعتزاز بخيراتها.

وتتميز الاحتفالات بطقوس وتقاليد متنوعة توارثها شعب الأمازيغ لأجيال عديدة، في أجواء عائلية ومليئة بالفعاليات الثقافية والفنية.

وينتشر الاحتفال ﺑ«يناير» بشكل خاص في دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا والنيجر ومالي وسيوة بمصر.

أمازيغ يحتفلون بالعام الجديد من التقويم الأمازيغي في الرباط بالمغرب 13 يناير 2023 (رويترز)

جذور الاحتفال

يعود تاريخ الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى العصور القديمة، وهو متجذر في الحكايات الشعبية والأساطير في شمال أفريقيا، ويمثل الرابطة بين الأمازيغ والأرض التي يعيشون عليها، فضلاً عن ثروة الأرض وكرمها. ومن ثمّ فإن يناير هو احتفال بالطبيعة والحياة الزراعية والبعث والوفرة.

ويرتبط الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة بأصل تقويمي نشأ قبل التاريخ، يعكس تنظيم الحياة وفق دورات الفصول.

وفي الآونة الأخيرة، اكتسب الاحتفال برأس السنة الأمازيغية أهمية إضافية كوسيلة للحفاظ على الهوية الثقافية الأمازيغية حية.

ومصطلح «يناير» هو أيضاً الاسم الذي يُطلق على الشهر الأول من التقويم الأمازيغي.

خلال احتفال لأمازيغ جزائريين برأس السنة الأمازيغية الجديدة «يناير» في ولاية تيزي وزو شرق العاصمة الجزائر (رويترز)

متى رأس السنة الأمازيغية؟

إن المساء الذي يسبق يناير (رأس السنة الأمازيغية) هو مناسبة تعرف باسم «باب السَنَة» عند القبائل في الجزائر أو «عيد سوغاس» عند الجماعات الأمازيغية في المغرب. ويصادف هذا الحدث يوم 12 يناير ويمثل بداية الاحتفالات في الجزائر، كما تبدأ جماعات أمازيغية في المغرب وأماكن أخرى احتفالاتها في 13 يناير.

يبدأ التقويم الزراعي للأمازيغ في 13 يناير وهو مستوحى من التقويم اليولياني الذي كان مهيمناً في شمال أفريقيا خلال أيام الحكم الروماني.

يمثل يناير أيضاً بداية فترة مدتها 20 يوماً تُعرف باسم «الليالي السود»، التي تمثل واحدة من أبرد أوقات السنة.

أمازيغ جزائريون يحتفلون بعيد رأس السنة الأمازيغية 2975 في قرية الساحل جنوب تيزي وزو شرقي العاصمة الجزائر 12 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ما التقويم الأمازيغي؟

بدأ التقويم الأمازيغي في اتخاذ شكل رسمي في الستينات عندما قررت الأكاديمية البربرية، وهي جمعية ثقافية أمازيغية مقرها باريس، البدء في حساب السنوات الأمازيغية من عام 950 قبل الميلاد. تم اختيار التاريخ ليتوافق مع صعود الفرعون شيشنق الأول إلى عرش مصر.

وشيشنق كان أمازيغياً، وهو أحد أبرز الشخصيات الأمازيغية في تاريخ شمال أفريقيا القديم. بالنسبة للأمازيغ، يرمز هذا التاريخ إلى القوة والسلطة.

رجال أمازيغ يرتدون ملابس تقليدية يقدمون الطعام خلال احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

كيف تستعد لرأس السنة الأمازيغية؟

تتركز احتفالات يناير على التجمعات العائلية والاستمتاع بالموسيقى المبهجة. تستعد معظم العائلات لهذا اليوم من خلال إعداد وليمة من الأطعمة التقليدية مع قيام الأمهات بتحضير الترتيبات الخاصة بالوجبة.

كما أصبح من المعتاد ارتداء الملابس التقليدية الأمازيغية والمجوهرات خصيصاً لهذه المناسبة.

وتماشياً مع معاني العيد المرتبطة بالتجديد والثروة والحياة، أصبح يناير مناسبة لأحداث مهمة لدى السكان مثل حفلات الزفاف والختان وقص شعر الطفل لأول مرة.

يحتفل الأمازيغ في جميع أنحاء منطقة المغرب العربي وكذلك أجزاء من مصر بعيد «يناير» أو رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

ما الذي ترمز إليه الاحتفالات؟

يتعلق الاحتفال بيوم يناير بالعيش في وئام مع الطبيعة على الرغم من قدرتها على خلق ظروف تهدد الحياة، مثل الأمطار الغزيرة والبرد والتهديد الدائم بالمجاعة. وفي مواجهة هذه المصاعب، كان الأمازيغ القدماء يقدسون الطبيعة.

تغيرت المعتقدات الدينية مع وصول اليهودية والمسيحية والإسلام لاحقاً إلى شمال أفريقيا، لكن الاحتفال ظل قائماً.

تقول الأسطورة إن من يحتفل بيوم يناير سيقضي بقية العام دون أن يقلق بشأن المجاعة أو الفقر.

نساء يحضّرن طعاماً تقليدياً لعيد رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

يتم التعبير عن وفرة الثروة من خلال طهي الكسكس مع سبعة خضراوات وسبعة توابل مختلفة.

في الماضي، كان على كل فرد من أفراد الأسرة أن يأكل دجاجة بمفرده للتأكد من شبعه في يوم يناير. وترمز البطن الممتلئة في يناير إلى الامتلاء والرخاء لمدة عام كامل.

ومن التقاليد أيضاً أن تأخذ النساء بعض الفتات وتتركه بالخارج للحشرات والطيور، وهي لفتة رمزية للتأكد من عدم جوع أي كائن حي في العيد.