«أحمد ماطر تذروه الرياح»... 25 عاماً من الفن

قال لـ«الشرق الأوسط»: أقدم في المعرض خلاصة مرحلة وأستعد للمستقبل

أحمد ماطر أمام أحد أعماله (الفنان)
أحمد ماطر أمام أحد أعماله (الفنان)
TT

«أحمد ماطر تذروه الرياح»... 25 عاماً من الفن

أحمد ماطر أمام أحد أعماله (الفنان)
أحمد ماطر أمام أحد أعماله (الفنان)

«أحمد ماطر... تذروه الرياح» في «كريستيز» ليس مجرد معرض لفنان سعودي من أهم فناني جيله، بل هو مراجعة كاملة وسجل لـ25 عاماً مضت من حياة ماطر وعمله، عبّر من خلالها عن نفسه إنساناً وطبيباً، وعبّر عن مجتمع في طور التغير، والأهم من كل ذلك أنه يمكن رؤيته كنظرة على العالم وأحداثه الكبرى من خلال انعكاسها على أعمال الطبيب الشاب الذي بدأ إبداعه في قرية المفتاحة الفنية في مدينة أبها بالسعودية، حيث يكلل السحاب قمم الجبال.

المعرض يفتتح للجمهور يوم 17 من الشهر الحالي، وحالياً تجري استعدادات مكثفة لتحويل جميع مساحات العرض في الدار لتقديم أعمال أحمد ماطر منذ بداياته، حتى الآن، على نحو آخر يقدم العرض مرحلة عمرية لفنان سعودي خرج بفنه من القرية للعالم.

«البرق» (أحمد ماطر)

تذروه الرياح

عند الحديث مع ماطر لا بدَّ من الدخول في ثنايا تفكيره وقراءاته ومشاهداته، كيف يرى العالم، وكيف يعبر عن نفسه لجمهوره أولاً ثم للعالم الخارجي ثانياً.

خلال حوارنا ينساب الحديث، وينتقل من نقطة لأخرى، ومن عمل لعمل، وبحكم أن المعرض يقدم ما يربو على 100 عمل يبدو الحديث وكأنه تسجيل لذاكرة ماطر وممارسته الفنية عبر 25 عاماً. اختار لمعرضه عنوانين، أحدهما بالإنجليزية «Chronicles» يترجم لكلمة سجلات، أما العنوان العربي ففيه الكثير من الطبقات والإيحاءات والمعاني الظاهرة والمبطنة، ويمتد في دلالته المستوحاة من النص الديني ليشمل تغيرات المناخ والطبيعة والنفس البشرية والحضارة.

يقول في بداية حديثه مع «الشرق الأوسط»: «(تذروه الرياح) تعبير جميل أراه قريباً في معناه من العنوان الإنجليزي (Chronicles) ويعني سجلات زمنية. فهو عنوان مرتبط بالزمن وبالتوثيق والتسجيل الثقافي والفني والسياسي وأيضا الديني». تعبير «تذروه الرياح» يذكره أيضاً بكلمات أغنية المغني بوب ديلان «يتطاير مع الريح»، يقول: «أشياء كثيرة تذهب مع الريح، وتذهب مع الزمن، من الذكريات، ومن السجلات، ومن الوثائق، ذهبت مع الزمن، ولكن ما يبقى هو ذاكرة الأشياء. شعرت أن التعبير اللغوي عظيم، فكل شيء سيذهب مع الريح، ومع الوقت».

استوحى عنوانه في الأساس من الآية القرآنية: «وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً» (الكهف، آية 45)، بالنسبة إليه يثير النص فكرة النهاية وأيضاً البداية، «نعم لأني أرى دورة الأشياء، فالهشيم الذي تذروه الرياح ينتقل من مكان لمكان، وقد يكون البداية لشيء جديد».

ثلاثية «مغناطيسية» (الفنان)

كيف يعبر العنوان إذن عن محتويات المعرض والرسالة خلفه؟ يقول: «أرى أنه سيرة زمنية لأعمالي الفنية وقصتي. أردت عرض كل أعمالي السابقة قبل الانتقال لتجربة جديدة».

بشكل ما يعبر المعرض عن الماضي وبتقديمه يكمل ماطر تسجيل وتوثيق مرحلة مهمة من مشواره الفني. يشغله المستقبل بعد ذلك، المستقبل الذي يبدأ الآن.

يتحدث عن مشهد فني متغير في المملكة بتفاؤل وثقة: «هناك متاحف في طور الإنشاء في السعودية، هناك سوق فنية سَتُبْنَى، هناك قصة حوار بين المجتمع والفن». باختصار يرى مرحلة بناء لثقافة جديدة كاملة تشيد حالياً عبر حركة دائبة في مجال الفنون.

لا يرى في عرضه بدار مزادات شهير دلالات تجارية، وهو أمر مهم الإشارة له، فالعرض ليس تجارياً، فهو مجاني ومفتوح للجمهور، وتحت هذا الضوء تصبح «كريستيز» بمقرها بوسط لندن «منصة مهمة»، يضيف: «ليس بالضرورة أن يكون تجارياً، الحديث هذا كان عندما لم يكن لدي مكان لأعرض أعمالي. (كريستيز) بالنسبة إليّ هي منصة تسمح لجمهور من محبي الفن في الشرق والغرب الذي يزور لندن بأن يأتي ويشاهد العرض».

25 عاماً من الفن

المعرض هو الأكبر في تاريخه، وله أهمية خاصة، فهل نرى من خلاله تطور أحمد ماطر وفكره منذ البدايات وحتى الآن؟ وما هو الخط الزمني والبصري لهذا التطور؟

«إضاءات IV» (أحمد ماطر-الهيئة الملكية للعلا)

«هذا التطور يتكلم عن تجربة 25 سنة، فيها رحلة زمنية ورحلة مكانية وجغرافية»، يشير إلى تنقله بين مدن السعودية خلال عمله بالفن «انتقلت من مدينة أبها بمحافظة عسير إلى مكة ثم جدة والمدينة والرياض، حيث أسست مرسماً ضخماً لي بحي جاكس للفنون بالدرعية. هذه رحلة مكانية. وهناك أيضاً رحلة مهنية شهدت الصراع الداخلي بين حياة الطبيب ومستقبلها المالي المضمون وبين حياة الفنان المغامر»، ما يصنع الفرق لأي فنان «مغامر»، حسب ماطر، هو رعاية الدول «الفنون لا تنجح من دون رعاية الدول، يمكن للفن أن يكون مستقلاً في جوهره، ولكنه يجب أن يكون معبراً عن الأمم والحضارات».

الحديث عن عمله طبيباً يأخذنا لنقطة مهمة «يظهر في أعمالك الاعتماد على العلم والتكنولوجيا مثل استخدام الأشعة السينية أو تجربة شذرات الحديد والمغناطيس؟ هل يغلب عليك الجانب العلمي أم الجانب الخلاق والمبتكر؟»، يقول: «التجربة العلمية أعطتني قوة ولغة جديدة في التعبير الفني، أقرب مثال لها هو المغناطيس وهو لغة علمية بحتة لكن النظرة من المتلقين كانت شاعرية جداً، ولهذا أقول إن أعمالي تتناغم بين الشاعرية أو الذاتية وبين الموضوعية العلمية».

من القط العسيري لوادي الفن

ينتقل الحديث عن العرض والقطع المختارة، نعرف أن بعض القطع لم تعرض من قبل منها رسم نفذه أحمد ماطر في مراهقته ورسم من تنفيذ والدته التي اشتهرت بكونها واحدة من أشهر فنانات «القط العسيري»، وهو النقش على الجدران في بيوت منطقة عسير. ولكن يجب القول إن الحديث عن ماطر عادة ما يثير في الذهن صورة أشهر أعماله وهو «مغناطيسية». أشير إلى أن العمل ظل لفترة طويلة مسيطراً على صورة فن أحمد ماطر فهل خرج من دائرة المغناطيسية؟

«كتاب المغناطيسية» (أحمد ماطر)

يقول: «كنت أحاول أن أخرج منها للجديد، والآن وجدت أن الاستمرار هو الحل، في المعرض عمل جديد بعنوان (كتاب المغناطيسية) أعده استمراراً للعمل الأول، وهناك عملان آخران قادمان من السلسلة نفسها».

عمل «كتاب المغناطيسية» يتحدث عن فكرة قداسة الكتاب في تاريخ البشرية، الكتاب كنص مقدس، «بمعنى أعم أرى أن الكتاب أقدم اختراعات تاريخ البشرية لأن الكتاب يحفظ كل الذكريات، وكل القيم من جيل لجيل دائماً، أياً كان. وبالنسبة إلى (كتاب المغناطيسية) الخاص بي فهو يمثل قداسة مختلفة لأي جيل كان ولأي قصة، تأويل العمل مفتوح جداً».

يتحدث عن العمل قائلاً: «كان صعباً جداً رغم أنه يبدو بسيطاً في تكوينه فهو كتاب أبيض وشذرات حديدة مصطفة على الصفحتين المتقابلتين. شذرات الحديد متجهة للأعلى، تعبر عن الإنسان، وكأن الحروف وقفت، تحولت من الشكل الثنائي الأبعاد إلى الثلاثي الأبعاد».

يشير إلى أن العمل ليس الأخير في علاقته بعمل المغناطيسية، ويحضرنا لفيلم قادم يأخذ من شذرات الحديد أبطالاً تتحرك وتتفاعل.

سجل التغيرات والتطور

أقول له: «أعمالك عموماً ارتبطت بالتغيرات في المملكة، فخلال الـ20 سنة الماضية تغيّرت المملكة إلى حد بعيد جداً، لأي أحد يزورها، هل تتبعت ذلك التغيير، وقصدت التعبير عنه؟»، يقول: «في العمل الفني لا يوجد قصد واضح لتتبع شيء معين، صدقيني العمل الفني دائماً فيه جانب شاعري، لكن المهم كيف أتخلص من كل المعطيات، وأعبر عن حياتي على نحو حقيقي، التغيرات جزء كبير من محتوى الحياة اليومية، والفنان مرآة صادقة. والتغيرات في السعودية مهمة جداً لها حضور فكري وثقافي في الوطن العربي، وفي العالم أجمع، في حياتنا المحلية، وبالطبع تسجيلها هو أمر مهم».

أعمال مرتبطة بمشروع «أشهب اللال» ضمن مشروعات «وادي الفن» بالعلا (الهيئة الملكية للعلا)

د. رضا مؤمني منسق المعرض: «ماطر عالمي في محليته»

الدكتور رضا مؤمني، رئيس مجلس إدارة قسم الشرق الأوسط وأفريقيا بـ«كريستيز»، ومنسق العرض، تحدث لـ«الشرق الأوسط» حول تجربة تنسيق عرض يحاول تقديم أحمد ماطر لجمهور متنوع الثقافات في لندن.

بداية أسأله: «كيف استطعت تحديد أولوياتك في هذا العرض والمراحل الأساسية التي أردت إبرازها؟»، يجيب قائلاً: «مبدئياً غصت في أعمال أحمد ماطر لتحديد ما الذي يمكن عرضه. كانت الفكرة أن الجميع يعرفون ماطر عبر أعمال أيقونية مثل (مغناطيسية) و(تطور الإنسان)، لكن بالنسبة إليّ كان الأهم واللافت في أعماله هو قدرته على تطوير أي فكرة بغض النظر عن الحجم والأبعاد، كان دائماً مغامراً، ويجد دائماً حلولاً، وإذا لم يجد حلولاً يقوم بالتعاون مع آخرين للوصول لذلك».

«حدود» (أحمد ماطر)

الهدف الأساسي لمنسق العرض كان، حسب تعبيره، «كيف أنقل وجهة نظر جديدة عن أحمد ماطر للزائر».

يشير إلى أن العرض مقسم على مراحل: «هناك قسم للسنوات الأولى، وفيها عمل له من 1995، وهو رسم منظر طبيعي لأبها. سيكون هناك أيضاً في العرض قسم حول مشروعه المعنون (البقرة الصفراء) الذي يبرز اهتمامه الدائم بفكرة الروحانية التي قادته خلال المراحل المختلفة من أعماله»، يستطرد قائلاً إن خطة العرض تضمنت أيضاً تسجيل اهتمام الفنان بتوثيق «الحالة الإنسانية والتطور الاجتماعي والخريطة الثقافية للمملكة والأحداث الاجتماعية والسياسية في المنطقة، خصوصاً وأنها ولدت لديه ردود فعل فنية، وألهمته بشكل أو بآخر».

يعرج العرض لأعمال شهيرة مثل «مغناطيسية»، ويقدم صوراً فوتوغرافيةً للعمل الأصلي، إضافة إلى آخر إصدارات الفنان في السلسلة نفسها. ويخصص المعرض أيضاً مساحة لمشروع «صحراء فاران». أما الغرفة الكبرى في الدار فستخصص لمجسم ضخم لعمله «أشهب اللال» الذي يقدمه ضمن مشروع «وادي الفن بالعلا».

«هل تتوقع أن يستطيع الزائر الوصول لإحساس بأن الأعمال هنا تدور حول ما هو أبعد من البقعة الجغرافية؟»، يجيب د. مؤمني: «بالفعل فأحمد ماطر يطرح أسئلة عالمية، ولكن يبدأها عبر مكانه المحدد في محليته، كفنان يتحدث عن موضوعات يشعر بها كل فنان في أماكن أخرى في آسيا أو جنوب أميركا أو العالم العربي فهي تتحدث عن الإنسان».


مقالات ذات صلة

«الإسكندرية للكتاب» يراهن على مبادرات ثقافية وعلمية جديدة

يوميات الشرق محافظ الإسكندرية ووزير الثقافة ومدير مكتبة الإسكندرية خلال افتتاح المعرض (مكتبة الإسكندرية)

«الإسكندرية للكتاب» يراهن على مبادرات ثقافية وعلمية جديدة

يراهن معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب في دورته الـ19 التي انطلقت، الاثنين، وتستمر حتى 28 يوليو (تموز) الحالي على عدة مبادرات ثقافية.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق لوحة للفنان مجدي صبحي (الشرق الأوسط)

4 فنانين يجسدون التراث الشعبي والمولوية في معرض بالقاهرة

بين الاتكاء على التراث الشعبي وإبراز روح الحارة المصرية ونسائها، تتنوع اللوحات المعروضة حالياً في غاليري «تاون هاوس» بوسط القاهرة.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» جذب الزوار في ألمانيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

«رمسيس وذهب الفراعنة» يجذب آلاف الزوار في ألمانيا

حلّ معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» ضيفاً على مدينة كولون الألمانية، في محطته الخامسة حول العالم، متضمناً 180 قطعة أثرية منتقاة بعناية من المتاحف والبعثات الأثرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق كيرشا كاتشيل تعترف برسم لوحات مزيفة لبيكاسو (أ.ب)

«الفن ليس حقيقة» معرض في «استراحة السيدات» لمنع الرجال من زيارته

اعترفت إدارة متحف في أستراليا بأن «لوحات بيكاسو» المعلقة في حمام السيدات مزيفة، وأن من زيّفها هو أحد أمناء المتحف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق فرقة «كولو» الصربية للفنون الشعبية (وزارة الثقافة المصرية)

معرض قاهري يبرز صوراً نادرة لرموز «عدم الانحياز»

احتفالاً بمرور 116 عاماً العلاقات المصرية - الصربية، نظمت دار الكتب والوثائق المصرية بالتعاون مع الأرشيف الوطني الصربي معرضاً بالمجلس الأعلى للثقافة، الأربعاء.

محمد الكفراوي (القاهرة )

روان حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: موضوع «يا ولاد الأبالسة» شائك ويحاكي الإنسانية

ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)
ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)
TT

روان حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: موضوع «يا ولاد الأبالسة» شائك ويحاكي الإنسانية

ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)
ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)

منذ لحظة قراءتك لعنوان مسرحية روان حلاوي الجديدة تستشف النقمة؛ أطلقت عليها اسم «يا ولاد الأبالسة» لتعبّر عن مشاعر الملامة لواقع يعيشه الرجل والمرأة. فمَن وزّع الأدوار لتكون على هذا النحو بينهما؟ ولماذا لا تكون الإنسانية هي العنوان العريض لهما؟ فتجمع بدل أن تفرّق، وتؤلف مجتمعاً متوازناً. توضّح حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: «أردته عنواناً يهزّنا ويدفعنا إلى التصرّف بدل التلهي بالكلام فقط. فقد آن الأوان أن نفعل بدل التفرج على مشهد يطالعنا يومياً».

للوهلة الأولى وبعد شروحات روان حلاوي، قد يخيّل للبعض أن المسرحية ترتكز على فلسفة اجتماعية. ولكنها تؤكد: «إنها مسرحية اجتماعية ساخرة، وليست من نوع الكوميديا. اتبعت فيها النصّ البسيط ليستطيع الحضور التفاعل معها من دون أي صعوبة تذكر».

تحكي المسرحية قصص 4 رجال يمثلون نماذج مختلفة في مجتمعنا. لم تقارب في كتابتها موضوعات محرّمة (تابوات)، وتعدّها تحاكي الإنسانية لدى الطرفين. وتتساءل: «أنا مع حقوق المرأة، ولكنني لا أعرف في الحقيقة، لماذا لا نزال نطالب بها؟ ولا أعلم لماذا نحتفل بيومها العالمي؟ لقد آن الأوان أن نلفت انتباه مجتمعاتنا إلى واقع التمييز السائد بين أدوار المرأة والرجل».

بعنوان المسرحية رغبت روان حلاوي لفت نظر الناس (روان حلاوي)

تبدأ عروض المسرحية في 24 يوليو (تموز) الحالي على خشبة «مسرح المدينة»، ويلعب بطولتها الممثلون علي منيمنة، وطارق تميم، وربيع الزهر، وسليم الأعور. كما تطل حلاوي شخصياً فيها بدور صغير.

الموضوع قد يكون سبق وجرى تناوله على المسرح، ولكنها تعالجه بأسلوب مختلف لا يشبه مسرحيات أخرى. حدث محوري يتخلّل قصة العمل ومنه تنطلق خيوط المسرحية. لماذا اختارت هذه الأسماء من الممثلين لتشاركها العمل، ترد لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تناقشنا وتحاورنا كثيراً. فهم زملائي وأصدقائي في الوقت نفسه، وأعدّهم أصحاب شخصيات تناسب الأدوار التي يلعبونها. وتعمّدت أن يكونوا بأعمار متشابهة. هذه الكيمياء الحاضرة بينهم تبرز بشكل واضح في أدائهم، وتعزز رسالة العمل».

ليس من السهل إيصال الفكرة للناس. فما الصعوبات التي واجهتها لترجمتها على المسرح؟ تقول: «استغرق تأليف المسرحية وكتابتها وقتاً طويلاً. رغبت في أن تترك أثرها في الناس، فتُحدث نقاشاً بينهم. لقد نقلت طرحاً جديداً. سألت وبحثت واستفزتني مواقف كثيرة استثمرتها في كتابتي».

البطولة ذكورية بامتياز، فهل في عملها هذا تدافع عن المرأة أو تنتقد الرجل؟ توضح: «في رأيي المرأة كما الرجل، هما ضحيتا مجتمع مركّب تحكمه سلطة معينة. يتراءى لي أن هناك لعبة تحاك على الإنسان منذ زمن طويل، لنصل إلى هذه المعضلة. وزّعوا علينا الأدوار وأنجزوا الصفقات للوصول إلى ما نحن عليه. أما المستفيدون الرئيسيون من هذا الوضع فهم الرأسماليون».

«يا ولاد الأبالسة» تنطلق عروضها في 24 يوليو على مسرح المدينة (روان حلاوي)

«علينا بالتغيير» تقول روان، ومن هنا تبدأ حكايتها مع هذه المسرحية. «كان لا بدّ أن نبدأ من مكان ما للتخلص من التمييز بين المرأة والرجل ووضع حد له. ومَن سيحضر العمل يستوعب الفكرة التي أعالجها. أدرك أن هذه المعضلة لا تقتصر على بلادنا العربية. إنها متفشية بشكل كبير في أهم الدول الأجنبية، وفي مقدمها أميركا. ولذلك أفكر في ترجمة النص إلى الإنجليزية، لأتنقل بها على مسارح العالم. كل ما كتبته يحمل الحياد ويحكي بلسان الرجل. لا أضع اللوم على هذا الإنسان أو ذاك. كما أننا لا نعرف مَن الذي بدأ في ممارسة التمييز بين الاثنين على مرّ الزمن. ولكن ما نعرفه جميعاً، هو أن الرجل لديه الضوء الأخضر للتحكم بكل شيء».

على نحو 80 دقيقة ستدور مسرحية «يا ولاد الأبالسة». وتتضمن كل العناصر الفنية المسرحية من موسيقى ومؤثرات صوتية وبصرية وديكورات. ويروي الممثلون الأربعة كلٌ منهم قصته على طريقته. «جميعهم يؤلفون وجوهاً لعملة واحدة. لست ناقمة عليهم لأني أعدّهم ضحايا تماماً كما النساء».

التمييز الذي تتناوله روان حلاوي في المسرحية لا ينبع من العنصرية. فهي تحاول رفع الصوت عالياً حول حالة تقسيم الأدوار في المجتمع. هناك صفات محددة وأفعال تُمارَس على المرأة كما على الرجل، وتتابع: «حان الوقت أن نحكي عمّا يجمعنا وليس العكس».

وتختم روان حلاوي واصفة العمل بأنه يدور بين الواقعية والملحمية. «أردته كذلك لأكسر الحواجز بيني وبين جمهور المسرح. أريده أن يتفاعل مع الموضوع فيفكر ويحلّل على أمل إحراز التغيير».