لماذا يجذب النرجسيون الأشخاص المتعاطفين؟

العلاقة بين الأشخاص النرجسيين والمتعاطفين آسرة ومضرة (رويترز)
العلاقة بين الأشخاص النرجسيين والمتعاطفين آسرة ومضرة (رويترز)
TT

لماذا يجذب النرجسيون الأشخاص المتعاطفين؟

العلاقة بين الأشخاص النرجسيين والمتعاطفين آسرة ومضرة (رويترز)
العلاقة بين الأشخاص النرجسيين والمتعاطفين آسرة ومضرة (رويترز)

هل تساءلت يوماً، لماذا يبدو بعض الأشخاص ينجذبون إلى بعضهم على الرغم من أن العلاقة تبدو سامة؟

واحدة من الديناميكيات الأكثر إثارة للاهتمام، التي نُوقشت بصفة متكررة، هي العلاقة بين الأشخاص النرجسيين والمتعاطفين.

وغالباً ما يؤدي هذا الانجذاب الغريب إلى روابط مكثفة مشحونة عاطفياً يمكن أن تكون آسرة ومضرة.

وفهم سبب انجذاب هذين النوعين من الشخصيات إلى بعضهما يمكن أن يسلّط الضوء على تعقيدات التفاعلات البشرية، ويوفّر رؤى قيمة لأي شخص عالق في هذه الرقصة المعقدة.

وتناول تقرير لموقع «باور أوف بوزتيفيتي»، الأسباب الكامنة وراء الانجذاب الذي لا يمكن إنكاره بين النرجسيين والمتعاطفين، مسلطاً الضوء على خصائص هاتين الشخصيتين، وديناميكيات تفاعلاتها.

بداية... ما النرجسية؟

النرجسية هي سمة شخصية معروفة بتركيزها المفرط على الذات، على حساب الآخرين في كثير من الأحيان.

عادة ما يكون النرجسيون أنانيين، ويتوقون إلى الإعجاب، وغالباً ما يُظهرون نقصاً في التعاطف، ما يجعل من الصعب عليهم التواصل مع الآخرين على المستوى العاطفي بصدق.

وبدلاً من ذلك، فإنهم ينظرون إلى العلاقات على أنها فرص لتعزيز احترامهم لذاتهم والحفاظ على سيطرتهم.

ما السمات الرئيسية للنرجسيين؟

تشمل الخصائص الحاسمة للنرجسيين ما يأتي:

إيماناً عظيماً بأهميتهم الذاتية

الانشغال بأوهام النجاح والقوة غير المحدودة

شعوراً قوياً بالاستحقاق

غالباً ما يستغلون الآخرين لتحقيق أهدافهم، معتقدين أنهم يستحقون معاملة خاصة. ويمكن أن يظهر هذا السلوك بطرق مختلفة، بدءاً من التلاعب الدقيق وحتى التحكم العلني في الأفعال.

يمكن للنرجسيين أن يكونوا ساحرين وذوي كاريزما في العلاقات، خصوصاً في البداية. فلديهم موهبة في جعل الآخرين يشعرون بالخصوصية والتقدير، وهو ما يمكن أن يكون جذاباً بشكل لا يُصدَّق.

ومع ذلك، غالباً ما يكون هذا السحر سطحياً، ويكون بمثابة وسيلة لتحقيق غاية. بمجرد أن يشعر النرجسي بالثقة في العلاقة، قد تظهر ألوانه الحقيقية. تؤدي هذه المرحلة إلى التلاعب والإساءة العاطفية والحاجة المستمرة للسيطرة.

يمكن أن يكون تأثير السلوك الأناني في العلاقات عميقاً. غالباً ما يجد شركاء النرجسيين أنفسهم يشعرون بالاستنزاف والتقليل من قيمتهم والارتباك.

إن افتقار النرجسي إلى التعاطف والحاجة المستمرة إلى الإعجاب يمكن أن يخلق ديناميكية غير متوازنة، إذ يجري تجاهل احتياجات الشريك ومشاعره باستمرار.

ويُعد فهم هذه الخصائص أمراً بالغ الأهمية؛ للتعرف على أنماط السلوك النرجسي والمخاطر المحتملة التي تشكلها في العلاقات.

ماذا عن الإنسان المتعاطف؟

المتعاطف هو شخص يتمتع بقدرة عالية على الإحساس واستيعاب مشاعر و/أو طاقات من حوله. وهذه السمة تتجاوز التعاطف العادي، وغالباً ما يختبر المتعاطفون مشاعر من حولهم كما لو كانت مشاعرهم.

تسمح لهم هذه الحساسية العميقة بالتواصل مع الآخرين بصورة عميقة، وتقديم الدعم والتفاهم والتعاطف.

ما السمات الرئيسية للمتعاطفين؟

تشمل السمات الرئيسية للمتعاطفين ما يأتي:

حدساً قوياً.

احتضان الميول.

العمق العاطفي الشديد والتعاطف الفطري.

حساسية عالية.

غالباً ما يختار المتعاطفون مهن «المساعدة»، ويجدون الرضا في مساعدة الآخرين.

المتعاطفون مستمعون ممتازون، ويمكنهم وضع أنفسهم بسرعة في مكان الآخرين.

ومع ذلك، فإن هذه الحساسية المتزايدة تجعلهم أيضاً عرضة للإرهاق العاطفي، خصوصاً عند تعرضهم لطاقات أو بيئات سلبية.

يفهم المتعاطفون العالم عاطفياً، ويلتقطون باستمرار الإشارات والتيارات الخفية. هذه القدرة يمكن أن تجعلهم أصدقاء وشركاء داعمين بشكل لا يُصدّق، ولكنها تأتي أيضاً مع التحديات.

نظراً إلى أنهم يشعرون بعمق شديد، فقد يواجه المتعاطفون صعوبة في التمييز بين مشاعرهم الخاصة وتلك التي يمتصونها من الآخرين. يمكن أن تؤدي هذه الحساسية إلى الإرهاق، والإرهاق العاطفي، إذا لم تضع حدوداً مناسبة.

في العلاقات، عادة ما يكون المتعاطفون معطائين وغير أنانيين، وغالباً ما يمنحون الأولوية لاحتياجات شريكهم فوق احتياجاتهم الخاصة.

قد يؤدي ميلهم الطبيعي لرعاية الآخرين في بعض الأحيان إلى جذب الأفراد الذين يستغلون لطفهم.

ويُعد فهم الصفات الفريدة للمتعاطفين أمراً ضرورياً لتقدير سبب انجذابهم إلى العلاقات مع النرجسيين وقابليتهم لها في الوقت نفسه.

لماذا ينجذب المتعاطفون والنرجسيون إلى بعضهم؟

يمكن أن يكون الانجذاب الأولي بين النرجسيين والمتعاطفين شديداً بشكل لا يُصدّق. فغالباً ما يكون النرجسيون ساحرين وجذّابين، وهي صفات يمكن أن تأسر المتعاطفين بسهولة.

بالنسبة إلى الشخص المتعاطف، فإن ثقة النرجسي وجاذبيته مغريتان. وفي الوقت نفسه، ينجذب النرجسي إلى طبيعة المتعاطف المغذية لنرجسيته. إن قدرة المتعاطف على تقديم الدعم والتفهم الذي لا يتزعزع هو ما يتوق إليه النرجسي.

تخلق هذه الديناميكية تطابقاً مثالياً؛ فحاجة النرجسي إلى الإعجاب تُقابل برغبة المتعاطف في المساعدة والشفاء. ويمكن لسحر النرجسي أن يجعل المتعاطف يشعر بالتفرد والقيمة، ما يلبي احتياجاته العميقة إلى إحداث تغيير إيجابي في حياة شخص ما. يشكّل هذا الإشباع المتبادل للاحتياجات أساس جاذبيتهم.

ماذا يحدث عندما يقع النرجسيون والمتعاطفون في الحب؟

عندما يدخل نرجسي ومتعاطف في علاقة، يمكن أن تكون الديناميكيات آسرة ومضطربة. في البداية، غالباً ما تتميّز العلاقة بمرحلة تُعرف باسم «المثالية». خلال هذه المدة، يُغدق النرجسيون المتعاطفين بالاهتمام والمودة والإعجاب، ما يجعلهم يشعرون بالاستثناء والتقدير. كما أن المتعاطف، الذي يزدهر على الروابط العاطفية العميقة، ينجذب إلى هذا العرض المكثف للحب.

ومع ذلك، فإن مرحلة المثالية هذه عادة ما تكون قصيرة الأجل. وعندما يبدأ النرجسي في الشعور بالأمان في العلاقة، تبدأ طبيعته الحقيقية الظهور. ويمثّل هذا التحول بداية مرحلة «تخفيض قيمة العملة»، فتتلاشى واجهة النرجسي الساحرة، لتكشف عن سلوكيات التلاعب والسيطرة.

قد ينتقد النرجسي شريكه المتعاطف، ويطلب مطالب غير معقولة، ويستخدم تكتيكات لتقويض ثقته وإحساسه بالواقع.

وهذا التحول مربك ومؤلم، فالشخص الذي جعل الشخص المتعاطف يشعر بالاعتزاز يقوّض الآن قيمته الذاتية باستمرار.

وهنا قد يعمل المتعاطف، الذي يريد بصورة طبيعية شفاء شريكه النرجسي ودعمه، بجهد أكبر لاستعادة المودة والانسجام الأول، أو قد يلوم نفسه على تدهور العلاقة، من دون أن يدرك أن سلوك النرجسي هو تلاعب محسوب.

تأثير حب النرجسي في المتعاطف

يمكن أن تكون الخسائر العاطفية والنفسية للعلاقة مع شخص نرجسي مدمّرة للشخص المتعاطف. وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي العطاء المستمر من دون الحصول على التقدير أو الدعم المناسب إلى الإرهاق العاطفي.

قد يبدأ المتعاطف الشعور بالاستنزاف، عقلياً وجسدياً؛ إذ إن مطالب النرجسيين وتلاعباتهم تستنزف طاقتهم باستمرار.

أحد أهم التأثيرات في المتعاطفين هو محو احترامهم لذاتهم تدريجياً. ويمكن لتكتيكات التقليل من قيمة النرجسيين، مثل: النقد، وتحويل اللوم، والتلاعب؛ أن تجعل المتعاطف يشكّك في قيمته وقدراته. وهذا يمكن أن يؤدي إلى شعور عميق بالنقص والشك في الذات.


مقالات ذات صلة

لتنال الترقيات... كيف تستخدم ذكاءك العاطفي حتى لو كنت تعمل عن بُعد؟

يوميات الشرق كيف تنال الترقيات حتى لو كنت تعمل عن بُعد (رويترز)

لتنال الترقيات... كيف تستخدم ذكاءك العاطفي حتى لو كنت تعمل عن بُعد؟

«شخصيتك ستجعلك أغنى بعشر مرات من ذكائك»، هذا ما أكده المليونير العصامي ستيف أدكوك عندما سُئل عن الندم المالي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق التحول من علاقة رومانسية إلى علاقة أفلاطونية يمكن أن يكون صعباً (رويترز)

«أتمنى أن نبقى أصدقاء»... متى يمكن تطبيق جملة الانفصال الشهيرة؟

«أتمنى أن نبقى أصدقاء»، جملة ختامية للعلاقة قيلت تقريباً لكل من عاش الانفصال أو الطلاق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الكسل قد يؤدي إلى زيادة الإنتاجية

لتكون إنتاجيتكم أكبر خصصوا «يوماً للكسل»... إليكم الطريقة

تشجّع ثقافة الحياة الصاخبة على العمل باستمرار، ولكن الإرهاق الذي يعانيه معظم الأشخاص أكبر دليل على أن عدم ترك مساحة لأخد قسط من الراحة قد يجعلهم أقل إنتاجية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق أطفال يشاركون الأبطال في ختام جولة شعلة الألعاب السعودية (الشرق الأوسط)

حكومة السويد تمنح الأجداد أجراً لرعاية الأحفاد

أقرت السويد قانوناً يسمح للأجداد بالحصول على إجازة والدية، مدفوعة الأجر، لرعاية أحفادهم لمدة تصل إلى 3 أشهر في السنة الأولى للطفل.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
يوميات الشرق لماذا لا يوجد زواج مثالي؟ (أ.ف.ب)

الزواج المثالي «أسطورة»... خبراء يشرحون السبب

هل سبق لك أن وجدت نفسك مفتوناً بالرومانسيات التي لا تشوبها شائبة والتي يتم تصويرها في الأفلام والروايات؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الإنشاد يسجل حضوره في أمسيات الصيف بالأوبرا المصرية

فرقة الحضرة تشارك في الموسم الصيفي بالأوبرا المصرية (دار الأوبرا المصرية)
فرقة الحضرة تشارك في الموسم الصيفي بالأوبرا المصرية (دار الأوبرا المصرية)
TT

الإنشاد يسجل حضوره في أمسيات الصيف بالأوبرا المصرية

فرقة الحضرة تشارك في الموسم الصيفي بالأوبرا المصرية (دار الأوبرا المصرية)
فرقة الحضرة تشارك في الموسم الصيفي بالأوبرا المصرية (دار الأوبرا المصرية)

في حفل يدمج بين الصوفية والحداثة، يلتقي المنشد الصوفي محمود التهامي مع الموسيقار فتحي سلامة، خلال موسم الأوبرا الصيفي الذي ينطلق بدءاً من 18 يوليو (تموز) الجاري، وحتى 10 أغسطس (آب) المقبل ضمن برنامج حاشد أعلنته الأوبرا المصرية، الخميس.

وأعلنت الدكتورة لمياء زايد، رئيسة دار الأوبرا المصرية، عن انطلاق الموسم الصيفي في 3 محافظات مصرية هي القاهرة والإسكندرية والبحيرة، ويتضمن 18 حفلاً على ثلاثة مسارح هي: المسرح المكشوف بالقاهرة، ومسرح سيد درويش (أوبرا الإسكندرية)، وأوبرا دمنهور.

وتتضمن الحفلات مجموعة من نجوم الغناء والموسيقى، بالإضافة إلى عدد من الفرق الشهيرة، وكذلك حفلات للمواهب الفنية الواعدة التي تقدم مختلف ألوان الإبداع، وفق بيان للأوبرا المصرية.

ولفتت زايد إلى إقامة أمسيات لكل من مركز تنمية المواهب على المسرح المكشوف، وأوركسترا وتريات أوبرا الإسكندرية بالاشتراك مع الموسيقار هاني شنودة، بالإضافة إلى ليلتين للموسيقى العربية، وفرقة أعز الناس للموسيقى والغناء، وحفل للفنانة نسمة محجوب وفرقتها، وكذلك حفل لفرقة الحضرة للإنشاد الصوفي.

الفنان هاني شنودة يشارك في موسم الأوبرا الصيفي (دار الأوبرا المصرية)

ويعدّ الفنان فتحي سلامة من الفنانين المتميزين في دمج الموسيقى الشرقية مع أنماط مختلفة من الموسيقى العالمية، وحصل على جائزة «الغرامي» العالمية للموسيقى عام 2005 عن ألبوم يحمل اسم «مصر»، وهو موزع ومنتج موسيقي وعازف بيانو، أسس فرقة شرقيات عام 1988 وقدمت أكثر من 2000 حفل موسيقي، ووضع موسيقى أفلام «المسافر» و«العفاريت» و«جنة الشياطين»، وفق موقع «سينما دوت كوم».

وخلال الموسم الصيفي يستضيف مسرح سيد درويش بالإسكندرية 4 حفلات لكل من الفنانة ريهام عبد الحكيم، بمصاحبة فرقة الموسيقى العربية، والفنانة نسمة محجوب وفرقتها، والفنانة مروة ناجي بمصاحبة فرقة الموسيقى العربية، بجانب حفل لمركز تنمية المواهب.

فيما يحتضن مسرح أوبرا دمنهور حفلاً للفنانة حنان ماضي وفرقتها، وحفلاً للمنشد وائل الفشني وفرقته، وحفلاً آخر للشيخ محمود التهامي وفرقته، وحفلاً للفنانة مروة ناجي بمصاحبة فرقة الموسيقى العربية، كما يستضيف حفلاً لمركز تنمية المواهب وليلة للموسيقى العربية.

وسبق أن قدم الفنان هاني شنودة حفلاً موسيقياً على مسرح سيد درويش (أوبرا الإسكندرية) تضمن عدداً من أعماله، بالإضافة لأعمال «فرقة المصريين»، التي كان قد أسهها في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، وحظيت وقتها بشهرة لافتة إلى أن توقفت عام 1988. ومن المنتظر أن يقدم عدداً من مؤلفاته الموسيقية وبعض أغاني «فرقة المصريين» خلال حفله بالموسم الصيفي.

وتعتبر فرقة الموسيقى العربية التي تشارك في أكثر من حفل من الفرق التي تحافظ على التراث الغنائي المصري، وتأسست الفرقة عام 1967 بقرار جمهوري من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ويرجع الفضل في تكوينها إلى الفنان الراحل عبد الحليم نويرة الذي تحمل الفرقة اسمه الآن، وكان الهدف الأساسي من تأسيس هذه الفرقة هو الحفاظ على التراث الموسيقي وتطويره وتقديمه في صورة عصرية.