لها فوائدها لكن حذار العواقب... ما كلفة «الفضفضة» بمكان العمل؟

هل من الممكن أن تؤدي الفضفضة في مكان العمل إلى ضرر أكبر أم نفع أكبر؟ (رويترز)
هل من الممكن أن تؤدي الفضفضة في مكان العمل إلى ضرر أكبر أم نفع أكبر؟ (رويترز)
TT

لها فوائدها لكن حذار العواقب... ما كلفة «الفضفضة» بمكان العمل؟

هل من الممكن أن تؤدي الفضفضة في مكان العمل إلى ضرر أكبر أم نفع أكبر؟ (رويترز)
هل من الممكن أن تؤدي الفضفضة في مكان العمل إلى ضرر أكبر أم نفع أكبر؟ (رويترز)

قد يشعر المرء بنوع من خيبة الأمل أو الإحباط أو الغضب في مرحلة ما من العمل. وفي بعض الأحيان قد يعبر عنها لزميل فيما يعرف بـ«الحاجة للتنفيس عن المشاعر» أو الفضفضة.

ورغم أن عملية التنفيس هذه ممارسة شائعة، لكن هل من الممكن أن تؤدي في مكان العمل إلى ضرر أكبر أم نفع أكبر؟

عن هذا السؤال، أجاب طبيب علم النفس مايكل فييدرمان، في تقرير لموقع «سايكولوجي توداي»، أن الأمر «يعتمد على حسب الموقف»، مؤكداً أهمية النظر إلى عوامل عدة، مثل كيف ومن ومتى وأين وبأي هدف؟

كيف وبأي هدف؟

وفقا لفييدرمان، فإن «العواطف هي تجارب فسيولوجية تنتج عن التصورات أو الأفكار. إذا قمت بطريقة أو بأخرى بإغلاق الأفكار على الفور، فإن العاطفة الفسيولوجية، أو التجربة الجسدية، سوف تهدأ في غضون ثوانٍ إلى دقائق. لذا فإن أحد مخاطر التنفيس هو إعادة إحياء المشاعر غير المرغوب فيها باستمرار».

وسأل: «إذا كان هذا النوع من التفكير يديم التجربة العاطفية السلبية، فلماذا نفعل ذلك؟»، مشيراً إلى أننا «جميعاً نحب أن نكون على حق، وإذا تعرضنا للظلم، فإن كوننا الضحية له امتيازاته، مثل التعاطف، وتركيز الاهتمام على سلبيات الآخرين بدلاً من أنفسنا».

كيف يمكن أن يبدو التنفيس أكثر إنتاجية؟

وأوضح فييدرمان أنه «قد يكون من المفيد أن تشارك ما حدث مع زملائك في العمل، وكيف تشعر حيال ذلك، بهدف فحص وجهة نظرك»، مفسراً أيضاً أننا «في كثير من الأحيان، عندما ننفس عن زملائنا في العمل، فإننا نسعى إلى التحقق من صحة وجهة نظرنا؛ وقد يضطر زملاء العمل الداعمون، إما من باب التعاطف الصادق أو الشعور بالضغط، إلى تأييد وجهة نظرنا. بدلاً من ذلك، ابحث عن تفسيرات بديلة، واطلب من زملائك في العمل نفس الشيء».

متى ولمن؟

بحسب ما شرح فييدرمان، فإن الحاجة إلى التنفيس تكون ملحة عندما تكون المشاعر في أوجها، وهنا نبه من أن «الخطر يكمن في أنك في خضم هذه اللحظة قد تقول أشياء تندم عليها لاحقاً، أو على الأقل قد يتم إخراجها من سياقها إذا شاركها زملاؤك في العمل لاحقاً».

وأضاف: «تخصيص بعض الوقت لتهدئة نفسك، حتى ولو لبضع دقائق فقط، قد يكون مفيداً في منحك تحكماً واعياً أكبر فيما تريد أن تشاركه».

ووفقاً له، عندما تكون مشاعرنا مضطربة قد يكون هناك إغراء للتنفيس لأول شخص مستعد لأن يستمع إلينا.

ومع ذلك، دعا فييدرمان لأن تسأل نفسك «هل يمكن الوثوق بأي زميل في العمل؟ هل تتوقع من هذا الشخص الذي استمع إليك السرية؟ وهل يمكن أن تؤثر مشاركتك لمشاعرك السلبية حول هذه الأمور على علاقتك مع زميل العمل هذا تحديداً؟».

أين؟

لفت فييدرمان إلى أن «مكان عملك هو منطقة مألوفة. إنك تقضي الكثير من الوقت هناك، مما يجعلك تبدو وكأنك في مساحتك الخاصة»، لكنه يحذر من أن الخطر يكمن «في أنك قد تتصرف كما لو كنت في المنزل أكثر مما تتصرف في مكان عام أو شبه عام غريب».

وأوضح أنك «عند التنفيس، قد تكون غافلاً نسبياً عن الأشخاص الآخرين الذين قد يكونون على مرمى السمع. وقد يشمل ذلك زملاء العمل أو المشرفين أو العملاء. وبالطبع تتنوع التأثيرات المتتالية لانعدام الخصوصية ومن المستحيل التنبؤ بها، ولكن يبدو من المؤكد أنها ستكون سلبية أكثر من كونها إيجابية».


مقالات ذات صلة

قبل قبول عرض عمل... خطوات أساسية عليك اتخاذها

يوميات الشرق أحد أفضل الأوقات للتفاوض هو بعد تلقي عرض عمل مباشرة (رويترز)

قبل قبول عرض عمل... خطوات أساسية عليك اتخاذها

عندما يتعلّق الأمر بما هو مهم في الوظائف، فإن الناس لديهم العديد من الأولويات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق لفهم كيفية معالجة الآخرين للعالم بشكل أفضل حاول طرح أسئلة مدفوعة بالعاطفة عليهم (رويترز)

لإدارة مشروع جانبي وكسب المال... مهارة واحدة أساسية تحتاج إليها

تُظهر البيانات الحديثة أن أكثر من ثلث البالغين في الولايات المتحدة لديهم عمل جانبي... والأشخاص الذين يكسبون أكبر قدر من المال لديهم شيء مشترك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق لتعزيز الثروة من الضروري التركيز على أمر واحد لتكون الأفضل فيه (أ.ب)

مليونير عصامي: 5 عادات تساعدك على بناء ثروتك

كان آلان كوري في الثانية والعشرين من عمره يغمره الأمل في أن يصبح مليونيراً، لم يكن لديه علاقات أو مرشدون أثرياء، لكنه لم يتراجع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق نظام العمل الهجين يخفف الضغوط على الموظفين (بابليك دومين)

هيئة الإحصاء البريطانية: العمال عن بُعد ينامون أكثر ويعملون أقل

كشف تحليل رسمي أجرته هيئة الإحصاء البريطانية عن أن العمال الذين يعملون من المنزل يحققون توازناً أفضل بين العمل والراحة ولكنهم يعملون بمعدل أقل بمقدار 10 دقائق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق فهم طريقة عمل الذكاء الاصطناعي أمر مهم لكنه ليس المهارة الوحيدة اللازمة للنجاح في العمل (رويترز)

ليست البرمجة... مهارة أساسية تحتاج إليها للنجاح في عصر الذكاء الاصطناعي

يحتاج جميع الشباب للنجاح في مكان العمل، وسط انتشار الذكاء الاصطناعي، إلى مهارة أساسية، موجودة منذ آلاف السنين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».