فنانون وشعراء يودعون أيقونة الشعر بعد خمسة عقود من العطاء

بدر الكلمة أضاء مسيرة نجوم وأوقد جذوة نجاحاتهم

الأمير بدر بن عبد المحسن خلال مشاركته أمسية شعرية في باريس (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد المحسن خلال مشاركته أمسية شعرية في باريس (الشرق الأوسط)
TT

فنانون وشعراء يودعون أيقونة الشعر بعد خمسة عقود من العطاء

الأمير بدر بن عبد المحسن خلال مشاركته أمسية شعرية في باريس (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد المحسن خلال مشاركته أمسية شعرية في باريس (الشرق الأوسط)

نعى شعراء وفنانون الأمير البدر بن عبد المحسن وثمنوا تجربته التي امتدت لخمسة عقود، غنى له خلالها نخبة من فناني العالم العربي. بقي البدر طوال مسيرته التي بدأت منذ التسعينات متوهجاً وحاضراً في الوسط الفني والأدبي العربي.

تحدثت «الشرق الأوسط» إلى مجموعة من الشعراء والفنانين ممن رافقوا الأمير البدر في رحلته الشعرية. منهم المغني عبد الرب إدريس، الذي استذكر قيمة وقامة البدر في الوسط الفني والأدبي، وتاريخه الطويل في إثراء الساحة، والتجارب المختلفة التي ظهرت فيها موهبته.

وقال الدكتور عبد الرب إن الأمير البدر يعد تاريخاً شعرياً، والكتابة عنه تحتاج لوقت طويل لتسجيل ما يليق به بوصفه إنساناً وتاريخاً، ووصف علاقته به بالأخوية، وأضاف: «معرفتي به تمتد لأكثر من أربعة عقود. تعاونت معه في كثير من الأعمال.». وأردف قائلاً إن «شهرة البدر الواسعة تعكس قيمته بين الناس ومشواره التاريخي في الكتابة الشعرية».

الأمير بدر بن فرحان وزير الثقافة السعودي خلال حفل تكريم الأمير الشاعر من اليونيسكو (واس)

وأوضح الدكتور إدريس أن كل من يعرف البدر يشهد له بالخير، والناس في يوم وفاته يستذكرون جوانب مضيئة من شخصيته وتجربته وإبداعه.

من جهته، عبّر الشاعر الكويتي عبد اللطيف البناي عن الحزن والأسى وقال لـ«الشرق الأوسط»: «في هذا الموقف الحزين، أعزي الجميع في وفاة البدر، الشاعر المبدع الذي أرخ للتراث، وترك أثراً جميلاً بكلماته وقصائده والأعمال الفنية التي كتبها، وتميز فيها بسحر الكلمة والإبداع والأصالة والمعنى الجميل».

الأمير بدر خلال لقاء سابق جمعه مع طلال مداح (الشرق الأوسط)

ويستذكر الشاعر البناي آخر لقاء جمعه مع الأمير البدر، وكان في دولة قطر: «عندما طُلب مني كتابة بيتين من الشعر في الأمير البدر»، وقال: «عجزت أن أكتبه في بيتين من الشعر، وأصف البدر وأنا بجواره نجم».

يقول محبوه إن البدر لامس بشعره الجميع، وعبر عن أحوالهم، وهندس مشاعرهم على وقع مفرداته وإيقاع الأوزان التي كسا بها قصائده الفريدة، بالإضافة إلى دوره في تطريز الوسط الشعري بفرائد من قصائده الوطنية التي بقيت نابضة حتى اليوم بقوة المعنى، ودهشة الصورة، وسلاسة العبارة، ورشاقة التراكيب.

البدر خلال ندوة خاصة حول الشعر والفن ضمن برنامج معرض الرياض الدولي للكتاب «أكتب لأحيا» (1)

يصف الفنان علي عبد الكريم، البدر بالأخ لـ«جميع الفنانين»، وخبر رحيله بــ«الفاجعة»، التي لا يخفف سطوتها إلا الأثر والذكر الطيب اللذان تركهما وراءه، وقال: «رحيله فاجعة أعزي فيها الملك وولي العهد والشعب السعودي».

وأضاف: «البدر أيقونة الشعر والفن، كان مع شاعريته يجمع الحسّ الفني المرتفع، تعاملت معه كثيراً، وكان منذ بداية مشواري داعماً ومسانداً، ولا أنسى وقفاته وأيامه الجميلة معي. كان مختلفاً في شاعريته وإنتاجه عن غيره، لدينا شعراء وكتاب كبار في الساحة، وبقي الأمير بدر وسطهم مختلفاً ومتفرداً دائماً، وتستطيع أن تلمس الاختلاف في قصائده من أول مذهب، وقد اختط مساره الشعري الفريد من خلال انتقاء المفردات بعناية، والتجديد والبعد عن المفردات المستهلكة والصور المكررة».

الفنان علي عبد الكريم والأمير عبد الرحمن بن مساعد والأمير الراحل بدر بن عبد المحسن (حساب عبد الكريم علي «إكس»)

وتوثيقاً لدور الراحل في إثراء وإغناء التجربة الفنية السعودية والعربية، قرر الفنان علي عبد الكريم أن يفي لهذا الإرث ويصل ماضيه بمستقبله من خلال نية تجديد عدد من الأعمال التي جمعته بالراحل، يقول: «أنا أكثر من غنّى للأمير البدر، ولدي قائمة طويلة من الأغاني والأعمال التي كتبها الفقيد، وسأعمل في المرحلة المقبلة على إعادة تقديم أعمال منتقاة من هذه القائمة، بشكل وقالب متجددين».

وعن شخصيته تحدث ضيوف «الشرق الأوسط» مشيدين بدعمه وتشجيعه للمواهب ورقته في التعامل مع الآخرين، وتبسطه في الحديث إلى كل من عرفه واتصل به.

الشاعر سعود سالم (تصوير: غازي مهدي)

يقول عن ذلك الشاعر السعودي سعود سالم: «فاجعة كبيرة حملها لنا صباح السبت، آلمني سماعها وأنا خارج السعودية، وطارت بي أشواق وذكريات إلى الأيام التي جمعتني بالفقيد».

وتوجه الشاعر سالم بالعزاء إلى كل من عرف الراحل، ولامس إنسانيته قائلاً: «أعزي كل سعودي وعربي وصاحب ذائقة في رحيل الأمير البدر، الذي كان علامة فارقة في شعر الجزيرة العربية كلها».

وعن آخر موعد جمعه بالفقيد، يقول سعود سالم: «كنت أتمنى رؤيته قريباً، لكن فاجعة رحيله كانت صادمة لي على المستوى الشخصي. كنت من أكثر المعجبين والمتأثرين بتجربته الشعرية التي امتد تألقها عبر الوقت، وأنا في مسيرتي كاتباً وشاعراً كنت لا أرى في الساحة نموذجاً أو مساراً شعرياً أقتدي به مثل الأمير البدر».

وأضاف: «كان تأثيره على الوسط الأدبي كاملاً، وأنا على المستوى الشخصي كنت متأثراً بكل تفاصيل تجربته الشعرية، مفرداته وخياله والصور التي كان ينسجها بطريقته المتفردة، وكنت أترقب كل إنتاجاته وأتابعها بحرص ودأب، وأعيش بكامل قواي في تجربته الشعرية ومدرسته الأدبية والفنية المميزة».


مقالات ذات صلة

دراسة: الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد أفضل من البشر

تكنولوجيا غالبية القُرَّاء يرون أن الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد شعر أفضل من البشر (رويترز)

دراسة: الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد أفضل من البشر

أكدت دراسة جديدة أن قصائد الشعر التي تكتب بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي أفضل من تلك التي يكتبها البشر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
ثقافة وفنون «اخترعت الشعر»... مختارات لأفضال أحمد سيد

«اخترعت الشعر»... مختارات لأفضال أحمد سيد

«اخترعت الشعر» عنوان لافت لمختارات نقلها عن الأردية المترجم هاني السعيد للشاعر الباكستاني أفضال أحمد سيد الذي يُعد أحد رواد قصيدة النثر في باكستان.

رشا أحمد (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة اللبنانية جاهدة وهبة (صور الفنانة)

جاهدة وهبة «تعيش مع الضوء» وتجول العواصم بصوتها دعماً للبنان

كان لا بد أن تعود الأغنية لتنبض في حنجرة جاهدة وهبة بعد صمت صدمة الحرب. وها هي الفنانة اللبنانية تحمل أغنيتها وتجول العواصم الأوروبية والعربية رافعةً صوت وطنها.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون الشعر حين يتحول إلى فعل مقاومة

الشعر حين يتحول إلى فعل مقاومة

يحتضن الشاعر المصري كريم عبد السلام، فلسطين، في ديوانه الذي وسمه باسمها «أكتب فلسطين - متجاهلاً ما بعد الحداثة»، ويكشف أقنعة المواقف والسياسات المتخاذلة.....

جمال القصاص
ثقافة وفنون قصيدتان

قصيدتان

متحف العائلة رغم رحيلها لم تخسر الفتاة غرفتها في بيت العائلة المزدحم لم تسمح الأم أن يتوارث الباقون مكانها، حولت غرفتها إلى متحف: احتفظت بالبوسترات…


أقدم آلة تشيللو أسكوتلندية تعزف للمرّة الأولى منذ القرن الـ18

مبهجة ودافئة (جامعة «أبردين»)
مبهجة ودافئة (جامعة «أبردين»)
TT

أقدم آلة تشيللو أسكوتلندية تعزف للمرّة الأولى منذ القرن الـ18

مبهجة ودافئة (جامعة «أبردين»)
مبهجة ودافئة (جامعة «أبردين»)

خضعت آلة تشيللو يُعتقد أنها الأقدم من نوعها في أسكوتلندا لإعادة ترميم، ومن المقرَّر أن تعاود العزف مرّة أخرى في عرض خاص.

ووفق «بي بي سي»، يعود تاريخ صنعها إلى عام 1756، أي قبل 268 عاماً، على يد الحرفي روبرت دنكان في أبردين، وجرى التبرُّع بها لتنضم إلى المجموعات الخاصة بجامعة أبردين، تنفيذاً لوصية من الطالب السابق جيمس بيتي الذي أصبح أستاذاً للفلسفة، من لورانسكيرك بمقاطعة أبردينشاير الأسكوتلندية، وذلك بعد وفاته عام 1803.

الآن، بعد ترميمها، ستعزف التشيللو علناً، ويُعتقد أنها ربما المرّة الأولى التي تعزف فيها الآلة منذ القرن الـ18، وذلك على يد العازفة لوسيا كابيلارو، في محيط كاتدرائية «كينغز كوليدج» المهيب التابع للجامعة، مساء الجمعة.

يعود تاريخ صنعها إلى عام 1756 أي قبل 268 عاماً (جامعة «أبردين»)

بعد وفاة جيمس بيتي عام 1803، جرى التبرُّع بمخطوطاته وخطاباته وآلة التشيللو لمصلحة الجامعة، إذ ظلّت موجودة منذ ذلك الحين. وعزف عليها هذا العام المرمِّم والحرفي وصانع الآلات الوترية، ديفيد راتراي، الذي قال: «الحرفية التي تظهر في هذه الآلة استثنائية. وقد تكون أقدم تشيللو أسكوتلندية باقية على قيد الحياة، ولا تزال في حالة باروكية نقية، وتُظهر براعة أحد أفضل صانعي الكمان في أبردين».

أما العازفة لوسيا، فعلَّقت: «العزف عليها مثير جداً، لم يكن الأمر كما توقّعت على الإطلاق. قد تكون لديك فكرة مسبقة عن صوت الآلات وفق ما تسمعه من كثيرها اليوم. أحياناً، كنتُ أتوقّع أن يكون صوتها أكثر اختناقاً، لكنها رنانة بدرجة لا تُصدَّق. تشعر كأنه لم يُعبَث بها».

وأوضحت: «لتلك الآلة صوت فريد، فهي نقية ومبهجة، وفي الوقت عينه هادئة ودافئة. إنها متعة للعزف؛ تُشعرك كأنها أكثر تميّزاً مما توقَّعت».

بدوره، قال المُحاضر في الأداء الموسيقي بجامعة أبردين، الدكتور آرون ماكغريغور: «مثير جداً أن نتمكن من سماع تشيللو جيمس بيتي يُعزف علناً ربما للمرّة الأولى منذ رحيله، في المكان المناسب تماماً، بكاتدرائية (كينغز كوليدج)».

وأضاف: «الحفل يجمع بين السوناتا الإيطالية وموسيقى الغرف مع إعدادات من الموسيقى الأسكوتلندية، ويعرُض طيفاً من الموسيقى التي استمتع بها جيمس بيتي ومعاصروه».

وختم: «مجموعة (سكوتس باروكي) الأسكوتلندية رائعة، وتجمع بين الموسيقى المُبكرة والأداء على الآلات الموسيقية التاريخية، مع برامج مبتكرة وأداء درامي. لذا؛ يُعدّ هذا الحفل حدثاً فريداً لا يمكن تفويته».