مسلسلات رمضان بين المميّز والأقل تميّزاً وغير المُوفَّق

الموسم لمعت فيه أسماء أكثر مما تألّقت نصوص

الأعمال الرمضانية متفاوتة القيمة الفنية
الأعمال الرمضانية متفاوتة القيمة الفنية
TT

مسلسلات رمضان بين المميّز والأقل تميّزاً وغير المُوفَّق

الأعمال الرمضانية متفاوتة القيمة الفنية
الأعمال الرمضانية متفاوتة القيمة الفنية

أثرُ بعض المسلسلات، لم ينقذ الموسم الرمضاني من ضعف طاغٍ. شاهدنا 4 أعمال مشتركة (لبنانية – سورية) و6 سورية؛ القيِّم بينها قليل. مسلسلات انطلقت بانطباع، وانتهت بآخر. الحلقات الثلاثون فضحت الخواء وأكدت التطويل. هذا موسم لمعت فيه أسماء أكثر مما تألّقت نصوص. بقيادة ممثلين، وصلت أعمال إلى برّ الأمان، من دون أن يُبحر بعضها بالضرورة نحو مكانه المحفوظ في الذاكرة. التأثير ليس دائماً الإفراط في قتل الشخصيات. هو العِبرة مما يجري.

الأكثر تميّزاً

معيار التصنيف القيمة الفنية فقط. فالمسلسل السوري «مال القبان» حمل دلالات، تألّق، وتصدَّر قائمة الأفضل. هنا «سوق الجبر» بمثابة سوريا؛ والتلاعب بالأسعار، والاحتكار، وشراهة التجار، اختزالات لقسوة الواقع على إنسانها. استطاع نصُّ الكاتبين علي وجيه ويامن الحجلي، أمام كاميرا المخرج سيف السبيعي، رواية مرحلة تُباع فيها ضمائر فيدفع ناسها الثمن، ويأتي الندم متأخراً. ذلك تقدَّم بسردية لافتة بيَّنت قيمته الفنية، والمعنى خلف السطور ضمن إسقاطات لمّاعة على المجتمع المعاصر.

«مال القبان» أفضل المسلسلات السورية

ودراما هذا الموسم شهدت مسلسلَي قضية. الأول لبناني مع حضور سوري يمثّله مهيار خضور وضيفة الشرف ديمة الجندي. فمسلسل «ع أمل»، انتشل صوت النساء من الخفوت. إصبعه مباشر على الجرح، وضميره صاحٍ. أمام كاميرا المخرج السوري رامي حنا، تقدّمت مشهدية الظلم. فنصُّ الكاتبة اللبنانية نادين جابر صوَّر حالة قابلة للإسقاط على كل مجتمع تُساق فيه المرأة إلى مصير يقرّره الرجل. بإمكان ما لا تُحقّقه مظاهرة أو احتجاج، أو مطالبة بعدالة لا تلقى صدى، أن يفعله هذا المسلسل. وهنا مكانته. دفع قضايا النساء نحو مزيد من الضوء، وتصدَّر الموسم.

«ع أمل» حرَّك الشارع (لقطة من الحلقة الأخيرة عن صفحة مهيار خضور)

مسلسل القضية الآخر هو «أغمض عينيك». عمل سوري أمين لحكاية المصابين باضطراب طيف التوحّد، والتعايش في مجتمعات غير مجهَّزة لاحتواء «المختلف». كتب أحمد الملا ولؤي النوري نصاً هدفه إعلان الحب وإعلاء دوره في الاحتضان والشفاء وردِّ الروح. أحياناً راوح مكانه، لكنه ظلَّ راقياً في معالجته، لا يبحث عن موقع وسط السرب. تتبَّع رحلة المُتوحِّد من طفولته إلى شبابه. أحاطه بالأخيار والأشرار، وقدَّم عِبرة من كل موقف. كان مدرسة من حيث لا يدري. أضاء على ظلمات ونوَّر الدروب. والأهم أنه أيقظ الوعي حيال التعامل مع الحالات الخاصة. هنا، صبَّ اهتمامه، وتألَّق. والنتيجة دراما دافئة، تصنع التأثير ولا تتبع المألوف.

أمل عرفة تألّقت بشخصية «حياة» في مسلسل «أغمض عينيك» (حسابها الشخصي)

«تاج» أيضاً من الأعمال المتصدِّرة والواثقة بمكانتها وإن كثُر المتنافسون. هذا المسلسل السوري سرَدَ مرحلة، واستعاد حقبة. نصّ عمر أبو سعدة، وكاميرا سامر البرقاوي، تخطّيا المُنتَظر من دراما الاحتلال الفرنسي لسوريا، إلى الانغماس في مشهدية كاملة تحبس النَفَس. كانت دمشق في أوج حضورها، وشبابها وشاباتها أمام أدوارهم المؤثّرة. مسلسلٌ أبعد من إدانة لاحتلال. إنه تحية لتضحيات، ولزمن سوري جميل عَبَر الترومواي في شوارعه، وتألّق بحركته الثقافية، والتعايش الاجتماعي، ودور المرأة في كتابة تاريخه.

«تاج» أحد أهم وأضخم الإنتاجات السورية (البوستر الرسمي)

الأقل تميّزاً

الصنف المتميّز، تليه أعمال أقل تميّزاً. يمكن تصنيف «ولاد بديعة» بين المنزلتين، بعدما تألّق بقسمه الأول، وارتبك مع مرور الحلقات، فضلَّ طريقه نحو المرتبة الأولى. شخصياته في الصدارة. لكنّ نصّ علي وجيه ويامن الحجلي وقع في المراوغة رغم براعة الحوارات. فالمسلسل لم يقل إنّ الساقي سيُسقى بما سقى، إلا بالإفراط في تصوير كلّ شيء أسود. تناول عناوين منها التفكُّك، والماضي القذر، وضريبة المكان، والإنسان الوحش، وحين قال كل ما لديه، ملأ الحكاية بما هدفه إطالة عمرها.

«ولاد بديعة» أمكن أن يتصدَّر المشهد لولا التطويل (لقطة من الحلقة الأخيرة)

لننتقل إلى «العربجي 2». أجَّج حكايته بإدخال ابنة المتصرّف في اللعبة، وبالمواجهة مع «الظلّ»، وعرف كيف يشدّ الأنظار. استمرار الحكاية لم يأتِ بما يضيف إلى نجاحاتها السابقة فارقاً جوهرياً، رغم استطاعته الدفع بإيقاعه إلى الأمام كلما قلَّ وهجه. هذا مسلسل تشويق، أفرد المساحة الكبرى لتألُّق بطله «عبدو» (باسم ياخور بأداء ممتاز)، وتأكيد مهارة ديمة قندلفت في جَعْل شخصيتها، «بدور»، رافعة العمل.

«العربجي» حافظ على إيقاعه المتصاعد (الشركة المُنتِجة)

أعمال لم تُوفَّق

مسلسل «2024» من بطولة نادين نجيم، أحدها. عالم المطاردات، والشرطة والأكشن، ضمن نصّ بدا متراخياً، لخفوت لمعاته الحوارية وتسلُّل فراغات إلى سياقه. لم يأتِ بـ«نفضة» للمشهد المألوف عندما يتعلّق الأمر بالقبض على تاجر مخدرات (لا بدّ أن يُقتل في النهاية ويتزوّج البطلان!). جزء ثانٍ لم يكن من داعٍ له.

مسلسل «2024» أمكن أن يكون أفضل (لقطة من المسلسل)

مسلسل آخر يلتحق بما لم يشكّل قيمة كبيرة، هو «نقطة انتهى». تحرَّك بعدما طال تحرُّكه، لكنّ خُطاه ظلّت مُكبَّلة. حاولت قصّته (فادي حسين) عبور مسار مختلف لحكاية العصابة والضحية والابتزاز والورطة، فأتى الإيقاع بطيئاً، والأثر قليلاً. شيء ما ظلَّ مفقوداً، من دون أن يشكّل مزيد من جرائم القتل حصانه الرابح. أمكن ربّانٌ ماهر التحايُل على الأمواج وإنقاذ المركب من الغرق، لكنّ المخرج محمد عبد العزيز لم يقدّم أفضل ما لديه. حَرَم القصة مجالاً لإثبات نفسها، رغم حضور ندى أبو فرحات العفوي وأسماء من قيمة، فلم تنل ما طمحت إليه، وإنْ استحقّت فرصة.

«نقطة انتهى» لم يكن بين الأفضل (البوستر الرسمي)

مما لم يُوفَّق أيضاً، المسلسل اللبناني – السوري «نظرة حب». عملٌ لم يُشكّل إضافة تُذكَر. ضربه ممل، ولم يحافظ على ماء وجهه. نيّته تقديم الحب بقالب فلسفيّ عذب، اصطدمت بتنفيذ حوَّل النيات أمنيات ضائعة. الفكرة مقدَّرة، لو أُلحِقت بنصّ متماسك وإخراج رشيق يشدّ الانتباه. لم يحدُث. كان الظنّ أنّ حضور باسل خياط يضمن النتيجة، وحلَّت خيبة. كارمن بصيبص أدّت مَشاهد جيدة في مسلسل سيئ.

«نظرة حب» نياته الحسنة أضرَّها تنفيذه (البوستر الرسمي)

سوء التنفيذ لاحق أيضاً مسلسل «كسر عضم السراديب»، غير الموفَّق بالعودة في جزء ثانٍ. الموضوع الأمني، والفساد، والتجاوزات، وحُكم القوي على الضعيف، والإنسان السوري المُعلّق من عنقه، مقاربات مهمّة لو صُبَّت بقالب متين، وأمسكتها كاميرا أكثر ثقة بنفسها. الرهان على نجاح سابق، لا يضمن نجاحاً آتياً. المسلسل «ضحية» هذا الرهان الخاسر.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.