الثوب الرجالي يكلف السعوديين 4.5 مليار ريال في العام

استهلاك 15 مليون متر من الأقمشة خلال موسم رمضان وعيد الفطر

تتجاوز مبيعات «الشمغ والغتر» 1.5 مليار ريال في السنة (تصوير: تركي العقيلي)
تتجاوز مبيعات «الشمغ والغتر» 1.5 مليار ريال في السنة (تصوير: تركي العقيلي)
TT

الثوب الرجالي يكلف السعوديين 4.5 مليار ريال في العام

تتجاوز مبيعات «الشمغ والغتر» 1.5 مليار ريال في السنة (تصوير: تركي العقيلي)
تتجاوز مبيعات «الشمغ والغتر» 1.5 مليار ريال في السنة (تصوير: تركي العقيلي)

تشهد محلات الأزياء الرجالية ومحلات خياطة الثوب السعودي إقبالاً كبيراً خلال العشر الأواخر من رمضان؛ بحثاً عن «ثوب العيد»، خصوصاً من الذين تأخروا في تجهيز «إطلالة العيد» التي يسجّل فيها «الثوب السعودي والشماغ» حضوره بوصفه الزي الرسمي للبلاد.

إلا أنّه ومع اقتراب حلول العيد بات الحصول على فرصة لتفصيل ثوب جديد على المقاس والشكل والنوع المرغوب فيه أمراً صعباً، بالنظر إلى الضغط الذي تواجهه محلات خياطة الثوب، للاستجابة للطلبات الموسميّة العالية، من المواطنين الذين اعتادوا أن يكون هذا الموسم مناسبة لإظهار كامل الزينة عبر الزي الرسمي في البلاد «الثوب» دون خيار آخر.

يردّد خالد بيت القصيد الشهير «المستريح اللي من الهمّ خالي» وهو يجادل شقيقه إبراهيم، الذي أنهى قبل بداية شهر رمضان تفصيل ثياب العيد وشراء باقي المستلزمات، بينما يسعى خالد جاهداً قبل أقل من أسبوع فقط على حلول عيد الفطر، للعثور على محل خياطة يمكن أن يساعده على تفصيل الثوب قبل اليوم الموعود، ولكن الأوان فات.

وصل عدد الرخص المستخرجة لمحلات الخياطة الرجالية إلى قرابة 13 ألف رخصة (تصوير: تركي العقيلي)

وبعد جولة واسعة من البحث، لم يجد خالد إلا خيار «الثوب الجاهز» الذي لم يكن بذلك المستوى مقارنةً مع الأقمشة التي اشتراها أو الثياب التي أراد تفصيلها. إلا أن مستوى السوق لا يبدو متوافقاً مع حجم المستهلكين بحسب ما قال بعض المستهلكين لـ«الشرق الأوسط»، حيث وصل عدد الرخص المستخرجة لمحلات الخياطة الرجالية إلى قرابة 13 ألف رخص، وفقاً للجنة المنسوجات في «غرفة الرياض»، وهو رقم قليل نسبيّاً مقارنةً بحجم المستهلكين.

موسم من 3 أشهر

رسم مساعد اليحيى رئيس لجنة المنسوجات في غرفة الرياض، مسار موسم رمضان وعيد الفطر، موضّحاً أن «الموسم معروف لدى التجار أنه يكوّن في أشهر رجب وشعبان ورمضان، ويبدأ الموسم بشراء الأقمشة ثم تفصيل الثياب وخياطتها حتى منتصف شهر رمضان، ثم في العشر الأواخر من رمضان يتجه الناس إلى الملابس الجاهزة».

تتراوح أسعار خياطة الثوب الرجالي السعودي في المتوسط من 250 ريالاً إلى 450 ريالاً، وثياب الأطفال من 70 ريالاً إلى 170 ريالاً باختلاف الطول والأمتار ونوعية الأقمشة، حسبما اتفقت عليه مجموعة من محلات الخياطة التي جالت عليها «الشرق الأوسط»، بينما يقدّر حجم الأقمشة المستهلكة في موسم رمضان والعيد بـ15 مليون متر من الأقمشة الرجالية.

وبالنظر إلى أن الثوب والشماغ هما عنصرا الزي الرسمي السعودي، أفصح اليحيى لـ«الشرق الأوسط» عن حجم مبيعات تفصيل وخياطة الملابس الرجالية في المملكة خلال شهر رمضان فقط، و«تقدّر بنحو 4.5 مليار ريال، فيما تتجاوز مبيعات (الشمغ والغتر) 1.5 مليار ريال في السنة».

10 في المائة من «الشمغ» في السعودية تُصنّع محليّاً (تصوير تركي العقيلي)

وأشار رئيس لجنة المنسوجات في غرفة الرياض إلى أن هناك سوقاً كبيراً لـ«الشمغ والغتر»، محدداً المصدر الأفضل للشماغ التقليدي بـ«الإنجليزي، ثم الصيني الموجود بكمّية كبيرة في السوق، ونحو 10 في المائة يصنّع محليّاً، بينما تتراوح أسعار الشمغ من 50 ريالاً إلى 350 ريالاً، ‏وعدد قليل الذي تتراوح أسعاره من 500 ريال إلى 1000 ريال».

وأردف اليحيى بأنه «في الآونة الأخيرة أصبحت هناك مؤسسات وشركات وأفراد دخلوا في مجال الخياطة الرجالية أكثر مما كان في السابق».

اليحيى، وهو المدير التنفيذي لشركة «الفاخرة للخياطة الرجالية»، نوّه بأن «عدد ساعات العمل للخياطين في رمضان وغالبية محلات الخياطة تكون 14 ساعة، والخياط الماهر يمكنه إنتاج من 6 إلى 8 ثياب، أما الخياط المتوسط فينتج 12 ثوباً أو أكثر لأنها تكون أقل جودة».

تغيّر أساليب وسلوكيات وثقافة التسوق

اليحيى أشار لتغيّر في أساليب وسلوكيات وثقافة التسوق، عادّاً أن السوق اختلفت بعد جائحة «كوفيد - 19». وقال هناك تغيّر أيضاً في «أسلوب عمليات الشراء وأصبحت غالبية الطلبات أونلاين؛ مما أثر بشكل كبير في المحلات» لكنه استدرك بأن هذا «أمر إيجابي دفع الشركات الكبرى إلى فتح التطبيقات الإلكترونية، ‏وبعضها أنشأت شركة من متجر إلكتروني».

وربط اليحيى ذلك مع تطور شركات الشحن التي ارتفع عددها بعد جائحة «كوفيد - 19»؛ لتتواءم مع استراتيجية «الدعم اللوجيستي» في «رؤية المملكة 2030»، بما يسهم في عملية التوصيل والشراء عبر «الأونلاين»، لافتاً إلى أن «الفاخرة» أطلقت خدمة «تفصيل وتوصيل» وهي عبارة عن أخذ المقاسات في المنزل أو المكتب أو أي مكان موجود فيه العميل بدلاً من زيارته الفرع.

أساليب وسلوكيات وثقافة التسوّق تغيّرت بعد جائحة «كوفيد - 19» (تصوير: تركي العقيلي)

القماش الياباني... الأغلى

من جانبه أشار سعود الصقيه رئيس شركة «مشار للخياطة الرجالية» إلى أنه «قبل نحو 30 عاماً كانت غالبية الأقمشة في مجال خياطة الثياب السعودية تأتي إلى البلاد من اليابان فقط، وبرغم توريد الأقمشة من كوريا وتايلاند وإندونيسيا، بأسعار منافسة بسبب تطوّر هذه الصناعة في تلك البلدان، فإن سعر القماش الياباني ارتفع أكثر من الضعف خلال السنوات الخمس الأخيرة تحديداً».

وقال الصقيه لـ«الشرق الأوسط»: «سوق الخياطة تعتمد على العمالة الأجنبية بصفة عامة، والغالبية منها محلات صغيرة يملكها أجانب، خصوصاً من الأشقاء اليمنيّين نظراً لمعرفتهم بالثوب وتفاصيله، بينما أرى أن المؤسسات الكبيرة محدودة، وبالنسبة للمؤسسات السعودية من الصعب أن تجد مواطناً سعودياً يدخل هذا المجال بمعرفة ورغبة، وغالباً ما يكون الدافع تجارياً فقط».

ورداً على سؤال حول التميّز الذي رافق سمعة «مشار» لتكون من أكبر المؤسسات التي تنتج الثوب السعودي خلال السنوات الأخيرة، أكّد الصقيه: «ساعدتنا رغبتنا في المجال ودخولنا في أدق التفاصيل من الناحية الفنية، على التطور لنصبح من أكبر المؤسسات التي تنتج الثوب السعودي».

دخول الثوب الجاهز السوق غطّى شريحة كبرى من العملاء الذين لا يفضلون دفع تكاليف مرتفعة (سعوديبيديا)

ثلث الدخل السنوي من مبيعات رمضان

الصقيه أشار إلى أن «مبيعات موسم رمضان وعيد الفطر تعادل 4 أضعاف المبيعات في الأشهر الأخرى، بما يعادل الثلث من الدخل السنوي على صعيد إنتاج الثياب أو العوائد الاقتصادية، وهذا قد يكون من عيوب المجال بحكم أن الثوب غير جاهز ويحتاج للتفصيل، وبالتالي تواجه المؤسسات مشكلة في إرضاء العدد المرتفع من العملاء، ولذلك تلجأ مجموعة من محلات الخياطة الكبرى إلى إيقاف استقبال الطلبات منذ بداية شهر رمضان، ولكن بالنسبة لـ(مشار) فالوضع يختلف قليلاً لأننا من أكبر المؤسسات، ونمتلك عدداً كافياً من القوى البشرية، بالإضافة لإدخالنا التقنيّات الجديدة التي تساعد على تقنين عدد الأيدي العاملة، وترفع مستوى الإنتاج لدينا».

4 ثياب للعميل في السنة

وبحسب رئيس شركة «مشار»، فإن معدل تفصيل الثياب بالنسبة للعميل الواحد هو «4 ثياب في السنة، وقد يرتفع العدد لدى فئة من العملاء بما يصل إلى عشرات الثياب»، إلا أنه مع دخول «الثوب الجاهز» السوق «غطّى شريحة كبرى من العملاء الذين لا يفضّلون دفع تكاليف مرتفعة على الثوب، خصوصاً للأطفال الذين يتغيّر مستوى نموهم الجسدي سريعاً، وهناك شركات عدة دخلت في هذا المجال، ولكن لم يبقِ منها سوى الشركات القوية الموجودة في السوق الآن».

وبخبرة السنين، يعدّ الصّقيه أن «سوق الخياطة تطوّرت كثيراً عن السابق، وأصبحت المنافسة شديدة، وأصبح الاختلاف على صعيد الأسعار مرهوناً بجودة المنتج في الأقمشة، وضبط القياسات، واستقبال العميل، وإيصال الثوب في الموعد المحدد، وعدد من التفاصيل التي ترفع مستوى رضا العميل عن المؤسسات أو محلات الخياطة».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.