الدراما المغربية في رمضان مُتَّهمة بالخواء و«ضرب القيم»

«رداءة السيناريو» و«هزالة التأليف» أفرغتا المنتَج من قيمته الفنية

تُهمة الخواء تلاحق أعمالاً مغربية (شاترستوك)
تُهمة الخواء تلاحق أعمالاً مغربية (شاترستوك)
TT

الدراما المغربية في رمضان مُتَّهمة بالخواء و«ضرب القيم»

تُهمة الخواء تلاحق أعمالاً مغربية (شاترستوك)
تُهمة الخواء تلاحق أعمالاً مغربية (شاترستوك)

تتبارى الأعمال التلفزيونية عادة، وتتنافس خلال شهر رمضان، سعياً إلى جذب المُشاهد وتقديم أفضل ما يمكن إنتاجه. لكن المسلسلات والبرامج المقدَّمة في المغرب هذا العام أثارت جدلاً واسعاً بين ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي والنقّاد. فبعضٌ وصفها بأنها «هزيلة المحتوى»، وبعضٌ قال إنها «تروّج لأفكار دخيلة على المجتمع وتشجّع على الانحراف».

في هذا السياق، ذكرت «وكالة أنباء العالم العربي» أنّ الطالبة الجامعية إحسان حفيضي (24 عاماً) آثرت عدم متابعة أي من البرامج والمسلسلات هذا الموسم، بعدما حرصت سابقاً على مُشاهدة بعض الأعمال الفكاهية وبرامج الخِدع. فمنذ سنوات، باتت تشعر بأنّ الأعمال المقدَّمة لا ترقى إلى مستوى تطلّعاتها، وبعضها لا يمكن مشاهدته وسط الأسرة أو الأقرباء.

توضح وجهة نظرها: «بعض اللقطات تحوي مَشاهد مُخلّة وكلمات نابية»، لا تجرؤ على رؤيتها أو سماعها في وجود أحد، لذا قرّرت المقاطعة.

أما أيوب العلمي، فيشاهد ما تقدّمه القنوات التلفزيونية المغربية خلال رمضان من باب التسلية وكسر الملل، خصوصاً أنه يعمل بعيداً عن أسرته ويعيش وحيداً، لكنه لا يتّفق مع بعض الأعمال التي يرى أنها «جريئة» أو «تافهة». ويؤكد: «لو كنتُ مع أسرتي حتماً، لما تابعتُ أياً من هذه المسلسلات».

بدوره، يُرجع إدريس قصوري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة «الحسن الثاني» بمدينة المحمدية شمال شرقي الدار البيضاء، رداءة الأعمال التلفزيونية الرمضانية إلى غياب سياسة ثقافية حكومية موحّدة تشمل التنسيق مع جميع الوزارات حول ما ينبغي تقديمه للمشاهدين.

ويقول: «التلفزيون المغربي أصبح يسدّ الفراغ فقط، ذلك أنّ أغلب المسلسلات المقدَّمة ضدّ القيم والدين وسلوك المرأة والأم والأسرة المغربية عموماً».

يتحدّث عن أعمال رأى أنها تخرّب الأسرة والمجتمع، «في وقت لا يزال النقاش دائراً حول إصلاح الأسرة والحفاظ عليها»، ويقول إنّ بين المسلسلات ما يعطي صورة مغلوطة عن علاقة الأم بأبنائها والأخ بأخيه، فضلاً عن الإساءة إلى العلاقة بين الزوجين.

ويضيف الأستاذ الجامعي: «من غير المعقول أن نربّي أبناءنا على الاحترام والالتزام وعدم استعمال مفردات وعبارات معيّنة، ليسمعوها في التلفزيون الرسمي المدعَّم والمرخَّص، الذي يحظى بمشاهدات مهمّة في رمضان، خصوصاً في وقت تناوُل الإفطار واجتماع أفراد العائلة على طاولة واحدة».

ومع ذلك، يشير إلى أعمال هادفة، ويضرب مثلاً بمسلسل كوميدي لقي ثناء كبيراً لانتقاده ممارسات سياسية واجتماعية بإيحاء فني ذكي ممتع. ويقول: «رمضان شهر النفحة الدينية، ولا يُعقل أن تبثّ القنوات مثل هذه الأمور التي تمسّ بالدين وبالأخلاق والقيم المغربية».

أما الكاتب والصحافي المهتمّ بالشأن الفني والإعلامي بوشعيب حمراوي، فيرجع مشكلة الدراما التلفزيونية إلى ضعف القصة والسيناريو. ويقول: «المُنتَج الثقافي والفني للقنوات الرسمية لا يرقى إلى تطلّعات المُشاهد المغربي، والسبب يعود إلى رداءة السيناريو، وهزالة التأليف، اللتين أفرغتا المنتَج التلفزيوني من قيمته الفنية والثقافية».

ويؤكد أنّ «المغرب لديه طاقات كبيرة من الممثلين والفنانين الذين بإمكانهم تجسيد أصعب الأدوار وأكثرها تعقيداً، لكن أمام شحّ الأعمال المعروضة على بعضهم، يضطرون إلى المشاركة في أعمال تلفزيونية بمضامين هزيلة».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

«آل شنب»... فيلم يجمع شمل عائلة متنافرة بعد حالة وفاة 

عدد من الأبطال في أحد مشاهد الفيلم (الشركة المنتجة)
عدد من الأبطال في أحد مشاهد الفيلم (الشركة المنتجة)
TT

«آل شنب»... فيلم يجمع شمل عائلة متنافرة بعد حالة وفاة 

عدد من الأبطال في أحد مشاهد الفيلم (الشركة المنتجة)
عدد من الأبطال في أحد مشاهد الفيلم (الشركة المنتجة)

من خلال مجموعة العائلة عبر «واتساب» تتواصل عائلة «آل شنب»، بعد شتات أبنائها الخمسة الذين نشأوا في الإسكندرية، وانتقل بعضهم إلى القاهرة بحكم الحياة وظروف العمل، تجتمع مجدداً لكن مع فقدان الشقيقات الأربع لشقيقهم الذي نكتفي بمعرفته من صوته، وهو الخال المحبوب من الجميع الذي لم ينجح في تكوين عائلة، لكنه يحتفظ بعلاقات جيدة للغاية مع أبناء وبنات شقيقاته.

وتنطلق شارة الفيلم عبر الرسائل التي توضح الاختلافات الموجودة سواء بين الأشقاء أنفسهم أو حتى طريقة تعامل أبنائهم مع المجموعة والاهتمام بتفاصيل ما يدور فيها من مناقشات حول أمور حياتية روتينية أحياناً.

وأحداث الفيلم الذي بدأ عرضه في مصر، الخميس 31 أكتوبر (تشرين الأول)، بعد تأجيل نحو عام، تدور في أقل من 100 دقيقة تتناول تفاصيل حياة العائلة أياماً عدة فقط، أربع شقيقات تقوم بأدوارهن، ليلي علوي، سوسن بدر، لبلبة، وهيدي كرم، بينما تنطلق الأحداث من الصراع بين ليلي علوي وابنتها التي تقوم بدورها أسماء جلال الموظفة في البنك، والتي تسعى لإرضاء والدتها طوال الوقت، وتخشى ردود أفعالها.

وتفاصيل كثيرة نعرفها خلال الأحداث عن حياة كل منهن، لكنها تفاصيل ليست كاملة عن جميع الشخصيات نتعرف عليها فقط من الأحاديث والمناقشات بينهن.

نقطة التحول الرئيسية في الأحداث هي لحظة الوفاة التي تبدأ من رحلة لاجتماع العائلة في منزل العائلة القديم بالإسكندرية، الفيلا التي لا تزال موجودة، وكان يعيش فيها الشقيق الراحل الذي قدم الأداء الصوتي لدوره بيومي فؤاد، لتبدأ رحلة الأبطال في منحنى آخر مرتبط بمواقف كوميدية وقعت بين الشقيقات طوال الأحداث، من بينها استعادة ذكريات في الماضي وتعليقات على مواقف في الحاضر.

اختلاف الطباع لدرجة التنافر لم يمنع أفراد العائلة من التعامل بشكل حضاري ومحاولة احتواء نقاط الخلاف باستمرار، فتظهر ليلى علوي السيدة القوية التي تطلب من الجميع الاستماع إلى كلامها، أما هيدي كرم فتظهر ضعيفة الشخصية أمام زوجها الذي يقوم بدوره خالد سرحان، ويحاول التدخل في أمور شقيقاتها لكن ليلى علوي تتصدى له.

مشهد من الفيلم (الشركة المنتجة)

على مستوى الأبناء لدى أسماء جلال حلم تسعى لتحقيقه بالسفر إلى اليابان والدراسة هناك، وهو الأمر الذي كانت تنتظر أن يبلغ خالها الراحل والدتها بشأنه، لكن وفاته المفاجئة تربك حياتها التي تسعى لاتخاذ خطوة جديدة فيها بترك وظيفتها في البنك، وهو موقف من عدة مواقف اضطر فيها الأبناء لمواجهة العائلة بشكل واضح للتعبير عن أفكارهم.

«آل شنب» هو ثالث تجربة لمخرجته آيتن أمين بعد تجربتيها «فيلا 69» و«سعاد» الذي عُرض بمهرجاني «كان» و«برلين».

وأبدت مخرجة الفيلم آيتن أمين حماسها لمعرفة انطباعات الجمهور عن الفيلم مع عرضه بالصالات لافتة إلى أن «الفكرة كانت لديها منذ فترة طويلة حتى جاء الوقت المناسب لتنفيذها».

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها «عملت على اختيار فريق العمل بشكل دقيق لحرصي على اختيار الشخصيات المناسبة للسيناريو المكتوب»، موضحة أنها كانت حريصة على الاهتمام بأدق التفاصيل في ظل وجود صعوبات عدة لكثرة المشاهد التي يجتمع فيها الأبطال خلال الأحداث.

ويرى الناقد الفني المصري طارق الشناوي أن «الفيلم يحتوي على (لكنة إيطالية) سربت إليَّ شعوراً بالاغتراب»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «على الرغم من كون العمل والأحداث مصرية فإنه يعطي انطباعاً بأنه (خيال مستورد)، وهو أمر لا يعني بالضرورة أن له مرجعية خارجية أو منقول من تجربة أخرى».

ويقول الناقد السينمائي المصري خالد محمود إن «الفيلم به مساحة من الكوميديا جيدة، ويصلح لمشاهدة العائلة»، مشيراً إلى أن «الشخصيات التي قدمها الفنانون في الفيلم لم تضف لأدوارهم السابقة، فهي تشبه أدواراً سبق أن قدموها».

وأضاف لـ«الشرق الوسط»: «يبدو أن آيتن أمين أرادت كسر الصورة النمطية عن تجاربها السينمائية السابقة، وهو حق مشروع لها، لكن في المقابل كنت أتوقع أن تقدم عملاً أقوى مما شاهده في (آل شنب)».

وظهر عدد من الشخصيات الرئيسية في الأحداث من دون إسهاب في خلفياتها وتفاصيلها، وهو الأمر الذي يفسره الشناوي على أساس أن الأحداث فرضته لكون المشاهد يدخل حياة العائلة لأيام محددة فقط، وبالتالي ليس بالضرورة أن يتعرف على تفاصيل كل الشخصيات مع تعددها.