«نقطة انتهى»: المسلسل العالق في عنق زجاجة

اللفّ والدوران سيّدا الموقف قبل الانتقال إلى الجولة الثانية

«نقطة انتهى» يؤخّر فلش أوراقه الرابحة (مواقع التواصل)
«نقطة انتهى» يؤخّر فلش أوراقه الرابحة (مواقع التواصل)
TT

«نقطة انتهى»: المسلسل العالق في عنق زجاجة

«نقطة انتهى» يؤخّر فلش أوراقه الرابحة (مواقع التواصل)
«نقطة انتهى» يؤخّر فلش أوراقه الرابحة (مواقع التواصل)

تحرَّك بعض الشيء مسلسل «نقطة انتهى» المتقدِّم بخطوات بطيئة. تطلّب الأمر نحو نصف الحلقات ليُعلن أنه يحمل مفاجآت تجرّ الأحداث شبه الراكدة. كان الظنّ أنّ «فارس» (عابد فهد) هو مَن يُخفي أسراره عن زوجته «كرمى» (ندى أبو فرحات)، ليتبيّن العكس. الأسرار الشخصية أخرجت المسلسل (كتابة فادي حسين، إخراج محمد عبد العزيز، وإنتاج «الصبّاح أخوان») من دوّامة الجريمة وتداعياتها.

عابد فهد وندى أبو فرحات يتحرّران من الثنائية (لقطة من المسلسل)

لدى القصة ما تقوله، ولوهلة بدت واثقة من نفسها. مرور الحلقات أظهر فراغات أمكن ملؤها لو اختُصر عددها من 30 إلى 15. الدوران حول جرائم القتل، بهذا الشكل، مُستنزَف. قدَّم فهد في البداية انفعالات مُتقَنة، فرضت حَبْس النفس بانتظار كشف الخيوط. لكنّ الأمر تأخّر، ما وضعه أمام الوجه الواحد، والصوت الواحد، والشخصية التي تدور حول نفسها. بشَّر المسلسل بحَمْله السرّ المُرتَقب أن يقلب الطاولة. مرَّر ذلك مثل طُعم يُعلِّق المُشاهد في أحداث لم تحصل بعد. ما حدث حتى الآن، أصابه التطويل والإيقاع البطيء، كأنه عالق في عنق زجاجة. يدور حول جريمة يرتكبها «فارس» حين يقتل شقيق زوجته، ولا يزال اللفّ والدوران سيّدَي الموقف قبل الانتقال إلى الجولة الثانية.

عالم العصابة يُحرّك المسلسل ويصنع مزاجه العام. يُكلَّف خالد السيد بدور «الشرير» نفسه طوال الوقت. يشكّل بشخصية «عزام»، مع عادل كرم بشخصية المحامي «سامي»، ميزان قوى. الضعيف حتى الآن هو «فارس» المُغمَّس بصورة الضحية، والمُشهِر عجزه الكامل. تُبيِّن الموسيقى التصويرية أنّ شيئاً كبيراً سيحدث في أي لحظة، ومن الواضح أنّ مَهمَّتها التسبُّب بخفقان القلب تحسُّباً لطارئ مُرتَقب. لكنّها أحياناً تأتي «مجانية»، ولا تحمل أي إعلان لتطوّرات. المعضلة ليست القصة نفسها، بل تطويلها وتشريعها على المَطّ. لا بأس بالطهي على نار هادئة، وهذا فنّ. لكنّ الحلقات تمرّ، مُعلنةً إرجاء اللحظة المُحرِّكة.

أداء عادل كرم متماسك ويُتقن التقلُّب بين المخطّطات (حسابه في «إنستغرام»)

تختار القصة موضوعاً مستفزّاً وتجعله مسرحاً للشرّ البشري: إنها وظيفة غسل الموتى وهي تتحوّل شمّاعة للتهريب والتجاوزات. حتى القبور لا تسلم من الطمع الإنساني وجشاعة تجّار المخالفات. الموضوع «صادم»، لكنّ «قوته» موجَّهة نحو توريط البطل. فلا تُكشَف خفايا قضية اجتماعية، ولا يوضع إصبع على جرح، بقدر ما يسعى المسلسل إلى مزيد من هذا التوريط. فتجرُّ الكذبة كذبة أكبر، مما يؤطّر عابد فهد بالانفعالات نفسها التي زادت على حدّها وانقلبت إلى ضدّها.

وسط هذا كلّه، ثمة رهان على أنس طيارة بشخصية «غزوان». صاحب ذاكرة نازفة وحبّ مستحيل، يقتل بدم بارد ويمارس الوحشية بهدوء. وحده من بين الشخوص، حتى الآن، له ماضٍ. تحدّره من اليُتم والعنف والرفض، رسم طريقه. ومَن يقتل مرة، يتلطَّخ إلى الأبد. وهذه الشخصية ملطّخة، يجيد طيارة وضعها على الحدّ الفاصل بين الإنسان والوحش. قتله امرأة بسنّ «أم فارس» (وفاء طربيه) وظرفها الصحّي، بدا أقرب إلى الخلل في صياغة الدور، وإقحاماً له في المبالغات.

أنس طيارة بشخصية مضطربة (حسابه في «فيسبوك»)

ورغم بشاعة استغلال القبور للغرض الرخيص، تبقى علاقة المسلسل بالموضوع «الصادم» على مسافة من إحداث الضجة الكبرى. تُصاب الرغبة بتتبُّع حركة «عزام» ومخطّطاته، بشيء من الفتور مع تقدّم الحلقات. خالد السيد ممثل جيّد، لكنّ زجّه في الدور الواحد مملّ.

ورَّط المخرجُ المسلسلَ بانطباع أنه يكرّر نفسه، حين أتى بابنه ليعيد مَشاهد سبق وقدّمها، وارتأى حياً مشابهاً لحيّ «النار بالنار» وسيرة «السوري - اللبناني» على الألسن. هنا، ظلم قصة تشاء التغريد في سرب آخر. أمكن العمل أن يحتلّ مكانة أعلى، لولا الارتباك والتأطير. بطله من الأسماء المُنتَظرة، أثبت تألقاً في الموسم الرمضاني الماضي. الحلقات الأولى صبَّت في مصلحته، حين وظَّف ملامحه وأدواته للإقناع بالشخصية المغلوب على أمرها. شيئاً فشيئاً، بدا أنّ الدور ينصب له فخاً، فيوقعه في شِباكه.

ندى أبو فرحات تعطي الدور ما يحتاج إليه (حسابها في «فيسبوك»)

تُدوزن ندى أبو فرحات انفعالاتها، وتعطي الدور ما يحتاج إليه. أداؤها مريح، رغم كل ما يجري. تغلُب عليها الطمأنينة أكثر مما توحي بالأزمة. الجيد في الأمر أنها وعابد فهد يشكّلان زوجة وزوجاً عاديَيْن، أكثر مما يؤلّفان «ثنائية درامية». حضورهما يخلو من «هَم» التحوُّل إلى مشهد. يأتي دور عادل كرم لتأكيد هذا «الانسلاخ» المتحكِّم بفكرة الثنائية. فهو أيضاً حبيب سابق لـ«كرمى»، وسرُّها متعلّق به. لذا، فهد ليس وحيداً في لعبة القلب، مما يحرّره من أن يوضع في إطار.

نافذة ضوء يختزلها حضور بياريت قطريب في المسلسل (حسابها في «إنستغرام»)

أداء كرم متماسك، ويُتقن دور التقلُّب بين المخطّطات. تاريخه متّسخ، وعلاقاته النسائية مشبوهة؛ بعضها يثير المتاعب مثل علاقته بزوجة أخيه «ليال» (رلى بحسون). إلحاحُها يُقابَل برفضه، وخلف الإلحاح والرفض قصص من الماضي. يُخرِج خيطهما الدرامي الأحداث من الزجاجة المغلقة، كالقصة الجانبية حول الحمل غير الشرعي لشقيقة «فارس» من شقيق «كرمى» المقتول. الفيديوهات والتسجيلات الصوتية تُبيّن شكلاً آخر للدناءة الإنسانية، مع الإبقاء على فَتْح نافذة ضوء يختزلها حضور بياريت قطريب بوصفها السند والصداقة واليد الممدودة.

المسلسل ليس ميؤوساً منه، قصته لم تنتهِ بعد. الوقت لعب ضدّه وأخَّر فلش الأوراق الرابحة.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)

تقام «أيام بنغلاديش» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض، والتي انطلقت لياليها، الثلاثاء، ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية، بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى السبت، بهدف تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع السعودي والمقيمين، وإبراز التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه السعودية.

وتشهد الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تقدمها الفرقة الشعبية، حيث تألق المشاركون بتقديم عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي، إلى جانب أغنيات مستوحاة من أعمال أبرز شعراء بنغلاديش.

عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي (الشرق الأوسط)

كما يضم الحدث منطقة مخصصة لعرض التراث البنغالي، حيث تُتيح للزوار فرصة استكشاف الجوانب الغنية للثقافة البنغالية عن قرب؛ إذ تشمل المنطقة معروضات للأزياء التقليدية المزينة بالزخارف اليدوية التي تعكس المهارة الحرفية والفنية المتميزة، حيث يتم عرض الساري البنغالي المصنوع من أقمشة الحرير والقطن الفاخرة، إضافة إلى الملابس التقليدية للرجال مثل البنجابي والدوتي، كما تعرض الإكسسوارات اليدوية التي تشتهر بها بنغلاديش، بما في ذلك المجوهرات التقليدية المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة، والحقائب والمطرزات التي تعكس ذوقاً فنياً عريقاً.

الفعاليات شملت استكشاف التراث البنغالي (الشرق الأوسط)

واشتملت الفعاليات على قسم مخصص للأطعمة من بنغلاديش؛ إذ يٌقدم للزوار فرصة تذوق أشهى الأطباق التقليدية التي تمثل المطبخ البنغالي المعروف بنكهاته الغنية وتوابله المميزة، وتشمل الأطباق المقدمة أكلات شهيرة مثل البرياني البنغالي، والداكا كاكوري كباب، وسمك الهيلشا المطهو بطرق تراثية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلويات التقليدية مثل الروشا غولا والميزان لادّو.

وتضيف هذه المنطقة بعداً مميزاً للفعالية، حيث لا تقتصر التجربة على الفنون والعروض، بل تمتد لتشمل استكشاف التراث البنغالي بشكل متكامل يعكس الحياة اليومية والعادات والتقاليد، مما يجعلها تجربة غنية تُثري التفاعل الثقافي بين الزوار.

معروضات للأزياء التقليدية (الشرق الأوسط)

وحظيت الفعاليات منذ انطلاقها بإقبال واسع من الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بجمال الفلكلور البنغالي وتنوع العروض الفنية المقدمة، كما أبدى العديد من الحاضرين تقديرهم لهذه المبادرات التي تسهم في تعزيز التفاهم والتفاعل بين الثقافات.

وأكّد المسؤولون أن هذه المبادرة تأتي جزءاً من سلسلة برامج ثقافية تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في المملكة، بما يتماشى مع «رؤية السعودية 2030» التي تدعم التنوع والانفتاح الثقافي.