يفد المسلمون إلى السعودية من كل أصقاع الأرض، يملأهم الشوق إلى زيارة الحرمين الشريفين وأداء عباداتهم وقضاء ليالي الشهر الكريم في رحاب قبلة المسلمين، ويتوقون إلى الامتلاء من تفاصيل المكان والتشبع بروح التاريخ والإيمان الذي يملأ كل زاوية وركن في الحرمين الشريفين. وفي وسط صحن الحرم المكي، يقف البناء الشامخ الجليل مقصد ملايين المسلمين في كل مرة يقفون فيها للصلاة، يطوف بها ضيوف الرحمن وهم يشعون ببياض إحرامهم ويجمعون همهم على الإقبال إلى الله، بجوار قبلة المسلمين ومحط أنظارهم وأول بيت وُضع في الأرض لعبادة الله. وهم يحيطون بها في طوافهم، يشخصن المسلمون بناء مكعب الشكل يبلغ ارتفاعه نحو 15 متراً، ويصل طول ضلعه الذي به باب الكعبة 12.5 متر، والذي يقابله 13 متراً، وأما الضلع الذي فيه الميزاب فطوله 10.5متر، والذي يقابله يمتد لـ11 متراً.
وعن تاريخها الذي عاصرت خلاله كثيراً من التفاصيل التاريخية والعصور المتعددة، تفتح المعارض الإثرائية في المسجد الحرام فرصة ثمينة للتعرف على رحلة توثيقية مهمة عن أول بيت وُضع لعبادة الله، منذ بناها النبي إبراهيم بأمر ربه وأضحت رمزاً حيّاً لبقاء الحياة واستدامتها. ويتتبع المعرض الإثرائي الملهم، تفاصيل واسعة ومتصلة بكعبة المسلمين، عن الحجر الأسود، والركن اليماني، ومقام إبراهيم، والحطيم حجر إبراهيم، والملتزم.
هنا من أمام #الكعبة_المشرفة ..تنظر الأعين من نافذة الروح، لتبصر آفاقًا لم تكن لِتُرى.#المسجد_الحرام pic.twitter.com/sYvxiX1u0n
— الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين (@ReasahAlharmain) March 12, 2024
وعلى مرّ التاريخ، كانت الكعبة موضع تعظيم وإجلال الناس، والولاة والحكام يعمرونها ويجددون بنيانها عند الحاجة ويكسونها، ويحتسبونه فخراً وتشريفاً لهم. وفي العهد السعودي، حظي الحرمان الشريفان بعناية خاصة وفريدة، مكّنت ملايين المسلمين وبأعداد تاريخية من زيارة قبلتهم ومدينة النبي الكريم، وقد اتسمت معايير التحديث السعودي والعناية بالحرمين الشريفين بقيمتي صون التراث الأصيل لقبلة المسلمين مع تيسير وتسهيل أدائهم للعبادات وتمكينهم من الوصول والأداء الآمن لنسكهم في كل وقت وحين.
كما اكتست الكعبة المشرفة باباً يصنع لأول مرة من الذهب الخالص، وفي عهد الملك فهد بن عبد العزيز تم استبدال أعمدة جديدة بأعمدة الكعبة الخشبية التي يعود تاريخها لأكثر من 1200 عام، ضمن عملية ترميم شاملة أُزيل خلالها سقف الكعبة وأُعيد بناؤه، ورُمّمت الأحجار المتآكلة، ودُعّمت الأرضية بالرخام.
ويوجد في داخل الكعبة 3 أعمدة خشبية تحمل سقف الكعبة المشرفة، وهي من أقوى أنواع الأخشاب التي لا يُعرَف لها مثيل، وضعها عبد الله بن الزبير، يبلغ عمرها أكثر من 1350 عاماً، أما أرضية الكعبة المشرفة فهي مفروشة بالرخام وأغلبه من النوع الأبيض والباقي ملون. وخلال اليوم الأول من شهر رمضان الكريم، وأمام الكعبة المشرفة، اكتظ صحن الحرم المكي بالمسلمين وضيوف الرحمن القادمين من أصقاع الأرض، ينقطعون إلى الله وتتصل نفوسهم بفضاء إيماني خالص، فمن أرض مكة تسافر الابتهالات والدعوات وترتفع الحاجات والأمنيات، خالصة ومنزهة من كل أذى.