كارولين ميلان لـ«الشرق الأوسط»: لا أخاف على الدراما اللبنانية

وقّعت إخراج آخر مسلسلات فادي إبراهيم «سرّ وقدر»

تؤكد ميلان أن دور إبراهيم في المسلسل محوري (كارولين ميلان)
تؤكد ميلان أن دور إبراهيم في المسلسل محوري (كارولين ميلان)
TT

كارولين ميلان لـ«الشرق الأوسط»: لا أخاف على الدراما اللبنانية

تؤكد ميلان أن دور إبراهيم في المسلسل محوري (كارولين ميلان)
تؤكد ميلان أن دور إبراهيم في المسلسل محوري (كارولين ميلان)

تستذكر المخرجة اللبنانية كارولين ميلان آخر ساعات جمعتها بالممثل الراحل فادي إبراهيم في مسلسل «سر وقدر»، الذي وقعت إخراجه وواكبت إبراهيم في لحظات ألم ووجع واجهته أثناء التصوير. وتصفه بـ«الممثل الذكي» وصاحب شخصية فريدة من نوعها. وتوافق منتج العمل إيلي معلوف بأنه الممثل اللبناني الذي لن يتكرر.

سبق وتعاونت ميلان مع إبراهيم في عدد من أعمال درامية سابقة، فتأثرت بتفاعله مع الكاميرا وكيف يمكنه أن يحفظ أي نص بلحظات قليلة. ومن «العائدة» إلى «الينابيع» و«ابني»، حط آخر رحاله معها في «سر وقدر».

كان إبراهيم شغوفاً بالتمثيل وجاهزاً للعودة إليه رغم المرض (كارولين ميلان)

وتروي ميلان لـ«الشرق الأوسط» بعض ذكرياتها معه في تلك الفترة التي سبقت مكوثه في المستشفى لأشهر طويلة. «لا يزال صوته يرنّ في مسمعي وهو يناديني (كارو الحقيني فأنا لا أستطيع تحريك أصابع يدي). ومرات أخرى على الرغم من أوجاعه وآلامه المبرحة بسبب تورم أصابع قدميه، كانت الابتسامة لا تفارق ثغره، يضحك ويمازح الجميع وكأنه بكامل صحته. وأصر على إنهاء مشاهده في العمل بسرعة ليتفرّغ لمرحلة العلاج».

تقول من باب تجاربها الكثيرة معه: «كان يملك ذكاءً لافتاً في التمثيل لا يشبه غيره. وعكس باقي أفراد الفريق، كان لا يقرأ النص إلا في اللحظة الأخيرة قبل بدء التصوير. يتمعّن فيه ويحفظه بسرعة فائقة، ومن ثم يطالب ببعض التعديلات البسيطة لكلمة أو عبارة معينة. ولا يلبث أن يقف أمام الكاميرا متقمصاً دوره على أفضل ما يكون».

تتذكر في آخر أيام التصوير، حين تدهورت حالته الصحية، طلب منها أن يخلع حذاءه لأنه لا يستطيع تحمله بسبب التورم في قدميه. وراحت بعدها تصوره بلقطات «كلوز» القريبة من وجهه ومن دون جسمه كي يكون مرتاحاً في أدائه. «لقد كان يتعالى على جراحه حتى اللحظة الأخيرة. تخيلي أنه كان يستعد للمشاركة في مسرحية (جبران خليل جبران) مع طلال درجاني وهو على كرسي متحرك. فالتمثيل كان شغفه الأكبر في الحياة، وبقي متفائلاً بالعودة إلى الساحة حتى نفسه الأخير».

تسرد كارولين ميلان حكايات وأخباراً كثيرة عن الفنان الراحل تقول، إنها لا تفي بكل المواصفات التي يتمتع بها. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستطيع تعدادها جميعها فهي كثيرة. ولكن أهمها هو أنه كان لا يحب الثرثرة ولا إعطاء رأي سّلبي عن أي شخصٍ أو عملٍ. كان رجلاً يتمتع بإنسانية عالية ومحباً للآخرين. لقد خسره من دون شك لبنان والعالم العربي، ويا ليتهم استفادوا من قدراته التمثيلية بشكل أوسع».

وتدرّج مسلسل «سر وقدر» المتوقع أن تعرضه شاشة «إل بي سي آي» قريباً، على لائحة الأعمال الدرامية المشوقة. وتضيف: إنه «من النوع الاجتماعي الرومانسي، يدور في أجواء الدراما الغامضة المليئة بالأسرار. يتألف من نحو 42 حلقة يتصاعد إيقاعها بشكل مثير جداً ابتداءً من حلقاته العشرين».

تصف الراحل إبراهيم بالممثل الذكي (كارولين ميلان)

تعدّ ميلان «سر وقدر» محطة إخراجية تفتخر بها، لما تطلبت من جهد وتعب. «كلُّ عمل يقدم عليه المخرج يراه الأفضل في مشواره. ولكن لـ(سر وقدر) مكانته خاصة، لأنه يأتي بعد غياب لي عن الشاشة. وبالنسبة لي هو كآخر حبة من العنقود، وأكن له الكثير من الحب. فالكاتبة فيفيان أنطونيوس عرفت كيف تقولب أحداثه بشكل يخطف الأنفاس. كما أن منتج العمل المخرج إيلي المعلوف لم يبخل على رصد ميزانية مالية أسهمت في تقديمه بصورة رفيعة المستوى. حتى أن أسلوبي في تصويره اعتمد تقنية جديدة، فأحرزت من خلاله بصمة مختلفة في إخراج أعمالي».

لكارولين ميلان تجربة طويلة في عالم الإخراج بينها درامي كما في «العائدة»، و«كلها مالحة»، و«الزاوية»، و«ابني» و«الينابيع». كما كان لها تجربة ناجحة سينمائياً في فيلم «زفافيان». وتشير في سياق حديثها بأن اللبناني بات مشتاقاً لمتابعة مسلسلات درامية محلية. «الناس كما الشّارع يفتقدان لتركيبة درامية بامتياز. وليس صحيحاً بأن هذه الأعمال لا تستطيع المنافسة في موسم رمضان. وهناك أمثلة كثيرة تناقض هذا الرأي وبينها أعمال لإيلي المعلوف وكارين رزق الله. وفي الماضي حقق مسلسل (العائدة) نجاحاً باهراً، وتصدر نسب المشاهدة في رمضان بدول عربية كثيرة منها سوريا وتونس والعراق. فالمسلسل اللبناني محبوب عند المشاهد العربي، ولكن المشكلة تكمن عند أصحاب شركات الإنتاج. فهي تتردد في القيام بخطوات مماثلة من باب عدم ثقتها بالعناصر الفنية اللبنانية ككل. وهو أمر يسهم في القضاء على الدراما اللبنانية».

مع فريق تصوير «سر وقدر»... (كارولين ميلان)

ترى ميلان أن الأعمال اللبنانية منذ مسلسل «العاصفة تهب مرتين» لشكري أنيس فاخوري، شهدت النهضة الحقيقية لها. وفتحت شهية المنتجين اللبنانيين لصناعة الأعمال الدرامية الطويلة. كما تجد بأن موضوعاتها تحاكي الغني والفقير وتعكس يوميات مجتمعاتنا. فهي لا تخاف على هذه الدراما من التراجع وتعدّها أساسية على الساحة العربية. كما ترفض مقولة أن المسلسلات اللبنانية تحمل الكثير من الأناقة والفخامة عكس واقع اللبناني. وتوضح: «يُعدّ اللبناني بشكل عام، شخصاً أنيقاً بتصرفاته وأزيائه وبطريقة تعامله مع الآخر. وهو ما يميزه عن غيره. وفي الشارع لا يمكننا التفريق بين مواطن متوسط الحال وفقير وثري، لأنهم جميعاً متشابهون. فنحن لا قصص شعبية عندنا نستوحيها من (الحارة) كما في الأعمال السورية. ولكننا في المقابل ننقل قصصاً من الشارع ومن قلب بيوت المحتاجين ومنازل الأثرياء. وهي جميعها تؤلف عناصر مجتمعنا اللبناني في الواقع».

وعندما نتطرق في الحوار معها إلى ما تفتقده اليوم على الشاشة، ترفع الصوت عالياً معلقة: «أكثر ما أفتقده هو غياب ممثلين نجوم ومخرجين وكتاب، عن الأعمال المختلطة. وأسأل أهم شركتي إنتاج من لبنان (الصبّاح) و(إيغل فيلمز)، لماذا يغيّبون أسماءً كبيرة من بين هؤلاء عن إنتاجاتهم؟ أين هو الممثل يوسف الخال، وسيرين عبد النور، وباميلا الكيك، ونادين الراسي وكثيرون غيرهم. بتنا بالكاد نراهم في صناعات مماثلة. والأسوأ هو أنهم يقدرون ويتلقون عروضاً تمثيلية من خارج لبنان». وتتابع متسائلة: «وأين هم المخرجون والكتاب اللبنانيون أمثال سمير حبشي، وكارولين ميلان، ومنى طايع وغيرهم. فهناك علامة استفهام كبيرة أرسمها حول هذا الموضوع. حتى أن الراحل فادي إبراهيم لم يستفيدوا من قدراته وإمكانياته على المستوى المطلوب».

مع الراحل فادي إبراهيم خلال تصوير «سر وقدر»... (كارولين ميلان)

وفي العودة الى مسلسل «سر وقدر» تشير إلى أن الدور الذي يجسده الراحل فادي إبراهيم خلاله كنائبٍ في البرلمان اللبناني هو محوري. «القصة بأكملها تدور حوله وسنراه يحضر في غالبية حلقات العمل. ومن خلال مشاهد تعتمد الـ(فلاش باك)، نكتشف معه الأسرار وحالات غموض تكتنف عائلته، التي تتألف من زوجته رهف عبد الله، ووالدته وفاء طربيه، التي ستلعب دور الأم (سيدة القصر) المكرمة جداً من قبل ابنها. ومن الممثلين المشاركين فيه أيضاً، بيتر سمعان ومجدي مشموشي وكاتيا كعدي».


مقالات ذات صلة

شجرة تاريخية في بريطانيا تُواجه الفأس

يوميات الشرق لا تستحق تذوُّق الفأس (حملة إنقاذ الشجرة)

شجرة تاريخية في بريطانيا تُواجه الفأس

لطالما كانت جميلة تثير الإعجاب ولا تستحقّ هذه المعاملة. إنها أقدم من المنازل، وأقدم كثيراً من ساحة رَكْن السيارات...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)

صفعات وضرب بالهواتف والمأكولات... بعض هدايا جمهور الحفلات إلى المغنِّين

بعد أن كان نجوم الغناء يُرمَون بالورود خلال حفلاتهم، باتوا يُرشَقون بالأغراض المؤذية التي تنتج عنها إصابات. ما خلفيَّة هذه الظاهرة المستجدة؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق خادم الحرمين الشريفين يفتتح أحد المعارض المقامة في الصالة (أرشيف محمد المنيف)

4 عقود على افتتاح أكبر صالة للفنون التشكيلية في الرياض

أربعون عاماً منذ افتتحت صالة الأمير فيصل بن فهد للفنون، أول صالة حكومية للفنون التشكيلية، أبوابها في الرياض لاحتضان حركة فنية بدأت تنمو مع رواد الفن السعوديين.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق طرق لندن هي الأكثر ازدحاماً في أوروبا حيث يقضي السائقون في العاصمة ما معدله 101 ساعة في الجلوس في حركة المرور (إ.ب.أ)

لندن تتصدر قائمة أكثر المدن ازدحاماً في أوروبا

تواصل لندن تصدرها لقائمة المدن الأكثر ازدحاماً في أوروبا، حيث يقضي السائقون فيها ما يقارب 101 ساعة سنوياً عالقين في الاختناقات المرورية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

وزارة الثقافة المصرية ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة» لتكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية»، وستشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذين رحلوا العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)
خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)
TT

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)
خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

في عودة للمسلسلات المأخوذة عن «فورمات» أجنبية، انطلق عرض مسلسل «سراب» المأخوذ عن رواية بعنوان «سبعة أنواع من الغموض» (Seven Types Of Ambiguity) للكاتب الأسترالي إليوت بيرلمان، التي حُوّلت مسلسلاً عُرض عام 2017، وحقّق نجاحاً لافتاً. وتدور أحداثه في قالبٍ من الغموض والإثارة، وهو ما يعوّل عليه بطل المسلسل المصري الفنان خالد النبوي، بمشاركة مجموعة كبيرة من الفنانين، من بينهم، يسرا اللوزي، ونجلاء بدر، ودياموند بوعبود، وأحمد مجدي، وهاني عادل، وأحمد وفيق، وإنجي المقدم، وسيناريو وحوار ورشة كتابة بإشراف المؤلف هشام هلال وإخراج أحمد خالد.

يؤدي خالد النبوي في المسلسل شخصية «طارق حسيب»، الذي يتمتّع بحاسة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحقُّقها، في حين تجسد يسرا اللوزي دور زوجته «الطبيبة ملك». يفاجأ الزوجان باختفاء طفلهما زين (7 سنوات) من مدرسته، ورغم عودته سالماً لوالديه، تتكشف لهما وقائع صادمة كثيرة؛ مما يقلب حياتهما الهادئة رأساً على عقب.

المسلسل تعرضه منصة «TOD» القطرية حصرياً في 10 حلقات ابتداءً من الثلاثاء، وقد عُرضت 3 حلقات منه، وحظي باهتمام لافتٍ منذ بثّ الإعلان الرسمي له، الذي أثار حالة تشوّق كبيرة من متابعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمشاهدته.

وأكد المؤلف هشام هلال، أن «المسلسل المصري لا يُقدّم نسخة مطابقة للمسلسل الأسترالي، بل يقدم معالجة مصرية خالصة، بحيث لا يمكن المشاهد أن يشكك في كونها عملاً غير مصري»، لافتاً إلى تولّيه الإشراف على فريق من الكتابة يضمّ 5 مؤلفين هم، محمود حسن، ومحمود شكري، وخالد شكري، ودعاء حلمي، وبسنت علاء. منوهاً إلى أن «المسلسل الأسترالي دارت أحداثه في 6 حلقات، في حين يُقدّم العمل المصري في 10 حلقات لإضافة شخصيات جديدة لأن الموضوع يسمح بذلك»، حسب قوله.

بوستر المسلسل (الشركة المنتجة)

ويشير هلال إلى اختلاف طريقة السّرد الدرامي في الحلقات قائلاً: «اتبعنا أسلوباً غير سائدٍ في كتابة الأعمال الدرامية، لم يعتده المُتفرج المصري والعربي؛ إذ تتناول كلّ حلقة شخصية من الشخصيات التسع الرئيسية، في حين تجمعهم الحلقة العاشرة والأخيرة. كما أن المخرج أحمد خالد يُقدم أسلوباً مغايراً ينتقل خلاله بين الزمن الحالي والأزمنة السابقة التي وقعت فيها أحداث في المسلسل».

من جانبه، قال الناقد الفني محمد عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»: إن «الحلقات الثلاث الأولى من المسلسل تمتّعت بمستوى عالٍ من التّشويق، خصوصاً بعد العثور سريعاً على الطفل المفقود، بشكل يجعل علامات الاستفهام أكبر، وفي اتجاه غير معتادٍ درامياً، فبدلاً من السؤال عن مكان الطفل، بات البحث عمّا حدث في ماضي الأبطال للوصول إلى لحظة اختفائه».

الفنان أحمد مجدي خلال تصوير المسلسل (الشركة المنتجة)

ويرى عبد الرحمن أن أداء الممثلين في «سراب» جيّدٌ واحترافي، وأن خالد النبوي يقدم شخصية «طارق» بتركيزٍ واضح بجانب الاهتمام بتفاصيل الشخصيات نفسياً، وهو أمر يُحسب لورشة الكتابة بإشراف هشام هلال، وللمخرج أحمد خالد أيضاً، الذي حرص على توفير إيقاع سريع للأحداث، واستغلال كل أحجام الكادرات للتعبير الدرامي عن التفاصيل، مثل مشهد وصول «النبوي» إلى مقرّ عمله، وتقسيم جسده إلى كادرات تعكس ثراءه الشديد وثقته بنفسه.