تراث المطبخ السعودي يتطلع لنمو قطاع الأغذية واقتحام الأسواق العالمية

«مهرجان الوليمة» يحتفي بتنوع ثقافة الأكل السعودية وفرص تطويرها

تجربة فريدة لتأصيل واستدامة المطبخ السعودي بمختلف الأكلات من كافة مناطق المملكة على يد طهاة محليين وعالميين (وزارة الثقافة)
تجربة فريدة لتأصيل واستدامة المطبخ السعودي بمختلف الأكلات من كافة مناطق المملكة على يد طهاة محليين وعالميين (وزارة الثقافة)
TT

تراث المطبخ السعودي يتطلع لنمو قطاع الأغذية واقتحام الأسواق العالمية

تجربة فريدة لتأصيل واستدامة المطبخ السعودي بمختلف الأكلات من كافة مناطق المملكة على يد طهاة محليين وعالميين (وزارة الثقافة)
تجربة فريدة لتأصيل واستدامة المطبخ السعودي بمختلف الأكلات من كافة مناطق المملكة على يد طهاة محليين وعالميين (وزارة الثقافة)

يلقي مهرجان الوليمة للطعام السعودي، الذي انطلق في مدينة الرياض، بوصفه الأضخم من نوعه في الشرق الأوسط، الضوء على تراث المطبخ السعودي بتنوعه وغناه، وعلى فرص نمو قطاع المطاعم والأغذية وتقديم أنواع فريدة من الأطباق السعودية إلى العالمية من خلال مشاريع لتطويرها ومنتجات تدمج بين أصالة المكونات وعصرنة التحديثات.

وأطلقت هيئة فنون الطهي، النسخة الثالثة من مهرجان «الوليمة» للطعام السعودي، الذي يستمر على مدى 10 أيام متتالية في حرم جامعة الملك سعود بمدينة الرياض، ويقدم لزواره تجربة فريدة لتأصيل واستدامة المطبخ السعودي بمختلف الأكلات من جميع مناطق المملكة على يد طهاة محليين وعالميين، بالإضافة إلى برنامج متنوع من الأنشطة الترفيهية والثقافية والتعليمية لجميع الأعمار وسط أجواء الشتاء التي تشهدها العاصمة السعودية.

ويساهم المهرجان، في تقديم الثقافة السعودية وقيمها محلياً وعالمياً، وبناء منصة تجمع المهتمين بمجال الأطعمة، للتعريف بثقافة وتراث الأطعمة المحلية، وتقديم المملكة بوصفها وجهة عالمية لعشاق الطهي، وتذوق الأطعمة، بالإضافة إلى إثراء المجتمع السعودي بالفرص الواعدة في هذا المجال، وسبل استدامتها، وإبراز جهود الاهتمام بالطعام بوصفه أحد الموروثات الوطنية الأصيلة، وتشجيع رواد ورائدات الأعمال المهتمين بمجال الأطعمة لتحويل هواياتهم في هذا المجال إلى مشاريع تجارية ناجحة في قطاع واعد متطلع للمنافسة عالمياً.

يلبي المهرجان عبر 13 منطقةً جميع الأذواق والاهتمامات لمختلف الفئات (وزارة الثقافة)

استدامة الطعام مسؤولية مشتركة

ويشهد المهرجان عقد ندوات حوارية تتعلق بمستقبل قطاع الأغذية والمطاعم، يشارك فيها خبراء ومتخصصون من مختلف دول العالم، وخلال ندوة حوارية حول استدامة الطعام، قال البروفيسور غدير الشمري، الأستاذ بقسم علوم الأغذية وتغذية الإنسان بجامعة الملك سعود، إن العالم بحاجة إلى المزيد من مبادرات تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي والحفاظ على إمدادات الغذاء، ومواجهة تحديات التغير المناخي وندرة الموارد المائية، للإسهام في تحقيق الاستدامة الغذائية.

وأضاف الشمري، أن المملكة تخسر ما يقدر بأربعين بالمائة سنوياً بسبب الهدر الغذائي، وهو ما يؤثر على البيئة والاقتصاد معاً، مشيراً إلى أن الهدر الغذائي يعد من أهم معوقات الاستدامة، وأن جهوداً محلية ودولية بدأت للحد من مستويات الهدر بنسبة 50 بالمائة، لافتاً إلى أن العناصر المهمة لنجاح تلك الجهود تعود إلى زيادة الوعي لدى المجتمعات، ومعالجة السلوكيات والعادات التي تتسبب في مستويات مرتفعة من الهدر.

ودعا المشاركون في الندوة إلى أهمية وضع تشريعات وتقديم حلول واقعية للحد من الهدر وتعزيز جهود الاستدامة، مؤكدين على فداحة مستويات الهدر عالمياً، وتأثيراتها على البيئة والاقتصاد وخطط التنمية الشاملة، موضحين أن استمرار الهدر بهذا المستوى من الارتفاع والتزايد، يمثل تهديداً صارخاً للأجيال المقبلة، ويضعها أمام اختبار الأمن الغذائي واستدامة الطعام والسلم الاجتماعي.

يساهم المهرجان في تقديم الثقافة السعودية وقيمها محلياً وعالمياً وبناء منصة تجمع المهتمين بمجال الأطعمة (وزارة الثقافة)

المطبخ السعودي مرشح للعالمية

وقال الدكتور إبراهيم الصيني، نائب رئيس اللجنة الوطنية للإمداد الغذائي والتموين والإعاشة باتحاد الغرف السعودية، إن مفهوم ثقافة الطعام مهم، لا سيما في المطبخ السعودي الذي يتميز بتنوع وثراء وغنى، مشيراً إلى أن السوق المحلية متشبعة بمنتجات المطابخ العالمية، غير أن المنتجات المحلية لا يزال حضورها ضعيفاً، والفرصة فيها واسعة والحاجة لمنتجات منافسة قائمة، داعياً رواد ورائدات الأعمال إلى الاستثمار في هذا القطاع والاستفادة من آلاف الأطباق والوجبات التي يملكها المطبخ السعودي، وتنتظر من يقودها إلى المنافسة العالمية.

وتحدث الدكتور الصيني خلال ندوة بشأن شروط إطلاق منتج مثالي إلى سوق المستهلكين، عن شروط تحويل المنتجات من طابعها المحلي للوصول إلى العالمية واستهداف المستهلكين خارج حدود المحلية، وأورد أن الانفتاح الذي تشهده السعودية يعطي فرصة للتوسع بالمنتجات المحلية إلى الخارج، مستشهداً بتجارب ناجحة قدمت الطبق السعودي بطريقة حديثة ومعاصرة دون تأثير على مكوناته الأصلية، مؤكداً أن بعض اللمسات الإبداعية، والمزج بين الأصالة والثقافة التقليدية، مع طرق تقديم عصرية، ستساعد في إعادة تصدير المنتجات والأطباق من المحلية إلى جمهور عالمي أوسع.

مهرجان «الوليمة» للطعام السعودي يعد الأضخم من نوعه في الشرق الأوسط (وزارة الثقافة)

13 منطقة لإثراء تجربة الزائر

المهرجان يلبي عبر 13 منطقةً جميع الأذواق والاهتمامات لمختلف الفئات، إضافةً إلى منطقة الدولة المشارِكة (اليونان)، التي تستعرض من خلالها ثقافتها في مجال الطهي، ومنتجاتها وأطباقها التقليدية. وتمثل منطقة تراث فن الطهي إحدى أهم المناطق، وتنقسم إلى 5 أقسام تمثل مختلف مناطق المملكة، للتعريف بتراثها وهويتها وأطباقها، وتتضمن العروض الأدائية، وعروض الطهي، وفعالية الطهي المباشر والحِرفيات.

ويتيح معرض الزيتون، التعرف على أنواع الزيتون المزروعة بالمملكة، والتعريف بها منذ بداية تكوينها، وتاريخها، وعلاقتها بالتراث السعودي. وفي منطقة الأعمال والشراكات تعقد جلسات التواصل، واستقطاب الجامعات، وتوقيع الاتفاقيات، والحال نفسه في منطقة ورش العمل التي تعقد فيها نحو 30 ورشة عمل في 3 محطات مختلفة تشمل المخبوزات، والطهي العام، وتحضير المشروبات، بمشاركة متخصصين موهوبين في فنون الطهي، مع توفر فرص الترويج للمؤسسات الرائدة، ولقاء أمهر الشخصيات المحلية والعالمية، وتعلّم أساسيات الطهي وأسراره بشكلٍ عملي.

يشهد المهرجان عقد ندوات حوارية تتعلق بمستقبل قطاع الأغذية والمطاعم بمشاركة خبراء ومتخصصين من مختلف دول العالم (وزارة الثقافة)

وجهّز المهرجان منطقة العروض المسرحية بأحدث تقنيات الضوء والصوت، لتُقدِّم حفلاتٍ فنيةً بين الغناء والعزف على مختلف الآلات الموسيقية، بالإضافة إلى العروض الأدائية، والبرامج الثقافية، والجلسات الحوارية مع خبراء الطهي، في حين تُقدِّم منطقة الأطفال ورش عمل خاصة بالمطبخ السعودي، وركنَ حكايات جدتي، ومنطقة الحظيرة، والمزرعة التقليدية، إلى جانب مناطق المهرجان الأخرى مثل منطقة المطاعم والمتجر والمسابقات والمائدة، وأخيراً منطقة الجورميه التي يُقام فيها حفل جوائز «جورماند»، وهي المسابقة الدولية الوحيدة لمحتوى الثقافة الغذائية.


مقالات ذات صلة

مناطيد الهواء الساخن تُزيِّن سماء النيبال

يوميات الشرق لوحة ألوان زاهية (أ.ف.ب)

مناطيد الهواء الساخن تُزيِّن سماء النيبال

أطلقت بوخارا أول مهرجان لمناطيد الهواء الساخن يُقام في النيبال، إذ تحوّلت سماء المدينة لوحةً من الألوان الزاهية ضمن مشهد شكّلت ثلوج قمم «هملايا» خلفيته.

«الشرق الأوسط» (بوخارا (النيبال))
يوميات الشرق حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي (وزارة الثقافة)

«بين ثقافتين» التقاء الثقافتين السعودية والعراقية في الرياض

يقدم مهرجان «بين ثقافتين» الذي أطلقته وزارة الثقافة في مدينة الرياض، رحلة ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)

الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

عُرض «شرق 12» في السعودية والبرازيل وأستراليا والهند وشاهده جمهور واسع، ما تراه هالة القوصي غاية السينما، كونها تملك هذه القدرة لتسافر وتتفاعل مع مختلف الثقافات

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

فازت السينما المصرية بـ3 جوائز في ختام الدورة الـ35 لـ«أيام قرطاج السينمائية» التي أقيمت مساء السبت على مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة بتونس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق إيمان العاصي خلال تكريمها بمهرجان «THE BEST» (حساب المهرجان بـ«فيسبوك»)

مصر: مهرجانات خاصة للتكريمات الفنية والإعلامية تنتعش مع نهاية العام

شهدت مصر خلال الأيام الماضية انتعاشة لافتة في تنظيم المهرجانات الخاصة المعنية بالتكريمات الفنية والإعلامية، أهمها «The Best»، و«آمال العمدة ومفيد فوزي».

داليا ماهر (القاهرة )

عامٌ من الاحتفالات بمئوية منصور الرحباني «الشاعر النادر»

منصور الرحباني ترك روائعه قبل الرحيل (أرشيف مروان وغدي الرحباني)
منصور الرحباني ترك روائعه قبل الرحيل (أرشيف مروان وغدي الرحباني)
TT

عامٌ من الاحتفالات بمئوية منصور الرحباني «الشاعر النادر»

منصور الرحباني ترك روائعه قبل الرحيل (أرشيف مروان وغدي الرحباني)
منصور الرحباني ترك روائعه قبل الرحيل (أرشيف مروان وغدي الرحباني)

يحتفي لبنان، السنة المقبلة، بمرور 100 عام على ولادة الكبير منصور الرحباني (1925 - 2025). بهذه المناسبة، أُعلن عن برنامج يستمرّ طوال العام، يشمل أنشطة عدّة؛ من بينها عرض عدد من مسرحياته المصوَّرة في مراكز ثقافية، منها في طرابلس (مركز الصفدي)، وبيروت (المركز الثقافي الفرنسي)، وزحلة (مركز البلدية)، وعجلتون (المركز الثقافي البلدي)، بالإضافة إلى مراكز ثقافية في مناطق أخرى من لبنان.

وأعلن عن البرنامج كاملاً في ندوة صحافية نظَّمتها «لجنة مئوية منصور الرحباني»، أدارها الشاعر هنري زغيب، بحضور أولاد منصور؛ مروان وغدي وأسامة الرحباني، وذلك في «مسرح الأخوين رحباني» بكنيسة مار إلياس - أنطلياس.

«زهرة المدائن» كتبها منصور

كان لبنان قد احتفل عام 2023 بمئوية عاصي الرحباني. وشرح زغيب في الندوة أنه وقد حانت مئوية منصور، فقد «تنادى أبناؤه مروان وغدي وأسامة، وفاءً لذكراه، وشاركوني أمر الاحتفال بمئوية ولادته في أنطلياس يوم 17 مارس (آذار) 1925. وها نحن اليوم، نتيجة اجتماعات متتالية لبرمجة المئوية، نعلن بعض الأنشطة التي هيّأناها طوال 2025، إِلى برامج أخرى في مرحلة التحضير».

كان زغيب قد رافق منصور الرحباني، مما أتاح له التعرُّف إليه وإلى أعماله وشخصيته من قرب. يرى فيه شاعراً كبيراً لا يقلّ مستوى شعره أبداً عن شعر الكبار في لبنان. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «بدليل أنّ كثيرين أحياناً يخلطون بين شعره وشعر سعيد عقل الذي نسبوا إليه قصائد ذاعت مثل (خذني بعينيك واهرب أيها القمر)، أو (زهرة المدائن)، أو (يا شام عاد الصيف متئداً وعاد بي الجناح)، وقصائد أخرى... في حين هي لمنصور. هذا لأقول إنّ قصائد منصور جديرة بالدراسة كما قصائد أي شاعر لبناني كبير».

إنها واحدة من مفاجآت المئوية؛ فهذه القصائد غالباً ما نُسبت لسعيد عقل أو للأخوين معاً. أنْ يُخبرنا هنري زغيب المُقرَّب من منصور وأولاده بهذا الخبر، فهو أمر قد يثير أخذاً ورداً في مقبل الأيام. أما سبَّب ذاك الخلط كما يشرحه زغيب، فهو أنّ «شعر الأخوين رحباني العالي المستوى أخذ اللحن فيه من وهج الشعر، وجاء صوت فيروز حاملاً الشعر واللحن إلى مدى أبعد، فخَفُت نوعاً ما وهج الشعر في الذاكرة الجماعية».

عاصي ومنصور الرحباني اسمان للتاريخ (وسائل التواصل)

كتبٌ تبصر النور

من خلال برنامج المئوية، سيتعرّف الجمهور أكثر على شعر منصور مكتوباً، إذ ستصدر دواوينه على مدار الأشهر المقبلة؛ وهي: «أنا الغريب الآخر»، و«أسافر وحدي ملِكاً»، و«القصور المائية»، و«بحَّار الشتي»، و«الأولى القصائد»... وكلها لدى «منشورات سائر المشرق».

على أي حال، يبقى الفصل بين الأخوين رحباني رغم مرور العقود، عصياً. فلم يكن فراق عاصي بالسهل على منصور، ويصفه زغيب بأنه كان حدثاً «صاعقاً». وإكمال المسيرة الفنّية وحيداً، لم يستسغه منصور بسهولة. «فهو منذ انفجار دماغ عاصي (سبتمبر/ أيلول 1972)، تولّى المواصلة وحده؛ يكتب ويلحّن باسم (الأخوين) حتى إذا عاد عاصي إلى العمل الإبداعي، تابع يتقاسم معه الأعمال كالعادة. وبعد غياب عاصي (يونيو/ حزيران 1986)، شعر بالفراغ الكبير، ونذر أن يكمل وفي قلبه نبض عاصي».

مخططات لمسرحيات طيّ الأدراج

يروي لنا الشاعر هنري زغيب حادثتين كان شاهداً بنفسه عليهما: الأولى حين كان يجلس زغيب إليه ليدوّن سيرة الأخوين التي أصدرها في كتابه «طريق النحل» (2000)، وطبعة ثانية بعنوان «في رحاب الأخوين رحباني» (2012). ويضيف: «كان دائماً يقول لي: (كتبنا)، (لحَّنا)، (قدَّمنا)، (هيأْنا)... دائماً بصيغة الجمع (هو وعاصي). ومرتين خلال أحاديثنا توقّف عن الكلام تأَثّراً. كان يتحدّث عن عاصي بصيغة الحاضر حتى كنت أشعر أنه سيدّق الباب ويدخل علينا».

أما الحادثة الأخرى، فوقعت يوم مأتم عاصي، إذ يقول: «في حين كان الشباب يُدخلون نعش عاصي في الضريح، التفت وقال لي: (إنكم الآن تدفنون مع عاصي نصف منصور). وحدها هذه العبارة تختصر ما تركه غيابه في قلبه».

وحين نستفسر عما إذا كانت ثمة تركة فنية لمنصور لا تزال طيَّ الأدراج، ولا نعرفها بعد، يجيب: «لمنصور مخططات ومختصرات لأعمال مسرحية كان ينوي إنجازها، وهي باقية بين أوراقه. ليس في علمي أن لديه غير ذلك شعرياً أو مسرحياً».

ندوتان تبحثان في كنوز منصور

رحل عاصي عام 1986، وبذلك انطوت مرحلة «الأخوين رحباني» التي أنتجت على مدار ثلث قرن تراثاً فنّياً فريداً من الأَعمال الخالدة. بعدها، أكمل منصور وحده نسْج تراثه الرحباني لما يقارب ربع قرن من الكتابة والأعمال الفنّية، من بينها 11 مسرحية، والقداس الماروني، وحلقات تلفزيونية، وأغنيات منفردة، و5 كتب شعرية؛ فكان حتى غيابه عام 2009 ورشة فنّية متواصلة في دأْب عجيب على الإبداع شعراً وموسيقى ونتاجاً لا يهدأ.

وستُبرز احتفالات المئوية غنى هذا المسار الذي قطعه منصور شراكةً مع عاصي، أو منفرداً بعد رحيل الأخير، من خلال الأنشطة؛ من ضمنها ندوتان: الأولى في جلستَين يوم 25 يناير (كانون الثاني) لدى الصالون الأدبي في «معهد فيلوكاليا» بمنطقة عينطورة، يتحدَّث فيهما كلٌّ من الأخت مارانا سعد افتتاحاً، والصحافي رفيق خوري، والشاعر سهيل مطر، والأب يوحنا جحا، والفنان غسان صليبا.

وثانية في جلستين، يستضيفها «مركز التراث اللبناني» في «الجامعة اللبنانية الأميركية»، يوم 17 مارس، يتحدَّث فيهما كلٌّ من الدكتور فيليب سالم (من هيوستن)، والإِعلامية وردة زامل، والأب الدكتور بديع الحاج، والشاعر عبد الغني طليس، والدكتور ناجي قزيلي.

ويتضمَّن برنامج المئوية إِعداد مجموعة حلقات تلفزيونية وبثّها عبر محطات لبنانية وعربية تتحدّث عن منصور وأَعماله. وستُصدر وزارة التربية تعميماً على المدارس الرسمية لتشارك في برامج عن الأخوين رحباني وعن منصور. وخلال «المهرجان اللبناني للكتاب»، في مارس، تُقام ندوة شعرية خاصة بصاحب المئوية.

منصور الرحباني إرثٌ خالد

كتَبَ حتى الرمق الأخير

ولمَن يودّ متابعة سير البرامج والإِعلان عن الآتي منها خلال سنة المئوية، بإمكانه العودة إلى صفحة «يوتيوب» ستنشأ لهذا الغرض باسم «منصور الرحباني». كما سيُطلق «أوراتوريو سمفوني» مع غناء كورالي ومنفرد من تأليف أسامة الرحباني موسيقياً، لقصائد منصور في كتابه «أُسافر وحدي ملِكاً»، على أن يصدر «الأوراتوريو» أيضاً على أسطوانة مدمجة.

وبقي منصور يكتب حتى أيامه الأخيرة، فيروي زغيب: «لا أزال أذكر آخر لقاء لي معه في بيته عشية الميلاد، حين أسمعني قصيدة جديدة كان فرغ من كتابتها. في نهاية السهرة، وكنا وحدنا، أوصاني بأولاده، شاعراً بأن دخوله المستشفى بعد يومين سيكون الأخير. وهكذا كان (توفي 13 يناير 2009). فقدتُ به صديقاً نادراً وشاعراً نادراً».