«بين ثقافتين» التقاء الثقافتين السعودية والعراقية في الرياض

حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي (وزارة الثقافة)
حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي (وزارة الثقافة)
TT

«بين ثقافتين» التقاء الثقافتين السعودية والعراقية في الرياض

حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي (وزارة الثقافة)
حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي (وزارة الثقافة)

يقدم مهرجان «بين ثقافتين» الذي أطلقته وزارة الثقافة في مدينة الرياض، رحلة ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة، والسمعية في أجواءٍ غامرة تدفع الزائر إلى التفاعل والاستمتاع بثقافتي السعودية والعراق، وذلك عبر 4 أقسامٍ رئيسية، تضم معرضاً فنياً، ومحاكاة لشارع المتنبي بروحه الثقافية وأبعاده الاجتماعية المزدهرة، وجناح «مقام النغم» الذي يضجّ بعطاء فنانين من البلدين، و«درب الوصل» الذي يحتفي بتراث المجتمعين وتنوعهما.

يعد «شارع المتنبي» أحد الرموز الثقافية البارزة للعاصمة العراقية بغداد (وزارة الثقافة)

نجل الشاعر كريم العراقي يتسلم درع التكريم (وزارة الثقافة)

100 عمل فني للرواد

وفي المعرض الفني للمهرجان، يعكس أكثر من 100 عمل فني لكبار الفنانين السعوديين والعراقيين، التشابه الثقافي العميق بين السعودية والعراق، وتسلّط التجربة البصرية الغنية للمعرض، الضوء على محطات تاريخية بارزة مستندة إلى أبحاث موثوقة، تشمل مختلف القطاعات الثقافية مما يعكس تنوعاً ثقافياً أنيقاً، وإبداعاً متقناً في فضاءٍ مُنسجم.

وفي «المضيف» أحد أجنحة المعرض بتصميمه التقليدي المبني من القصب، وما يمثّله من رمزية اجتماعية وثقافية راسخة في الحياة العراقية، يجسّد مسار «حوار بين حضارتين»، تاريخ الدولتين السعودية والعراقية، ومدى تأصل العلاقات الثقافية والاجتماعية المترابطة بينهما على مر العصور.

ويشكل جناح «درب زبيدة» في المهرجان، نافذة تُطل على تاريخ هذا الطريق، أحد أبرز المعالم التراثية في الجزيرة العربية، واستعراض حكايات القوافل التجارية والحجاج، مقدماً لمحة عن دوره كمحور اقتصادي وثقافي يربط بين الكوفة ومكة المكرمة.

ومن بين أقسام المهرجان، تعكس منطقة الأزياء التقليدية السعودية والعراقية بتفاصيلها الدقيقة، التنوع الثقافي لكل دولة، سواء الأزياء السعودية مثل البشت والعباءة، جمال التقاليد والهوية، أو الأزياء العراقية، مثل الثياب المطرّزة وأثواب القصب، وما تضمه من تراث عريق ورمزية اجتماعية لسكان العراق.

يُظهر المهرجان القواسم المشتركة بين الثقافتين السعودية والعراقية (وزارة الثقافة)

الفنانان عبادي الجوهر ونصير شمة خلال عرضهما المشترك في المهرجان (وزارة الثقافة)

المتنبي من بغداد إلى الرياض

أما «شارع المتنبي» الذي يُعد أحد الرموز الثقافية البارزة للعاصمة العراقية بغداد، فقد تم تجسيده في مهرجان «بين ثقافتين» بمحاكاة مميزة، تنقل الأجواء الثقافية الغنية لشارع المتنبي من بغداد إلى الرياض.

وفي «شارع المتنبي»، تلفت جدارية الخط العربي بين ثقافتين انتباه الزوار، بالإضافة إلى قصائد المتنبي، ومقهى الشابندر، التي تعكس مجتمعة الأجواء الأدبية والثقافية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب؛ حيث يستمتع الزوّار بالتجول بين دور النشر والزوايا الثقافية التي تعرض كتباً ومخطوطات نادرة، إلى جانب الندوات التي تناقش موضوعات ثقافية وفكرية متعلقة بتاريخ البلدين، وتستكمل تجربة الزائر بعزفٍ موسيقيٍ حي في الشارع.

جملة من الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية لتعزيز أواصر التعاون الثقافي بين المملكة والعراق (وزارة الثقافة)

تكريم الفنان العراقي سعدون جابر (وزارة الثقافة)

وفي القسم الثالث، «مقام النغم والأصالة» يستضيف المسرح حفلات فنية كلاسيكيةٍ تُناسب أجواء الحدث، وسط مشاركة لأبرز الفنانين السعوديين والعراقيين، مع تكريم عدد من الفنانين تقديراً لإسهاماتهم في إثراء الساحة الفنية والثقافية، بدأت بتكريم الفنان سعدون جابر والشاعر الراحل كريم العراقي في لفتة عكست التقدير للإبداع العراقي، وتعزز الروابط الثقافية بين الشعوب وتكرّم إرث المبدعين.

واستضاف المهرجان، السبت، حواراً ثقافياً سعودياً عراقياً في المجال الموسيقي كشف عن أوجه التلاقي التي تجمع الثقافتين العريقتين في البلدين الشقيقين، وذلك ضمن أنشطة المهرجان المقام في بوليفارد الرياض. وشارك في هذا الحوار الفنان السعودي عبادي الجوهر، والفنان العراقي نصير شمة في أمسية قدما خلالها إبداعات موسيقية.

وفي القسم الرابع، «درب الوصل» يستعرض القسم مجالات منوعة في الثقافة السعودية والعراقية تثري تجربة الزائر، وتُعرّفه بمقومات الثقافتين من خلال منطقة الطفل المميزة بطابعٍ حيويٍ وإبداعيٍ بألوان تُناسب الفئة المستهدفة، يستمتعون فيها بألعاب تراثية تعكس الثقافة السعودية والعراقية، وتتنوع الأنشطة بين الفنون، والحِرف اليدوية، ورواية القصص بطريقةٍ تفاعلية مما يُرسّخ التعلّم والمرح، وفي منطقة المطاعم التي تُقدّم تجربة فريدة تجمع بين النكهات السعودية والعراقية؛ لتعكس الموروث الثقافي والمذاق الأصيل للبلدين، ويستمتع فيها الزائر بتذوّق أطباق تراثية تُمثّل جزءاً من هوية وثقافة كل دولة، والمقاهي التي توفّر تشكيلة واسعة من المشروبات الساخنة والباردة بما فيها القهوة السعودية المميزة بنكهة الهيل، والشاي العراقي بنكهته التقليدية مما يُجسّد روح الضيافة العربية الأصيلة.

يوفر المهرجان فرصة لاستكشاف الثقافة العراقية وعلاماتها الإبداعية المميزة (وزارة الثقافة)

تجدر الإشارة إلى أن مهرجان «بين ثقافتين» الذي تُنظّمه وزارة الثقافة السعودية حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يهدف إلى إظهار القواسم المشتركة بين الثقافتين السعودية والعراقية عبر جملة من الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية وذلك بهدف تعزيز أواصر التعاون الثقافي بين المملكة والعراق، وتوفير الفرصة لاستكشاف الثقافة العراقية وعلاماتها الإبداعية المميزة.


مقالات ذات صلة

السعودية تعزز مرونة الرعاية الصحية من خلال إنتاج الإنسولين المحلي

عالم الاعمال السعودية تعزز مرونة الرعاية الصحية من خلال إنتاج الإنسولين المحلي

السعودية تعزز مرونة الرعاية الصحية من خلال إنتاج الإنسولين المحلي

يشهد قطاع الرعاية الصحية في السعودية تحولاً كبيراً بما يتماشى مع «رؤية 2030»، مع التركيز القوي على توطين إنتاج الأدوية.

يوميات الشرق تستهدف السعودية زراعة أكثر من 100 مليون شجرة مانجروف (واس)

المانجروف والسواحل السعودية... جهود متواصلة لزراعة 100 مليون شجرة

برزت عدة حملات لزراعة أكثر من 10 آلاف شتلة على سواحل 5 مناطق في السعودية، تزامناً مع اليوم العالمي للأراضي الرطبة، بمشاركة لافتة من قبل المتطوعين.

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق 30 فناناً من 23 دولة شاركوا في النسخة السادسة من طويق للنحت (الرياض آرت)

«معرض طويق للنحت» يروي قصصاً منحوتة على أحجار من السعودية

أنجز ثلاثون فناناً من داخل السعودية وخارجها أعمالهم في النسخة السادسة من «ملتقى طويق الدولي للنحت 2025»، التي انطلقت منتصف يناير الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير محمد بن سلمان مترئساً جلسة مجلس الوزراء في الرياض الثلاثاء (واس)

رفض سعودي قاطع لتصريحات إسرائيل المتطرفة بشأن تهجير الفلسطينيين

أعربت السعودية، الثلاثاء، عن رفضها القاطع للتصريحات الإسرائيلية المتطرفة بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مشددةً على مركزية القضية الفلسطينية لديها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تشارك القوات البحرية السعودية في التمرين بسفن «جلالة الملك» (الشرق الأوسط)

القوات البحرية السعودية تشارك في تمرين «نسيم البحر 15»

تشارك القوات البحرية الملكية السعودية في التمرين الثنائي المختلط «نسيم البحر 15» مع «القوات الباكستانية» في بحر العرب، لتعزيز العلاقات والتعاون العسكري بينهما.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مواقع التواصل الاجتماعي تخلق أطفالاً بائسين

مواقع التواصل جعلت الأطفال تعساء وبائسين (رويترز)
مواقع التواصل جعلت الأطفال تعساء وبائسين (رويترز)
TT

مواقع التواصل الاجتماعي تخلق أطفالاً بائسين

مواقع التواصل جعلت الأطفال تعساء وبائسين (رويترز)
مواقع التواصل جعلت الأطفال تعساء وبائسين (رويترز)

يشعر الكثير من الأطفال اليوم بأن العالم ينهار من حولهم بسبب الأحداث المضطربة التي تقع كل يوم، حيث وصل القلق بشأن المستقبل إلى مستويات غير مسبوقة، وخاصة بين الأجيال الأصغر سنا.

ويرجع السبب في هذه المشكلة إلى حد كبير إلى الاستخدام المتزايد لمواقع التواصل الاجتماعي، بحسب ما أكده الدكتور غوردان غروميت أستاذ علم النفس في جامعة ميشيغان لموقع «سايكولوجي توداي».

وقال غروميت إنه، بالإضافة لزيادة مشاعر القلق بين الأطفال بشأن الأحداث الجارية، فقد جعلت مواقع التواصل الأطفال تعساء وبائسين بطرق أكثر عمقا، وعززت المشاعر السلبية لديهم، والتي من ضمنها عدم وجود هدف محدد لهم في الحياة.

فقدان الهدف والطموح

يقول غروميت: «لم يعد أطفالنا اليوم جزءاً من المجتمعات المترابطة التي كانت تمنحنا قديماً شعوراً بالهدف والاتجاه. وبدلاً من ذلك، يكافح الكثيرون ما أسميه (فراغ الهدف) حيث يتعرض الأطفال لسيل من المحتوى المصمم لبيع أسلوب حياة محدد لهم بزعم أنه (أسلوب الحياة المثالي)، وأصبح من الصعب عليهم أكثر من أي وقت مضى إنجاز أي شيء أو تحديد هدف أو طموح خاص بهم في الحياة».

يتعرض الأطفال لسيل من المحتوى المصمم لبيع أسلوب حياة محدد لهم (أرشيفية - رويترز)

تراجع الانتماء الديني

أبرزت دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث في عام 2023 اتجاهاً مثيراً للقلق بين الأطفال والمراهقين نتيجة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وهو انخفاض الانتماء الديني بشكل مطرد.

وعلى مدار العشرين عاماً الماضية، أصبح المزيد والمزيد من المراهقين والأطفال الصغار يعتبرون أنفسهم «لا ينتمون إلى أي دين»، وذلك بتشجيع من مجموعات وصفحات مواقع التواصل.

ويقول غروميت: «إن هذا الافتقار إلى الارتباط بالدين يترك العديد من الأطفال من دون الأرضية الثابتة التي اعتمدت عليها الأجيال السابقة لمواجهة تحديات الحياة».

أزمة الصحة العقلية

أصبحت الصحة العقلية للأطفال والمراهقين مصدر قلق كبير في مختلف الدول.

وفي السنوات الأخيرة، ازدادت نسبة الأطفال الذين تم تشخيص إصابتهم بالقلق والاكتئاب بشكل كبير حيث تزايد الشعور بالضيق بينهم بشكل كبير.

وأظهرت إحدى الدراسات التي أجريت على 555 من طلاب الجامعات أن استراحة لمدة أسبوع واحد من وسائل التواصل الاجتماعي قلّلت بشكل كبير من مستويات التوتر، خاصة بين الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط.

كما كشفت دراسة بحثية أخرى أجريت عام 2022 على فتيات، تتراوح أعمارهن بين 10 و19 عاماً، أن التوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمدة 3 أيام فقط قلّل بشكل كبير من مراقبتهن لأجسادهن فيما يتعلق مثلاً بالخجل من شكل أجسادهن أو ملاءمة الملابس لهن.

كيف نتصدى لهذه المشكلة؟

في حين لا يوجد حل واحد يناسب الجميع، فإن الحد من وقت الشاشة والتحكم في المحتوى الذي يتعرض له الأطفال يمكن أن يقطع شوطاً طويلاً في مساعدتهم على إعادة الاتصال بأنفسهم والإحساس بالهدف.

وتظهر الأبحاث أن الحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤدي بالفعل إلى تحسين الإحساس بالرضا عن الحياة.

وأفادت إحدى الدراسات التي أجريت على 230 طالباً جامعياً أن المشاركين الذين حدّوا من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى 30 دقيقة فقط في اليوم لمدة أسبوعين، عانوا بشكل أقل بكثير من الاكتئاب والوحدة والقلق والخوف من تفويت شيء ما، في حين زادت مشاعرهم الإيجابية.