دراسة: المصابون بالتوحد المفتقرون للدعم أكثر عُرضة لـ«الوفاة المبكرة»

الإحاطة تجعلهم يعيشون حياة طويلة وصحية

التوحد يؤثر في كيفية تعامل الشخص مع الآخرين (موقع آي ستوك)
التوحد يؤثر في كيفية تعامل الشخص مع الآخرين (موقع آي ستوك)
TT

دراسة: المصابون بالتوحد المفتقرون للدعم أكثر عُرضة لـ«الوفاة المبكرة»

التوحد يؤثر في كيفية تعامل الشخص مع الآخرين (موقع آي ستوك)
التوحد يؤثر في كيفية تعامل الشخص مع الآخرين (موقع آي ستوك)

وجدت دراسة بريطانية نُشرت نتائجها، الخميس، في دورية «لانسيت للصحة الإقليمية – أوروبا» أنّ الأشخاص المصابين بالتوحد غير المشمولين بالرعاية العاطفية «يعانون انخفاض متوسّط العمر المتوقَّع والوفاة قبل الأوان». وأوضح الباحثون أنّ دراستهم هي «الأولى من نوعها التي تُقدر متوسّط العمر المتوقَّع لدى المصابين بالتوحد الذين يعيشون في بريطانيا».

و«اضطراب طيف التوحد» هو اضطراب في نمو الدماغ منذ الطفولة، ويستمر مدى الحياة، ويؤثر في كيفية تعامل الشخص مع الآخرين على المستوى الاجتماعي؛ ما يتسبّب بمشكلات في التفاعل والتواصل الاجتماعي.

وراجع الباحثون، خلال الدراسة، بيانات مرضى شُخِّصت إصابتهم بالتوحد بين عامي 1989 و2019 في بريطانيا. ودرس الفريق البحثي بيانات 17 ألفاً و130 مصاباً بالتوحد من دون صعوبات في التعلّم، و6 آلاف و450 مصاباً بالمرض مع صعوبات في التعلّم، ثم قارنوا هذه المجموعات مع أشخاص من العمر والجنس عينهما؛ لكنهم لا يعانون التوحد.

ووجدوا أنّ الرجال المصابين بالتوحد الذين لا يعانون صعوبات في التعلّم لديهم متوسّط العمر المتوقَّع المقدَّر بـ74.6 عام، والنساء المصابات بالتوحد من دون صعوبات في التعلّم، نحو 76.8 عام. وفي الوقت عينه، بلغ متوسّط العمر المتوقَّع للأشخاص الذين شُخِّصت إصابتهم بالتوحد مع صعوبات التعلُّم نحو 71.7 عام للرجال و69.6 عام للنساء.

وأشار الفريق البحثي إلى أنّ هذه الأرقام تقارن بمتوسط العمر المتوقَّع المعتاد الذي يبلغ 80 عاماً للرجال و83 عاماً للنساء الذين يعيشون في بريطانيا. وأضاف أنّ النتائج توفر أول دليل على أنّ المصابين بالتوحد كانوا أكثر عرضة للوفاة المبكرة في بريطانيا خلال الفترة الزمنية التي شملتها الدراسة؛ ما يشير إلى الحاجة الملحّة لمعالجة عدم المساواة التي تؤثر في المصابين بهذا المرض.

وقال الباحث الرئيسي في الدراسة، أستاذ الشيخوخة وعلم النفس السريري بكلية لندن الجامعية، جوشوا ستوت: «تُظهر نتائجنا أنّ بعض المصابين بالتوحد يموتون قبل الأوان، لكن دراستنا لا تستطيع معرفة سبب ذلك، ونحن بحاجة إلى معرفة أسباب الوفيات المبكرة، وكيف يمكننا منعها».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «التوحد، كما نعلم، لا يقلّل بشكل مباشر من متوسّط العمر المتوقَّع. نحن نعلم أنه عندما يحصل الأشخاص المصابون به على الدعم المناسب، فإنهم يعيشون حياة طويلة وصحية وسعيدة؛ لكن هؤلاء المرضى لا يتلقون في كثير من الأحيان الدعم الكافي. في بريطانيا، يعاني بعض هؤلاء رعاية غير مناسبة، مثل العزلة القسرية في مستشفيات الصحة العقلية»، مشيراً إلى أنّ الفريق البحثي دعا إلى «معالجة عدم المساواة التي يواجهها الأشخاص المصابون بالتوحد».


مقالات ذات صلة

الشرطة البرازيلية تتهم الرئيس السابق بولسونارو بمحاولة الانقلاب عام 2022

أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (وسط) يحضر حفل تخرج للطلاب في أكاديمية عسكرية في ولاية ريو دي جانيرو بالبرازيل 26 نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

الشرطة البرازيلية تتهم الرئيس السابق بولسونارو بمحاولة الانقلاب عام 2022

قالت الشرطة الفيدرالية البرازيلية، اليوم الخميس، إنها وجهت الاتهامات للرئيس السابق جايير بولسونارو و36 شخصاً آخرين بتهمة محاولة الانقلاب عام 2022.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا نظام مدفعية آرتشر من فوج المدفعية الملكية التاسع عشر التابع للقوات المسلحة البريطانية يطلق النار أثناء تدريب على إطلاق النار الحي في 18 نوفمبر 2024 في لابلاند الفنلندية (أ.ف.ب)

الجيش البريطاني يطلق مدفعاً جديداً للمرة الأولى خلال مناورة للناتو

قام جنود الجيش البريطاني بإطلاق مدفع جديد، يستخدم لأول مرة، وذلك خلال مناورة تكتيكية لحلف الناتو بفنلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني بزشكيان يتحدث خلال جلسة عامة في إطار تنسيق «بريكس بلس» أثناء قمة المجموعة بقازان بروسيا 24 أكتوبر 2024 (رويترز)

الرئيس الإيراني يناشد بابا الفاتيكان التدخل لوقف الحرب في الشرق الأوسط

ناشد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، استخدام نفوذه لدى الحكومات المسيحية لوقف الحرب في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)

انفجار سيارة مفخخة بشمال غربي باكستان يسفر عن مقتل 12 جندياً

قال الجيش الباكستاني، اليوم الأربعاء، إن انتحارياً فجّر سيارته المفخخة في نقطة تفتيش عسكرية بشمال غربي باكستان، مما أسفر عن مقتل 12 جندياً.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
TT

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

في كل مرة يُعلن فيها عن الإفراج عن دفعة من المعتقلين السوريين، تتزيّن بطلة فيلم «سلمى» وتهرع مع والد زوجها، علّها تعثر على زوجها «سجين الرأي» الذي اختفى قبل سنوات في ظروف غامضة، متمسكة بأمل عودته، رافضة إصدار شهادة وفاته، ومواصلة حياتها مع نجلها ونجل شقيقتها المتوفاة.

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» في هذا الإطار، وقد جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» في «مهرجان القاهرة السينمائي» في دورته الـ45، وتلعب الفنانة السورية سلاف فواخرجي دور البطولة فيه إلى جانب المخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد الذي يؤدي دور والد زوجها. وقد أُهدي الفيلم لروحه.

تتعرض «سلمى» للاستغلال من أحد أثرياء الحرب سيئ السمعة، لتبدأ بنشر معلومات دعائية لشقيقه في الانتخابات على خلفية ثقة السوريين بها للعبها دوراً بطوليّاً حين ضرب زلزال قوي سوريا عام 2023، ونجحت في إنقاذ عشرات المواطنين من تحت الأنقاض، وتناقلت بطولتها مقاطع فيديو صورها كثيرون. وتجد «سلمى» نفسها أمام خيارين إما أن تتابع المواجهة حتى النهاية، وإما أن تختار خلاصها مع عائلتها.

ويشارك في بطولة الفيلم كلٌ من باسم ياخور، وحسين عباس، والفيلم من إخراج جود سعيد الذي يُعدّه نقاد «أحد أهم المخرجين الواعدين في السينما السورية»، بعدما حازت أفلامه جوائز في مهرجانات عدة، على غرار «مطر حمص»، و«بانتظار الخريف».

سُلاف تحتفل بفيلمها في مهرجان القاهرة (القاهرة السينمائي)

قدّمت سُلاف فواخرجي أداءً لافتاً لشخصية «سلمى» التي تنتصر لكرامتها، وتتعرّض لضربٍ مُبرح ضمن مشاهد الفيلم، وتتجاوز ضعفها لتتصدّى لأثرياء الحرب الذين استفادوا على حساب المواطن السوري. وتكشف أحداث الفيلم كثيراً عن معاناة السوريين في حياتهم اليومية، واصطفافهم في طوابير طويلة للحصول على بعضِ السلع الغذائية، وسط دمار المباني جراء الحرب والزلزال.

خلال المؤتمر الصحافي الذي نُظّم عقب عرض الفيلم، تقول سُلاف فواخرجي، إنه من الصّعب أن ينفصل الفنان عن الإنسان، وإنّ أحلام «سلمى» البسيطة في البيت والأسرة والكرامة باتت أحلاماً كبيرة وصعبة. مؤكدة أن هذا الأمر ليس موجوداً في سوريا فقط، بل في كثيرٍ من المجتمعات، حيث باتت تُسرق أحلام الإنسان وذكرياته. لافتة إلى أنها واحدة من فريق كبير في الفيلم عمل بشغف لتقديم هذه القصة. وأضافت أنها «ممثلة شغوفة بالسينما وتحب المشاركة في أعمال قوية»، مشيرة إلى أن «شخصية (سلمى) تُشبهها في بعض الصّفات، وأن المرأة تظل كائناً عظيماً».

من جانبه، قال المخرج جود سعيد، إن هذا الفيلم كان صعباً في مرحلة المونتاج، خصوصاً في ظل غياب عبد اللطيف عبد الحميد الذي وصفه بـ«الحاضر الغائب».

مشيراً إلى أن قصة «سلمى» تُمثّل الكرامة، «وبعد العشرية السّوداء لم يبقَ للسوريين سوى الكرامة، ومن دونها لن نستطيع أن نقف مجدداً»، وأن الفيلم يطرح إعادة بناء الهوية السورية على أساسٍ مختلفٍ، أوّله كرامة الفرد. ولفت المخرج السوري إلى أن شهادته مجروحة في أداء بطلة الفيلم لأنه من المغرمين بأدائها.

الفنان السوري باسم ياخور أحد أبطال فيلم «سلمى» (القاهرة السينمائي)

ووصف الناقد الأردني، رسمي محاسنة، الفيلم بـ«الجريء» لطرحه ما يقع على المسالمين من ظلمٍ في أي مكان بالعالم؛ مؤكداً على أن كرامة الإنسان والوطن تستحق أن يُجازف المرء من أجلها بأمور كثيرة، وتابع: «لذا لاحظنا رفض (سلمى) بطلة الفيلم، أن تكون بوقاً لشخصية تمثّل نموذجاً للفساد والفاسدين رغم كل الضغوط».

وأوضح رسمي محاسنة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الفيلم قدّم شخصياته على خلفية الحرب، عبر نماذج إنسانية متباينة، من بينها تُجار الحرب الذين استغلوا ظروف المجتمع، ومن بقي مُحتفّظاً بإنسانيته ووطنيته، قائلاً إن «السيناريو كُتب بشكل دقيق، وعلى الرغم من دورانه حول شخصية مركزية فإن المونتاج حافظ على إيقاع الشخصيات الأخرى، وكذلك الإيقاع العام للفيلم الذي لم نشعر لدى متابعته بالملل أو بالرتابة».

سُلاف والمخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد في لقطة من الفيلم (القاهرة السينمائي)

وأشاد محاسنة بنهاية الفيلم مؤكداً أن «المشهد الختامي لم يجنح نحو الميلودراما، بل اختار نهاية قوية. كما جاء الفيلم دقيقاً في تصوير البيئة السورية»؛ مشيراً إلى أن «المخرج جود سعيد استطاع أن يُخرِج أفضل ما لدى أبطاله من أداء، فقدموا شخصيات الفيلم بأبعادها النفسية. كما وفُّق في إدارته للمجاميع».

واختتم محاسنة قائلاً: «تُدهشنا السينما السورية باستمرار، وتقدّم أجيالاً جديدة مثل جود سعيد الذي يتطوّر بشكل ممتاز، وفي رأيي هو مكسبٌ للسينما العربية».