إبراهيم معلوف... المرشّح العربي الوحيد إلى الـ«غرامي»

العازف اللبناني الفرنسي لـ«الشرق الأوسط»: الفوز الحقيقي هو بتمثيلي العالم العربي

العازف والمؤلّف الموسيقي اللبناني الفرنسي إبراهيم معلوف (صور الفنان)
العازف والمؤلّف الموسيقي اللبناني الفرنسي إبراهيم معلوف (صور الفنان)
TT

إبراهيم معلوف... المرشّح العربي الوحيد إلى الـ«غرامي»

العازف والمؤلّف الموسيقي اللبناني الفرنسي إبراهيم معلوف (صور الفنان)
العازف والمؤلّف الموسيقي اللبناني الفرنسي إبراهيم معلوف (صور الفنان)

بين حفلةٍ ورحلة، وصولةٍ وجولة، يقترض إبراهيم معلوف وقتاً ليعبّئ الرئتَين حباً وأملاً. قيمتان إنسانيّتان ما استطاع لولاهما عازف البوق والمؤلّف الموسيقي اللبناني الفرنسي أن يزرع المسرح طاقةً وشغفاً، ولا أن ينفخ في آلته نغماتٍ ترتحل بالمستمعين إلى الحلم، وتنتزعُهم من وسط عالمٍ تهزّه الكوابيس.

يضرب معلوف موعداً جديداً مع الإنجازات العالميّة في فبراير (شباط) المقبل، فهو العربيّ الوحيد المرشّح إلى جوائز الـ«غرامي» (Grammy Awards) الموسيقية العالمية. إنه الترشيح الثاني خلال سنتَين، وبالنسبة إليه فإنّ «مجرّد الوصول إلى هذه المرحلة انتصار».

للسنة الثانية على التوالي يصل معلوف إلى نهائيات الـ«غرامي» (إنستغرام)

فرد من عائلة «غرامي»

يشارك إبراهيم معلوف «الشرق الأوسط» فخره بكونه الفنان الأوحد الذي يمثّل العالم العربي في هذا المحفل العالمي، لكنه في المقابل لا يخفي أسفَه: «كنت أتمنّى تمثيلاً عربياً أوسع، فبلادنا زاخرة بالمواهب الاستثنائية، ومن المهمّ أن يعرف العالم أجمع ذلك.

في حال حصلت على الجائزة، فإنّ فوزي الحقيقي سيكون بتمثيلي العالم العربي وبمساهمتي في مدّ جسرٍ ثقافيّ بين الفنانين العرب والأكاديمية الأميركية لتسجيل الفنون والعلوم (Recording Academy)، التي صرت فرداً منها منذ ترشيحي الأول العام الماضي، وبات لديّ حق التصويت فيها». هكذا ينظر معلوف إلى احتمال الربح، هو الذي لم يصدّق أذنَيه عندما وصله خبر ترشيحه الثاني على التوالي، عادّاً الأمر «ضرباً من السحر».

القدرة على الحب

تماهياً مع عنوان ألبومه الأخير «Capacity to Love» (القدرة على الحب)، يُمضي إبراهيم معلوف فصوله في «مهنة الفن» كما يسمّيها. لا مكان في رأسه للأنانية ولا للمنافسة، وحتى الشهرة يقول إنه لم يسعَ إليها ولا يستسيغها كثيراً. «من خلال فنّي أريد أن أنشئ صِلات مع الناس. أحاول إيجاد نقاط مشتركة بيننا كبشَر تُقرّبنا من بعض»، هكذا يختصر رؤيته الفنية.

يقول إبراهيم معلوف إنه لا يستسيغ الشهرة ولم يسعَ إليها (إنستغرام)

يتخطّى مشروعُه الموسيقي النوتات والإيقاعات، ليغوص في القيَم الإنسانية. يتحدّث معلوف كفيلسوفٍ لا يريد أن يلتقط من هذا الكون سوى جمالِه. يطمح إلى محاربة القُبح الطاغي من خلال الموسيقى. يقول إنها «تفتح أمامنا درباً مطَمئناً في وجه التشويه الذي ترتكبه السياسة، وضياع البوصلة الذي تقع فيه الديانات أحياناً».

ليست صُدفةً بالتالي أن يترشّح معلوف إلى الـ«غرامي» عبر مقطوعته «Todo Colores» (جميع الألوان)، التي تحتفي بتنوّع الهويّات الثقافية واللغوية والموسيقية. يشرح خصوصية هذا العمل، موضحاً أنه «يضع في الواجهة ثقافاتٍ تعاني اليوم من قلّة التقدير»؛ الثقافة العربية من خلاله هو، والثقافة الكوبيّة من خلال المغنّي Cimafunk، وثقافة الأميركيين من أصحاب البشرة السوداء من خلال فريق Tank and the Bangas.

الألبوم الذي يضمّ «Todo Colores» هو بحدّ ذاته سيمفونيّة ألوان، أرادها الفنان اللبناني العالميّ لوحةً تجمعه بزملاء له من كل زوايا الكرة الأرضيّة. ومن هنا، جاء العنوان: «القدرة على الحب».

شارون ستون وتشارلي تشابلن

حطّت به الرحال في منزل الممثلة الأميركية شارون ستون في لوس أنجليس. دعاها إلى دمج كلماتها وصوتها مع موسيقاه، فوافقت بلا تردّد. يصفُها بـ«السيّدة الواسعة القلب وصاحبة الطاقة النادرة». لكن، أليس سريالياً بعض الشيء أن تلتقي درب إبراهيم معلوف بدرب شارون ستون، فينجزان معاً عملاً موسيقياً يحمل عنوان «Our Flag» (رايتُنا) ورسائلَ إنسانيّة عميقة؟ يجيب معلوف أنّ «القدرة على الحب كفيلة بتحقيق المعجزات».

معجزةٌ أخرى حقّقها ألبوم Capacity to Love، الذي أعاد إلى الحياة الفنان العالمي تشارلي تشابلن من خلال وضع صوته ونصّه على معزوفة «Speechless» (عاجز عن الكلام). يروي معلوف حكاية هذه المقطوعة بشغف، لافتاً إلى إعجابه الكبير بتشابلن الذي «أحدثَ ثورة في السينما، ودافع في آنٍ معاً عن مبادئ لم تكن شعبيّةً في الولايات المتحدة في ذلك الحين». تواصلَ مع حفيده وشرح له فكرة المعزوفة، فوجدَ وريث تشابلن أنها تعكس القيَم ذاتها التي دافع عنها جدّه.

دور البطولة

منذ 15 عاماً، يجول إبراهيم معلوف العالم من دون توقّف. يقول إنّ السفر هو دعوتُه التي لا يتعب منها. تحمله جولته آخر هذا الشهر إلى مسرح بيرسي في باريس، ليصبح بذلك أوّل عازف بوق يعتلي تلك الخشبة بعد الأسطورة مايلز ديفيس. ينتقل إلى أميركا الشمالية في الربيع، وإلى أوروبا صيفاً، أما في الخريف المقبل فسيعزف في عدد من دول الشرق الأقصى وآسيا. يقرّ بأنه مدمنٌ على العمل، وسرعان ما يشرح السبب: «عندما دخلت المجال، قليلةٌ الأبواب التي فُتحت أمامي. لطالما ذكّروني باختلافي وبأنّي يجب أن أكتفي بدورٍ ثانٍ في حياتي».

لكنّ الشابّ المسكون بالموسيقى لم يدع أحداً يبتر طموحه، فهو تعلّم الدرس من والده. يفتح قلبه: «رأيت أبي يعاني طيلة حياته من كونه رجلاً طموحاً لم يُمنح يوماً دوراً رئيسياً. تعلّمت من أخطائه أنه لا مجال للمساومة على الدور الرئيسي».

يحيي معلوف حفلاً ضخماً على مسرح بيرسي في باريس نهاية هذا الشهر (صور الفنان)

لا يتذمّر من كثرة العمل، بل هو ممتنّ لأنه يحب ما يقوم به، ولا يشعر بمرور الوقت. كل ما يريده هو «تنفيذ أجمل الألبومات والجولات»، وألّا يخيّب مَن يرَون فيه فناناً جيداً. لا يطمح إلى الإدهاش ولا إلى النجوميّة. «لا أسعى أن أكون (star)، أريد فقط أن أشارك قيماً صادقة، وأعتقد أنّ هذا الالتزام هو الذي يلمس جمهوراً خابت آمالُه من صناعةٍ موسيقية ما عادت تسعى إلى الصدق والأصالة».

هِبةُ إبراهيم

جذوره العربيّة حاضرةٌ دائماً من خلال نغماته، إلا أنّ إبراهيم معلوف لا يتفيّأ هويّته اللبنانية عندما تقتضي المصلحة، كما أنه لا يلوّح بجوازه الفرنسي كسلاح. «أنا ما أنا عليه. إن قلت إنني عربي، لبناني، فرنسي أو غربي، فكل ذلك صحيح. لا أخفي شيئاً ولا أصطنع شيئاً. لا أجمّل بطاقة هويّتي. أنا، قبل أي شيء، إبن أبويّ، شقيق إخوتي، أب أولادي، وزوج زوجتي».

عندما يصل الحديث إلى زوجته الفنانة اللبنانية هبة طوجي، يسترسل إبراهيم معلوف. يشبّهها بـ«جوهرة الثقافة العربية الصافية». يلفت إلى أنّ «اللقاء بينها وبين المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني ولّد غنىً فنياً نادراً». منها يستوحي حسّ الالتزام، ثم يقول بفرح: «أنا مُعجبُها الأوّل ومذهولٌ بها».

معلوف وزوجته الفنانة اللبنانية هبة طوجي (إنستغرام)

إلى حفل الـ«غرامي»، يترافقان كثنائيّ، حيث سيترقّب كلٌ منهما جائزة، هو كمرشّح، وهي كضيفة على ألبوم فريق Pentatonix المرشّح كذلك عن إحدى فئات المسابقة. «نحن في منافسة حقيقية»، يقول معلوف ممازحاً. لكن أياً كان الفائز في حال الفوز، فإنّ السعادة ستكون على قدر الحبّ الذي يجمع إبراهيم وهبة.


مقالات ذات صلة

«أسبوع الرياض الموسيقي» يحتفي بالمواهب الإبداعية في الفضاءات العامة

يوميات الشرق يُقدم «أسبوع الرياض الموسيقي» سلسلة فعاليات وعروضاً موسيقية متنوعة في الفضاءات العامة (الشرق الأوسط)

«أسبوع الرياض الموسيقي» يحتفي بالمواهب الإبداعية في الفضاءات العامة

يُقدم «أسبوع الرياض الموسيقي» سلسلة فعاليات Fringe وعروضاً موسيقية متنوعة في الفضاءات العامة خلال الفترة من 7 إلى 10 ديسمبر

يوميات الشرق شعار مسابقة الأغنية الأوروبية 2025 يظهر على لافتة (د.ب.أ)

مع التصويت على مشاركة إسرائيل... مسابقة «يوروفيجن» تواجه اختباراً كبيراً

تواجه مسابقة الأغنية الأوروبية «لحظة فاصلة» يوم الخميس عندما يصوت أعضاء الهيئة المنظمة للمسابقة على ما إذا كان بإمكان إسرائيل المنافسة في نسخة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (جنيف)
«ذا فويس 6» والمدرّبون ناصيف زيتون وأحمد سعد ورحمة رياض (إنستغرام)

مدرّبو «ذا فويس»: الموسم السادس يحمل مواهب استثنائية

كانت لـ«الشرق الأوسط» لقاءات مع المدرّبين الثلاثة خلال تسجيل إحدى حلقات الموسم السادس، فأبدوا رأيهم في التجربة التي يخوضونها...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق فكرة عقد المؤتمر جاءت استجابة لاحتياجات المشهدين الفني والبحثي في العالم العربي (هيئة الترفيه)

أول مؤتمر للموسيقى العربية في الرياض يوصي بتوثيق وصون التراث الشرقي

أوصى أول مؤتمر للموسيقى العربية عُقد في الرياض بأهمية تنفيذ مشروع عربي شامل، لتوثيق المقامات والإيقاعات والآلات الموسيقية، وفق منهجيات علمية دقيقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الوتر السادس مصطفى الجارحي: أغنياتي مُحمّلة بطاقات شعرية لا تخضع لحسابات السوق

مصطفى الجارحي: أغنياتي مُحمّلة بطاقات شعرية لا تخضع لحسابات السوق

كان لأغنيات الشاعر مصطفى الجارحي التي لحنها وغناها الفنان مصطفى رزق، مطرب الجاز المصري، حضور كبير في النسيج الدرامي لمسلسل «ولاد الشمس».

حمدي عابدين (القاهرة)

في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
TT

في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)

سيحضر الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرعة كأس العالم لكرة القدم اليوم (الجمعة)، في حفل مليء بالاحتفالات والاستعراضات والعروض الباذخة التي تليق بـ«فنان الاستعراض».

ويقام هذا الحدث في «مركز كيندي» بواشنطن، الذي تولى ترمب رئاسته في وقت سابق من هذا العام، في حين قام بتنصيب رئيس ومجلس إدارة جديدين.

وحضور ترمب قرعة كأس العالم يضعه في صدارة المشهد خلال واحد من أبرز الأحداث الرياضية على الإطلاق؛ إذ يبدو أن منظمي الحفل أخذوه في الاعتبار منذ مرحلة التخطيط لهذا الحدث.

وستؤدي فرقة «فيلدج بيبول» أغنيتها الشهيرة «واي إم سي إيه» التي أصبحت عنصراً أساسياً في تجمعات حملة ترمب الانتخابية، وحفلات جمع التبرعات في مارالاغو، حيث شوهد الرئيس السابق يرقص على أنغامها، في حين يخطط الاتحاد الدولي (الفيفا) للكشف عن «جائزة السلام» الخاصة به.

وقام ترمب بحملة علنية للحصول على جائزة «نوبل للسلام»، مستشهداً بمشاركته في إنهاء صراعات متعددة في الخارج، وأسفرت هذه الجهود عن نتائج متباينة.

ومن المقرر أيضاً أن يقدم مغني الأوبرا الشهير أندريا بوتشيلي عرضاً اليوم، وكذلك نجم البوب البريطاني روبي وليامز، وسفيرة الموسيقى في «الفيفا» المغنية الأميركية نيكول شيرزينغر.

واستغل ترمب مراراً امتيازات الرئاسة ليشارك في فعاليات رياضية وثقافية كبرى هذا العام. وحضر نهائي السوبر بول في فبراير (شباط)، وسط هتافات وصيحات استهجان من الجمهور، ويعتزم يوم الأحد حضور حفل تكريم «مركز كيندي»، الذي تجنبه خلال ولايته الأولى.

وستبرز الجغرافيا السياسية في نهائيات كأس العالم؛ إذ يشارك وفد إيراني في مراسم القرعة بعد أن كان أعلن سابقاً مقاطعة الحفل بسبب مشاكل في التأشيرات، وفقاً لتقارير إعلامية. ويأتي ذلك في ظل توتر العلاقات بعد أن قصفت الولايات المتحدة مواقع نووية إيرانية في يونيو (حزيران) الماضي.


مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
TT

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)

شهدت مدينة منيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا الأميركية، انخفاضاً لافتاً في درجات الحرارة الشهر الماضي، حتى باتت، لبرهة، أبرد من كوكب المريخ نفسه.

وأوضح خبير الأرصاد الجوية في «أكيو ويذر»، برايان لادا، أن موجة صقيع ضربت المدينة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، دفعت درجات الحرارة للانخفاض بمقدار 10 درجات تحت المعدل التاريخي. وسجَّلت المدينة درجات حرارة عظمى تراوحت بين 20 و30 درجة فهرنهايت، في أبرد فترة تمرُّ بها منذ فبراير (شباط) الماضي، لسكانها البالغ عددهم نحو 430 ألف نسمة.

وفي المقابل، وعلى بُعد نحو 225 مليون ميل، رصدت مركبة «كيوريوسيتي» التابعة لـ«ناسا» درجات حرارة نهارية بلغت نحو 30 درجة فهرنهايت على سطح الكوكب الأحمر، وفق «الإندبندنت». وفي حين هبطت درجات الحرارة ليلاً في منيابوليس إلى ما بين العشرينات والمراهقات (فهرنهايت)، فإنها سجَّلت على المريخ درجات حرارة قاربت 100 درجة تحت الصفر. وقال لادا إنّ ذلك «تذكير بأنه رغم تقارب درجات الحرارة النهارية أحياناً، فإنّ الكوكب الأحمر يظلّ عالماً مختلفاً تماماً».

ولكن، لماذا يكون المريخ بارداً إلى هذا الحد؟ الإجابة البديهية هي أنه في الفضاء، وهو كذلك أبعد عن الشمس من الأرض، فضلاً عن أنّ غلافه الجوّي الرقيق لا يحتفظ بالحرارة بكفاءة، وفق «ناسا».

فالأرض تدور على بُعد 93 مليون ميل من الشمس، في حين يقع المريخ على بُعد نحو 142 مليون ميل. كما أنّ غلافه الجوّي لا يُشكّل سوى نحو 1 في المائة من كثافة الغلاف الجوّي للأرض عند السطح، وفق «مرصد الأرض» التابع للوكالة. وهذا يعني أنّ درجة الحرارة على المريخ يمكن أن تنخفض إلى 225 درجة فهرنهايت تحت الصفر، وهي درجة قاتلة. فالبشر قد يتجمّدون حتى في درجات حرارة أعلى من 32 فهرنهايت، وهي درجة تجمُّد الماء. وأشار لادا إلى أنّ غياب بخار الماء في الغلاف الجوّي للمريخ يُسرّع فقدان الحرارة فور غروب الشمس.

لكن ذلك لا يعني غياب الطقس على الكوكب الأحمر. ففي بعض الجوانب، يتشابه طقس المريخ مع طقس الأرض، إذ يشهد كلاهما فصولاً ورياحاً قوية وسحباً وعواصف كهربائية. وتتكوَّن سحب المريخ على الأرجح من بلورات جليد الماء، لكنها لا تدرّ مطراً بسبب البرودة القاسية. وقال علماء «ناسا»: «إنّ الهطول على الأرجح يتّخذ شكل الصقيع. فسطح المريخ يكون عادة أبرد من الهواء، خصوصاً في الليالي الباردة الصافية، مما يجعل الهواء الملامس للسطح يبرد وتتجمَّد الرطوبة عليه». وقد رصدت مركبة «فايكينغ 2» هذا الصقيع على السطح في بعض الصباحات خلال سبعينات القرن الماضي.

وتُواصل مركبة «كيوريوسيتي» تتبُّع الطقس المريخي منذ وصولها إلى فوهة غيل عام 2012، وهي تقع في نصف الكرة الجنوبي قرب خطّ الاستواء. وفي الأول من ديسمبر (كانون الأول)، سجَّلت المركبة درجة حرارة عظمى بلغت 25 درجة فهرنهايت، بينما هبطت الصغرى إلى 96 درجة تحت الصفر.


أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
TT

أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)

قال فنان متخصّص في الأعمال الميكروسكوبية إنه حطَّم رقمه القياسي العالمي السابق بعد ابتكار أصغر تمثال مصنوع يدوياً في التاريخ.

ووفق «بي سي سي»، أوضح ديفيد أ. ليندون، من مدينة بورنموث في مقاطعة دورست البريطانية، أنّ عمله الأخير الذي أطلق عليه «الوجه الأصفر المبتسم» هو «غير مرئي للعين البشرية»، إذ لا تتجاوز أبعاده 11.037 ميكرون طولاً و12.330 ميكرون عرضاً.

وأشار ليندون إلى أنّ عمله الفنّي «يعيش» فوق طابع بريد من الدرجة الأولى، على نقطة دقيقة جداً موضوعة فوق صورة عين الملكة الراحلة.

ونجح العمل في تحطيم الرقم القياسي السابق للفنان نفسه لأصغر تمثال مصنوع يدوياً، وهو «قطعة الليغو».

ويُعرَف ليندون، الحاصل على 12 رقماً في «موسوعة غينيس»، بأعماله الفنّية شديدة الصغر، من بينها 3 نسخ ميكروسكوبية من لوحات فان غوخ الشهيرة، نفَّذها داخل آلية ساعة، وبيعت مقابل 90 ألف جنيه إسترليني. أما «قطعة الليغو الحمراء» فبلغت أبعادها 0.02517 ملم طولاً و0.02184 ملم عرضاً.

في مساحة بحجم ذرّة يصنع الفنان عالماً كاملاً (ديفيد أ. ليندون)

وقال الفنان: «قطعة الوجه الأصفر المبتسم تُعادل نصف حجم (قطعة الليغو الحمراء)، التي كانت بدورها أصغر بـ4 مرات من الرقم القياسي السابق». وأوضح أنّ حجم العمل الجديد يُعادل حجم خلية دم بشرية، أو جراثيم العفن، أو البكتيريا، أو بودرة التلك، أو قطرة ضباب.

ومن أعماله الأخرى مجسَّمات مجهرية لحيوانات دقيقة يصنعها داخل ثقب الإبرة، بدءاً من الحوت الأزرق وصولاً إلى فراشة الطاووس الرقيقة. وأضاف مازحاً: «ربما أكون قد فقدتُ عقلي تماماً».

ويجري تثبيت الطابع الذي يحمل «الوجه الأصفر المبتسم» على برج زجاجي داخل صندوق زجاجي مُحكَم الإغلاق. وأعرب ليندون عن امتنانه للدكتورة سارة إليوت وجاك روز من جامعة بورنموث على قياس العمل الجديد، واعتماده على هيئة رقم قياسي عالمي.