تشكل حالة الطوارئ المناخية تهديداً كبيراً لصحة الإنسان، في حين حذّرت دراسة إسبانية من أن ارتفاع درجات الحرارة ينذر بتفشي أمراض معدية جديدة وفتاكة.
وأوضح الباحثون بمعهد أبحاث الطب الحيوي في برشلونة، أن التغيرات في ظروف النظام البيئي، إلى جانب العمل البشري، مثل الاستخدام الواسع النطاق لمبيدات الفطريات والمضادات الحيوية في الزراعة، يمكن أن يؤدي إلى ظهور وانتشار أنواع جديدة من الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض مثل الفطريات، ونشرت النتائج، الثلاثاء، بدورية «نيتشر كوميونيكيشنز».
وتشير التقديرات إلى أنه يوجد حالياً أكثر من مليون نوع من الفطريات، معظمها يتكيف للعيش في درجات الحرارة المعتدلة أو المنخفضة في التربة والبيئة المائية والأشجار والنباتات والحيوانات مثل البرمائيات والأسماك والزواحف والحشرات.
ومنذ ثمانينات القرن العشرين، ارتفع عدد حالات تفشي الأمراض المعدية الناشئة بنسبة 7 في المائة تقريباً سنوياً، ويتزايد تحديد الفطريات بوصفها تهديداً رئيسياً للصحة العامة بجميع أنحاء العالم.
وكشفت النتائج، عن أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية جعل الفطريات تتحمل البيئات الدافئة، بما في ذلك جسم الإنسان، كما حدث مع فطريات «كانديدا أوريس»، وهي فطريات تكيفت لتكون قادرة على إصابة الناس، ومقاومة للكثير من الأدوية، ويمكن أن تنتشر بكثيرة في المستشفيات.
وينتمي فطر «كانديدا أوريس» إلى عائلة فطريات المبيضات، وهي كائنات دقيقة تسبب التهابات مثل داء المبيضات المهبلي أو داء المبيضات الجهازي، والتي يمكن أن تكون قاتلة للأشخاص الذين يعانون ضعف المناعة.
وقد حدثت بالفعل مئات من حالات تفشي هذه العدوى بجميع أنحاء العالم، مع معدل وفيات يتراوح بين 30 و60 في المائة، وفق الدراسة.
ويشير العلماء إلى أن ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بتغير المناخ ربما يكون قد لعب دوراً في ارتفاع عدد إصابات بعائلة فطريات المبيضات.
وخلال الدراسة، عزل الباحثون عيّنات من عائلة فطريات المبيضات مأخوذة من المياه شبه الاستوائية بدرجات حرارة تتراوح بين 35 درجة مئوية و 44 درجة مئوية، ووجدوا أن درجة الحرارة المثالية التي تنمو فيها هذه السلالات هي 35 درجة مئوية، ويمكنها البقاء على قيد الحياة حتى درجات حرارة أعلى بكثير.
كما اكتشف الباحثون أن فطريات المبيضات اكتسبت خصائص جينية في بيئتها البحرية جعلتها تتكيف مع ارتفاع درجات الحرارة، وهناك مخاوف أن يمهد هذا التكيف لمنحها خصائص جديدة تجعلها تمثل تهديداً محتملاً للصحة العالمية.
ووفق النتائج، فإن هذه الملاحظة مثيرة للقلق لأن قدرة تحمل الفطريات تتجاوز الحاجز الحراري الذي تتمتع به الثدييات، والذي كان حتى الآن بمنزلة حاجز وقائي.
وتتمتع الثدييات بحاجز حراري يعدّ جزءاً من جهاز المناعة؛ إذ يعمل ثبات الحرارة الداخلية للجسم بين 36.5 و 37.5 درجة مئوية على توفير بيئة غير مواتية للنمو وانتشار الكثير من الفطريات.