متحف افتراضي تُطلقه «اليونيسكو» للتوعية حيال القطع الأثرية المسروقة

يدور حول فكرة «إيقاظ الخيال»... وهدفه الأساسي أن يُغلَق

آثار أعيدت إلى إيطاليا من الولايات المتحدة عُرضت خلال حفل أقيم في نيويورك (رويترز)
آثار أعيدت إلى إيطاليا من الولايات المتحدة عُرضت خلال حفل أقيم في نيويورك (رويترز)
TT

متحف افتراضي تُطلقه «اليونيسكو» للتوعية حيال القطع الأثرية المسروقة

آثار أعيدت إلى إيطاليا من الولايات المتحدة عُرضت خلال حفل أقيم في نيويورك (رويترز)
آثار أعيدت إلى إيطاليا من الولايات المتحدة عُرضت خلال حفل أقيم في نيويورك (رويترز)

​كشفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو»، عن مبادرة جديدة لإنشاء متحف افتراضي عالمي مُخصَّص للتحف الثقافية المسروقة، وذلك بهدف زيادة الوعي العام حول قضية الاتجار بالتراث الثقافي، والتأكيد على الأهمية الاستثنائية للحفاظ عليه.

وسيتمكن زوار المتحف من التنقل عبر مجموعة من المساحات الافتراضية التي تحتوي على صور مفصَّلة ثلاثية الأبعاد لهذه القطع الأثرية، وستُصحَب كل قطعة بمحتوى معلوماتي يشرح أهميتها الثقافية الفريدة، بما في ذلك القصص والشهادات من المجتمعات المحلية. ولكن لا تتوقع «اليونيسكو» أن تكون قادرة على تسمية القطع التي ستُشكّل المجموعة الأولية، إلا قبل وقت قصير من افتتاح المتحف.

ويُنشأ المتحف الافتراضي بالشراكة مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، التي لديها قاعدة بيانات تحتوي على أكثر من 52 ألف قطعة تراثية، مسروقة من المتاحف والمجموعات والمواقع الأثرية في جميع أنحاء العالم، بتكلفة 2.5 مليون دولار (2.05 مليون جنيه إسترليني)، ومن المقرر إطلاقه في عام 2025.

موديل لمقبرة فرعونية من المسروقات التي أُعيدت إلى مصر (أ.ف.ب)

في هذا السياق، قالت المديرة العامة لـ«اليونيسكو» أودري أزولاي، إنّ «وراء كل عمل أو قطعة مسروقة، يكمن جزء من التاريخ والهوية والإنسانية، انتُزع من أصحابه وأصبح غير قابل للبحث، وقد بات الآن يواجه خطر أن يصبح في طي النسيان»، مضيفة في اجتماع مع ممثلين وطنيين في باريس: «هدفنا من هذه المبادرة هو إعادة هذه الأعمال إلى دائرة الضوء، واستعادة حق المجتمعات المحلية في الوصول إلى تراثها، والتعرُّف إلى نفسها من خلاله».

ووفق «تحالف الآثار» -وهو منظمة غير حكومية مقرّها الولايات المتحدة- فإنّ أهم القطع الأثرية المنهوبة والمسروقة المفقودة حالياً على مستوى العالم تشمل حجراً منقوشاً من المرمر يعود إلى القرن الثالث، مأخوذاً من معبد أوام في اليمن بين عامي 2009 و2011. كما تضمّ قائمة التحالف أيضاً حجراً منقوشاً من العاج من القرن السابع قبل الميلاد لأسد يهاجم نوبياً، كان قد سُرق من متحف بغداد في عام 2003، وقناع حجري أخضر نُهب من موقع للمايا في ريو أزول، بغواتيمالا، في السبعينات، وتمثال صغير من القرن الخامس، مأخوذ من مجمع المعابد في راغاستان بالهند عام 1988.

قطعة من الآثار التي أُعيدت إلى إيطاليا من الولايات المتحدة (رويترز)

بدوره، يقول مساعد المدير العام للثقافة في المنظمة إرنستو أوتون، لصحيفة «الغارديان» البريطانية: «هذه القطع موجودة فعلياً؛ لكننا لا نعرف مكانها، لذا سنعرضها افتراضياً في مساحة يمكننا من خلالها سرد قصصها»، مضيفاً أنّ الهدف من المبادرة هو «مساعدة الشباب بشكل خاص على إدراك أنّ هذه القطع الأثرية المسروقة هي تلك التي انتُزِعت من مجتمعاتهم، وكذلك المساعدة في استعادتها وتعزيز إعادة الممتلكات الثقافية بشكل عام».

يتابع: «منطقياً، يجب أن يكون الهدف الأساسي لهذا المتحف هو إغلاقه؛ لأنه سيكون عكس المتاحف العادية التي تستمر مجموعة المعروضات الموجودة لديها في التوسُّع. في هذا المتحف الافتراضي، نأمل أن تتقلّص مجموعته عن طريق استرداد القطع التي ستُعرض من خلاله واحدة تلو الأخرى».

أما المهندس المعماري للمشروع فرنسيس كيريه، وهو أول أفريقي يحصل على جائزة «بريتزكر» المرموقة للهندسة المعمارية لعام 2022، فيقول إنّ المشروع يدور حول فكرة «إيقاظ الخيال»، مضيفاً أنّ «القطع التراثية تجسّد قيمة في وجودها المادي، ولكنها أيضاً قيمة لا يمكننا وصفها لمجتمعاتها المحلية».

ويشبّه كيريه -المولود في بوركينا فاسو- القطع المسروقة من مجتمعاتها بالشجر الذي اقتُلع من جذوره، قائلاً: «في هذه الحالة يحدث شيء لا نفهمه تماماً في العلاقة بين الشجرة وجذورها وغذائها».

يتابع: «كذلك يحدث شيء مماثل، لا نفهمه أيضاً، في العلاقة بين القطع الأثرية الثقافية ومجتمعاتها، فهذه المجتمعات التي سُلبت منها ثقافتها تشبه جذور الشجر الباحثة عن الغذاء».

قطع أثرية سورية مسروقة في مدينة إربد (مواقع التواصل)

وصمم المهندس المعماري المتحف على شكل منحدر افتراضي قابل للتمديد، موجود داخل عالم يربط بين المناطق والبلدان والثقافات والتحف الـ600 التي ستشكل المجموعة الافتتاحية. وقد بدأ العمل مع مطوّري الموقع الإلكتروني لتحويل هذا المفهوم إلى واقع رقمي.

ويقول أوتون إنه رغم كون تصميم المتحف الافتراضي وبنائه مهمة معقدة، فإنّ المهمة الأكثر استهلاكاً للوقت كانت إنشاء صور ثلاثية الأبعاد قابلة للتطوير للقطع الأثرية، والتي لا سجل مادياً لكثير منها سوى بعض الصور الصغيرة بالأبيض والأسود.

أما أزولاي فتقول: «لم يتخيل أحد فكرة إنشاء متحف كهذا؛ إذ يتم تعزيز عرض القطع من خلال الغوص العميق في عالمها، وفي الحركات الثقافية والاجتماعية التي وُلدت منها».

وتحضّ اتفاقية «اليونيسكو» لعام 1970 بشأن حظر ومنع استيراد وتصدير وبيع الممتلكات الثقافية بشكل غير مشروع، الدول الموقِّعة على اتخاذ تدابير لوقف عمليات الاتجار فيها، والتي قال عنها «الإنتربول» إنها أصبحت بمثابة جريمة منظَّمة.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق مدخل جناح نهاد السعيد الجديد الملاصق للمتحف الوطني (جناح نهاد السعيد للثقافة)

جناح جديد لـدعم «المتحف الوطني اللبناني»

أراد القيّمون على جناح «نهاد السعيد للثقافة»، الجناح الجديد للمتحف الوطني اللبناني، أن يكون وجوده دعماً للتراث الذي يتعرّض اليوم للقصف والخراب.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق لوحة تشير لمتحف الفنان نبيل درويش (إدارة المتحف)

أزمة هدم متحف الخزاف المصري نبيل درويش تتجدد

تجددت أزمة متحف الخزاف المصري نبيل درويش (1936 – 2002) الصادر قرار بهدمه؛ لدخوله ضمن أعمال توسعة محور المريوطية بالجيزة (غرب القاهرة).

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق عائشة القذافي ابنة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي تعرض أعمالها الفنية الجديدة المخصصة لأخيها وأبيها القتيلين خلال معرض «ابنة ليبيا» في متحف الشرق بموسكو17 أكتوبر 2024

«ابنة ليبيا»: معرض لعائشة القذافي في موسكو تمجيداً لذكرى والدها

افتتحت عائشة القذافي، ابنة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، معرضاً فنياً في موسكو خصصته لتخليد ذكرى والدها، الذي حكم ليبيا لأكثر من أربعة عقود.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
يوميات الشرق حساء الطماطم على لوحة «زهور عباد الشمس» لفان جوخ (غيتي)

نفد الصبر... «ناشونال غاليري» يضاعف إجراءاته الأمنية ضد محتجي المناخ

على مر الزمن كانت حركات الاحتجاج تلجأ إلى وسائل مستفزة وصادمة مثل إيقاف المرور في الطرق السريعة، أو استخدام الصمغ لإلصاق الأيدي بالحواجز وواجهات المحال…

عبير مشخص (لندن)

آل الشيخ يتوج بجائزة «الشخصية الأكثر تأثيراً»

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية (الشرق الأوسط)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

آل الشيخ يتوج بجائزة «الشخصية الأكثر تأثيراً»

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية (الشرق الأوسط)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية (الشرق الأوسط)

ملصق يحمل صورة تركي آل الشيخ بمناسبة فوزه

تُوّجَ تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، بجائزة «الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير» خلالَ حفل جوائز «MENA Effie Awards»، ضمن فعاليات «موسم الرياض»، تقديراً لإسهاماته البارزة في دعم وتطوير قطاع الترفيه في المملكة.

وتعدُّ الجائزةُ من أبرز الجوائز في مجال تقييم التأثير والإنجازات الإبداعية على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ تسلط الضوء على الشخصيات التي قدمت مساهمات استثنائية وذات تأثير عميق خلال العقد الأخير. ويُعد فوز آل الشيخ بالجائزة تأكيداً لمكانته بوصفه من أبرز القيادات المؤثرة عالمياً في قطاع الترفيه.