الجزائر: الاعتداء الجنسي على النساء والأطفال «مرعب» والتوعية ضرورية

ازدياد القلق من تعاظم خطر «المفترسين»

نداء توعية بعد ازدياد القلق من تعاظم خطر «المفترسين الجنسيين» في الجزائر (شاترستوك)
نداء توعية بعد ازدياد القلق من تعاظم خطر «المفترسين الجنسيين» في الجزائر (شاترستوك)
TT

الجزائر: الاعتداء الجنسي على النساء والأطفال «مرعب» والتوعية ضرورية

نداء توعية بعد ازدياد القلق من تعاظم خطر «المفترسين الجنسيين» في الجزائر (شاترستوك)
نداء توعية بعد ازدياد القلق من تعاظم خطر «المفترسين الجنسيين» في الجزائر (شاترستوك)

سجّلت مستشفيات العاصمة الجزائرية أرقاماً مرعبة عن النساء ضحايا الاعتداء الجنسي. فمنذ بداية العام الحالي، أحصى قسم الطب الشرعي في «مستشفى مصطفى باشا»، أكبر هيكل طبي في البلاد، 189 حادثة من هذا النوع.

أما «مؤسسة ترقية الصحة»، فتحصي 2000 اعتداء كل عام. وتتراوح أعمار الضحايا بين 4 سنوات و22 سنة، وفق تقارير متخصّصين.

وفي هذا السياق، نقل موقع «الصحة» الإلكتروني المتخصّص، عن رئيس مصلحة الطب الشرعي في «مستشفى مصطفى باشا» الطبيب رشيد بلحاج، أنّ النساء ضحايا الاعتداء الجنسي، يستفدن من علاج نفسي بغرض تجاوُز الصدمة بعد الاعتداء، كاشفاً عن أنّ التحقيقات حول ظروف الاعتداءات، أظهرت أنّ بعضها مصدره فرد في العائلة والجيران، داعياً آباء الضحايا إلى «مراقبة تصرّفات بناتهم، خصوصاً اللاتي يستعملن الهواتف الذكية، لكونهنّ يقعن بسهولة في قبضة (المفترسين الجنسيين)»، وفق تعبيره.

يطرح ناشطو جمعيات تُحارب هذه الظاهرة، صعوبات تحول دون تنفيذ أعمالهم بنجاح، منها أنّ الفتيات الضحايا لا يُبلّغن، في كثير من الأحيان، عما يتعرّضن له، لعدِّ بعض المجتمع الجزائري الاعتداء الجنسي بمثابة «تابو»، فتفضّل الضحية الصمت خوفاً من «انتشار الفضيحة»، خصوصاً إذا كان «الجلاد» من العائلة أو الأقارب، وفق تقرير لـ«الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل» المعروفة بـ«ندى».

وصرَّح المحامي وعضو «الشبكة» فؤاد غلام الله، لموقع «الصحة»، بأنّ النصوص القانونية المُحارِبة للاعتداء الجنسي ضدّ الأطفال والنساء، عُزِّزت منذ عام 2015، لكنه أشار إلى «معوقات» تجعل منها «مجرّد نصوص مكتوبة؛ أهمها، قلة البلاغات عن الاعتداءات»، مؤكداً أنه «عندما يُبلَّغ عن حالة اعتداء، تستفيد المرأة المعنية من الرعاية فوراً».

وشدّد المحامي على «أهمية نشر الوعي في المجتمع بخصوص التحذير من آفة الاعتداءات الجنسية»، موضحاً أنّ العام الدراسي الجديد، «يمكن أن يشكّل فرصة لإثارة الموضوع، وحضّ الضحايا على التحدّث»، داعياً وسائل الإعلام إلى الانخراط في مسعى التوعية بالقضية.

وتعالت أصوات في السنوات الأخيرة تطالب بتطبيق عقوبة الإعدام ضدّ مَن يثبت تورّطه بتهمة الاعتداء الجنسي. والمعروف أنّ حكم الإعدام تصدره المحاكم، لكنّ تنفيذه متوقف منذ عام 1992 جراء ضغوط حكومات غربية ومنظمات حقوقية دولية.

بدوره، قال رئيس «مؤسسة ترقية الصحة» الطبيب الباحث مصطفى خياطي، في تصريحات، إنّ تقديراته بشأن الاعتداءات الجنسية تؤكد أنّ «نحو 2000 حالة تقع سنوياً، ويشكل الأطفال 90 في المائة من الضحايا». ويقول إنّ الحالات التي تعامل معها «أظهرت نتائج نفسية كارثية على الضحايا الذين يعيشون صدمات، بينما يظل الجرح مفتوحاً يرافقهم مدى العمر». ومن مظاهر المعاناة، وفق خياطي، الإدمان على المخدرات واللجوء إلى العنف، فضلاً عن الإصابة باضطرابات عصبية، وصعوبات في النوم، مشيراً إلى أنّ آثار الاعتداء الجنسي مختلفة ومتنوّعة.


مقالات ذات صلة

كيف تحمي أطفالك من التعرض للأذى الجنسي على وسائل التواصل الاجتماعي؟

يوميات الشرق النسبة المئوية للاعتداءات الجنسية على الأطفال المرتبطة بتطبيقات التواصل الاجتماعي ترتفع (رويترز)

كيف تحمي أطفالك من التعرض للأذى الجنسي على وسائل التواصل الاجتماعي؟

وجدت دراسة أن نسبة 7 % من الأطفال الذين عولجوا من الاعتداء الجنسي في أحد مستشفيات كاليفورنيا قالت إن وسائل التواصل الاجتماعي سهلت تواصلهم مع مرتكب الجريمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام متجر «هارودز» في لندن (إ.ب.أ)

النيابة العامة البريطانية لم تكمل تحقيقين حول محمد الفايد قبل سنوات

اعترف مكتب المدعي العام البريطاني بأنه قرر مرتين، في 2009 و2015، عدم ملاحقة محمد الفايد، رغم تحقيقات للشرطة حوله، وذلك إثر اتهامه من عشرات النساء له بالاغتصاب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق اتّهمت 37 امرأة «من مختلف أنحاء العالم» الفايد بالاعتداء عليهنّ (أ.ف.ب)

قضية محمد الفايد «تجمع العناصر الأكثر رعباً» من مثيلاتها... «كان وحشاً»

قال محامو ضحايا محمد الفايد المزعومين، إنّ القضية «تجمع بعضاً من العناصر الأكثر رعباً في القضايا التي تتضمّن جيمي سافيل، وجيفري إبستين، وهارفي واينستين».

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا المحامية غلوريا ألريد والناجية ناتاشا تحضران في لندن مؤتمراً صحافياً حول الفيلم الوثائقي الذي أنتجته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بعنوان «الفايد: المفترس في هارودز» 20 سبتمبر 2024 (رويترز)

متاجر «هارودز» تعتذر بشأن اتهامات اعتداء جنسي موجهة لمالكها السابق محمد الفايد

اعتذرت سلسلة متاجر «هارودز» الفاخرة في لندن عن اتهامات موجهة لمالكها السابق رجل الأعمال الملياردير محمد الفايد بالاغتصاب والاعتداء جنسياً على عدد من الموظفات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ مدخل مقر وكالة المخابرات المركزية «سي آي إيه» في لانغلي بمقاطعة فيرفاكس فرجينيا (رويترز)

السجن 30 عاماً لضابط سابق في الـ«سي آي إيه» اعتدى جنسياً على عشرات النساء

أعلنت وزارة العدل الأميركية، الأربعاء، أن ضابطاً سابقاً بوكالة المخابرات المركزية حُكم عليه بالسجن 30 عاماً لقيامه بتخدير والاعتداء جنسياً على عشرات النساء.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«تيتا زوزو» يثير استياء «الموسيقيين» في مصر

إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)
إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)
TT

«تيتا زوزو» يثير استياء «الموسيقيين» في مصر

إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)
إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)

أثار مسلسل «تيتا زوزو» استياء «الموسيقيين» في مصر، الذين اعترضوا على مشهد تضمّن حواراً بين الفنانة إسعاد يونس بطلة العمل وأحد الفنانين المشاركين يتحدث عن التحاقه بكلية «التربية الموسيقية»، وخلال المشهد يتم وصم منسوبيها بـ«الفشل»، ووصفهم بـ«الآلاتية».

وأصدرت كلية «التربية الموسيقية» بجامعة «حلوان» بياناً استنكر «الحوار»، كما عدّت الكلية أن ما قِيل على لسان صُنّاع العمل يُعدّ إساءة بالغة للموسيقيين، كأنه يشير إلى أن من يتقدّم للالتحاق بكلية «التربية الموسيقية» شخص «فاشل».

وأكد بيان الكلية أن «الوصف يمسّ كرامة العاملين والطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ويقلّل من شأن مؤسسة عريقة أسهمت في تطوير الموسيقى المصرية على مدار عقود».

وأوضح البيان أن كلية «التربية الموسيقية» من القلاع الفنية في مصر، مثل: المعاهد المتخصصة الأخرى كـ«المعهد العالي للموسيقى العربية» و«الكونسرفتوار».

من جانبه قال وكيل ثانٍ «نقابة الموسيقيين»، أستاذ بكلية «التربية الموسيقية» بجامعة «حلوان» الدكتور محمد عبد الله، إن «خريجي الكلية يلعبون دوراً مهماً في مجالات التدريس الموسيقي، وتأليف الموسيقى التصويرية والتوزيع، وغيرها من أدوات العمل الفني».

الملصق الدعائي لمسلسل «تيتا زوزو» (الشركة المنتجة)

وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أكد عبد الله أن «الكاتب هو المسؤول الأول عن هذه الإساءة، وكان يتعيّن عليه الإشارة إلى الموسيقى وعدم أهميتها، ما دام أنه يرى ذلك أو يريد توصيل هذا المعنى، ولكن بوجه عام دون تحديد اسم الكلية».

ووصف عبد الله الحوار الدرامي بأنه «فخ وقع به المؤلف، الذي لم يتدارك الموقف خلال الحلقة ويصلح ما أفسده»، ويتابع: «كلمة (مشخصاتي) التي كانت تُطلق على الممثل قديماً طُمست ولم تعد تُقال، فلماذا تتم الإساءة للموسيقي ووصفه بـ(الآلاتي) إذن؟ وهي الكلمة التي كانت تُقال للشخص الذي يتقن العزف على آلة بعينها، في ثلاثينات القرن الماضي قبل إنشاء الكليات المتخصصة».

وقال وكيل ثانٍ «نقابة الموسيقيين» إنه «غير عاتب على الفنانة إسعاد يونس ولا غيرها من الممثلين، فهم أدوات في يد صناع العمل»، وفق قوله، ولكنه «عاتب على المخرج والكاتب والرقابة على المصنفات الفنية في مصر التي مررت المشهد دون حذفه أو تعديله، والسماح بالإساءة إلى صرح أكاديمي عريق يضم قيادات وطلبة وأساتذة جامعيين».

إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)

وطالب عبد الله باعتذار رسمي من صُنّاع العمل ومحاولة حذف المشهد، مؤكداً أن «الفن لغة للجمال وليس للإساءة، وأن كتابة النص تحتاج إلى الدقة والحرص البالغ، حتى لا يقع الكاتب في فخ الإهانة والسخرية من أي مهنة أو شخص».

وذكر عبد الله أن صُنّاع العمل لم يتواصلوا مع إدارة الكلية، ولم يقدم أحد اعتذاره عما قيل.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع بعض صنّاع العمل، لمعرفة موقفهم من بيان الكلية والرد عليه، ومن بينهم المخرجة شيرين عادل والكاتب محمد عبد العزيز، دون أن نتلقى رداً أو تعليقاً.

وترى الناقدة الفنية المصرية خيرية البشلاوي أنه «لا بد من التدقيق في جوهر العمل بكامله، وهل السياق العام يُهين خريجي الكلية أم مجرد مشهد عابر يمهد لتوضيح أهمية الموسيقيين خلال الحلقات المقبلة».

وتضيف البشلاوي لـ«الشرق الأوسط»: «إسعاد يونس فنانة وإعلامية تعي جيداً ما تقدّم، ولن تقبل الإساءة إلى أي مهنة»، كما ترفض البشلاوي حذف المشهد من السياق؛ لكنها تطالب بمتابعة الأحداث للنهاية، لتكوين تصور عام يوضح ما دار بالمشهد.

لم تكن واقعة اتهام مسلسل «تيتا زوزو» بالإساءة إلى إحدى المهن هي الأولى، وإنما وُجهت اتهامات مماثلة إلى أعمال أخرى، من بينها اتهام صُنّاع مسلسل «البيت بيتي 2» بالإساءة لمزارعي مصر، وكذلك اتهام صناع مسلسل «أشغال شقة» الذي عُرض في رمضان الماضي بالإساءة إلى مهنة الطب الشرعي، وكذلك اتهام مسلسل «الكبير أوي»، بالإساءة إلى مهنة التمريض، واتُّهم صناع مسلسل «مع سبق الإصرار» بالإساءة إلى مهنة المحاماة، وواجه صناع فيلم «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة» في وقت سابق اتهامات بالإساءة إلى مهنة التدريس.