ممثل من الطراز الرفيع، لديه القدرة على تقمص الشخصيات باحترافية، ويتقن أداء الشخصيات المركبة. مر بتحديات كبيرة لانطلاقته. لم يستعجل على البطولة ولم يطلبها، لكنها أتت إليه ووضعته على عرشها، ليصبح نجماً عالمياً ينافس أول أفلامه التي أدى بطولتها على جائزة «الأوسكار»، إنه الممثل محمد فراج.
يشهد له الوسط الفني بالتميز والصدق في أدائه. وصفه المخرج عمر هلال بالصادق في تمثيله، فهو يرى أن فراج لديه موهبة كبيرة وقدرة في إيصال مشاعر الشخصية التي يؤديها للمشاهد، كما أنه يجيد تنوع الأدوار، وأيضاً يعرف كيف يضع الكوميديا في قالب الشخصية التي يؤديها، وليست في قالبه الشخصي. وهذه الأسباب كانت نقاط أساسية لاختياره، فهو فنان ذكي صادق في مشاعره، يعرف كيف يؤدي الشخصية ويقنع المشاهد بحقيقتها.
من الرياضة للتمثيل
يقول فراج لـ«الشرق الأوسط» إن «الدور ينادي صاحبه، والممثل متلقٍّ للأدوار، وله الحرية في قبولها أو رفضها».
بدأ فراج حياته لاعب كرة قدم، ووصل إلى مرحلة الاحتراف في النادي الأهلي لفئة الناشئين، واتجه للتمثيل منذ 23 عاماً، وقضى فيه أكثر من نصف عمره، متنقلاً بين عدة أدوار في المسلسلات والأفلام. وبين محمد فراج الممثل ولاعب الكرة، يرى فراج أن الشغف كان وراء احترافه كل هواية مارسها؛ سواء في كرة القدم أو التمثيل، وكلتاهما تركتا بصمتيهما في تشكيل شخصيته.
فراج يقدس حياته الخاصة، ويرى أن الخصوصية أفضل طريقة للعيش بسلام مع من حوله. ومع علمه بأن الشهرة لها ضريبتها، يحاول بقدر الإمكان الابتعاد عنها والتركيز في أعماله، واستغلال الوقت في قضائه مع زوجته وأصدقائه المقربين، طالباً من الله أن يعطيه خير الشهرة ويبعد عنه شرها، فليس كل مشهور محبوباً وصالحاً في المجتمع.
بطولة و«أوسكار»؟
وعن أول بطولة قام بها في فيلم «فوي فوي فوي» الذي رشحته مصر لجائزة «الأوسكار»، يقول فراج: «عندما قرأت دوري في الفيلم الذي يتحدث عن واقعة حقيقية حدثت في عام 2015، بمشاركة نيللي كريم وبيومي فؤاد، وإنتاج مشترك بين (فيلم كلينيك)، و(فوكس ستوديوز)، و(إيميج نيشن أبوظبي) تحمست جداً لمعرفة تفاصيل القصة؛ خصوصاً أن شخصية حسن السيد في الفيلم شخصية حقيقية، وأنا أعشق تجسيد أدوار الشخصيات الحقيقية، ويأخذني الفضول لمعرفة تفاصيل حياتها وسلوكها وطريقة تعاملها مع الآخرين، ومع الأمور الحياتية».
يرى فراج أن شخصية حسن السيد نموذج لشخصيات موجودة بكثرة في كل العالم، وليس في مصر فقط، تركض خلف طموحها وتحقيق أهدافها في ظل ظروف صعبة وقاسية. ولكن حسن السيد يتميز بذكاء عالٍ رغم بساطة تعليمه وحياته، ولديه جرأة في بلورة هذا الذكاء لأفعال ومواقف تساعده على تحقيق حلمه. اختار طريقاً صعبة لقرار مصيري، وتحايل على كل من حوله لإقناعهم بأنه كفيف رغم إبصاره: «في المشهد تحدٍّ كبير يتمثل فيَّ: ما الجديد الذي سيقدمه محمد فراج؟ وما الذي سيفعله ليختلف عن الكل؟».
فراج قال إنه أدى مشاهده وهو كفيف في الفيلم، مغمضاً عينيه، ليعيش الإحساس بشكل حقيقي، مما عرّضه لكثير من المواقف التي أصيب فيها نتيجة التصادم؛ خصوصاً أثناء مشاهد لعب الفريق كرة القدم، وتعرضه لإصابة قال عنها إنها بسيطة نوعاً ما، بعد سقوطه على لوح خشبي به كثير من المسامير.
الارتقاء بالفن
نشأ فراج على المسرح، ويحترم التلفزيون؛ لكنه عاشق للسينما، ويرى في المنصات فائدة كبيرة لتلبية حاجة المستهلكين للثقافة والترفيه، كما أنها تتيح وصول المنتج الفني لشريحة كبيرة من الجمهور، ووضعت الفنانين تحت الضوء المباشر والتقييم والنقد، بسبب توسع شريحة المشاهدين من مختلف الثقافات والجنسيات.
وعن دخول السعودية سوق السينما، رأى فراج أن هذا الوجود سجل علامة فارقة في منطقة الشرق الأوسط، فالسينما في السعودية تتصدر قائمة الأكثر ربحاً في المنطقة منذ افتتاحها من 5 سنوات؛ مشيراً إلى أن هذا الوجود أحدث فرقاً في نوعية الأفلام التي تُقدَّم، وألزم الطامعين بأن يكونوا على قدر المستوى المطلوب.
وقدم فراج نصيحته للمبتدئين في صناعة السينما بالسعودية، بقوله: «اثبتوا على شجاعتكم الفنية وجرأتكم والحماس الذي يراه العالم أجمع؛ ليس فقط في الفن؛ بل أيضاً في الرياضة، فالسعودية وإنجازاتها المنطلقة بسرعة الصاروخ محط أنظار العالم، والكل يشهد على المثابرة الواضحة لعمل فن متطور، وهذا ما شاهدته في أفلام سعودية شاركت في مهرجانات عالمية، وأفلام شاركت في مهرجانات في مصر وحصدت عدة جوائز، وأقول لهم: نشد على أيديكم، ويدنا معكم للارتقاء بالفن العربي».