مصر: غرفتان بمعبد رمسيس الثالث استُخدمتا كساعة زمنية لتحديد الفصول

معبد الملك رمسيس الثالث في الأقصر (أرشيفية - وسائل إعلام محلية)
معبد الملك رمسيس الثالث في الأقصر (أرشيفية - وسائل إعلام محلية)
TT

مصر: غرفتان بمعبد رمسيس الثالث استُخدمتا كساعة زمنية لتحديد الفصول

معبد الملك رمسيس الثالث في الأقصر (أرشيفية - وسائل إعلام محلية)
معبد الملك رمسيس الثالث في الأقصر (أرشيفية - وسائل إعلام محلية)

أكد أيمن أبو زيد، رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، وجود أدلة على أن قدماء المصريين عرفوا فصل الخريف، وأن السنة المصرية القديمة كانت تتكوّن من أربعة فصول، مشيراً إلى أن دراسة حديثة قامت بها جمعيته، أثبتت أن اليوم (السبت) يوافق اليوم الأول من فصل الخريف.

وقال أبو زيد، في تصريحات لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن الغرفتين بمعبد الملك رمسيس الثالث الواقع ضمن مجموعة معابد الكرنك، في مدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر، استُخدمتا من قبل المصري القديم كساعة زمنية لتحديد الفصول، لافتاً إلى أنه تمكّن من خلال الدراسة العلمية والرصد الميداني لحركة الشمس في هاتين الغرفتين من رصد نهاية فصل الصيف وبداية فصل الخريف.

وأوضح أبو زيد أن معبد الملك رمسيس الثالث هو أحد المعابد المقدسة بمجموعة معابد الكرنك المشيّدة على أسس فلكية، والتي تجعل المعبد بمثابة ساعة تقويم لرصد فصول العام.

ولفت إلى أن ما تم رصده لحركة الشمس داخل الغرفتين المقدستين بالمعبد منذ 21 من شهر يونيو (حزيران) الماضي وحتى اليوم، وعلى مدار ثلاثة شهور كاملة، أكد على أن هاتين الغرفتين تسجلان نهاية فصل الصيف وبداية فصل الخريف بحسب التقويم المصري القديم.

وبيّن أنه بذلك تكون السنة المصرية القديمة قد تكوّنت من أربعة فصول، كل فصل مكوّن من ثلاثة شهور، على عكس ما عُرف في الماضي أن السنة المصرية القديمة مكونة من ثلاثة فصول، كل فصل منها مكون من أربعة شهور.

وتابع أبو زيد أن الغرف الداخلية الملحقة بمعبد الملك رمسيس الثالث بالكرنك، صُممت لتسقط من خلالها أشعة الشمس عبر فتحات رأسية في سقف المعبد، وذلك بصورة مائلة تنتهي مع بداية فصل الخريف. وأشار إلى أن ذلك يدل، طبقاً لزوايا سقوط أشعة الشمس داخل هذه الغرف، على أن القياسات المعمارية توافقت مع حركة الشمس وسقوط أشعتها لتستمر حركة الشمس وسقوط أشعتها بزوايا مختلفة مع بداية فصل الصيف والانتهاء بإعلان فصل جديد وهو فصل الخريف.

ولفت أبو زيد إلى أن علماء الآثار لم يشيروا إلى فصل الخريف، وإنما نوّهوا إلى تداخله مع فصل الصيف، وبذلك توافقت الدراسات في السابق على القول إن السنة المصرية القديمة تكوّنت من ثلاثة فصول ارتبطت بالزراعة.

ورأى أن دراسته الجديدة، التي جرت من خلال الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، أثبتت من خلال العمارة الفلكية التي شُيّد على أساسها معبد الملك رمسيس الثالث بالكرنك، أن المصري القديم عرف أربعة فصول في العام، وأن سقوط الشمس داخل تلك الغرف الملحقة بالمعبد، لم يكن من قبيل الصدفة، وإنما يدل على مدى معرفة قدماء المصريين بدقائق العلوم الفلكية، ومعرفتهم بأربعة فصول من بينها فصل الخريف.

ورفض أبو زيد القبول بصحة كل النظريات الأجنبية المتعلقة بتاريخ وعلوم وفنون مصر القديمة، عادّاً أن ما تركه المصري القديم من معالم أكد ريادته في شتى العلوم والفنون التي تستوعب وجود أكثر من نظرية علمية بشأن هذه الحضارة.

وقال إن معابد الكرنك هي الأشهر بين مجموعات المعابد والمعالم الأثرية بالعالم، وعمل بها العديد من علماء الآثار الأجانب والمصريين على مدار قرابة قرنين من الزمان، لافتاً إلى أن من كشف ارتباط معابد الكرنك بالانقلاب الصيفي، والظاهرة الفلكية التي تشهدها تلك المعابد في وقت الظهيرة، هم الباحثون المصريون الذين توصلوا لاكتشاف أهم حلقة من حلقات أطوار الشمس التي ذكرها المصري القديم بصورة رمزية ومعمارية في كتاباته وفي فنون عمارته التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بعلوم الفلك.

يُذكر أن قدماء المصريين برعوا في علوم الفلك والهندسة، ونجحوا في توجيه معابدهم باتجاهات متعددة، بحسب معتقدات وطقوس كل معبد، وما كان يشهده من ظواهر فلكية تأتي إحياء لمناسبات ملكية ودينية.

وتتباين الظواهر الفلكية بالمعابد المصرية، ما بين تعامد للشمس وقت الشروق، مثل ما يشهده معبد أبو سمبل في أسوان، وتعامد الشمس في وقت الظهيرة، مثل ما يشهده معبد إدفو، وتعامد القمر مثل ما يجري في معابد الكرنك الفرعونية الشهيرة بمدينة الأقصر الغنية بمعابد ومقابر ملوك وملكات ونبلاء الفراعنة.

وتقول الدراسات الأثرية إن مصر الفرعونية، عرفت الكثير من الظواهر الفلكية عبر تاريخها.


مقالات ذات صلة

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق طريقة بناء الأهرامات تُمثل لغزاً كبيراً (الشرق الأوسط)

فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يُجدد الجدل بشأن طريقة بناء الأهرامات المصرية

جدّد مقطع فيديو قصير مُولد بالذكاء الاصطناعي، يشرح طريقة بناء الأهرامات، الجدلَ بشأن نظريات تشييد هذه الآثار الضخمة.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق اكتشاف عدد من اللقى الأثرية والأدوات الشخصية للجنود (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة أثرية بالدلتا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الخميس، عن اكتشاف «ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة» أثرية تعود لعصر الدولة الحديثة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.