جوائز «إيمي» في مهبّ إضراب الكتّاب... و«الخلافة» في طليعة الترشيحات

إعلان ترشيحات جوائز «إيمي» وسط إضراب الكتّاب والممثلين في «هوليوود» (موقع «إيمي»)
إعلان ترشيحات جوائز «إيمي» وسط إضراب الكتّاب والممثلين في «هوليوود» (موقع «إيمي»)
TT

جوائز «إيمي» في مهبّ إضراب الكتّاب... و«الخلافة» في طليعة الترشيحات

إعلان ترشيحات جوائز «إيمي» وسط إضراب الكتّاب والممثلين في «هوليوود» (موقع «إيمي»)
إعلان ترشيحات جوائز «إيمي» وسط إضراب الكتّاب والممثلين في «هوليوود» (موقع «إيمي»)

رغم أن مصير حفل توزيع جوائز «إيمي» التلفزيونية لا يزال مجهولاً بفعل إضراب الكتّاب واحتمال اعتكاف ممثّلي هوليوود، فإن الترشيحات أُعلنت، وهي لم تأتِ خالية من المفاجآت والخيبات.

ضمن عرضٍ افتراضي بُثّ عبر الفيديو، جرى الإعلان عن المسلسلات المرشّحة لنيل جوائز الأكاديمية الدولية للفنون والعلوم التلفزيونية لعام 2023. وقد تميّز من بينها، مسلسل Succession (الخلافة) حاصداً 27 ترشيحاً. عن فئة الدراما كذلك، تصدّر مسلسلا The Last of Us (الأخير منّا) بـ24 ترشيحاً، وThe White Lotus (اللوتس الأبيض) بـ23.

ملصق الموسم الأخير من Succession (HBO)

«HBO» تسرق الضوء من «نتفليكس»

العنصر المشترك بين هذه الأعمال الثلاثة المتصدّرة، هو أنها تُعرض جميعها على منصة «HBO». بذلك، تكون «HBO» قد سرقت الصدارة من باقي المنصات، وعلى رأسها «نتفليكس».

لكن مهما تنوّعت عناوين المسلسلات والجهات المنتجة، يبقى المؤكد أن منصات البث على اختلافها، ما زالت نجمة عالم الترفيه والصناعة التلفزيونية، حتى إشعار آخر. إشعارٌ يلوّح به كتّاب السيناريو المضربون عن العمل منذ قرابة 3 أشهر، مطالبين استوديوهات الإنتاج الكبرى برفع أجورهم. وقد انضمّ إلى الكتّاب نحو 160 ألف ممثل، واضعين بدورهم مصير الإنتاجات السينمائية والتلفزيونية في مهب الريح.

في عين العاصفة، يقف كذلك موعد حفل توزيع جوائز «إيمي» في نسخته الـ75، والذي كان مقرراً في 18 سبتمبر (أيلول) المقبل. وقد رجّحت معلومات إمكانية تأجيله إلى نوفمبر (تشرين الثاني)، فيما لم تستبعد مصادر هوليوودية أن يتأخر الموعد إلى مطلع عام 2024 بسبب الإضراب المتواصل.

الممثلون ينضمون إلى كتّاب «هوليوود» في إضرابهم المتواصل منذ أكثر من شهرين (رويترز)

أبرز المسلسلات المرشحة

يواصل مسلسل «Succession» إبهار المشاهدين والاستحواذ على إجماع النقّاد. ففي موسمها الرابع والأخير، بدت نهاية حكاية عائلة «روي» مقنِعة ومُرضية بالنسبة إلى القاعدة الجماهيرية والصحافة على حدٍّ سواء. لم يكن مستغرباً بالتالي أن يُترجَم هذا النجاح المدوّي 27 ترشيحاً، عن فئات أفضل مسلسل درامي وأفضل تمثيل وأفضل نص وأفضل إخراج.

هذا المسلسل الذي سبق أن فاز بجائزة «إيمي» لأفضل دراما مرتين خلال السنوات الثلاث الماضية، تتمحور أحداثه حول عائلة ثرية تملك أكبر شبكة إعلامية في العالم. وفي الموسم الرابع، يزداد الشرخ بين أفراد تلك العائلة بعد اتخاذ قرار بيع الإمبراطورية الإعلامية والترفيهية.

عن فئة الدراما كذلك، ينافس مسلسل «The Last of Us» الذي عرضته «HBO» مطلع هذا العام. ونظراً للنجاح المدوّي الذي حققه الموسم الأول، فقد قررت المنصة إنتاج موسم ثانٍ من المتوقع أن يصبح جاهزاً للبث في 2025.

يتناول المسلسل المقتبس عن لعبة فيديو اشتُهرت سنة 2013، سرديّة افتراضيّة عن مرحلة ما بعد جائحة حوّلت الناس إلى هياكل متحرّكة وهدّمت البشرية. لم يبقَ في الواجهة سوى المهرّب «جويل» والناجية المراهقة «إيللي» التي تحمل الأمل الوحيد بإنقاذ البشرية.

ترشيحات النسخة الـ75 من جوائز «إيمي» تأخذ في الاعتبار المسلسلات والبرامج التي عُرضت ما بين مطلع يونيو (حزيران) 2022، ونهاية مايو (أيار) 2023. ومن بين تلك الأعمال، الموسم الثاني من «The White Lotus اللوتس الأبيض» الحائز 23 ترشيحاً. يواكب المسلسل الذي عرضته «HBO» يوميات سياح أثرياء في منتجع The White Lotus المتخيّل. وتتأرجح الحكاية ما بين المواقف الدرامية والهجاء الاجتماعي، ضمن حلقة ضيقة تحرّكها سطوة المال والجنس والسلطة.

مسلسل «The White Lotus» أحد أبرز المرشحين عن فئة الدراما (إنستغرام)

عن فئة الدراما، أطلّت «نتفليكس» برأسها بخجل من خلال ترشيح وحيد لمسلسل The Crown (التاج)، فيما استحوذت «HBO» على معظم الترشيحات. ينافس كذلك عن فئة أفضل دراما House of the Dragon، وAndor، وBetter Call Saul، وYellowjackets.

وبالانتقال إلى الكوميديا، فقد تصدّر قائمة الأعمال المرشحة مسلسل Ted Lasso بـ21 ترشيحاً. المسلسل الذي تعرضه منصة «Apple TV+»، يروي في مواسمه الثلاثة حكاية مدرّب أميركي ينتقل إلى لندن لتدريب فريق كرة قدم إنجليزي في مسعى لضمّه إلى الدوري الممتاز. يفشل «تيد» في المهمة الرياضية، غير أنه ينجح في الكوميديا وفي كسب تعاطف الجمهور.

من بين مسلسلات «نتفليكس» الكوميدية، وحده Wednesday استطاع أن يخترق القائمة مع 12 ترشيحاً. وهو يتنافس مع The Marvelous Mrs. Maisel، وThe Bear، وOnly Murders in the Building، وAbbott Elementary، وBarry. أما مفاجأة الترشيحات الكوميدية فكان ترشيح Jury Duty، الذي كان قد ترافقَ عرضُه مع نقد إعلامي لاذع.

أما عن فئة أفضل سلسلة قصيرة، فبرز من بين المرشحين مسلسلا Beef وDahmer من إنتاج «نتفليكس». وبينما ينتمي Beef إلى فئة الكوميديا السوداء، ويعالج قضية غريبَين يجمعهما حادث طريق يتحوّل إلى عداوة معقّدة، يقع Dahmer في خانة الجريمة الواقعية؛ وقد استحق الممثل إيفان بيترز ترشيحاً عن أدائه دور القاتل المتسلسل جيفري دامر.

الممثل إيفان بيترز مرشح لنيل جائزة «إيمي» عن دوره في مسلسل «Dahmer» (نتفليكس)

ومن بين أبرز الممثلين المرشحين للحصول على جائزة إيمي، بيدرو باسكال عن دوره في The Last of Us، وجيريمي سترونغ عن مشاركته في Succession، إضافةً إلى جينا أورتيغا عن دورها في Wednesday، وكوينتا برونسون التي أدت شخصية «جانين» في مسلسل Abbott Elementary.


مقالات ذات صلة

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق جود السفياني (الشرق الأوسط)

جود السفياني... نجمة سعودية صاعدة تثبّت خطواتها في «خريف القلب»

على الرغم من أن الممثلة جود السفياني ما زالت في بداية العقد الثاني من عمرها، فإنها استطاعت أن تلفت الأنظار إليها من خلال مسلسلات محليّة حققت نسب مشاهدة عالية.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الفنان المصري مصطفى فهمي (وزارة الثقافة)

حزن في مصر لرحيل «برنس الشاشة» مصطفى فهمي

خيَّمت حالة من الحزن على الوسط الفني بمصر، الأربعاء، بعد إعلان رحيل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً.

محمد الكفراوي (القاهرة)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
TT

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

كل 10 دقائق تُقتل امرأةٌ عمداً في هذا العالم، على يد شريكها أو أحد أفراد عائلتها. هذا ليس عنواناً جذّاباً لمسلسل جريمة على «نتفليكس»، بل هي أرقام عام 2023، التي نشرتها «هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة» عشيّة اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يحلّ في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام.

ليس هذا تاريخاً للاحتفال، إنما للتذكير بأنّ ثلثَ نساء العالم يتعرّضن للعنف الجسدي، على الأقل مرة واحدة خلال حياتهنّ، وذلك دائماً وفق أرقام الهيئة الأمميّة. وفي 2023، قضت 51100 امرأة جرّاء التعنيف من قبل زوجٍ أو أبٍ أو شقيق.

كل 10 دقائق تُقتَل امرأة على يد شريكها أو فرد من عائلتها (الأمم المتحدة)

«نانسي» تخلّت عن كل شيء واختارت نفسها

من بين المعنَّفات مَن نجونَ ليشهدن الحياة وليروين الحكاية. من داخل الملجأ الخاص بمنظّمة «أبعاد» اللبنانية والحاملة لواء حماية النساء من العنف، تفتح كلٌ من «نانسي» و«سهى» و«هناء» قلوبهنّ المجروحة لـ«الشرق الأوسط». يُخفين وجوههنّ وأسماءهنّ الحقيقية، خوفاً من أن يسهل على أزواجهنّ المعنّفين العثور عليهنّ.

جسدُ «نانسي» الذي اعتادَ الضرب منذ الطفولة على يد الوالد، لم يُشفَ من الكدمات بعد الانتقال إلى البيت الزوجيّ في سن الـ17. «هذا التعنيف المزدوج من أبي ثم من زوجي سرق طفولتي وعُمري وصحّتي»، تقول الشابة التي أمضت 4 سنوات في علاقةٍ لم تَذُق منها أي عسل. «حصل الاعتداء الأول بعد أسبوع من الزواج، واستمرّ بشكلٍ شبه يوميّ ولأي سببٍ تافه»، تتابع «نانسي» التي أوت إلى «أبعاد» قبل سنتَين تقريباً.

تخبر أنّ ضرب زوجها لها تَركّزَ على رأسها ورجلَيها، وهي أُدخلت مرّتَين إلى المستشفى بسبب كثافة التعنيف. كما أنها أجهضت مراتٍ عدة جرّاء الضرب والتعب النفسي والحزن. إلا أن ذلك لم يردعه، بل واصل الاعتداء عليها جسدياً ولفظياً.

غالباً ما يبدأ التعنيف بعد فترة قصيرة من الزواج (أ.ف.ب)

«أريد أن أنجوَ بروحي... أريد أن أعيش»، تلك كانت العبارة التي همست بها «نانسي» لنفسها يوم قررت أن تخرج من البيت إلى غير رجعة. كانا قد تعاركا بشدّة وأعاد الكرّة بضربها وإيلامها، أما هي فكان فقد اختمر في ذهنها وجسدها رفضُ هذا العنف.

تروي كيف أنها في الليلة ذاتها، نظرت حولها إلى الأغراض التي ستتركها خلفها، وقررت أن تتخلّى عن كل شيء وتختار نفسها. «خرجتُ ليلاً هاربةً... ركضت بسرعة جنونيّة من دون أن آخذ معي حتى قطعة ملابس». لم تكن على لائحة مَعارفها في بيروت سوى سيدة مسنّة. اتّصلت بها وأخبرتها أنها هاربة في الشوارع، فوضعتها على اتصالٍ بالمؤسسة التي أوتها.

في ملجأ «أبعاد»، لم تعثر «نانسي» على الأمان فحسب، بل تعلّمت أن تتعامل مع الحياة وأن تضع خطة للمستقبل. هي تمضي أيامها في دراسة اللغة الإنجليزية والكومبيوتر وغير ذلك من مهارات، إلى جانب جلسات العلاج النفسي. أما الأهم، وفق ما تقول، فهو «أنني أحمي نفسي منه حتى وإن حاول العثور عليّ».

تقدّم «أبعاد» المأوى والعلاج النفسي ومجموعة من المهارات للنساء المعنّفات (منظمة أبعاد)

«سهى»... من عنف الأب إلى اعتداءات الزوج

تزوّجت «سهى» في سن الـ15. مثل «نانسي»، ظنّت أنها بذلك ستجد الخلاص من والدٍ معنّف، إلا أنها لاقت المصير ذاته في المنزل الزوجيّ. لم يكَدْ ينقضي بعض شهورٍ على ارتباطها به، حتى انهال زوجها عليها ضرباً. أما السبب فكان اكتشافها أنه يخونها واعتراضها على الأمر.

انضمّ إلى الزوج والدُه وشقيقه، فتناوبَ رجال العائلة على ضرب «سهى» وأولادها. نالت هي النصيب الأكبر من الاعتداءات وأُدخلت المستشفى مراتٍ عدة.

أصعبُ من الضرب والألم، كانت تلك اللحظة التي قررت فيها مغادرة البيت بعد 10 سنوات على زواجها. «كان من الصعب جداً أن أخرج وأترك أولادي خلفي وقد شعرت بالذنب تجاههم، لكنّي وصلت إلى مرحلةٍ لم أعد قادرة فيها على الاحتمال، لا جسدياً ولا نفسياً»، تبوح السيّدة العشرينيّة.

منذ شهرَين، وفي ليلةٍ كان قد خرج فيها الزوج من البيت، هربت «سهى» والدموع تنهمر من عينَيها على أطفالها الثلاثة، الذين تركتهم لمصيرٍ مجهول ولم تعرف عنهم شيئاً منذ ذلك الحين. اليوم، هي تحاول أن تجد طريقاً إليهم بمساعدة «أبعاد»، «الجمعيّة التي تمنحني الأمان والجهوزيّة النفسية كي أكون قوية عندما أخرج من هنا»، على ما تقول.

في اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة تحث الأمم المتحدة على التضامن النسائي لفضح المعنّفين (الأمم المتحدة)

«هناء» هربت مع طفلَيها

بين «هناء» ورفيقتَيها في الملجأ، «نانسي» و«سهى»، فرقٌ كبير؛ أولاً هي لم تتعرّض للعنف في بيت أبيها، ثم إنها تزوّجت في الـ26 وليس في سنٍ مبكرة. لكنّ المشترك بينهنّ، الزوج المعنّف الذي خانها وضربها على مدى 15 سنة. كما شاركت في الضرب ابنتاه من زواجه الأول، واللتان كانتا تعتديان على هناء وطفلَيها حتى في الأماكن العامة.

«اشتدّ عنفه في الفترة الأخيرة وهو كان يتركنا من دون طعام ويغادر البيت»، تروي «هناء». في تلك الآونة، كانت تتلقّى استشاراتٍ نفسية في أحد المستوصفات، وقد أرشدتها المعالجة إلى مؤسسة «أبعاد».

«بعد ليلة عنيفة تعرّضنا فيها للضرب المبرّح، تركت البيت مع ولديّ. لم أكن أريد أن أنقذ نفسي بقدر ما كنت أريد أن أنقذهما». لجأت السيّدة الأربعينية إلى «أبعاد»، وهي رغم تهديدات زوجها ومحاولاته الحثيثة للوصول إليها والطفلَين، تتماسك لتوجّه نصيحة إلى كل امرأة معنّفة: «امشي ولا تنظري خلفك. كلّما سكتّي عن الضرب، كلّما زاد الضرب».

باستطاعة النساء المعنّفات اللاجئات إلى «أبعاد» أن يجلبن أطفالهنّ معهنّ (منظمة أبعاد)

«حتى السلاح لا يعيدها إلى المعنّف»

لا توفّر «أبعاد» طريقةً لتقديم الحماية للنساء اللاجئات إليها. تؤكّد غيدا عناني، مؤسِسة المنظّمة ومديرتها، أن لا شيء يُرغم المرأة على العودة إلى الرجل المعنّف، بعد أن تكون قد أوت إلى «أبعاد». وتضيف في حديث مع «الشرق الأوسط»: «مهما تكن الضغوط، وحتى تهديد السلاح، لا يجعلنا نعيد السيّدة المعنّفة إلى بيتها رغم إرادتها. أما النزاعات الزوجيّة فتُحلّ لدى الجهات القضائية».

توضح عناني أنّ مراكز «أبعاد»، المفتوحة منها والمغلقة (الملاجئ)، تشرّع أبوابها لخدمة النساء المعنّفات وتقدّم حزمة رعاية شاملة لهنّ؛ من الإرشاد الاجتماعي، إلى الدعم النفسي، وتطوير المهارات من أجل تعزيز فرص العمل، وصولاً إلى خدمات الطب الشرعي، وليس انتهاءً بالإيواء.

كما تصبّ المنظمة تركيزها على ابتكار حلول طويلة الأمد، كالعثور على وظيفة، واستئجار منزل، أو تأسيس عملٍ خاص، وذلك بعد الخروج إلى الحياة من جديد، وفق ما تشرح عناني.

النساء المعنّفات بحاجة إلى خطط طويلة الأمد تساعدهنّ في العودة للحياة الطبيعية (رويترز)

أما أبرز التحديات التي تواجهها المنظّمة حالياً، ومن خلالها النساء عموماً، فهي انعكاسات الحرب الدائرة في لبنان. يحلّ اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في وقتٍ «تتضاعف فيه احتمالات تعرّض النساء للعنف بسبب الاكتظاظ في مراكز إيواء النازحين، وانهيار منظومة المساءلة». وتضيف عناني أنّ «المعتدي يشعر بأنه من الأسهل عليه الاعتداء لأن ما من محاسبة، كما أنه يصعب على النساء الوصول إلى الموارد التي تحميهنّ كالشرطة والجمعيات الأهليّة».

وممّا يزيد من هشاشة أوضاع النساء كذلك، أن الأولويّة لديهنّ تصبح لتخطّي الحرب وليس لتخطّي العنف الذي تتعرّضن له، على غرار ما حصل مع إحدى النازحات من الجنوب اللبناني؛ التي لم تمُت جرّاء غارة إسرائيلية، بل قضت برصاصة في الرأس وجّهها إليها زوجها.