بات عدد متزايد من ظواهر الثقافة الشعبية، على غرار سلسلة أفلام وروايات «هاري بوتر» ومسلسل «فريندز» التلفزيوني وأعمال المخرج تيم بورتون، محور معارض «غامرة»، تجول في مختلف أنحاء العالم مثيرةً اهتمام جمهور متنامٍ.
تقول المدرّسة والباحثة المتخصصة في دراسة سلوكيات الجماهير والقطاع الثقافي جولي إسكورينيان لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذه المعارض التي تتيح لروادها الغوص في عوالم مسلسلاتهم أو أفلامهم المفضلة، «تحقق نجاحاً لافتاً».
فمنذ المعرض الذي خُصص لفيلم «تايتانك» قبل عشرين عاماً، تُسجَّل مستويات ارتياد قياسية للأحداث التي تجمع بين عوالم الأعمال الخيالية الشعبية والتجارب الانغماسية (وهو شكل من أشكال المعارض يوفق بين أدوات تقنية تشمل السرد والمؤثرات البصرية والسمعية وتحرّك حتى حاسة الشم).
ويوضح توم زالر، رئيس شركة «إيماجن إكزبيشنز» القائمة على معرض هاري بوتر، أن تطور التكنولوجيا «يتيح إنجاز أمور بنوعية أفضل وبأسعار معقولة».
من الولايات المتحدة إلى أوروبا، يحقق معرض هاري بوتر المتنقل نجاحاً ساحقاً، إذ بيعت أكثر من 150 ألف تذكرة قبل انطلاقه في العاصمة النمساوية فيينا، و«أكثر من 175 ألف» تذكرة عشية افتتاحه في باريس.
* المتاهة
وتعزو جولي إسكورينيان هذا النجاح إلى الشهية المتزايدة لدى الجمهور لعيش تجارب مبتكرة. وتشير إلى أن هؤلاء المعجبين بالأفلام والمسلسلات «ليسوا مستهلكين عاديين. هم لا يكتفون بمشاهدة مسلسل أو فيلم، بل يحبون الذهاب أبعد وعيش تجارب مرتبطة بهذا العالم».
ويعي المنتجون أنهم يستفيدون من ظواهر موجودة مع روابط قائمة أصلا مع الجمهور. ويقول توم زالر في هذا الصدد: «لم نكن لنبيع هذا العدد من التذاكر لو نظمنا معرضا عن السحَرة بالإجمال. ثمة رابط حقيقي لدى الناس مع هاري بوتر».
ويتمثل سبب آخر لهذا النجاح في ندرة الأماكن المخصصة لهذه العوالم ولمحبيها. وتقول إسكورينيان إن «إقامة معرض في باريس تتيح لفرنسي لا يملك الموارد للذهاب إلى لندن أو أورلاندو (لزيارة المراكز الترفيهية أو استوديوهات التصوير) دخول هذا العالم».
وإثر دعوته إلى معرض مخصص لفنه، عمد تيم بورتون على الفور إلى طرح مجموعاته الخاصة وقدّم «أكثر من 180 عملاً أصلياً مع شخصيات غير موجودة بعد»، وفق ساندرين ماريل، مديرة التطوير لدى شركة «كارامبا كولتور لايف»، المنتجة التنفيذية لـ«متاهة» تيم بورتون في فرنسا.
وترى ماريل أن الجانب"العابر للأجيال أساسي أيضاً، إذ إن الرواد الأصغر سناً «يغوصون في العالم المرجعي، فيلماً بفيلم» بفضل ديكورات عدة ومؤثرات صوتية وبصرية، فيما البالغون يجدون على الجدران «عالماً كلاسيكياً أكثر مع رسوم أصلية وتدوينات لتيم بورتون».
لكن مع أسعار تذاكر تراوح عموماً بين 20 و25 يورو، ما يفوق أسعار الدخول إلى المتاحف التقليدية، فإن الجمهور يكون متطلباً، وفق ساندرين ماريل.
وهنا تكمن أهمية «وضع إطار يضخ الحياة في القطعة أبعد من مجرد عرضها كما لو أنها في متحف»، بحسب توم زالر.
ومن شأن ذلك استقطاب الزائرين من دون إفراغ المعارض التقليدية. ويقول إيناكي فرنانديز إن «الجدل بين الثقافة الرفيعة وتلك الشعبية بات من الماضي»، إذ إن «نوعاً لا يلغي الآخر، بل قد يكونان متكاملين».