النجوم يستعينون بالمجوهرات الثمينة لمزيد من البريق

تحوّل في المشهد الرجالي والصاغة يرحبون

زادت أناقة النجوم ومعها جرأتهم (أ.ف.ب)
زادت أناقة النجوم ومعها جرأتهم (أ.ف.ب)
TT

النجوم يستعينون بالمجوهرات الثمينة لمزيد من البريق

زادت أناقة النجوم ومعها جرأتهم (أ.ف.ب)
زادت أناقة النجوم ومعها جرأتهم (أ.ف.ب)

إلى عهد قريب كانت إطلالات النجوم على السجادة الحمراء متكررة وتفتقد إلى أي خيال إبداعي مقارنة بإطلالات النجمات. كانت دائماً عبارة عن بدلة سوداء مع قميص أبيض، وربطة عنق ومنديل جيب في أحسن الحالات. نادراً ما كنا نرى رجلاً يغامر خارج هذه الحدود وكأن هناك شبه إقرار بأن الأناقة امتياز أنثوي لا يخصهم.

لويس هاملتون في كامل أناقته بحفل الميتروبوليتان الأخير (أ.ف.ب)

لكن رياح التغيير بدأت تهب منذ فترة، ومع كل موسم تتبدّل المعادلة، سواء على منصات الموضة الرجالية أو المهرجانات الفنية. في عروض الأزياء شهدنا عودة منديل الجيب إلى مكانه الطبيعي يزين البدلات الرشيقة والمفصلة ويخاطب رجلاً أنيقاً لكن يميل إلى الرسمية وبعض التحفظ، وفي المهرجانات الفنية، مثل «الأوسكار» و«الغولدن غلوب» وحفل «الميت»، وغيرها، بدأت مجموعة كبيرة من النجوم يكتبون سيناريو جديد، يشجع على معانقة الموضة لا كما تُملى عليهم، بل كما يُحبّون أن يُعبّروا عن أنفسهم. والنتيجة أنهم لم يتلاعبوا بالأقمشة وحدها ولا خالفوا قواعد الألوان فحسب بل تزينوا بالذهب والماس وكل ما يخطر على البال من أحجار نفيسة. لسان حالهم يقول إن الأدوار الثانوية بوصفهم مرافقين للنجمات على السجاد الأحمر لم تعد تُعبِر عنهم أو تُشبع تلك الرغبة الاستعراضية التي ظلت كامنة بداخلهم بسبب التقاليد والمتعارف عليه.

الممثل البريطاني ريجي جان بيج في حفل الميتروبوليتان 2025 (أ.ف.ب)

رغم أن بعضهم بالغ بعض الشيء من ناحية أنهم نسقوا إطلالتهم مع سلاسل من ذهب وساعات فخمة وخواتم ضخمة، ظل البروش بكل أحجامه، القاسم المشترك بينهم جميعاً. كان أيضاً مركز الجذب، لأنه لم يكن مجرد قطعة مجوهرات نفيسة، بل يحاكي التحف الفنية بتصاميمه النابضة بالأناقة والجرأة. لا يفرق إن كان بتصاميم كلاسيكية مستوحاة من حقب فنية ماضية، أو معاصرة، النتيجة واحدة. من جهة يعكس ثقة بالنفس يعيد فيها الرجل اكتشاف الموضة عبر تغيير قواعدها وإعادة كتابة تفاصيلها الصغيرة بأسلوبه الخاص، ومن جهة أخرى تعكس مكانته الاجتماعية وذوق يواكب تغيرات العصر. وهذا ما يجعله مناسباً للكل ويرتقي بأي إطلالة في حال استعمل لوحده. إطلالة النجم أدريان برودي، خير دليل حيث اختار «بروشا» على شكل طاووس من المصممة إلسا جين ارتقت باللون الأسود وأضفت عليه التميز.

الممثل أدريان برودي في إطلالة أنيقة (أ.ف.ب)

الملاحظ أن اهتمام النجوم بالبروش كقطعة فنية في المناسبات الكبيرة بدأ يستقوى منذ عام 2019، لكنه بلغ أوجه هذا العام، بعد أن انتبهت بيوت المجوهرات الكبيرة مثل «كارتييه» و«بوشرون» و«شوميه» و«ميسيكا» وغيرها، أن زبونهم الشاب والمقتدر لم يعد يكتفي بساعة يد أو أزرار أكمام، بل أصبح أكثر جرأة ورغبة أن يدخل عالم المجوهرات مستثمراً ولاعباً قوياً، إذ لا يمكن تجاهل أن الهدف من استعمال هذا الإكسسوار ليس التألق على السجاد الأحمر فحسب، بل أيضاً طريقة ذكية لربط علاقات جيدة مع بيوت المجوهرات الكبيرة، قد تنتهي بتوقيع عقود عمل مجدية على المدى البعيد.

الموسيقي الأميركي عمر أبولو وإطلالة جريئة (أ.ف.ب)

فالاهتمام بالمجوهرات الرجالية بين عامي 2022 و2023 تجاوز النمو السنوي المتوقع وفقاً لشركة «يورومونيتور إنترناشيونال» لأبحاث السوق. هذا النمو أثبتته أيضاً دار «سوذبيز» للمزادات بتنظيمها أول معرض بيع مخصص للمجوهرات الرجالية في نيويورك في سبتمبر من عام 2023، بعد أن لمست رغبة الرجل في الارتقاء ببدلته في المناسبات المهمة إلى مستوى جديد.

المجوهرات... من المهراجات إلى المهرجانات

قد لا يستسيغ البعض إقبال الرجل على المجوهرات بهذا النهم، كما قد يستغربه البعض الآخر على أساس أنه بدعة دخيلة على الصورة الذكورية المترسخة في المخيلة الشعبية، بينما الحقيقة عكس ذلك تماماً.

فلا هو يتعارض مع مفهوم الرجولة ولا هو جديد. حين نعود بالزمن إلى الوراء، نجد أنه لم يرتبط بالمرأة وحدها بل عزَّز مكانة الرجل كقوة اجتماعية وسياسية.

معرض «كارتييه» الذي يحتضنه متحف «فكتوريا أند ألبرت» بلندن هذه الأيام مثلاً يؤكد بالصور والدلائل أنه كان رفيق درب الملوك والنبلاء.

مهراجات الهند أكثر من حملوا بريقه بوصفه رمزاً للسلطة والثراء وتعاملوا مع أحجاره كتعويذات حماية وقوة. كان بعضهم يتدخل حتى في تصميم القلادات والتيجان ويتناقش مع بيوت الأزياء حول طرق تقطيع ما بحوزتهم من أحجار نادرة.

الممثل أدريان برودي أدمَنَ «البروش» وأصبح رفيقه في كل المناسبات المهمة (أ.ف.ب)

التغيير الذي حصل أن الثقافة الشعبية تغيرت، وخرج الرجل المقتدر وكذلك النجوم من ذوي الإمكانات العالية؛ من أمثال لاعب الكرة السابق ديفيد بيكهام، والمنتج الموسيقي ومصمم دار «لوي فويتون» حالياً فاريل ويليامز، وهاري ستايلز، وتيموثي شالاميه، وغيرهم، من المنطقة الآمنة التي تكتفي بخاتم زواج وأزرار أكمام وساعة يد. لم تعد المجوهرات بالنسبة إليهم تفصيلاً إضافياً، بل محور أساسي للتعبير عن ذواتهم.

بروش على شكل وردة من «كارتييه» معروض في متحف «فكتوريا أند ألبرت» حالياً ضمن معرض «كارتييه»... (خاص)

لكن الملاحَظ أنه بينما لا تزال السلاسل وأقراط الأذن والخواتم الضخمة لصيقة بمغني الراب أو الهيب هوب، فإن البروش الرجالي اكتسب حضوره الاجتماعي ومكانته الثقافية من فنية تصاميمه وأيضاً من قدرته على قلب الموازين، بأن يُحوِل توكسيدو تقليدي إلى قطعة معاصرة، ويُضفي على سترة غير رسمية هالة من الجرأة والشخصية.


مقالات ذات صلة

لقاء الموضة بالنفوذ والصورة

لمسات الموضة الهوت كوتور... من العصر المذهب إلى عُرس القرن

لقاء الموضة بالنفوذ والصورة

مقولة منسوبة لرجل الأعمال الأميركي جي. بول غيتي مفادها أن «المال هو القوة الحقيقية في هذا العالم، ولا شيء يتحرك من دونه» تُلخص حال الموضة بشكل أو بآخر

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق مما سُرِق (مكتب التحقيقات الفيدرالي)

أكبر سرقة للمجوهرات في أميركا: 100 مليون دولار خلال ليلة واحدة

وُجِّه الاتهام إلى 7 رجال من ولاية كاليفورنيا، في إطار ما وُصفت بأنها «أكبر عملية سطو على مجوهرات في تاريخ الولايات المتحدة»، إليكم التفاصيل...

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
لمسات الموضة تعد المجوهرات سلاحاً سياسياً ناعماً ومؤثراً (خاص)

بروش ورقة القيقب الكندي... دلالات ثقافية وسياسية تنتقل عبر الأجيال

يُجسّد البروش الولاء الرمزي والارتباط العاطفي بين التاج البريطاني وكندا، ويُستخدم لإبراز الحس الدبلوماسي والاحترام العميق لثقافة الشعوب ضمن دول الكومنولث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كان حجمه مناسباً ومتناسقاً مع كثافة شعرها (خاص)

تمساح ماسي يجمع المصممة بيبي فان دير فلدن والنجمة بيونسيه

كانت مصممة المجوهرات الهولندية الأصل، بيبي فان دير فلدن، في قمة السعادة، وهي تكشف عن قرط «Queen B» الماسي الذي تألقت به بيونسيه في جولتها «Cowboy Carter».

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة تأثير كريستوبال على المصممين أمر واقع فهو "المعلم" ما وصفه كريستيان ديور

«بالنسياغا»... بين عبثية ديمنا وشاعرية بيتشولي

لم يكن تعيين بيرباولو بيتشولي مديراً إبداعياً جديداً لدار الأزياء «بالنسياغا» خبراً عادياً. اعتبره عشاق الموضة من أبرز التحركات التي عرفتها صناعة الموضة…

جميلة حلفيشي (لندن)

أسبوع الموضة الرجالية لربيع وصيف 2026 في مواجهة التغيير

من عرض فاريل ويليامز لدار «لوي فويتون» (أ.ب)
من عرض فاريل ويليامز لدار «لوي فويتون» (أ.ب)
TT

أسبوع الموضة الرجالية لربيع وصيف 2026 في مواجهة التغيير

من عرض فاريل ويليامز لدار «لوي فويتون» (أ.ب)
من عرض فاريل ويليامز لدار «لوي فويتون» (أ.ب)

الأضواء مسلطة هذا الأسبوع على عروض الـ«هوت كوتور» في باريس. الكل ينتظر أول تشكيلة يقدمها ماثيو بلايزي لدار «شانيل»، والأولى لجوناثان سوندرز لـ«ديور» وبدايات أخرى تزيد من عنصر التشويق والإثارة. لكن ماذا عن عروض الأزياء الرجالية لربيع وصيف 2026. شهدتها كل من ميلانو وباريس منذ أسابيع قليل، ومرت مروراً خافتاً يعكس حجم التغيرات التي تشهدها ساحة الموضة في الوقت الراهن. بيد أنه من الصعب القول إنها خلت تماماً من الإثارة والجديد، حتى وإن لعب هذا الجديد على القديم والمضمون. يشفع له في ميلانو تركيزه على الحرفية الإيطالية وتقاليدها، إلى جانب تطوير الأقمشة وغزلها بأساليب غير مسبوقة. أما في باريس، فكان اللعب على الإبهار والمبتكر بفضل إمكاناته الضخمة.

ميلانو... حضور الغياب

في ميلانو بدا الأسبوع وكأنه يختصر حكاية القطاع كله. تقلصت مدة فعالياته إلى ثلاثة أيام فقط، في ظل غياب أسماء كبيرة مثل «زينيا» التي اختارت تقديم تشكيلتها في دبي منتصف يونيو (حزيران) الماضي في بادرة غير مسبوقة. قالت إنها لأسباب استراتيجية وثقافية ترتبط بإرثها.

ثم جاء غياب السيد جيورجيو أرماني. لم يحضر لتحية ضيوفه كعادته في عرضيه: «جيورجيو أرماني» و«أمبوريو أرماني». السبب «وعكة صحية لا يزال يتعافى منها في بيته» وفق بيان صدر عن داره. غني عن القول أن هذا الغياب أثار موجة من القلق حول مصيره رغم أن الدار حاولت التخفيف من وقع الخبر وطمأنة محبيه بأن وعكته لم تمنعه من العمل «هو من أشرف وعمل بتفانٍ على المجموعات التي عُرضت، ويتابع من كثب كل مرحلة من مراحل العروض»، وفق ما أفاد البيان.

هذا الغياب أعاد إلى الواجهة سؤالاً يدور في أوساط الموضة منذ سنوات حول من سيخلفه؛ إذ إنه رغم سنواته الـ90 لم يعين خليفة له بعد، وكان حتى الأمس القريب يُصرّ على لقاء ضيوفه وتحيتهم بعد كل عرض رغم آثار السن والمرض البادية على وجهه وخطواته. أعاد أيضاً إلى الواجهة أهمية دعم مصممين شباب وإفساح المجال لهم لضخ الأسبوع بدماء جديدة.

بين الحنين والحداثة

من عرض «زينيا» لربيع وصيف 2026 في دبي (زينيا)

رغم كل هذا، لم يفتقد الأسبوع حيويته فيما يخص الأزياء، أبرزها الحرص على مفهوم «صنع في إيطاليا». ركزت معظم البيوت والمصممين على طرح قطع عملية بتفصيل مدروس، وألوان حيادية، كان الهدف منها ربط القطع ببعضها؛ الأمر الذي منح الرجل إطلالة موحدة بسيطة وأنيقة. والأهم من هذا منحته راحة وانتعاش مستمدين من الخامات والأقمشة.

وهذا تحديداً ما جسدته تشكيلة «زينيا» لربيع وصيف 2026. عُرضت في دبي لأول مرة خارج حدودها المعتادة، لكنها تنبض بالهوية الإيطالية. كانت أقمشتها المتطورة الأداة التي استعملها مصمم الدار أليساندرو سارتوري لاستعراض قدراته الفنية. لم ينس أن يذكرنا بأن قوة الدار تكمن في هذه الصناعة، أي الأقمشة. اللافت فيها هذه المرة أنها خرجت عن السيناريو الكلاسيكي الذي تعوَدناه: أن تكون منمقة ومحبوكة بعناية شديدة.

من عرض «زينيا» لربيع وصيف 2026 في دبي (زينيا)

يشرح سارتوري أنها خضعت لتقنيات حديثة جعلتها تبدو مكرمشة عن سابق إصرار وتعمد لتكتسب روحاً منطلقة تبدو وكأن صاحبها نسقها بلامبالاة. فالجلود الطبيعية مثلاً خضعت في معامل الدار لمعالجة رائدة جعلتها قابلة للغسل. لم يختلف الأمر في التصاميم والقصات، حيث جاءت أكتافها متحررة تنسدل عنه وتبتعد عن المستوى التقليدي في تمرد صارخ عليه، وجيوب واسعة واضحة للعيان، وسترات بخطوط مربعة ومرنة. فكك سارتوري معظمها ليخفف من وزنها بعد استغنائه فيها عن التبطين. قدم مثلاً بدلة من الحرير لا يتجاوز وزنها 300 غرام.

أرماني... الغائب الحاضر

من اقتراحات جيورجيو أرماني في أسبوع ميلانو لربيع وصيف 2026 (جيورجيو أرماني)

في عرض جيورجيو أرماني غاب بجسده، لكن بصماته كانت حاضرة بقوة. تتجلى في سترات بصدر مزدوج وياقات مفتوحة، وسراويل واسعة ذات طيّات بشكل دمعة، تنحسر عند الكاحل أو تنسدل على نيات عريضة.

كل شيء فيها يتهادى بانسيابيةٍ على الجسد دون أي قيود، حتى المعاطف المصنوعة من الجلد اكتسبت خفة. هذه الإطلالات رسمها المايسترو بألوان استوحيت من أجواء الصحراء أو البحار. الطريف أن حتى طريقة العرض تؤكد حضور المصمم الغائب، من خلال إرسال ثنائيات، شاركت فيها المرأة أحياناً وكأن المصمم يقول إن هذه التصاميم لا تعترف بجنس ولا زمان.

«برادا» و«تودز»... بين الجديد والقديم

هذه التصاميم التي تتوجه إلى رجل معاصر وعملي في الوقت ذاته شملت بيوت أزياء أخرى مثل «برادا». رغم ما تمر به من تغييرات وتعاني منه من إقالات واستقالات لم تفقد بوصلة توازنها. بعد استقالة رئيسها التنفيذي السابق جانفرانكو داتيس بسبب «خلافات بشأن أمور استراتيجية» وفق تصريح له، تم تكليف رئيس مؤقت مكانه.

من عرض «برادا»... أزياء بسيطة بلمسات معاصرة (رويترز)

لكن لا شيء فيما قدمته ميوتشا برادا وشريكها في الإبداع راف سيمونز كان مؤقتاً، باستثناء بعض التفاصيل البسيطة مثل القبعات والجوارب التي كان دورها الإثارة أولاً وأخيراً. أطلقت الدار على العرض شعار «تغيير النغمة»، ليتضح أن النغمة التي اعتمدتها، بسيطة ووظيفية إلى حد كبير، أعادت فيها ميوتشا وراف سيمونز صياغة المفهوم التقليدي للأزياء الرجالية بأسلوب «سبور» وأكثر شبابية. قمصان بيضاء وشورتات عالية الخصر، وبدلات رياضية بسترات بأكمام مثنية، ومعاطف تعطي الانطباع أنها صُممت بعفوية. مثل باقي بيوت الأزياء ظلت الألوان متنوعة، تتراوح بين الرمادي والكحلي مع ومضات صيفية مثل الأزرق، والأحمر، والأخضر، والأصفر والبنفسجي. لكن الجرأة الحقيقية ظهرت في الإكسسوارات، مثل القبعات المصنوعة من الرافيا، والأحذية التي تم تنسيقها مع جوارب طويلة.

احتفلت «تودز» بحرفيتها وأيقونتها: حذاء الغومينو (تودز)

أما دار «تودز» فاختارت أن تلعب على ورقة مضمونة أكدت لها عبر العقود أنها رابحة: الـ«غومينو»، الحذاء الأيقوني الذي صار رمزاً للصيف والأسلوب الإيطالي المترف على حد سواء. أطلقت الدار على عرضها عنوان «نادي الغومينو» (Gommino Club)... استوحى ماتيو تامبوريني المدير الإبداعي، منه تشكيلة بخامات متنوعة، وتصاميم تواقة للحياة والهواء الطلق، ميَزتها خطوط ناعمة تنساب على الجسم بحرية، على شكل سترات غير مبطنة، وسراويل واسعة وقمصان خفيفة. الجلد كان حاضراً. لم يعد يقتصر على الخريف والشتاء بعد أن تم ترويضه ليصبح بخفة الحرير وملمسه.

ابتكرت الدار بحكم خبرتها الطويلة فيها، نوعاً أطلقت عليه اسم «باشمي» (Pashmy)، خضع لعلاجات وتقنيات عدة ليصبح مرناً يمكن تشكيله بسهولة في قطع منسابة. استعمله المصمم تامبوريني في قطع كلاسيكية منها سترة الـ«bomber»، وبلايزر غير المبطن، وسترات أخرى بتصاميم متنوعة.

باريس... تفتل عضلاتها وإمكاناتها

في باريس كانت النغمة مختلفة. أكثر صخباً وبذخاً بالمقارنة، وليس أدل على هذا من عرض فاريل ويليامز لدار «لوي فويتون». لم يحمل جديداً بالمعنى الثوري على صعيد أزياء كانت سمتها الأبرز التنوع لكي تخاطب شرائح كبيرة وتحقق النجاح التجاري، إلى جانب شورتات واسعة وسراويل واسعة يعرف أنها مطلب الشباب. ما افتقدته التصاميم من إثارة عوَّض عنها بما يتقنه أكثر: الموسيقى من خلال جوقة سيمفونية أشعلت الحماس وأشاعت أجواء مفعمة بالطاقة.

من عرض أنتوني فاكاريللو لدار «سان لوران» (إ.ب.أ)

لكن إذا كانت ميلانو قد افتقدت «زينيا»، أحد أهم أعمدتها الرئيسية، فإن باريس كسبت عودة دار «سان لوران» إلى البرنامج الرسمي للموسم الرجالي بعد انقطاعها عنه في يناير (كانون الثاني) 2023. كانت عودة سعيدة أكد فيها المصمم أنطوني فاكاريلو، مدى شغفه بمصمم الدار الراحل إيف سان لوران. في تشكيلاته الأخيرة، لم تغب صورة الراحل. لا من خلال الألوان أو القصات أو حتى الإكسسوارات، بما فيها نظارته ذات الإطار الأسود السميك. هذه المرة أيضاً استلهم منه إطلالاته في سبعينات القرن الماضي، من شورتات قصيرة وبدلات سافاري وغيرها. لكن الدار حرصت على شرح أن إيف الشاب «مجرد ذكرى» لا تزال حية «في عام 1974 انسحب من الضجيج وفي عام 2026 ما زال أثره حياً؛ لأنها ليست تحية. ليست ذكرى... إنها الاستمرارية». يقول المصمم إنه استوحاها من «زمان شكَّلت فيه الرغبة أسلوباً، والجمال درعاً حصيناً»، وبالتالي أرادها أن «تستكشف ذلك الإحساس الخفي ولحظة ضعف يحتاج فيها الإنسان إلى التأنق ليكشف عن هويته ويخفيها في الوقت ذاته».

من هذا المنظور نسَّق فاكاريللو الشورتات مع قمصان بأكمام طويلة، وسترات سمتها الخفة والبساطة، ضيّقة عند الخصر وعريضة عند الأكتاف، مع استخدام أقمشة خفيفة مثل الحرير والنايلون بألوان تهمس برقي هادئ.

من عرض جوناثان أندرسون لدار «ديور» (أ.ف.ب)

عرض «ديور» لربيع وصيف 2026 كان من بين الأكثر ترقباً. ولم يخيب الآمال، حيث قدم فيه جوناثان أندرسون لـ«ديور» تشكيلة توجه فيها نحو مستقبل جديد. التقط خيوطاً خفيفة من الأرشيف نسجها في تصاميم شبابية تعكس روح العصر. بدا واضحاً أنها كانت برؤيته وبصماته، إلا أنها لم تتجاهل رموز الدار تماماً.

ما تجدر الإشارة إليه أن جوناثان أندرسون، عُيِن في أوائل يونيو (حزيران) خلفاً لماريا غراتسيا كيوري في دار «ديور» بعد أسابيع قليلة من انضمامه إلى الدار بوصفه مصمماً رجالياً خلفاً للبريطاني كيم جونز. وبذلك، أصبح أول مصمم أزياء يشرف على خطوط الأزياء النسائية والرجالية على حد سواء منذ كريستيان ديور.