دريز فان نوتن ينسحب من عالم الموضة وهو في القمة

بعد 38 عاماً قرر المغادرة وخوض مغامرات مؤجلة

دريز فان نوتن يُحيّي ضيوفه في نهاية عرضه لربيع وصيف 2024 (رويترز)
دريز فان نوتن يُحيّي ضيوفه في نهاية عرضه لربيع وصيف 2024 (رويترز)
TT

دريز فان نوتن ينسحب من عالم الموضة وهو في القمة

دريز فان نوتن يُحيّي ضيوفه في نهاية عرضه لربيع وصيف 2024 (رويترز)
دريز فان نوتن يُحيّي ضيوفه في نهاية عرضه لربيع وصيف 2024 (رويترز)

الأسبوع الماضي، فوجئ عالم الموضة بإعلان المصمم دريز فان نوتن نيته الانسحاب من ساحة الموضة والتخلي عن الإدارة الفنية لعلامته. تشكيلته الرجالية لربيع وصيف 2025 في شهر يونيو (حزيران) المقبل ستكون مسك ختام لمسيرة حافلة، على أن تكون التشكيلة النسائية القادمة من إبداع فريق الاستوديو. فإلى الآن لم يتم الإعلان عن اسم مَن سيخلفه رغم التأكيدات أن البحث جارٍ على قدم وساق.

المصمم دريز فان نوتن (أ.ب)

في رسالة بعثها صباح اليوم نفسه الذي أُعلن فيه الخبر، إلى مجموعة من صناع الموضة، منهم زملاء مهنة ومحررو أزياء، قال إن القرار قد يكون مفاجئاً لهم، لكنه فكَّر فيه طويلاً ومنذ فترة وهو يُحضر نفسه لهذه اللحظة: «الآن أشعر بأنه آن الأوان لكي أتخذ هذه الخطوة وأُفسح المجال لجيل جديد من المواهب الشابة يضيفون رؤيتهم ولمساتهم على الدار». وتابع: «أريد التركيز حالياً على الأشياء التي لم يكن لديَّ الوقت لأقوم بها... أنا حزين لكني أيضاً سعيد». المصمم الذي يبلغ من العمر 65 عاماً، أسَّس علامته منذ 4 عقود تقريباً وأصبح مع الوقت اسماً عالمياً لامعاً ووجهاً مألوفاً في عروض باريس. قدرته العجيبة على المزج بين القديم بمعنى الفينتاج والحديث كانت دائماً تثير الدهشة وتستقطب له معجبين وزبائن جدد.

تَخرّج فان نوتن في الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة في بلجيكا عام 1981. منذ أول تشكيلة قدمها بعد خمس سنوات من تخرجه، لفت الأنظار إليه من خلال أسلوب يعتمد على الألوان المتوهجة والنقشات المتضاربة والتفاصيل الغريبة لكن من دون إحداث الصدمة. كان من الطبيعي أن يفوز بعدة جوائز عالمية وأن ينظَّم له معرض خاص. كان ذلك في عام 2014 في متحف «الفنون الزخرفية» بباريس، حيث تم استكشاف تأثره بثقافة البوب وشتى الفنون وكيف انعكس هذا التأثير على أعماله. بيد أن المؤكد أنه سيدخل تاريخ الموضة ليس بوصفه مصمماً عالمياً من أصل بلجيكي فقط، بل بصفته قائداً فتح أبواب العالمية للمصممين البلجيكيين ككل. فهو الذي ترأس مجموعة «أنتوورب» الشهيرة، المكوَّنة من 6 مصممين من أبناء جيله تخرجوا كلهم في «أنتوورب» ويتمتعون بأسلوب خاص بهم خض ساحة الموضة التقليدية.

لعبه على الألوان والتفصيل جعله من أهم المصممين البلجيكيين في الساحة العالمية (خاص)

عام 2018 باع حصة من داره لشركة «بوش» الإسبانية وأعلن حينها أنه سيبقى مديراً فنياً ومشرفاً عليها من الناحية الفنية لمدة خمس سنوات، وفق ما نشر موقع «ويمنز وير دايلي». وكما حاز الاحترام منذ دخوله ساحة الموضة، ها هو يحوز الاحترام بخروجه من داره. فهو ينسحب وهو في عز نجاحه التجاري وعطائه الفني. ففي عام 2023 أعلنت شركة «بوش» التي تضم أيضاً «كارولينا هيريرا» و«جون بول غوتييه» و«نينا ريتشي» و«رابان» أن علامة «دريز فان نوتن» هي الأكثر نمواً من بين العلامات الصغيرة.


مقالات ذات صلة

الأميرة نورة الفيصل تضخ «آسبري لندن» بالحيوية

لمسات الموضة اكتسب الريش هذه المرة مرونة وديناميكية شبابية (آسبري لندن)

الأميرة نورة الفيصل تضخ «آسبري لندن» بالحيوية

تأمل «آسبري» أن تحقق لها هذه المجوهرات نفس النجاح المبهر الذي حققته كبسولة الحقائب في العام الماضي. كانت الأسرع مبيعاً في تاريخها الممتد لأكثر من 200 عام.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة الأسلوب الخاص يمكن اكتسابه مع الوقت والممارسة... لكنه في الغالب يولد مع الشخص (رويترز)

أسرار «الأناقة الراقية»... تميز دون تكلف أو تكاليف

«الأناقة دون جهد» ليست مجرد صفة مميزة؛ بل تجسيد لأناقة تنبع من الشخص بطريقة طبيعية وغير متكلفة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة بعد خمس سنوات مديرة إبداعية في الدار غادرت فيرجيني فيار «شانيل» بهدوء (أ.ف.ب)

من سيخلف فيرجيني فيار في دار «شانيل»؟

مساء يوم الأربعاء، أعلنت دار الأزياء الفرنسية شانيل مغادرة مديرتها الفنية فيرجيني فيار. كما تبوأت هذا المنصب منذ خمس سنوات بهدوء، غادرته بهدوء.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أزياء طاقم طيران الرياض سيكون أول ما سيراه المسافرون لهذا كان مهماً أن تُسند هذه المهمة لمصمم من وزن وثقافة محمد آشي (آشي)

محمد آشي... مصمم طاقم «طيران الرياض» الجديد

استعداداً لإطلاق أولى رحلاته التجارية رسمياً في عام 2025، كشفت شركة «طيران الرياض»، الناقل الجوي الوطني الجديد، عن اختياره مصمم الأزياء محمد آشي لتصميم أزياء…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لا ينسى المصمم أن يعيد الفضل إلى الأنامل الناعمة التي أشرفت على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة (فالنتينو)

«فالنتينو» تودّع بييرباولو بيكيولي وتستقبل أليساندرو ميكيلي في غضون أسبوع

أشاد غارافاني فالنتينو مؤسس دار «فالنتينو» ببييرباولو بنشره في تغريدة يشكره فيها أنه احترم إرثه وتاريخه ولم يحاول تغييرهما بدافع الأنا المتضخمة.

جميلة حلفيشي (لندن)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
TT

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

في منتصف القرن الماضي، كان فن الـ«آرت ديكو» والقطع المصنعة من البلاتين تُهيمن على مشهد المجوهرات الفاخرة. في خضم هذه الموجة التي اكتسحت الساحة، ظلت دار «بولغري» وفيّة لأسلوبها المتميز بالجرأة، واستعمال الذهب الأصفر والأحجار الكريمة المتوهجة بالألوان.

رغم أن عقداً واحداً يكفي فإن استعمال أكثر لا يؤثر بقدر ما يزيد من الفخامة (بولغري)

في هذه الفترة أيضاً ابتكرت تقنية خاصة بها، أصبحت تعرف بـ«توبوغاس»، وتستمد اسمها من الأنابيب التي كانت تستخدم لنقل الغاز المضغوط في عشرينات القرن الماضي. ففي تلك الحقبة أيضاً بدأ انتشار التصميم الصناعي في أوروبا، ليشمل الأزياء والديكور والمجوهرات والفنون المعمارية وغيرها.

ظهر هذا التصميم أول مرة في سوار ساعة «سيربنتي» الأيقونية (بولغري)

في عام 1948، وُلدت أساور بتصميم انسيابي يتشابك دون استخدام اللحام، تجسَّد في سوار أول ساعة من مجموعتها الأيقونية «سيربنتي». أدى نجاحها إلى توسعها لمجموعات أخرى، مثل «مونيتي» و«بارينتيسي» و«بولغري بولغري».

في مجموعتها الجديدة تلوّنت الأشكال الانسيابية المتموجة والأجسام المتحركة بدرجات دافئة من البرتقالي، جسَّدها المصور والمخرج جوليان فالون في فيلم سلط الضوء على انسيابية شبكات الذهب الأصفر ومرونتها، واستعان فيه براقصين محترفين عبّروا عن سلاستها وانسيابيتها بحركات تعكس اللفات اللولبية اللامتناهية لـ«توبوغاس».

بيد أن هذه التقنية لم تصبح كياناً مهماً لدى «بولغري» حتى السبعينات. فترة أخذت فيها هذه التقنية أشكالاً متعددة، ظهرت أيضاً في منتجات من الذهب الأصفر تُعبر عن الحرفية والفنية الإيطالية.

ظهرت تقنية «توبوغاس» في مجوهرات شملت أساور وساعات وعقوداً (بولغري)

لكن لم يكن هذا كافياً لتدخل المنافسة الفنية التي كانت على أشدّها في تلك الحقبة. استعملتها أيضاً في مجوهرات أخرى مثل «بارينتيسي»، الرمز الهندسي المستوحى من الأرصفة الرومانية. رصَّعتها بالأحجار الكريمة والألماس، وهو ما ظهر في عقد استخدمت فيه «التنزانيت» و«الروبيت» و«التورمالين الأخضر» مُحاطة بإطار من الأحجار الكريمة الصلبة بأشكال هندسية.

بعدها ظهرت هذه التقنية في ساعة «بولغري توبوغاس»، تتميز بسوار توبوغاس الأنبوبي المرن، ونقش الشعار المزدوج على علبة الساعة المصنوعة من الذهب الأصفر والمستوحى من النقوش الدائرية على النقود الرومانية القديمة. تمازُج الذهب الأصفر والأبيض والوردي، أضفى بريقه على الميناء المطلي باللكر الأسود ومؤشرات الساعة المصنوعة من الألماس.

من تقنية حصرية إلى أيقونة

تزينت بمجوهرات الدار نجمات عالميات فكل ما تقدمه يُعدّ من الأيقونات اللافتة (بولغري)

«بولغري» كشفت عن مجموعتها الجديدة ضمن مشروع «استوديو بولغري»، المنصة متعددة الأغراض التي تستضيف فيها مبدعين معاصرين لتقديم تصوراتهم لأيقوناتها، مثل «بي زيرو1» و«بولغري بولغري» و«بولغري توبوغاس». انطلق هذا المشروع لأول مرة في سيول في مارس (آذار) الماضي، ثم انتقل حديثاً إلى نيويورك؛ حيث تستكشف الرحلة الإرث الإبداعي الذي جسدته هذه المجموعة من خلال سلسلة من أعمال التعاون من وجهات نظر فنية متنوعة.

قوة هذه التقنية تكمن في تحويل المعدن النفيس إلى أسلاك لينة (بولغري)

بين الحداثة والتراث

قدّم الفنان متعدد المواهب، أنتوني توديسكو، الذي انضم إلى المنصة منذ محطتها الأولى ترجمته للأناقة الكلاسيكية بأسلوب امتزج فيه السريالي بالفن الرقمي، الأمر الذي خلق رؤية سردية بصرية تجسد التفاعل بين الحداثة والتراث. منح الخطوط المنسابة بُعداً ميتافيزيقياً، عززته التقنيات التي تتميز بها المجموعة وتحول فيه المعدن النفيس إلى أسلاك لينة.

تطورت هذه التقنية لتشمل قطعاً كثيرة من مجموعات أخرى (بولغري)

ساعده على إبراز فنيته وجمالية التصاميم، الفنان والمصمم الضوئي كريستوفر بودر، الذي حوَّل الحركة اللامتناهية وتدفق اللوالب الذهبية في «بولغري توبوغاس» إلى تجربة بصرية أطلق عليها تسمية «ذا ويف» أو الموجة، وهي عبارة عن منحوتة ضوئية حركية تتألف من 252 ضوءاً يتحرك على شكل أمواج لا نهاية لها، تتكسر وتتراجع في رقصة مستمرة للضوء والظل، لكنها كلها تصبُّ في نتيجة واحدة، وهي تلك المرونة والجمالية الانسيابية التي تتمتع بها المجموعة، وتعكس الثقافة الرومانية التي تشرَّبتها عبر السنين.