سياق جيوسياسي لافت للتقارب الصيني ــ الروسي ــ الهندي

مع تزايد الكلام عن تمهيد لـ«نظام عالمي جديد» بديل

لقطة جامعة للقادة المشاركين في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين (إ.ب.أ)
لقطة جامعة للقادة المشاركين في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين (إ.ب.أ)
TT

سياق جيوسياسي لافت للتقارب الصيني ــ الروسي ــ الهندي

لقطة جامعة للقادة المشاركين في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين (إ.ب.أ)
لقطة جامعة للقادة المشاركين في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين (إ.ب.أ)

شهدت قمة «منظمة شنغهاي للتعاون»، التي استضافتها أخيراً مدينة تيانجين الصينية، لعبة «لفت أنظار»، حيث استعرض كل من «مستضيف القمة» الرئيس الصيني شي جينبينغ، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، أمارات الألفة والمودة والصداقة... ما يوحي بوجود محاولة لإعادة تشكيل الوضع الجيوسياسي العالمي. لقد كانت هناك ابتسامات ومصافحات بين شي وبوتين ومودي، فهم مراقبون منها رغبة في إظهار إمكانية تشكيل جبهة موحدة باعتبار أنها بديل للقيادة الأميركية على رأس النظام العالمي، وهذا رغم ما بين القوى الثلاث من اختلافات جوهرية. وبالفعل، قال الزعماء الثلاث الكلمات المناسبة التي تحمل ما أرادوا إعلانه وإبداءه لشعوبهم في أوطانهم، وللعالم بوجه عام.

تضم «منظمة شنغهاي للتعاون»، التي أسست على أيدي ست دول عام 2001، راهناً، عشر دول تتمتع بعضوية كاملة، ودولتين مراقبتين، إلى جانب 14 دولة شريكة في الحوار من آسيا وأوروبا وأفريقيا. وتجمع «المنظمة» دولاً ذات اقتصاديات ناشئة، ودولاً نامية، مثل الصين وروسيا والهند، وتمثل نحو نصف سكان العالم، وربع الاقتصاد العالمي.

قمة تيانجين جاءت على خلفية تغيّرات متصاعدة في النظام العالمي، بينها عودة التنافس بين القوى العظمى، وتشرذم سلاسل الإمداد العالمية، واستخدام الاعتماد الاقتصادي المتبادل على أنه سلاح، وخلقت هذه التغيرات ضرورات جديدة بالنسبة إلى القوى المتوسطة تلزمها بتنويع شراكاتها الاستراتيجية، والحد من الاعتماد على أي مركز قوة واحد.

ديبيكا فوهرا، الدبلوماسية الهندية السابقة، قالت معلقة: «كانت القمة استعراضاً لقيادة عالمية بديلة، في مواجهة الولايات المتحدة، وهيمنة الغرب، وخاصة بعد التعرفات الجمركية التي فرضتها واشنطن أخيراً، والهجمات التنظيمية، واتجاه كل من الهند وروسيا والصين نحو إعادة تأكيد وتوطيد علاقاتها. وفي حين يمثل قادة الدول الثلاث أنظمة سياسية مختلفة، ويحتفظون بعلاقات متنوعة مع القوى الغربية، قد يكون لهذا التطور تداعيات كبيرة على السياسة الخارجية الأميركية».

وأضافت فوهرا أن دور بوتين البارز في القمة يؤكد «التوجه الروسي الاستراتيجي نحو آسيا بعد إقصاء روسيا عن المؤسسات الغربية. كذلك تسلّط اللقاءات الثنائية، التي عقدها بوتين مع كل من مودي وشي، الضوء على رغبة موسكو في استغلال علاقاتها مع دول كبرى آسيوية من أجل الحفاظ على وجودها العالمي، ونجاحها الاقتصادي، رغم استمرار فرض العقوبات عليها بسبب الصراع مع أوكرانيا».

الهند والصين

من جهة ثانية، يوضح أداء الهند الحذر خلال «القمة» سعي نيودلهي الحذر الهادف إلى التوازن. فللمرة الأولى منذ سبع سنوات، يطأ مودي بقدميه أرضاً صينية، أو يشارك في دبلوماسية تتضمن مخاطر عالية بالأساس مع نظيره الصيني. وجاء اللقاء في وقت تشهد العلاقات الثنائية توترات منذ المواجهات العسكرية عام 2020، ما يعطي زيارة مودي للصين -هي الأولى منذ اندلاع الأزمة- أهمية خاصة.

بل التقى شي بمودي بشكل شخصي، واتفقا على اعتبار كل من الصين والهند شريكين لا خصمين. ونُقل عن شي دعوته كلا البلدين إلى أن «يصبحا دولتي جوار متوافقتين وصديقتين وشريكتين تسهم كل منهما في نجاح الأخرى»، في إشارة إلى التعاون مثل «تنين وفيل يرقصان معاً»، بوصفهما رمزين للصين والهند على التوالي.

في المقابل، استخدم مودي مصطلح «الجنوب العالمي»، مشجعاً على إجراء إصلاحات في مؤسسات عالمية مثل الأمم المتحدة. وأوضح قائلاً: «إن تقييد طموحات الجنوب العالمي داخل إطار عتيق عفّى عليه الزمن ظلماً بيّناً للأجيال المستقبلية». ودعا رئيس الوزراء الهندي الرئيس شي إلى حضور قمة مجموعة «بريكس» التي تستضيفها الهند العام المقبل. وشكر الرئيس شي رئيس الوزراء مودي على تلك الدعوة، وعرض دعم الصين لرئاسة الهند لـ«بريكس».

من جانبها، لاحظت سنا هاشمي، الزميلة في مؤسسة التبادل التايواني الآسيوي، أن مشاركة مودي شخصياً خلال العام الحالي في قمة «منظمة «شنغهاي للتعاون» تبعث بإشارة أوضح عن نية نيودلهي تحسين علاقتها مع بكين، وكذلك مع أطراف إقليمية أخرى على نطاق أوسع. وتابعت: «إن ما يدفع هذا التقارب الواقع الجيوسياسي القاهر، حيث تواجه الدولتان ضغوطاً متصاعدة بسبب حروب التجارة الأميركية المتجددة، وسياسات الاحتواء الاستراتيجية تحت حكم إدارة دونالد ترمب... لقد أوجد التحدي المشترك، المتمثل في التعامل مع «واشنطن الماضية قدماً في سياسة الحماية الجمركية»، أرضية مشتركة بين أكبر دولتين عالمياً من حيث تعداد السكان، رغم النزاعات الحدودية العالقة، والتنافس الاستراتيجي.

العلاقة بين مودي وبوتين

أما فيما يخص العلاقات الهندية–الروسية، فإن لقاء بوتين ومودي في تيانجين حصل بينما تمر علاقات نيودلهي وواشنطن بتوتر كبير، بدأ أساساً نتيجة مواصلة الهند شراء النفط الروسي، إلى جانب المفاوضات المتجمدة بشأن الاتفاق التجاري الثنائي. وحقاً أعلنت كل من نيودلهي وموسكو خلال الشهر الماضي اتفاقهما على الشروط المرجعية الخاصة باتفاق تجارة حرة بين نيودلهي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي بقيادة روسيا. وفي المقابل، استهدفت واشنطن مشتريات الهند من النفط من روسيا، والمقدرة بـ56 مليار دولار، إذ فرض الرئيس ترمب زيادة نسبتها 25 في المائة في الرسوم الجمركية على الهند، لتبلغ نسبة التعرفة على السلع الهندية حالياً 50 في المائة، وهي الأعلى بين كل الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.

بحسب دبلوماسي هندي كان في الصين: «انتظر بوتين مودي لمدة عشر دقائق لينضم إليه في سيارته الرئاسية من أجل لقاء ثنائي، وواصل نقاشه الشخصي معه في السيارة لمدة ساعة تقريباً بعيداً عن آذان الآخرين». وأعقب ذلك ساعة إضافية ضمن لقاء ثنائي رسمي بين الزعيمين، وبعده غادر مودي تيانجين عائداً إلى الهند.

في الواقع، حافظ كل من مودي وبوتين على تواصل قوي خلال الأسابيع القليلة الماضية، خاصة بشأن الحرب ضد أوكرانيا. وتحدث كل من الزعيمين مرتين على الأقل قبل «قمة ألاسكا» وبعدها بشأن الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب الأوكرانية. وقبل مغادرة مودي متجهاً إلى اليابان والصين، أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

في المقابل، من المقرر أن يزور الرئيس الروسي الهند في ديسمبر (كانون الأول) لحضور القمة الثنائية السنوية. وكان مودي قد زار روسيا عام 2024 من أجل الهدف ذاته.

أهمية البعد الياباني

على صعيد آخر، في حين تواجه كل من الهند واليابان ضغوطاً مزدوجة بسبب النفوذ الصيني، والتهديدات الأميركية، تعد زيارة مودي إلى اليابان لمدة يومين قبل التوجه إلى الصين لحضور «قمة منظمة شنغهاي للتعاون» رمزية، ومهمة استراتيجياً، كونها تمثل نموذجاً للتعاون بين القوى المتوسطة، خاصة في مواجهة التوترات التجارية المتصاعدة بين الهند والولايات المتحدة. وتجمع العلاقة بين تعاون أمني كبير، وتكامل اقتصادي، وتعاون تكنولوجي، وتبادل ثقافي في إطار شراكة شاملة توفر استقلالاً استراتيجياً للدولتين.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن الهند واليابان دولتان عضوان في مجموعة الـ«كواد» (الحوار الأمني الرباعي)، ومن المقرر أن تستضيف الهند قمتها المقبلة بحلول نهاية العام الحالي. بالتالي، وسط هذه البيئة الجيوسياسية المعقدة، يُعد تعزيز العلاقات الهندية-اليابانية أمراً مهماً، إذ توفر اليابان للهند شريكاً يُعتمد عليه، ويدعم استراتيجيتها الخاصة بمنطقة «حوض المحيطين الهندي والهادئ».

أين «كواد» من نظام عالمي جديد؟

بناء على ما حصل في تيانجين، توقف مراقبون ومحللون طويلاً عند متابعة الرؤساء شي وبوتين ومودي وهم يتصافحون ويتبادلون الضحكات خلال القمة. وأيضاً شهدت مواقع التواصل الاجتماعي صخباً، إذ وصف كثيرون الوضع بـ«نقطة تحول» تبشر بـ«نظام عالمي جديد».

ولكن، هل سيظهر التجمّع الاستراتيجي المتجدد أو «الشراكة الثلاثية»، التي كثيراً ما يشار إليها باسم «الترويكا الروسية–الصينية-الهندية»، على أنها قوة كبرى على الساحة الجيوسياسية العالمية خلال 2025؟

المعلق السياسي الهندي سوشانت سارين قال إن مفهوم «ترويكا روسية–صينية-هندية» باعتبارها قوة استراتيجية مواجهة للهيمنة الأميركية يعود إلى نهاية تسعينات القرن الماضي. ولقد طرحه السياسي الروسي الكبير يفغيني بريماكوف.

وأردف سارين: «بدأت روسيا تتكلم عن تلك الترويكا على أنها قطب بديل للتحالفات التي تقودها الولايات المتحدة، مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو)، والحوار الأمني الرباعي (كواد)، وبفضل ترمب عادت رائجة». وتابع: «لم يؤسس محور الترويكا على أساس الصداقة، بل تأسس خوفاً من النهج الأميركي غير المحسوب، والعقوبات الاقتصادية، والاضطراب العالمي. لم يعد الاستقلال الاستراتيجي خياراً فلسفياً للهند، بل ضرورة اقتصادية، ودبلوماسية. وقد جعل نهج كرة التحطيم المدمر، الذي يتبعه ترمب، الأمر واضحاً بشكل مؤلم. إن التقارب الثلاثي رمزي بدرجة كبيرة، والأفعال المنسقة محدودة، خاصة فيما يتعلق بقضايا الأمن والمسائل الاقتصادية».

مع ذلك، أوضح المعلق الهندي: «طبعاً، لا أحد يدعي أن هذا مثلث محبة، لكن العامل المشترك المتمثل في ترمب لم يجعل الحوار ضرورة فحسب، بل صار أمراً استراتيجياً. إنها ليست صداقة، بل إنها سعي للبقاء. لا يوجد تحالف هندي-روسي-صيني، ولا يوجد اتفاق دفاع متبادل، ولا اتحاد اقتصادي موقّع. تظل التوترات الحدودية بين الهند والصين حقيقية، ولانعدام الثقة جذور عميقة. مع ذلك ما صنعه ترمب هو ضغط مشترك، والضغط يصنع التحالف، حتى ولو كان مؤقتاً».

ولكن، ما مستقبل الـ«كواد» في أعقاب الظروف الجيوسياسية الحالية؟ لقد قرر ترمب التغيب عن قمة الـ«كواد» المقبلة في الهند، ما يشكل مؤشراً جيوسياسياً مهماً على حقيقة التوتر بين واشنطن ونيودلهي، إلى جانب الشكوك المتنامية إزاء مستقبل تحالف الـ«كواد» الذي يضم اليابان وأستراليا، إضافة إلى الهند والولايات المتحدة.

يذكر هنا أن ترمب قال في البداية إنه سيحضر القمة المقررة في نيودلهي خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، لكنه تراجع عن قراره بعد أشهر من تدهور العلاقات مع نيودلهي بشأن التجارة والتعرفات الجمركية، ومزاعم ترمب المتكررة -التي نفاها- عن التوسط في صراع مايو (أيار) الهندي-الباكستاني.

سياسات واشنطن الحمائية ــ الجمركية أسهمت في تقارب بين الصين والهند رغم نزاعاتهما الحدودية

التعرفات الجمركية الأميركية

فرض إدارة ترمب تعرفات أو رسوماً جمركية مرتفعة جداً على الصادرات الهندية إليها، وانتقادها الهند لشرائها النفط من روسيا، أحدثا -بلا شك- صدعاً في العلاقات دفع نيودلهي إلى البحث عن استقلال استراتيجي بعيداً عن واشنطن. وزاد ذلك الضغوط على تماسك ووحدة الـ«كواد»، وقوّض قوة التحالف بوصفها جبهة موحدة ضد نفوذ الصين الإقليمي.

ثم إن رد فعل الرئيس ترمب على «استعراض الوحدة» بين شي وبوتين ومودي في تيانجين تضمن انتقاداً حاداً، وتحذيراً. إذ رأى ترمب في «تقارب» القادة الثلاثة خلال القمة تحدياً مباشراً للمصالح الأميركية، خاصة بعد فرض تعرفة جمركية نسبتها 50 في المائة على السلع الهندية قبيل الاجتماع.

لقد أدان الرئيس الأميركي علناً القمة، وحذّر كلاً من الهند والصين وروسيا من إنشاء كتلة من شأنها تقويض القوة الأميركية، وقال إن العلاقات الهندية الودودة مع روسيا والصين كانت «أحادية الجانب»، وليست من الجانب الهندي على المدى الطويل.

كذلك انتقد ترمب الهند على مواقع التواصل الاجتماعي لتعاونها مع «دول استبدادية»، وأشار إلى اعتماد الهند الكبير على النفط الروسي، والمعدات العسكرية الروسية. وسواء كان المشهد في تيانجين عفوياً، أو مخططاً له بعناية، «تظل الرسالة واحدة»، بحسب تصريح كير جايلز، الزميل البارز في مركز معهد تشاثام هاوس البريطاني المرموق في لندن لـ«إن بي سي نيوز». ومما قاله جايلز: «العلاقة الوطيدة التي سعى ترمب إلى بنائها مع بوتين مطروحة حالياً بين بوتين وآخرين... والولايات المتحدة هي التي منحت الهند سبباً واقعياً للبحث عن صداقة وشراكة في موقع آخر».

رسالة الصين خلال احتفالاتها بعيد النصر

على جانب آخر، أشرف الرئيس الصيني شي جينبينغ على أكبر احتفال للبلاد بالنصر في 3 سبتمبر (أيلول)، وانضم إليه، بجانب فلاديمير بوتين، الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، ما يوضح تضامناً دبلوماسياً مع الزعيمين، ومعارضتهما للضغط الغربي.

بالمناسبة، يشهد العام الحالي الذكرى الثمانين لهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، ولقد حضر العرض العسكري أكثر من 50 ألف متفرج في ساحة تيانانمن. وفيه استعرض «جيش التحرير الشعبي» الصيني أسلحة متطورة، بينها صواريخ فوق صوتية كُشف عنها حديثاً، ومقاتلات سرية، وطائرات مسيّرة متطورة، وأنظمة رادار. وجاء العرض العسكري على خلفية تدريبات عسكرية تجرى قرب تايوان، وخلافات بشأن بحر الصين الجنوبي، الأمر الذي يوضح نهج بكين القوي فيما يتعلق بالوضع الجيوسياسي.

وحول هذا الجانب رأى المحلل سارين أن «الوجود القوي لقادة استبداديين، أبرزهم بوتين وكيم، يعبر عن بزوغ (محور الانقلاب) الذي يتحدى الهيمنة الغربية، ويطرح سرداً بديلاً لإرث الحرب العالمية الثانية». وأضاف المعلق: «العرض العسكري لم يوضح القوة العسكرية الصينية فحسب، بل أيضاً عزمها الجهر بتحديها، والتصدي للنفوذ الغربي في آسيا... العرض العسكري -احتفالاً بعيد النصر الصيني- جاء استعراضاً متعمداً للقوة العسكرية، والوحدة الدبلوماسية مع روسيا وكوريا الشمالية، والطموح لإعادة تشكيل توازن القوى الإقليمية، ويرسل إشارة قوية محلياً ودولياً...».


مقالات ذات صلة

كيف يتعامل اليمين الإسرائيلي مع جيشه؟

حصاد الأسبوع الدمار في غزة (أ ب)

كيف يتعامل اليمين الإسرائيلي مع جيشه؟

استقبل الجيش الإسرائيلي أخيراً وفداً من قادة جيوش دول عدة، «لكي يدرسوا تجربة الحرب الأخيرة، في سبع جبهات (غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن

نظير مجلي (القدس)
حصاد الأسبوع في ظل حاجة واشنطن إلى سرعة التنفيذ، يعاب على «البنتاغون» العمل ببطء بيروقراطي قاتل، بينما يأتي مايكل من ثقافة «التحرك بسرعة وكسر الأشياء»

إميل مايكل: من جذور مصرية يشارك في قيادة سباق الابتكار العسكري الأميركي

شكّل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتعيين إميل جرجس مايكل في منصب وكيل وزارة الدفاع للبحث والهندسة، ثم تكليفه لاحقاً بإدارة «وحدة الابتكار الدفاعي»، في

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع كاثلين هيكس (آب)

كيف يختلف مايكل عمّن سبقوه في منصب وكيل وزارة الدفاع للبحث والهندسة؟

يمثّل صعود إميل مايكل إلى منصب وكيل وزارة الدفاع للبحث والهندسة تحولاً واضحاً في طبيعة القيادة التكنولوجية داخل «البنتاغون»، مقارنةً بكل من مايكل غريفين وهايدي

«الشرق الأوسط» (اشنطن)
حصاد الأسبوع العلم السويدي يخفق وسط الشرطة والمدنيين (د ب آ)

السويد... عقد من الترحيب ينتهي بقيود صارمة على الهجرة

في مشهد سياسي أوروبي متحول، تقف السويد اليوم شاهدة على أحد أكثر التحولات الجذرية في سياسات الهجرة واللجوء. فالبلد الذي فتح أبواب الهجرة لأكثر من 160 ألف طالب

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع علم "المجلس النوردي" (المجلس النوردي)

تحذيرات في أوساط الاقتصاديين والحقوقيين

> يحتفي الائتلاف الحاكم في السويد بما يعتبره «إنجازاً» في تراجع أعداد طالبي اللجوء، بعدما سجل عام 2024 أدنى مستوى له منذ عام 1985، بواقع 6250 طلباً فقط.


كيف يتعامل اليمين الإسرائيلي مع جيشه؟

الدمار في غزة (أ ب)
الدمار في غزة (أ ب)
TT

كيف يتعامل اليمين الإسرائيلي مع جيشه؟

الدمار في غزة (أ ب)
الدمار في غزة (أ ب)

استقبل الجيش الإسرائيلي أخيراً وفداً من قادة جيوش دول عدة، «لكي يدرسوا تجربة الحرب الأخيرة، في سبع جبهات (غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن)»، كما قال الناطق بلسان الجيش. وخلال الشرح المتحمس عن هذه الزيارة، سمح الناطق لنفسه بأن يقول إنهم جاؤوا لكي يتعلموا منه العديد من العمليات الحربية. وقال إن بين هذه الجيوش حضر مندوبون من كل من الجيوش؛ الأميركي والألماني والهندي والكندي والتشيكي والبولندي، وغيرها. وعرض عدة مجالات، قال إن جيشه أبدع فيها واستحدث طرقاً حربية سيصار إلى تدريسها في الكليات الحربية في العالم، خصوصاً المعركة ضد الأنفاق والتدمير ومسح الأبنية في قطاع غزة وتخريب الحقول الزراعية والسيطرة التامة على سماء إيران والاغتيال الجماعي لقادة «حماس» و«حزب الله» وقيادة سلاح الجو الإيرانية وعملية تفجير أجهزة النداء واللاسلكي في لبنان لقادة «حزب الله» (البيجر والوكي توكي) وغيرها.

لأول وهلة، يُحسب أن الرسالة - أعلاه - موجهة إلى العالم، لكن من يتابع الأوضاع في إسرائيل خلال العقدين الأخيرين، يدرك أن هذا النشر هو جزء من الحرب التي يخوضها الجيش الإسرائيلي على «الجبهة الثامنة».

إنها الحرب التي تعدّ الأكثر إيلاماً للجيش، لأن «العدو» فيها للجيش الإسرائيلي هو الحكومة واليمين العقائدي الذي يقودها.

يخوض اليمين هذه الحرب منذ عودة بنيامين نتنياهو إلى الحكم عام 2009، وفي حينه حاول فرض حرب على إيران، لكن قادة الجيش وسائر الأجهزة الأمنية اعترضوا. فغضب، وراح يحاربهم، في البداية بهدوء وسريّة، لكن الحرب غدت علنية شيئاً فشيئاً. وكان فيها مسؤولون في الحكومة وباحثون وخبراء يهاجمون الجيش ويتهمونه بالتبذير، والجنرالات ينشرون المقالات التي تظهر الحكومة فاشلة وفاسدة.

أيضاً لعبت الشرطة والنيابة والمحكمة دوراً نشيطاً في كشف تورّط نتنياهو في قضايا فساد... وقدمته إلى المحاكمة. فاستعرت المعركة لتتحوّل إلى «حرب شاملة» بين الطرفين، ما جعل اللواء المتقاعد إسحاق بريك، عضو رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، يقول، في مقال نشرته صحيفة «معاريف» يوم 8 يونيو (حزيران) 2025: «لدينا قيادة فقدت البوصلة، في الحكومة وفي الجيش». ويضيف: «السياسة الحمقاء المتغطرسة التي يتبعانها، ستشجع أعداءنا على الاستعداد لحرب أخرى ضدنا، وكل هذا بسبب جماعة فقدت طريقها وعقلنتها وحكمتها».

نتنياهو وسموترتش (رويترز)

سموتريتش... والميزانية

أحد أبرز السياسيين في هذه الحرب هو بتسلئيل سموتريتش، الذي مع تشكيل الحكومة أصر على تولي حقيبة وزارة المالية وحقيبة أخرى هي وزير ثانٍ في وزارة الدفاع. وسموتريتش هو الممثل المباشر لليمين العقائدي. لديه أجندة واضحة لمنع قيام دولة فلسطينية وتهجير الفلسطينيين. ومنذ تسلمه مهامه، يخوض حرباً علنية على الجيش بلغت حد رفض العديد من طلبات زيادة الميزانية العسكرية. ثم إنه يتهم قادة الجيش بالتبذير وصرف رواتب عالية، وقام بنشر قائمة الرواتب لنحو 50 قائداً أساسياً، فاتضح أنهم يقبضون رواتب أعلى من رئيس الحكومة ورئيس الدولة.

وفي الأسابيع الأخيرة، عندما قرر الجيش رفع عدد جنود الاحتياط الدائم من 6 إلى 60 ألف جندي، سنة 2026، وطلب تمويلاً من المالية (كل جندي يكلف الجيش 300 دولار في اليوم ومعدل الخدمة لكل جندي يصل إلى شهرين في السنة المقبلة، وهذا البند وحده يكلف مليار دولار)، رفض سموتريتش، قائلاً إن على الجيش إيجاد التمويل من تقليص مصاريفه الأخرى. ووفق صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن قادة الجيش «يشعرون بالمهانة وهم يستجدون وزير المالية»، علماً بأنه على صعيد شخصي يبدو صبيانياً، ومن الناحية الجماهيرية يفقد الجمهور الذي انتخبه، إذ تشير الاستطلاعات إلى أنه سيسقط إذا أجريت الانتخابات اليوم.

للعلم، سموتريتش هذا حاقد على الجيش. فعام 2005، عندما كان في الخامسة والعشرين من العمر، بينما عمل الجيش على إخلاء مستوطنات قطاع غزة، جاء سموتريتش مع ألوف المستوطنين لمحاربة الإخلاء. ويومذاك، بطش به الجنود وجرّوه على الأرض عندما اعتقلوه. وهو جزء من الحركة التي قامت في حينه لمنع تشكيل حكومة في إسرائيل تقرّر إخلاء مستوطنات في الضفة الغربية مثلما حصل في غزة. وهو يستذكر هذه الحادثة تقريباً في كل خطاب سياسي له، منذ ذلك الحين. ويعدّ رأس حربة في معركة اليمين لتحجيم مكانة الجيش ونفوذه في البلاد.

انتقاد المهنية العسكرية

في إطار هذه المعركة، تشهد وسائل الإعلام الإسرائيلية موجة نشر ضخمة تنتقد الجيش وتظهره فاشلاً مهنياً. ويجنّد اليمين لهذا الغرض مجموعة كبيرة من الجنرالات السابقين، قسم منهم يكتب في معاهد الأبحاث التابعة لليمين، وقسم آخر ينشر مقالاته في وسائل الإعلام المستقلة، فضلاً عن الإذاعة والتلفزيون والشبكات الاجتماعية.

وأدناه نماذج من هذه المعركة:

العميد أورن سولومون، الذي عيّن رئيساً للجان التحقيق الداخلي في الجيش حول إخفاقات 7 أكتوبر (تشرين الأول) كشف في تقرير للقناة «14» عن أن قيادة الجيش «تتستر على الحقائق وليس صحيحاً الانطباع بأنها أول من تحمل المسؤولية». بل «أخفت الفشل الحقيقي لكونها اتبعت تكتيكاً حربياً خاطئاً منذ البداية... وبدلاً من أن تأمر سلاح الجو بقصف عناصر حماس في أثناء مهاجمتهم البلدات الإسرائيلية يوم 7 أكتوبر 2023، فتشلّ حركتهم وتوقف تقدّمهم، قرّرت شنّ عملية انتقامية لاغتيال قادتها وتدمير مقراتها في شتى أنحاء غزة. وبذا فشلت في حماية مئات من الإسرائيليين الذين قتلتهم حماس ومئات المخطوفين».

وذكر سولومون أيضاً في التقرير، أنه طلب لقاء رئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي والحالي إيال زامير لعرض استنتاجاته، لكنهما تهرّبا من لقائه. ومن ثم راحا يحرّضان عليه، لدرجة أنه قرّر إخفاء تقاريره والوثائق التي اعتمدها بهدف الحفاظ عليها في حال جرى له أي سوء. ورداً على سؤال طرحه عليه صحافي معروف بقربه من نتنياهو: «هل تخشى على حياتك؟ هل تعتقد أن هناك مَن قد يقتلك بسبب هذا التحقيق؟». فأجاب «نعم».

من جهة ثانية، تطرّ ق الصحافي والمؤرخ اليميني عكيفا بيغمان، صاحب كتاب «كيف حوّل نتنياهو إسرائيل إلى إمبراطورية»، كشف في موقع «ميدا» (9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025)، عن نتائج تحقيق أجري في لجنة فرعية سريّة للجنة الخارجية البرلمانية، خلال الشهرين الماضيين، تفيد بأن هناك «خللاً بنيوياً» في عملية تأهيل الضباط في الجيش الإسرائيلي. وممّا جاء في تقريره أن الضباط لا يتلقّون تدريبات عسكرية لأكثر من يومين في الأسبوع، بينما يتمتعون بـ«امتيازات دلال لا تلائم جيشاً مقاتلاً»، وأنه في كثير من دورات التعليم التي يمرّون بها ثمة ازدواجية وتناقضات لأن هذه الدورات لا تدار بشكل مهني.

زامير (الجيش الإسرائيلي)

مرحلة بنيامين نتنياهو...استخفاف بالجنرالات وطعن بهم علناً وفي الخفاء

عدوانية متزايدة في عدة اتجاهات

الصحافة الإسرائيلية، أيضاً، تنشر باستمرار تصريحات لوزراء يهاجمون بها قادة الجيش ويهينونهم في جلسات «الكابنيت» (مجلس الوزراء المصغّر)، الذي يقود الحرب، بينما كان نتنياهو صامتاً. ولكن، في يناير (كانون الثاني) 2025 تجرأ وأوقف الجلسة التي هاجم فيها الوزيران إيتمار بن غفير وميري ريجف رئيس الأركان هاليفي، على قراره تشكيل لجان تحقيق داخلية حول أداء الجيش.

وفي شهر مايو (أيار) تعرّض زامير لـ«بهدلة» مماثلة، لكنه ردّ على الهجوم بكلمات قاسية ونابية، ما جعل نتنياهو يلفت نظره ويوقفه عن الكلام في جلسة الحكومة. وحقاً، زامير نفسه لم يسلم من الانتقادات. وعندما اقترح صرف النظر عن إعادة احتلال غزة في نهاية الصيف، اتهمه غلاة اليمين بالتراجع عن وعوده في «تغيير نهج الجيش القتالي وجعله جيشاً هجومياً أكثر». وقالوا إن «الدولة العميقة الليبرالية تمكنت من السيطرة عليه وتدجينه».

في هذه الأثناء، هناك ما تشهده الضفة الغربية من اعتداءات. وهنا لا نقصد الاعتداءات الإرهابية على الفلسطينيين، بل الاعتداءات اليهودية على اليهود، التي تتصاعد باستمرار وفيها يهتف «شبيبة التلال» الاستيطانية لجنود وضباط الجيش الإسرائيلي «يهود نازيون».

أيضاً، أحد كبار الجنرالات، وكان مسؤولاً عسكرياً يعمل في وظيفة رفيعة في الضفة الغربية، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» (7 نوفمبر 2025)، يقول: «يبدو لي الوصف (فتيان التلال) أو (شبيبة التلال)، رومانسياً بعض الشيء، كما لو كانوا رعاة غنم يعملون في الزراعة، لكن هذا ليس ما نتكلّم عنه هنا. هؤلاء فتيان يحتاجون إلى رعاية مؤسّسات الرعاية الاجتماعية وسلطة الوالدين والتعليم. إنهم يتصرّفون كما لو كانوا في الغرب (الأميركي) المتوحش. ليس لديهم قانون ولا قاضٍ. يتجوّلون بقمصان كُتب عليها (شعب إسرائيل نعم ودولة إسرائيل لا)».

وتابع الجنرال: «إنهم لا يعترفون بالمؤسسات، وهم معادون تماماً للصهيونية، ويرسمون شعارات صهيونازية على الجدران، ويتلقون دعماً من بعض وسائل الإعلام القطاعية. لقد بنوا ماكينة عمل محكمة وحقيقية. يمكنك أن ترى فتىً في الثالثة عشرة من عمره يقود سيارة مشطوبة، وهو لا يملك حتى رخصة قيادة؛ بينما يُشعل فتيان آخرون النار في المركبات. ما عاد هؤلاء يكتفون بالاعتداءات على الفلسطينيين، بل أضحوا يعتدون بعنف وكراهية حاقدة على جنودنا وضباطنا، حتى ونحن نحميهم. وكذلك يعتدون على المواطنين اليهود، وليس فقط اليساريين منهم الذين يأتون إلى هنا للتضامن مع الفلسطينيين، بل يعتدون على مستوطنين ممّن كانوا ذات يوم شبيبة تلال لأنهم لا يوافقون اليوم على أساليبهم. وأنا لا أتكلم عن اعتداء واحد أو اثنين. لقد شكا عشرات المستوطنين الذين يتعرضون للاعتداءات منهم. ومن ثمّ، شعوري أن عدوهم الأول هو الجيش».

الرد لا يقل حدة

في المقابل، نجد أن الجيش أيضاً يملك جهاز دعاية يهاجم الحكومة بقوة شديدة ولديه مجموعة كبيرة من الكتّاب والناطقين باسمه، الذين يحذّرون من تبعات سياسة الحكومة وممارساتها، ويرون أنها «تُضعِف الجيش وتشجع العدو على تكرار الهجمات الشبيهة بهجمة حماس في 7 أكتوبر». كذلك ينتقد هؤلاء الحكومة بشكل لاذع على «فشلها المهني»، ويحمّلونها، رئيساً ووزراء، مسؤولية أساسية عن إخفاقات 7 أكتوبر، ويقولون إنها أدارت الحرب بشكل سيئ وفرضت على الجيش «إطالة الحرب لأغراض بعيدة عن الحسابات الأمنية والاستراتيجية، هدفها سياسي وحزبي للبقاء في الحكم». «وحقاً، الأمر الجوهري الذي يهاجمونها عليه هو: أنها لم تعرف كيف تستثمر المكاسب العسكرية التي وفّرها لها الجيش في مكاسب سياسية».

وهكذا يكتب الجنرال عاموس جلعاد، رئيس معهد السياسة والاستراتيجية في تل أبيب، يوم 17 نوفمبر 2025: «لقد نجح الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن في توجيه ضربة قاصمة لتحالف الشر في جميع جبهات القتال السبع. في الوقت نفسه، ثمة حاجة إلى استراتيجية لإرساء أمن طويل الأمد. حتى الآن، فشلت الحكومة الإسرائيلية في صياغة سياسة لما بعد (اليوم التالي)، ما أدى إلى خلق فراغ، ملأته الإدارة الأميركية بكل قوتها».

وأردف جلعاد: «من جهة، لهذا الأمر نتائج إيجابية تتمثل في إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء وعملية إعادة الرهائن القتلى، ووقف الحرب في غزة، وتوطيد العلاقات المميزة مع الولايات المتحدة، واحتمال تحقيق انفراج دبلوماسي مع الدول العربية. ولكن من جهة أخرى، قد يؤدي هذا التطور إلى أضرار جسيمة، مثل نشر قوة متعددة الجنسيات في غزة بمشاركة دول معادية بقيادة محور تركي - قطري داعم لجماعة الإخوان المسلمين، واستمرار وجود حماس بصيغة جديدة في غزة. بالإضافة إلى ذلك، هناك احتمال الإضرار بالتفوق النوعي للجيش الإسرائيلي، من خلال نقل قدرات عسكرية غير مسبوقة إلى الدول العربية. في الخلفية، تُبذل جهودٌ من إيران وحزب الله لاستعادة القدرات العسكرية المتضررة خلال الحرب. ولكن الأنكى هو أنه على الصعيد الداخلي، تشهد إسرائيل بقيادة الحكومة سلسلةً من العمليات الهدامة التي تُلحق الضرر بالمناعة الوطنية والاجتماعية، التي تشكل ركيزةً أساسيةً من ركائز الأمن القومي الإسرائيلي. ويشمل ذلك استمرار الانقلاب القضائي وإلحاق الضرر بالمؤسسات القضائية، والحرب على وسائل الإعلام في البلاد، والتدخل في أنشطة أجهزة الأمن وإنفاذ القانون، وغيرها».


إميل مايكل: من جذور مصرية يشارك في قيادة سباق الابتكار العسكري الأميركي

في ظل حاجة واشنطن إلى سرعة التنفيذ، يعاب على «البنتاغون» العمل ببطء بيروقراطي قاتل، بينما يأتي مايكل من ثقافة «التحرك بسرعة وكسر الأشياء»
في ظل حاجة واشنطن إلى سرعة التنفيذ، يعاب على «البنتاغون» العمل ببطء بيروقراطي قاتل، بينما يأتي مايكل من ثقافة «التحرك بسرعة وكسر الأشياء»
TT

إميل مايكل: من جذور مصرية يشارك في قيادة سباق الابتكار العسكري الأميركي

في ظل حاجة واشنطن إلى سرعة التنفيذ، يعاب على «البنتاغون» العمل ببطء بيروقراطي قاتل، بينما يأتي مايكل من ثقافة «التحرك بسرعة وكسر الأشياء»
في ظل حاجة واشنطن إلى سرعة التنفيذ، يعاب على «البنتاغون» العمل ببطء بيروقراطي قاتل، بينما يأتي مايكل من ثقافة «التحرك بسرعة وكسر الأشياء»

شكّل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتعيين إميل جرجس مايكل في منصب وكيل وزارة الدفاع للبحث والهندسة، ثم تكليفه لاحقاً بإدارة «وحدة الابتكار الدفاعي»، في أحد أبرز القرارات المفصلية ضمن إطار سياسة الابتكار العسكري للولايات المتحدة منذ إعادة هيكلة «البنتاغون» (وزارة الحرب الأميركية) عام في 2017. وذلك ليس فقط لأن المنصب يُعدّ رأس الهرم في الهندسة العسكرية والتطوير التكنولوجي، بل لأن مايكل يمثّل نموذجاً جديداً تماماً عن ذلك الذي اعتادت المؤسسة الدفاعية الأميركية تعيينه في هذا الموقع. إذ إن المسؤول الذي يُمسك عملياً بمفاتيح التفوق التكنولوجي الأميركي، من الذكاء الاصطناعي إلى الأنظمة غير المأهولة، ومن الحرب السيبرانية إلى الجيل الثاني من الدفاع الصاروخي، رجل أعمال مهاجر من جذور مصرية قبطية، بنى مسيرته في شركات التكنولوجيا الفائقة النمو، بدءاً من شركة «تيل مي نيتوورك»، مروراً بـ«كلاوت»، ووصولاً إلى «أوبر»، إحدى أكثر شركات العقد الماضي إثارة للجدل والتأثير في آن واحد.

تعيين إميل مايكل وكيلاً لـ«البنتاغون» للبحث والهندسة لم يكن مجرد مفاجأة، بل كسرٌ لخطٍ طويل من الشخصيات المنتمية تقليدياً إلى عالم الصناعات الدفاعية أو البحث العلمي الأكاديمي. وفي حين يرى البعض أنّ الرئيس دونالد ترمب يكرّر رهانه المألوف على رجال الأعمال - كما فعل في الحكومة الأولى - يعدّ آخرون أنّ ما حدث هو إعادة توجيه جذرية لطبيعة القوة التكنولوجية الأميركية، بحيث تُسلَّم مفاتيح المستقبل لمن يملكون القدرة على «تسريع» الابتكار، وليس فقط تنظيره. وأدناه نبذة عن مسيرة مايكل نحو هذا المنصب، وتكوينه السياسي ومسارة المهني ومنطق تعيينه وتأثير خلفيته القبطية المصرية في شخصيته ودوافعه.

مهاجر في قلب سردية النجاح

ولد إميل مايكل في القاهرة عام 1972 لأسرة قبطية، وهاجر في سن مبكّرة مع عائلته إلى الولايات المتحدة.

وعام 2012 التقى جولي هيرين في لاس فيغاس (ولاية نيفادا)، وتزوجا عام 2018 في حفل أقيم بمدينة ميامي، بولاية فلوريدا.

الانتماء القبطي ليس تفصيلاً هامشياً، بل جزء أساسي في تكوينه السياسي وطريقة تفكيره. وفي شقّ من الهوية القبطية، عند البعض في مصر، ثمة بالهامشية السياسية والبحث عن الحماية عبر «المؤسسات القوية». وهذا انعكس لاحقاً على توجهات مايكل في السياسة الأميركية، وخاصة في علاقة الأقليات بالدولة الحديثة، وقيمة وجود دولة مركزية قادرة على فرض النظام.

وكان مايكل يشير دائماً في مقابلاته القليلة حول خلفيته، إلى أنّ تجربة الهجرة منحته ثقافتين من زاويتين: إيماناً أميركياً تقليدياً بالفرصة الفردية، وحسّاً «واقعياً» في فهم أخطار انهيار الدول وضعف مؤسساتها، وهو أمر لا يمرّ عادة في تكوين المسؤولين الأميركيين الذين يترعرعون داخل «الاستقرار المؤسساتي» الأميركي.

هذه الخلفية تفسّر أيضاً شغفه المبكر بالدفاع الوطني. فمع أنه رجل أعمال تقني، اختار عام 2009 الانضمام إلى برنامج الزمالة في «البيت الأبيض»، والعمل مباشرةً تحت وزير الدفاع روبرت غيتس (الجمهوري) في إدارة الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما، إبان سنوات الحرب في العراق وأفغانستان. وما لبث رجل الأعمال الشاب الآتي من وادي السيليكون أن وجد نفسه فجأة في قلب العمليات العسكرية واللوجيستية، في مسار غير شائع إطلاقاً.

جمهوري من هارفارد... إلى ستانفورد

درس إميل مايكل في جامعة هارفارد العريقة، وفيها تولّى رئاسة نادي الجمهوريين. واللافت أنّه فور تسلمه المنصب بادر إلى تحويل اسم النادي إلى «نادي الجرف الأحمر لجمهوريي هارفارد»، في إشارة إلى رغبته في إدخال النساء إلى الهيكل السياسي الطلابي المحافظ. وهو موقف مبكر يعكس قدرة سياسية على قراءة البيئة الاجتماعية ومحاولة توسيع التحالفات، وهي مهارة ستظهر لاحقاً في إدارة الشركات.

بعد هارفارد، تابع دراسته في كلية الحقوق التابعة لجامعة متميزة أخرى هي جامعة ستانفورد، المختبر الفكري الذي أنجب نخبة من روّاد التكنولوجيا.

هناك ازداد تماهيه مع التيار البراغماتي داخل الحزب الجمهوري، الذي يركّز على الاقتصاديات الحديثة والابتكار، وليس فقط على خطاب «القيَم التقليدية». ولعل هذا المزيج، أي يميناً اقتصادياً وابتكاراً تكنولوجياً، كان أساسياً لاحقاً في فهم لماذا رأى ترمب فيه الشخص المناسب لقيادة سباق الحرب التكنولوجية.

المسيرة المهنية

على امتداد 25 سنة، بنى إميل مايكل سمعة استثنائية في عالم الشركات العالية النمو، حيث بدأ مسيرته المهنية مستشاراً استراتيجياً في شركة «كونفيرجينغ» التابعة لشركة «جيميني» للاستشارات. وبعد تخرجه في كلية الحقوق، عمل مايكل مساعداً في مجموعة الخدمات المصرفية الاستثمارية للاتصالات والإعلام والترفيه في «غولدمان ساكس» بنيويورك حتى عام 1999. ثم عمل في مشاريع استشارية للاندماج والاستحواذ العدائي، وفي تمويل الأسهم والديون المصرفية. ومن 1999 حتى 2008 شغل مايكل منصباً تنفيذياً في شركة «تيل مي نتوركس» الناشئة للاتصالات عبر الإنترنت لمدة تسع سنوات. وكانت تلك الشركة رائدة في تقنيات التعرف على الصوت، وبيعت لـ«مايكروسوفت» بـ800 مليون دولار عام 2007.

بعدها، عام 2012، أصبح رئيساً للعمليات وعضواً في مجلس إدارة شركة «كلاوت»، منصة تحليل النفوذ الرقمي (التي سبقت عصر البيانات الضخمة)، ليغادرها عام 2013، للانضمام إلى شركة «أوبر». وحقاً، بيعت «كلاوت» إلى شركة «ليثيوم» مقابل نحو 200 مليون دولار في أوائل عام 2014.

ثم انضم مايكل إلى «أوبر» نائب رئيس أول للأعمال، وكان بمثابة الذراع اليمنى لرئيسها التنفيذي، ترافيس كالانيك، وساعد الشركة على جمع ما يقرب من 20 مليار دولار. وللعلم، كان مايكل لاعباً رئيساً في تطوير جهود «أوبر» في الصين، حيث استثمر ملياري دولار لتصل قيمتها إلى 7 مليارات دولار عام 2016. كذلك عمل على بناء شراكات مع «بايدو» وشركات صينية أخرى. وعام 2016 قاد مايكل عملية دمج «أوبر الصين» مع منافستها المحلية «ديدي تشوكسينغ». وفي 2021، جمعت شركة «ديدي» 4.4 مليار دولار في طرحها العام الأولي.

تقدير قدراته التسويقية

عام 2014 اختير مايكل واحداً من «أكثر الأشخاص إبداعاً في مجال التسويق» وواحداً من «أكثر 100 شخص إبداعاً في مجال الأعمال» من قِبل شركة «فاست».

وفي عام 2017، ساعد مايكل في التفاوض على صفقة مع «ياندكس»، أكبر شركة تكنولوجيا وأشهر محرّك بحث على الإنترنت في روسيا – هي المعروفة باسم «غوغل روسيا» - حيث امتلكت «أوبر» 36.6 في المائة من كيان مشترك لمشاركة الرحلات في روسيا. واستثمرت «أوبر» 225 مليون دولار، واستثمرت «ياندكس» 100 مليون دولار.

رأس المال «المخاطر» يدخل «البنتاغون»

عام 2014، عُيّن إميل مايكل وثمانية آخرون في «مجلس أعمال الدفاع» التابع لـ«البنتاغون». انضمّ الثمانية إلى خمسة عشر عضواً من أعضاء المجلس، الذي أُسس عام 2002 لتقديم استشارات مستقلة بشأن القطاع الخاص. وكان مايكل الوحيد من بين المعيّنين الجدد الذي يتمتع بخبرة في مجال الشركات الناشئة.

وبالفعل، لعبت خلفيته في الاستثمار بشركات الذكاء الاصطناعي، و«البلوك تشين»، واللوجيستيات، والأنظمة الرقمية... وتحديداً، في المجالات التي تُعدّ اليوم قلب المنافسة الاستراتيجية مع الصين، دوراً كبيراً في جعله - في نظر فريق ترمب - «المختبر العملي» لقيادة سباق التكنولوجيا العسكرية، وهو ما أغرى ترمب بوضعه في رأس منظومة الابتكار العسكري.

خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024، أعلن ترمب - وكان لا يزال رئيساً منتخباً - عن نيته ترشيح مايكل لمنصب وكيل وزارة الدفاع للأبحاث والهندسة، وأكد مجلس الشيوخ ترشيحه في مايو (أيار) 2025. وفي أغسطس (آب)، أصبح قائماً بأعمال «مدير وحدة الابتكار الدفاعي».

واليوم، يُعد منصب وكيل وزارة الدفاع للبحث والهندسة أخطر منصب تكنولوجي في الحكومة الأميركية. فهو الذي يحدّد اتجاهات الاستثمار التكنولوجي، وأولويات «وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدمة» (داربا)، وبرامج الأسلحة الاستراتيجية، وتوازن القدرة الأميركية مقابل الصين وروسيا.

ولفهم أسباب اختيار ترمب لمايكل، يرى البعض أنه يجب النظر إلى سمات الشخصية مقابل حاجات المرحلة. وفي ظل الحاجة إلى سرعة التنفيذ، يعاب على «البنتاغون» العمل ببطء بيروقراطي قاتل، بينما يأتي مايكل من ثقافة «التحرك بسرعة وكسر الأشياء»، ويُنظر إليه كمن يستطيع اختصار سنوات من الدورة البيروقراطية في وزارة الحرب.

وفي عهد فتح الأبواب للقطاع الخاص، اتجه ترمب أيضاً خلال ولايته الثانية إلى جعل الابتكار العسكري يعتمد على الصناعة الخاصة لا على مختبرات الدولة فقط، وهو بالضبط ما يجسده مايكل في هذا النهج. وطبعاً، يضاف إلى ما سبق أن خبرته العالمية، ولا سيما مع الصين وروسيا، منحته نظرة دقيقة على نماذج الابتكار لدى الخصوم.

مع هذا، يثير تعيين مايكل في منصبه جدلاً داخل واشنطن. فبعض الأصوات ترى في تعيين رجل أعمال بهذا الانغماس في رأس المال المخاطر، خطوة قد تعمّق نفوذ الشركات على حساب القرارات الدفاعية. ثم إن موقفه الحازم من الصين - بعدما حذر من أنها تهدف إلى «احتكار الذكاء الاصطناعي العسكري» خلال 10 سنوات - قد يدفعه إلى قرارات سريعة وغير تقليدية، بعضها يزعج التيارات التقليدية.

خلفيته ورؤيته لـ«البنتاغون»

من جهة ثانية، مع أن مايكل لا يقدّم نفسه بوصفه «سياسياً هوياتياً»، ورغم أنه شخصية محافظة سياسياً، فإنّ تأثير هويته واضح. ذلك أن خلفيته بصفته قبطياً مهاجراً جعلته، بحسب مقرّبين، أقرب لفهم أهمية «توازن القوة» في المجتمعات الهشّة، ما جعله يؤمن بأن التفوّق العسكري الأميركي هو أحد صمامات استقرار الأقليات حول العالم.

هذا البعد له تأثير ضمني لكن مفهوم في قراره بالدخول إلى قطاع الأمن القومي، وينعكس في دعمه لبرامج الدفاع غير التقليدية، ولتطوير تقنيات يمكن أن تمنع الحروب قبل وقوعها. وعلى عكس كثير من التكنولوجيين الأميركيين الذين يملكون حسّاً «ليبرالياً » تجاه الأمن القومي، ينظر مايكل إلى الجيش كـ«قوة استقرار»، وليس فقط كمجرد مؤسسة عسكرية.

ومن ثمّ، من الآن وحتى 2030، تشير كل المؤشّرات داخل وزارة الحرب إلى أنّ مايكل يخطط لثلاثة محاور حاسمة:

- تفعيل «نظام الابتكار السريع»، عبر تحويل «البنتاغون» إلى بنية مشابهة لشركات التكنولوجيا، في اتخاذ القرارات السريعة، وتجارب متكررة، ونسخ أولية، ثم تصنيع.

- إعادة توجيه وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدمة (داربا) نحو الذكاء الاصطناعي العسكري الكامل، ليس فقط كأداة دعم، بل كمكوّن قتالي مستقل.

- عسكرة البيانات، عبر تطوير أنظمة ميدانية تعتمد على بيانات اللحظة، بما يشبه نموذج «أوبر» في مراقبة الحركة البشرية، لكن في ساحات الحرب.

ولهذا بالضبط، نجده اليوم في رأس الهرم التكنولوجي للولايات المتحدة، في لحظة تتقرر فيها ملامح القرن الأميركي أو نهايته.


كيف يختلف مايكل عمّن سبقوه في منصب وكيل وزارة الدفاع للبحث والهندسة؟

كاثلين هيكس (آب)
كاثلين هيكس (آب)
TT

كيف يختلف مايكل عمّن سبقوه في منصب وكيل وزارة الدفاع للبحث والهندسة؟

كاثلين هيكس (آب)
كاثلين هيكس (آب)

يمثّل صعود إميل مايكل إلى منصب وكيل وزارة الدفاع للبحث والهندسة تحولاً واضحاً في طبيعة القيادة التكنولوجية داخل «البنتاغون»، مقارنةً بكل من مايكل غريفين وهايدي شو وديفيد هوني وكاثلين هيكس، الذين شكّلوا المسار المؤسسي التقليدي خلال العقد والنصف الماضيين.

مايكل غريفين (2018 - 2020) العالم الصاروخي، هو نموذج «العالم الكلاسيكي» داخل المؤسسة الدفاعية الأميركية. فيزيائي صواريخ، ومدير سابق لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، ورجل قائم على المدرسة البحثية الثقيلة.

كان تركيزه على الفضاء، والصواريخ، والأنظمة الفرط صوتية، وتطوير أنظمة الردع الاستراتيجي. والفارق الجوهري بينه وبين مايكل يكمن في الخلفية: غريفين ابن المؤسسات الأكاديمية والعسكرية التقليدية، بينما مايكل آت من شركات التكنولوجيا الفائقة النمو، ما يجعله أكثر ميلاً للسرعة والمخاطرة وتبني الابتكار التجاري.

هايدي شو (2020 - 2023) سيدة المنظومات الدفاعية، جاءت من خلفية إدارية - تكنولوجية تمتد لعقود داخل «البنتاغون»، مركّزة على الدفاع الصاروخي والسيبراني، ومثّلت «الاستمرارية» أكثر من التغيير، بينما يجسد مايكل «القطيعة» مع الإرث المؤسسي. إذ إنه لا ينتمي لتقاليد «البنتاغون»، بل لثقافة استثمارية عالمية، ما يجعله أقرب إلى مقاربة «الابتكار المفتوح» مع الشركات الناشئة.

ديفيد هوني (2023 - 2025) المهندس البيروقراطي، يُعدّ خبيراً في البيروقراطية الدفاعية، عارفاً بتعقيدات الهياكل الداخلية ودوائر الاستحواذ. وظيفته كانت تحسين الانسيابية لا تغيير الفلسفة. أما مايكل فيقدّم رؤية انقلابية: تسريع القرارات، ونقل تقنيات القطاع الخاص مباشرة إلى ساحة القتال، وتخفيف دور البيروقراطية لصالح دينامية الشركات.

كاثلين هيكس (2021 - 2025) نائبة وزير الدفاع، تعد العقل الاستراتيجي المدني، ومع أنها لم تشغل الموقع نفسه، لكنها قادت بحكم موقعها، الإشراف على ملفات التكنولوجيا والتحوّل الدفاعي.

أيضاً مثلت هيكس المدرسة الاستراتيجية الليبرالية - التقليدية في الأمن القومي، ويمثل مايكل المدرسة المحافظة - التجارية، المتمحورة حول المنافسة مع الصين والتفوق الصناعي.

أخيراً، في حين يمثل الأربعة المذكورون خط الاستمرارية المؤسسية، يأتي إميل مايكل من خط الاختراق التكنولوجي التجاري. فهو أول من جمع بين خبرة وادي السيليكون والعمل المباشر في ساحات الدفاع، ما يجعل تعيينه انتقالاً من «عقود البحوث البطيئة» إلى «سباق الزمن التكنولوجي» في مواجهة الخصوم الدوليين للولايات المتحدة.