نواف سلام... رئيساً لمحكمة العدل الدولية ويبقى مرشحاً بارزاً لرئاسة حكومة لبنان

وسط ترحيب وطني وقلق إسرائيلي

نواف سلام... رئيساً لمحكمة العدل الدولية ويبقى مرشحاً بارزاً لرئاسة حكومة لبنان
TT

نواف سلام... رئيساً لمحكمة العدل الدولية ويبقى مرشحاً بارزاً لرئاسة حكومة لبنان

نواف سلام... رئيساً لمحكمة العدل الدولية ويبقى مرشحاً بارزاً لرئاسة حكومة لبنان

هو القاضي اللبناني نواف سلام... رئيس «محكمة العالم»، الذي اختار العمل بهدوء بعيداً عن ضوضاء السياسة الداخلية وزواريبها، لكنه حمل من حيث هو في الأمم المتحدة، حيث شغل منصب سفير لبنان، وفي محكمة العدل الدولية التي انضم إليها منذ عام 2018، لواء الدفاع عن سيادة لبنان واستقراره وعن القضية الفلسطينية والقضايا الإنسانية.

لم تغر الدكتور نوّاف سلام، ابن البيت السياسي البيروتي العريق، المناصب ولا المراتب، لكنه وصل إليها نتيجة جهوده ومثابرته ليعيّن في شهر فبراير (شباط) الحالي رئيساً لـ«محكمة العدل الدولية» لمدة ثلاث سنوات. وبذا يغدو القانوني اللبناني ثاني عربي يترأس هذه المحكمة منذ إنشائها عام 1945، بعد وزير خارجية الجزائر الأسبق محمد بجاوي.

كان سلام، الذي يتبوأ اليوم أعلى سلطة قضائية في العالم، قد انضم عام 2018 إلى هذه المحكمة التي تتألف من 15 قاضياً يُصار إلى انتخابهم من قبل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة. ولقد لقيت خطوة انتخابه لهذا المنصب الرفيع ترحيباً لبنانياً واسعاً في لبنان، ولا سيما من داعميه الذين سبق أن كانوا قد رشّحوه لرئاسة الحكومة وعدّوا الامتناع عن تسميته لرئاسة الحكومة خسارة وطنية للبلاد. وفي المقابل، شكّل تعيين سلام قلقاً لإسرائيل، التي عبّر إعلامها بشكل واضح عن هذا الأمر انطلاقاً من مواقفه المعلنة المساندة للقضية الفلسطينية. إذ عدّت صحيفة «الجيروزاليم بوست» أن سلام صاحب تاريخ طويل بمناهضة إسرائيل عبر تصريحاته ومواقفه، مذكرة بموقف له على وسائل التواصل الاجتماعي حيث كتب عام 2015 متوجهاً إلى إسرائيل بالقول «عيد ميلاد غير سعيد لك، 48 عاماً من الاحتلال». ورأى كذلك أن «تصوير منتقدي سياسات إسرائيل بأنهم معادون للسامية هو محاولة لترهيبهم وتشويه سمعتهم، وهو ما نرفضه»، داعياً إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية وإلى عضوية فلسطين في الأمم المتحدة.

من القضية الفلسطينية إلى الهم اللبناني

في الواقع شكّلت القضية الفلسطينية محوراً أساسياً في حياة الشاب نواف سلام وأبناء جيله، ولا سيما في مرحلة «منظمة التحرير الفلسطينية» وأيام الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وهو ما ظهر جلياً في ممارساته وحياته الأكاديمية والسياسية والدبلوماسية.

وفي مقابلة سابقة له مع قناة هيئة الإذاعة البريطانية، (البي بي سي)، أكد سلام أنه ناضل خلال فترة دراسته الجامعية من أجل القضية الفلسطينية، وكان لنكسة يونيو (حزيران) 1967 تأثير كبير على شخصيته كما على كل الشباب من أبناء جيله. وأردف أنه إبان ترؤسه مجلس الأمن الدولي في شهر مايو (أيار) 2010 بكى تأثراً عندما تسلم ملف فلسطين لتقديم عضويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

والواقع أن مؤازرة سلام للقضية الفلسطينية وحراكه وانفتاحه الذي تتميز به شخصيته كانت باباً لعلاقاته الواسعة في لبنان وخارجه. وفي هذا السياق، يصفه صديقه الوزير السابق والنائب الحالي مروان حمادة بـ«السياسي غير التقليدي» على الطريقة اللبنانية.

ويتابع حمادة نواف سلام «يشبه منطقة رأس بيروت المتنوعة والمنفتحة والعابرة للطوائف». ويستطرد «نضاله وانفتاحه أنتجا شخصية هادئة أخذت موقعها الوسطي الذي يميل إلى الأفكار الليبرالية – الاشتراكية، وهو ما ظهر بشكل واضح في كتاباته ومؤلفاته».

وحقاً، شكّل حمله لواء القضية الفلسطينية قاعدة صلبة لحمله لواء القضية اللبنانية منذ أن بدأ مسيرته السياسية والدبلوماسية، وخاصة، عندما شغل مقعد لبنان غير الدائم في الأمم المتحدة بين عامي 2009 و2010.

ومن على منبر مجلس الأمن والأمم المتحدة، حمل سلام الدبلوماسي والقانوني، لواء سيادة لبنان في مواقف قاطعة ضد إسرائيل وانتهاكها للقرارات الدولية، ولا سيما عبر القرار 1559 الذي ينص على احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه، والقرار 1701 الذي أدى إلى وقف إطلاق النار في عام 2006 بين لبنان وإسرائيل. يضاف إلى ذلك العمل على تعزيز «سياسة النأي بالنفس» عن الحرب في سوريا، والسعي إلى إنهاء الإفلات من العقاب من خلال إنشاء «المحكمة الدولية الخاصة بلبنان» للنظر في قضيّة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1757.

وبالفعل، كان الهم اللبناني، أول ما تحدث عنه، سلام - ابن بيروت - عند انتخابه رئيساً لـ«محكمة العدل الدولية»، إذ قال إن ذلك يحمّله «مسؤولية كبرى في تحقيق العدالة الدولية وإعلاء القانون الدولي». وأردف: «أول ما يحضر إلى ذهني في هذه اللحظة هو همي الدائم أن تعود مدينتي بيروت (أمّاً) للشرائع كما هو لقبها، وأن ننجح - نحن اللبنانيين - في بناء دولة القانون في بلادنا، وأن يسود العدل بين أبنائه».

أسرته وولادته ونشأته

ولد نواف عبد الله سليم سلام يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) 1953 في العاصمة اللبنانية بيروت. وهو يتحدّر من عائلة سياسية بيروتية معروفة. إذ كان جده لأبيه «أبو علي» سليم علي سلام (1868 – 1938) أحد أبرز زعماء المدينة في مطلع القرن العشرين، وأحد نوابها في البرلمان العثماني (مجلس المبعوثان)، كما تولى رئاسة بلديتها (عام 1908)، وترأس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية (كبرى الجمعيات الخيرية الإسلامية في لبنان). ولكن، بعدما أسقط الاتحاديون الأتراك (جمعية الاتحاد والترقي) السلطان عبد الحميد الثاني، تغيّرت سياسة الباب العالي تجاه أهل الشام نتيجة اعتماد الاتحاديين سياسة «التتريك». وهكذا، بدأت حركات التحرر العربية تلوح بالأفق، وانضم سليم سلام لـ«المؤتمر العربي الأول» في باريس عام 1913. وساهم بتأسيس «جمعية الإصلاح البيروتية» المناهضة للسياسة التركية في الشرق. وعام 1918 بعد نهاية الحرب العالمية الأولى ونجاح «الثورة العربية»، وتشكيلها «الحكومة العربية الكبرى»، كان سلام أحد أعضائها، ومديراً لمكتبها في بيروت. ثم إنه انضم لـ«المؤتمر السوري العام» في دمشق عام 1919 ممثلاً عن بيروت، وترأس مؤتمرات الساحل والأقضية الأربعة عام 1936. وأصبح عام 1937 رئيساً للمجلس القومي الإسلامي قبل وفاته بستة أشهر.

أما، والد نواف سلام، عبد الله سلام، فكان رجل أعمال بارزاً وأحد مؤسسي شركة طيران الشرق الأوسط. ومن أعمامه رئيس الوزراء اللبناني السابق صائب سلام، الذي تولى رئاسة حكومة لبنان أربع مرات، ما بين عامي 1952 و1973، والوزير السابق المهندس مالك سلام. ومن أبناء أعمامه تمام صائب سلام رئيس الحكومة السابق (بين عامي 2014 و2016).

بالنسبة لدراسته الجامعية والقانونية، يحمل نواف سلام شهادة دكتوراه دولة في العلوم السياسية من معهد الدراسات السياسية (سيانس بو) في باريس، ودكتوراه في التاريخ من جامعة باريس - السوربون، وماجستير في القوانين من جامعة هارفارد، وله مؤلفات عديدة في السياسة والتاريخ والقانون. وعلى الصعيد العملي مارس سلام المحاماة، كما عمل أستاذاً محاضراً في التاريخ المعاصر في السوربون، كما درّس العلاقات الدولية والقانون الدولي في الجامعة الأميركية في بيروت؛ حيث ترأس دائرة العلوم السياسية والإدارة العامة فيها من 2005 إلى 2007. وبالنسبة للمؤلفات والأبحاث، كان بين أحدث مؤلفات سلام «لبنان بين الأمس والغد» الصادر في بيروت عام 2021. ونشير إلى أنه قبل تعيينه رئيساً لمحكمة العدل الدولية، كان قد شغل قبل ذلك منصب سفير لبنان لدى الأمم المتحدة بين 2007 و2017. ومثّله في مجلس الأمن خلال ولايته فيه عامي 2010 و2011 وترأس أعمال هذا المجلس في شهري مايو (أيار) 2010 وسبتمبر (أيلول) 2011.

شدد سلام على أن الهم الأساس هو «إنقاذ لبنان من محنته، وهذا يتطلب التغيير في مقاربة الأزمة نهجاً وممارسة

العائلة وبيروت والجبل

حب لبنان بالنسبة إلى سلام ليس فقط في الكتب ومن على المنابر، فهو البيروتي العتيق الذي بقي على علاقة وثيقة بمدينته بيروت رغم غيابه عنها لفترات بعيدة بسبب عمله. وهو لا يزال يملك في هذه المدينة صداقات من مختلف الطوائف والتوجهات. ويحرص على اللقاء بهم في كل مرة يزور بها العاصمة اللبنانية. وهذه الزيارات لا تقتصر فقط على الإجازات الطويلة إنما قد يأتي إلى بيروت فقط للمشاركة في مناسبة معينة للعائلة وللأصدقاء، ثم المغادرة. وكما لبيروت، كذلك لمنزله في منطقة شملان الجبلية الواقعة في قضاء عاليه (جبل لبنان) حيّز خاص في حياته وحياة زوجته سحر بعاصيري (سفيرة لبنان لدى اليونيسكو)، ولا سيما في فصل الصيف.

وإضافة إلى اللقاءات مع الأصدقاء الكثر، تغري سلام، وهو أب لشابين هما عبد الله ومروان، النوادي ذات الطابع الأكاديمي على غرار نادي هارفارد في نيويورك، الذي هو عضو فيه، إضافة إلى أنه قارئ نهم وشغوف بالموسيقى التي هي بالنسبة له رفيق دائم.

 

«مرشح الانتفاضة الشعبية»

على صعيد آخر، برز اسم نواف سلام بشكل كبير إبان «الانتفاضة الشعبية» عام 2019 وتحديداً بعد استقالة رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري. ويومذاك طرح أفرقاء في المعارضة اسمه على أنه مرشح تسوية حيادي - تكنوقراط، إلا أن «الفيتو» الحاسم من قبل «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل)، وعدّه «مرشّح الولايات المتحدة»، مع ما رافق ذلك من حملات ضدّه، حالت دون وصوله إلى رئاسة الحكومة. مع هذا، حصل سلام حينئذٍ في الاستشارات النيابية على تأييد كل من كتلة «الحزب التقدمي الاشتراكي»، وحزب «الكتائب اللبنانية»، وعدد من النواب المستقلين، لكن «الفيتو» الشيعي ضده أدى إلى تكليف حسان دياب بترؤس الحكومة.

مع هذا، بعد استقالة حكومة دياب إثر انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) 2019، عاد فطرح اسم سلام لرئاسة الحكومة، لكن التوافق بين معظم الكتل النيابية، بدعم من المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أدى إلى تسمية السفير مصطفى أديب بحصوله على 90 صوتاً من النواب، لكن أديب اعتذر عن المهمة في وقت لاحق بعد اصطدام اتصالاته لتشكيل الحكومة بحائط مسدود.

وكان سلام، الذي التزم طوال هذه المرحلة الصمت قد عبّر عن تأثره بالثقة التي أولاها إياه عدد من النواب في الاستشارات النيابية الأولى، مؤكداً أن «حملة التشهير لم تستند أصلاً إلى أي دليل، فضلاً عن التزامي مبدأ التحفّظ لكوني اليوم قاضياً في محكمة العدل الدولية». ومن ثم تابع: «فيما لو صح شيء من هذه التهمة الباطلة، فلماذا سكتوا عنها طوال هذه السنين وأنا في هذا الموقع الحساس معيناً ممثلاً للبنان بإجماع مجلس الوزراء؟ وما يؤكد أيضا كذب كل هذه الافتراءات، هو أن مئات المواقف التي اتخذتها والخطب التي أدليت بها دفاعاً عن لبنان وقضايا العرب وفلسطين موثقة بالكامل».

وفيما يشبه «البرنامج الحكومي» شدد سلام على أن الهم الأساس هو «إنقاذ لبنان من محنته، وهذا يتطلب التغيير في مقاربة الأزمة نهجاً وممارسة، بدءاً بالإصلاح في السياسات المالية، والإصلاح السياسي الذي يبقى عنوانه الأول التصدي لعقلية الزبائنية وثقافة المحاصصة». كذلك شدد على أهمية «تحقيق استقلالية القضاء وتحصين مؤسسات الدولة ضد آفات الطائفية والمحسوبية.... ولا معنى لأي من هذه الإصلاحات إن لم تكن مرتكزة على أهداف ومبادئ الإنصاف والعدالة الاجتماعية وصيانة الحقوق والحريات العامة والخاصة». وتعهد بأنه سيبقى دائماً «يعمل إلى جانب كل الملتزمين قضية التغيير من أجل إصلاح الدولة وبسط سيادتها على كامل أراضيها واستعادة بلدنا موقعه ودوره العربي وثقة العالم به».



 


مقالات ذات صلة

الجيش اللبناني يستكمل انتشاره في القطاع الغربي بعد انسحابات إسرائيلية

المشرق العربي آليات للجيش اللبناني في الناقورة (حساب قيادة الجيش على إكس)

الجيش اللبناني يستكمل انتشاره في القطاع الغربي بعد انسحابات إسرائيلية

تستكمل وحدات الجيش اللبناني، الثلاثاء، الانتشار في منطقة الناقورة الحدودية وبلدات في القطاعين الغربي والأوسط، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الموفد الأميركي آموس هوكستين مع نواب من المعارضة في دارة النائب فؤاد مخزومي (صفحة مخزومي على «إكس»)

زخم خارجي… وحراك داخلي لإنقاذ جلسة انتخاب الرئيس اللبناني الخميس

رغم تكثيف اللقاءات والمشاورات، بين الأفرقاء اللبنانيين فيما بينهم ومع الموفدين الدوليين، قبل ساعات حاسمة على جلسة انتخاب رئيس لبناني، لا تزال الأجواء ضبابية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة وزعها المكتب الإعلامي للجيش اللبناني تظهر قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون يلتقي المبعوث الأميركي آموس هوكستين في مكتبه في اليرزة

هوكستين: المرشح لرئاسة لبنان يجب أن يتمتع بمواصفات قائد الجيش

يقف البرلمان اللبناني على مسافة ساعات من انتخاب رئيس للجمهورية، بينما لا يزال الغموض يكتنف ما ستؤول إليه الجلسة التي ستبقى قائمة في موعدها ولا مجال لتأجيلها.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون (أ.ف.ب) play-circle 00:52

هوكستين: الجيش الإسرائيلي سينسحب من كامل الأراضي اللبنانية

أكد المبعوث الأميركي آموس هوكستين أن الجيش الإسرائيلي سينسحب من كامل الأراضي اللبنانية لكنه أقرّ بأن تنفيذ اتفاق وقف النار ليس سهلاً.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي البرلمان اللبناني منعقداً في جلسة سابقة (أرشيفية)

جهود دولية ولبنانية للتوافق على رئيس قبل جلسة الانتخاب

يصل المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان يوم الثلاثاء إلى بيروت للدفع قدماً باتجاه إنجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني في الجلسة الانتخابية المحددة يوم الخميس المقبل.

بولا أسطيح (بيروت)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».