يوآف غالانت... حليف نتنياهو الداعم للاستيطان والتهجير

لاحقته تهم «جرائم الحرب» من «الرصاص المصبوب» إلى «السيوف الحديدية»

عام 2010 كان أحد المرشحين البارزين لتولّي منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بترشيح من إيهود باراك
عام 2010 كان أحد المرشحين البارزين لتولّي منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بترشيح من إيهود باراك
TT
20

يوآف غالانت... حليف نتنياهو الداعم للاستيطان والتهجير

عام 2010 كان أحد المرشحين البارزين لتولّي منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بترشيح من إيهود باراك
عام 2010 كان أحد المرشحين البارزين لتولّي منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بترشيح من إيهود باراك

عبر مقطع فيديو قصير جابَ منصات التواصل الاجتماعي، عرف كثيرون من رواد تلك المنصات، ربما للمرة الأولى، وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت. شاهدوه وهو يهدّد ويتوعّد ويعلن الحصار على قطاع غزة، يوم 9 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بقوله: «لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود، كل شيء مغلق»، قبل أن يضيف: «نحن نحارب حيوانات بشرية، ونتصرف وفقاً لذلك». الجملة الأخيرة تختصر شخصية غالانت بوصفه قائد حرب، في حكومة يمينية متطرفة، لا يتردد في قتل مدنيين وتجويعهم، بداعي أنهم «جنس أقلّ من البشر».

علاقة يوآف غالانت بقطاع غزة لم تبدأ في الحرب الأخيرة، التي انطلقت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، رداً على عملية «طوفان الأقصى» التي نفّذتها حركة «حماس» ضد مستوطنات غلاف غزة، وتسببت في قتل وإصابة إسرائيليين وأَسْر آخرين، بل تعود إلى سنوات مضت قاد فيها غالانت عملية عسكرية في القطاع، وكانت سبباً في بروز اسمه وترشيحه لمناصب سياسية في إسرائيل.

قائد «الرصاص المصبوب»

لقد أشرف الجنرال غالانت، وكان يومذاك رئيس قيادة المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، على عملية الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من قطاع غزة عام 2005، فيما عُرف حينئذ باسم «فك الارتباط». إلا أن اسمه اقترن بالقطاع بعدها بثلاث سنوات، وتحديداً يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) عام 2008، بوصفه قائد عملية «الرصاص المصبوب»، التي شنّتها إسرائيل على غزة، بداعي الرد على الصواريخ التي كانت تطلقها حركة «حماس» باتجاه تل أبيب.

وعلى غرار ما يحدث اليوم، بدأت عملية «الرصاص المصبوب» بقصف جوي، قبل أن تنطلق العملية البرية، يوم 3 يناير (كانون الثاني) عام 2009. وكانت الأهداف المعلَنة لتلك العملية من الجانب الإسرائيلي هي «وضع حد لإطلاق الصواريخ من غزة، وتدمير أنفاق تهريب الأسلحة والسلع الغذائية في منطقة رفح الحدودية». استمرت تلك الحرب حتى 18 يناير؛ أي لنحو ثلاثة أسابيع، قبل أن تعلن إسرائيل وقفاً لإطلاق النار، ويعقب إعلانها إعلان مماثل من «حماس». ولقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت، إيهود أولمرت، إن «العملية حققت أهدافها، بل تجاوزتها»، بتدمير نحو 70 في المائة من 500 نفق تقريباً في المنطقة، وفقاً للتقديرات الإسرائيلية.

من جهة ثانية، تسببت تلك العملية في مقتل نحو 1400 فلسطيني، إضافة إلى عشرة من الجنود الإسرائيليين وثلاثة مدنيين. غير أن الأهم في هذا السياق هو أن «نجاح» عملية «الرصاص المصبوب» نُسب لغالانت، الذي بات يحظى بدعم الجنود على الأرض باعتباره «قائداً عسكرياً محترفاً».

أمر آخر لا يقل أهمية عن ارتفاع أسهم غالانت، هو أن تلك المعركة كانت سبباً في اتهام أممي لإسرائيل بـ«ارتكاب جرائم حرب»، فقد أصدرت «منظمة الأمم المتحدة» تقريراً، خلال سبتمبر (أيلول) من عام 2009، ورد فيه أن «هناك أدلة تشير إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي ارتكبتها إسرائيل خلال النزاع في غزة، وأن تلك الجرائم تصل إلى مستوى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية». وأيضاً حمل التقرير الأممي اتهامات مماثلة للفصائل الفلسطينية بسبب «الإطلاق المتكرر للصواريخ وقذائف الهاون على جنوب إسرائيل».

من هو غالانت؟

في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1958، وُلد يوآف غالانت في يافا، تلك المدينة الفلسطينية العريقة المُطلة على البحر المتوسط التي تحوّلت بعد 1948 إلى ضاحية من ضواحي تل أبيب. وهو يتحدّر من أصول بولندية، وكانت والدته فروما إحدى الناجيات من «الهولوكوست». وكذلك والده مايكل، الذي كان عسكرياً أيضاً، وخدم في لواء «جعفاتي» إبّان حرب 1948. وخلال فترته خدمته العسكرية، شارك في عملية «يوآف» العسكرية في صحراء النقب، وهي العملية التي سمّى مايكل ابنه نسبةً لها.

ارتدى غالانت الابن الزي العسكري طوال حياته تقريباً، باستثناء فترة قصيرة بين عامي 1982 و1984 حصل خلالها على إجازة من الجيش، وسافر إلى ولاية ألاسكا الأميركية، حيث عمل حطّاباً.

وعلى الصعيد الأكاديمي، حصل غالانت على بكالوريوس إدارة الأعمال من جامعة حيفا، وبدأ حياته العسكرية عام 1977 بالانضمام إلى سلاح مشاة البحرية، وعُرف عنه أنه كان «ضابطاً بارعاً» في وحدة النخبة البحرية «شيطت 13»، وهي الوحدة التي نفذت عدداً من العمليات العسكرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة وخارجها. بعد عودته من ألاسكا، انضم غالانت إلى البحرية من جديد، وخدم على متن قارب صواريخ، وتحمّل مسؤولية قيادة عدد من العمليات. وفي عام 1986 عُيّن قائد سريّة ورُقّي إلى رتبة «مقدم».

وعلى الأثر، تدرّج الضابط الطَّموح سريعاً في المناصب العسكرية، ليعيَّن قائداً لوحدة الكوماندوز البحرية «شيطت 13» في عام 1992. وفي العام التالي انتقل إلى القوات البرية ليتولى قيادة لواء جنين في الضفة الغربية. ثم في عام 1997 تولى قيادة قطاع غزة، وتدرّجت مسؤولياته صعوداً فيما بعد حتى حصل على رتبة جنرال عام 2002، وشغل منصب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء الأسبق أرئيل شارون.

حياته العائلية

خلال مسيرته العسكرية تزوّج يوآف غالانت من كلودين، وهي، اليوم، ضابط جيش متقاعد برتبة «مقدم»، كان قد تعرَّف عليها خلال عمله العسكري، ولديه ولد التحق أخيراً بالجيش أيضاً، وابنتان إحداهما مجنّدة عسكرية.

في قلب الأحداث داخل أروقة وزارة الدفاع الإسرائيلية، اشتهر غالانت بـ«معرفته الواسعة بهيئة الأركان والمؤسسة الأمنية بشكل عام»، ويعود ذلك إلى الفترة التي شغل فيها منصب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء، وفق مراقبين.

من ناحية أخرى، اعتاد غالانت زيارة الوحدات العسكرية المختلفة، قبيل تعيينه، وبعد تعيينه وزيراً للدفاع؛ وذلك «ليس بسبب قلة إحاطته بتلك الوحدات، بل لأنه يريد الاستماع لعناصرها ومعرفة الوضع على الأرض»، وفق ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن مصدر مقرَّب من غالانت، قال إنه «يحب أن يكون دائماً في قلب الحدث، ويستمع من الناس مباشرة».

ربما كان هذا التواصل على الأرض، إضافة إلى قيادة عدد من العمليات العسكرية، ما جعل غالانت يُعرَف بين أصدقائه بأنه «قائد عسكري بارع، يعرف كيف يقرأ ساحة المعركة، ويحدد خريطة التهديدات، والأهم يضع حلولاً مبتكرة لمواجهتها»، على حد تعبيرهم.

«فضائح» ولغط... ونكسات

ولكن، على نقيض حياة يوآف غالانت العسكرية، شابَ حياته السياسية بعض الفضائح والصعوبات، ففي عام 2010 وعلى خلفية «نجاحه» في عملية «الرصاص المصبوب» في غزة، كان غالانت أحد المرشحين البارزين لتولّي منصب رئيس «هيئة أركان الجيش الإسرائيلي»، وهو المنصب الذي رشّحه له وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت، إيهود باراك. بيد أن منظمة إسرائيلية غير حكومية تحمل اسم «يش جفول» رفعت دعوى ضد تعيينه في هذا المنصب؛ لـ«الاشتباه في ارتكابه انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، إبّان عملية الرصاص المصبوب». ثم إن ترشيح باراك لغالانت أثار جدلاً آخر لكونه جاء معاكساً لرغبة رئيس الأركان حينذاك، غابي أشكينازي.

أيضاً، نُشر تسريب، عبر القناة الثانية الإسرائيلية، في ذلك الوقت، أشار إلى أن غالانت حاول تشويه سُمعة مُنافسه على المنصب، بيني غانتس، فيما عُرف بـ«وثيقة غالانت». وهذه تهمة أَنكر صحتها غالانت، وبرّأته منها الشرطة، في وقت لاحق، وبعدها قال غالانت إنه لا ينوي متابعة الموضوع. وفي هذا الشأن، نقلت «يديعوت أحرونوت» عن مقرّبين منه أنه «ظلّ هادئاً طوال فترة التحقيقات، وواثقاً من أن هذه القضية لن تضرّ ترشيحه، لذلك لم يغير أياً من نشاطه اليومي المعتاد».

وبالفعل، في سبتمبر (أيلول) 2010 وافق «مجلس الوزراء الإسرائيلي»، الذي كان يرأسه بنيامين نتنياهو، على تعيين غالانت. وقال نتنياهو، وقتها، إن «غالانت أثبت على امتداد 33 سنة في الخدمة العسكرية أنه مقاتل شجاع، وضابط ممتاز، وقائد معارك مسؤول وجادّ». لكن سرعان ما ألغى نتنياهو تعيين غالانت في هذا المنصب، خلال فبراير (شباط) 2011، عقب فضيحة أخرى اتهم فيها غالانت بـ«مصادرة أرض ملكية عامة لبناء منزله»، وأسفرت نتائج التحقيق «عن صعوبات قانونية كبيرة» أمام تعيينه، وفقاً للنائب العام في ذلك الوقت. ومع أنه لم تُوجَّه إلى غالانت اتهامات جنائية في هذه القضية، فإن غبار تلك «الفضيحة» حالَ دون تعيينه في المنصب، الذي ذهب على الأثر إلى بيني غانتس.

بعد ذلك قرّر يوآف غالانت البقاء في قيادة المنطقة الجنوبية، رافضاً منصب قيادة القوات البرّية الذي عُرض عليه في حينه. وقال مراقبون، وقتها، إنه «كان يعتقد أن فرصه في الوصول لهيئة الأركان لا تزال جيدة، حتى وإن لم ينجح هذه المرة».

نهاية الانتظار... أخيراً

وبالفعل، جاءت فرصة أكبر بعد أكثر من عشر سنوات، وتحديداً في ديسمبر 2022، عندما أصدر بنيامين نتنياهو، أيضاً، قراراً بتعيين غالانت وزيراً للدفاع، خلفاً لبيني غانتس، وهو القرار الذي علّقت عليه القناة الثانية في «التلفزيون الإسرائيلي» بقولها إن «غالانت يصفّي حساباته مع غانتس»، في إشارة إلى الصراعين القديمين بين أشكينازي وغانتس من جهة، ونتنياهو وغالانت من جهة أخرى، وكانا قد دفعا نتنياهو، في فترة من الفترات، إلى اتهام أشكينازي وباراك بـ«التآمر على غالانت».

ومع هذا، سرعان ما انفضّ التحالف بين نتنياهو وغالانت، ليعلن الأول، يوم 26 مارس (آذار) الماضي، إقالة غالانت من منصبه وزيراً للدفاع؛ على خلفية تصريحات أدلى بها الأخير بشأن قضية تعديل النظام القضائي المثيرة للجدل، إذ طالب غالانت بـ«تجميد» آلية تعديلات النظام القضائي التي كانت (ولا تزال) تسعى لها الحكومة في وجه اعتراضات شعبية واسعة، وذلك «خشيةً من أن يؤدي الانقسام الشعبي حول الملف إلى تهديد أمن إسرائيل».

وردّاً على إقالة غالانت، أعلن القنصل الإسرائيلي العام في نيويورك، آساف زمير، تقديم استقالته، وقال، على تطبيق «إكس»، إنه «لم يعد بإمكانه الاستمرار في تمثيل هذه الحكومة، وإن من واجبه ضمان بقاء إسرائيل منارة للديمقراطية والحرية في العالم». ومع إعلان الإقالة، توجه آلاف المتظاهرين إلى شارع كابلان، وسط تل أبيب، حيث مركز الاحتجاجات التي كانت مستمرة طوال الأسبوع ضد مشروع القرار، كما سجلت تجمعات عفوية أخرى أمام مقر إقامة رئيس الوزراء، وفي عدة مدن أخرى. وهكذا، تحت الضغط المتنامي، تراجع نتيناهو عن قرار الإقالة، ليعود غالانت - الذي يُعدّ أحد المؤيدين المخلصين لنتنياهو - إلى منصبه في 11 أبريل (نيسان) الماضي.

داعم للاستيطان والمستوطنات

في يناير عام 2015، بدأ يوآف غالانت نشاطه السياسي، وانضم إلى حزب كولانو الجديد «كلنا»، ومن ثم، احتل المركز الثاني في قائمة الحزب لانتخابات عام 2015، وانتخب عضواً في الكنيست عندما فاز الحزب بعشرة مقاعد، ليعيّن لاحقاً وزيراً للإنشاءات في الحكومة الجديدة. هذا، وجاء التحاقه بالعمل السياسي بعد فترة أمضاها مديراً لشركة حفريات مملوكة لرجل أعمال فرنسي إسرائيلي، قبل أن يستقيل منها عام 2014.

وفي عام 2019، ترك غالانت حزبه لينضم إلى حليفه القديم نتنياهو في حزب «الليكود»، ويخوض معه انتخابات 2022 التي قادته أخيراً إلى تولّي حقيبة الدفاع، في واحدة من أكثر الحكومات اليمنية المتطرفة التي تسلمت السلطة في إسرائيل.

وهنا، يجب الإشارة إلى أن غالانت، طوال تاريخه العسكري والسياسي، عُرف بدعمه سياسة الاستيطان والاهتمام بالمستوطنات الإسرائيلية، وهو ما دفع رئيس مجلس المستوطنات شلومو نئمان إلى الترحيب بتعيينه وزيراً للدفاع، إذ قال، في تصريح نُشر في حينه، إن «غالانت فعل كثيراً من أجل الاستيطان في الضفة الغربية».

«السيوف الحديدية»

اليوم، يدخل غالانت حرباً جديدة ضد قطاع غزة وأهله باسم «السيوف الحديدية»، قال عنها متوعّداً: «يجب أن تكون الأخيرة؛ لأنه لن يكون هناك وجود لحماس بعدها». ولقد أكد هذا القائد العسكري، الذي قاد معارك عدة ضد الفلسطينيين انتهك فيها القوانين الدولية، أن «هذه الحرب ستستغرق هذه المرة شهراً أو ثلاثة أشهر، وفي نهاية المطاف لن يكون هناك وجود لحماس». وأردف: «قبل أن تلاقي حماس مدرعاتنا ستختبر القصف الجوي»... قبل أن يخاطب قواته بقوله: «أنتم تعرفون كيف تفعلون ذلك بطريقة فتّاكة».


مقالات ذات صلة

كيف فقدت امرأة من غزة جنينها تحت الحصار الإسرائيلي؟

المشرق العربي خضعت السيدة الفلسطينية الحامل ياسمين صيام لفحص بالموجات فوق الصوتية في مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة يوم الأربعاء 9 أبريل 2025 وقد أجهضت بعد أيام قليلة (أ.ب)

كيف فقدت امرأة من غزة جنينها تحت الحصار الإسرائيلي؟

تواجه سيدات فلسطينيات إجهاض أجنتهن أو وفاة أطفالهن الخدج بسبب نقص المواد الطبية نتيجة حصار إسرائيلي مطبق على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر (أرشيفية - متداولة)

تسجيل صوتي لناصر يستعيد الخلاف العربي بشأن مواجهة إسرائيل

شهدت الساعات الماضية تداولاً كبيراً لتسجيل للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي وآخرين بشأن الخلاف العربي حول مواجهة إسرائيل.

هشام المياني (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس مجلس الوزراء القطري (يمين) خلال مؤتمر صحافي الأحد في الدوحة مع وزير الخارجية التركي (أ.ف.ب) play-circle

«هدنة غزة»: هل بدأ عد تنازلي نحو «انفراجة» قريبة؟

تأكيدات من الوسطاء على حدوث «تقدم جزئي» في موقف الأطراف بشأن استئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة، يقابله حديث من «حماس» عن دعم إنجاح الجهود للتوصل إلى اتفاق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة - الدوحة - تل أبيب)
شمال افريقيا الرئيس السيسي يلتقي سام موستين في القاهرة (الرئاسة المصرية)

توافُق مصري - أسترالي على ضرورة إعمار غزة وفق «الخطة العربية»

أكدت محادثات جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والحاكم العام لكومنولث أستراليا، سام موستين، في القاهرة، الأحد، على أهمية الدفع قدماً نحو تحقيق «حل الدولتين»

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على منزل في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

مقتل 10 أشخاص جراء غارة إسرائيلية على غزة

أدت غارة جوية إسرائيلية إلى تسوية منزل مكون من ثلاثة طوابق بالأرض في مدينة غزة، اليوم السبت، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص، نصفهم من الأطفال.

«الشرق الأوسط» (دير البلح )

مارك كارني... زعيم كندا الجديد أمام تحديَي الانتخابات العامة والتعايش مع دونالد ترمب

مارك كارني
مارك كارني
TT
20

مارك كارني... زعيم كندا الجديد أمام تحديَي الانتخابات العامة والتعايش مع دونالد ترمب

مارك كارني
مارك كارني

سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، منذ بدأ فترة ولايته الثانية في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، وضعت كندا في «عين العاصفة». ذلك أن ترمب لم يتردد في اعتبار «الجارة الشمالية» لبلاده «ولاية أميركية»، وطالب السلطات الكندية بالتجاوب مع رغبته. والحال أن ترمب «لم يضع عينيه» على كندا وحدها، بل طالب أيضاً الدنمارك بالتخلّي له عن جزيرة غرينلاند، كبرى جزر شمال المحيط الأطلسي، وأعلن عزمه على استعادة السيطرة على منطقة قناة بنما، وهي القناة الاستراتيجية الواصلة بين المحيطين الأطلسي والهادئ التي كانت بلاده قد لعبت دوراً أساسياً في شقّها مطلع القرن العشرين

مطالبة دونالد ترمب بجعل كندا «الولاية الأميركية الـ51» بدأت عندما كان جاستن ترودو يتولّى منصب رئاسة الحكومة الكندية. وعلى الرغم من تصدّي ترودو للرئيس ترمب ورفضه البحث في الأمر، واصل «سيد» البيت الأبيض ضغوطه بعد انتقال المنصب في أوتاوا يوم 14 مارس (آذار) الفائت إلى مارك كارني، رئيس وزراء كندا الجديد. وهكذا بدأ الزعيم الجديد عهده في رئاسة الحكومة بتجربة قلّما عرفتها الديمقراطيات الغربية من حليفتها وشريكتها الكبرى.

النشأة والبداية

وُلد مارك جوزيف كارني يوم 16 مارس 1965 في أقصى جنوب مقاطعة الأقاليم الشمالية الغربية (بشمال كندا)، على الحدود مع ولاية ألبرتا لعائلة من أصول آيرلندية كاثوليكية. وكان أبوه روبرت كارني مدير مدرسة ثانوية، وأمه فيرلي مارغريت كيمبر كانت ربة منزل.

ومع بلوغ مارك السادسة من عمره انتقلت العائلة إلى مدينة إدمونتون، عاصمة ألبرتا، حيث نشأ وانخرط في الدراسة، وفي حين جرّب أبوه حظه في المعترك السياسي في ألبرتا ضمن صفوف حزب الأحرار (الليبرالي) الوسطي، استأنفت أمه تعليمها الجامعي وعملت في القطاع التربوي بجانب الاهتمام بمارك وأشقائه الثلاثة (ولدين وبنت).

أنهى مارك كارني دراسته الثانوية في مدرسة سانت فرنسيس كزافيير الكاثوليكية، وبفضل تفوقه تأهل لدخول جامعة هارفارد الأميركية العريقة مستفيداً من منح وإعانات مالية. وبعد تخرّجه في «هارفارد» بتفوّق متخصّصاً في الاقتصاد، انتقل إلى بريطانيا، حيث تابع، ومن ثم أكمل، دراسته العليا في جامعة أوكسفورد العريقة. ومنها حصل على ماجستير الفلسفة من كلية سانت بيترز عام 1993، ثم الدكتوراه من كلية نفيلد عام 1995.

المسيرة المصرفية بعد «هارفارد» و«أوكسفورد»

مسيرة كارني المهنية في عالم المال والمصارف انطلقت من انضمامه إلى مجموعة «غولدمان ساكس» المالية والمصرفية الشهيرة، حيث تقلّب في عدد من المواقع الوظيفية المهمة على امتداد 13 سنة، عمل فيها في مقرات المجموعة في كل من مدن بوسطن ولندن ونيويورك وطوكيو وتورونتو.

بعدها انتقل كارني عام 2003 إلى بنك كندا (البنك المركزي الكندي) ليشغل منصب نائب الحاكم. وفي العام التالي، 2004، عُيّن نائب وزير مشارك في وزارة المالية. ثم في عام 2007 عُيّن حاكماً لبنك كندا، وهكذا قُيّضت له قيادة البنك في عز الأزمة المالية العالمية التي تفجّرت عام 2008، وكان في حينه الحاكم الأصغر سناً بين حكام البنوك المركزية لدول «مجموعة الثماني» و«مجموعة العشرين». وحقاً، تجلّت قدرات كارني وحنكته الإدارية في نجاحه في تجنيب كندا معظم الآثار السيئة للأزمة العالمية يومذاك، واستمر في قيادة بنك كندا حتى عام 2013.

في وقت لاحق من ذلك العام عُيّن كارني حاكماً لبنك إنجلترا (المركزي)، وفي لندن أيضاً نجح وتأكدت كفاءاته الإدارية وتمكّن باقتدار من قيادة أحد أكبر البنوك المركزية العالمية، بين عامي 2013 و2020، عبر تداعيات خروج بريطانيا من أسرة «الاتحاد الأوروبي»، (بريكست)، وفيما بعد المرحلة الأولى من جائحة «كوفيد-19» العالمية.

بدايات دخول معترك السياسة

من ناحية ثانية، ما كانت علاقات مارك كارني بعالم السياسة مفاجئة حقاً لعارفيه ومتابعي اهتماماته، وبالأخص، لدى النظر إلى اهتمامات أبيه السياسية.

والواقع أنه -كما يقول- أتيحت له الفرصة لدخول الحكومة عام 2012، عندما عرض عليه ستيفن هاربر، رئيس الوزراء الكندي المحافظ (يومذاك)، تولّي منصب وزير المال في حكومته، غير أنه اعتذر عن قبول المنصب. وفيما بعد، أوضح خلال مقابلة أُجريت معه في فبراير (شباط) الفائت على شاشة التلفزيون الكندي أنه رأى أنه من «غير اللائق» التجاوب مع عرض هاربر؛ لاقتناعه بأن الانتقال مباشرةً من «حاكمية البنك المركزي إلى معترك السياسة الانتخابية» لا يجوز. وفي العام التالي، 2013، تكرّر «السيناريو» نفسه تقريباً عندما طلب منه حزب «الأحرار» -الذي كان ينتمي إليه أبوه- خوض انتخابات زعامة الحزب... ومجدّداً اعتذر.

ولكن، يمكن القول إنه عندما أنهى كارني مسيرته في عالم المصارف، ودخل مجال الاستشارات والإدارة المالية كان اتجاهه إلى العمل السياسي مسألة وقت. وبالفعل، في أعقاب توليه قيادة إحدى كبريات شركات إدارة الاستثمارات ورئاسة مجلس إدارة شركة «بلومبرغ» العملاقة الشهيرة، وبينما كان يتأهَّب لمغادرة منصبه على رأس بنك إنجلترا، عُيّن في مارس 2020 مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة للتعامل مع شؤون المناخ والتمويل.

كان بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني (في حينه)، قد أسند إليه خلال يناير (كانون الثاني) من العام نفسه منصب المستشار المالي للرئاسة البريطانية لقمة «كوب 26» للمناخ المنعقدة في مدينة غلاسغو الاسكوتلندية، والمبرمجة أساساً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020. غير أنها أُجِّلت سنةً واحدة فعُقدت في نوفمبر 2021.

مع حزب «الأحرار»

في عام 2021 أيضاً وقف مارك كارني خطيباً على منبر مؤتمر السياسة الحزبية الذي نظمه حزب «الأحرار» الكندي، وأعلن تأييده للحزب، إلا أنه أحجم عن الالتزام بالترشح تحت رايته. وبسبب الانشغال بقمة «كوب 26» للمناخ (المؤجلة) أعلن صرفه النظر عن خوض الانتخابات العامة الاتحادية الكندية التي جرى التداول بأمرها. أما على الصعيد البريطاني، فقد أيَّد كارني عام 2023 تولي راتشيل ريفز، عضو «حكومة الظل» العمالية، منصب وزير المالية. وبعد انتصار العمال في الانتخابات العامة البريطانية عام 2024 التحق بـ«فريق المهمات» الذي أسهم في إنشاء «الصندوق البريطاني للثروة الوطنية».

مسيرة الصعود نحو الزعامة

يوم 9 سبتمبر (أيلول) 2024 أسند رئيس الوزراء الكندي ترودو -وزعيم حزب «الأحرار»- إلى كارني رئاسة «فريق المهمات» الحزبي لشؤون النمو الاقتصادي، ولفترة قصيرة تداول البعض اسمه وزير مالية محتملاً بعد استقالة الوزيرة كريستيا فريلاند، التي هي اليوم وزيرة النقل والتجارة الداخلية في حكومته.

ومما يجدر التطرق إليه، أنه كانت هناك علاقة تعاون خجولة البدايات بين الرجلين، أو بالأصح بين الزعيمين السابق والحالي، فقد عمل كارني بصورة غير رسمية لترودو عندما كان الأخير يتولى منصب رئاسة الحكومة إبّان جائحة «كوفيد-19».

ومن ثم، في يناير (كانون الثاني) الماضي، في أعقاب تقديم ترودو استقالته من رئاسة الحكومة، أعلن كارني نيته الترشّح للمنصب. وبالفعل، حقق انتصاراً كاسحاً في الانتخابات الحزبية لحزب الأحرار الحاكم، ولم يلبث بعدها أن تولى زعامة الحزب، وبالتالي رئاسة الحكومة. وقد أدّى قسم اليمين رسمياً يوم 14 مارس الماضي، بعد بضعة أيام من فوزه بزعامة الحزب. وعلى الأثر، طلب من الحاكم العام لكندا حل البرلمان من أجل التحضير لانتخابات عامة طارئة جديدة.

بطاقة هوية

> مارك كارني متزوج منذ 1994 من ديانا فوكس، وهي اقتصادية بريطانية وناشطة في مجالي حماية البيئة والعدالة الاجتماعية.

> التقى الزوجان وارتبطا في جامعة أوكسفورد، ورُزقا بأربعة أولاد.

> إلى جانب شهادة الدكتوراه التي حازها، مُنح كارني 4 شهادات فخرية من جامعات: مانيتوبا وألبرتا وتورونتو في كندا، ومعهد لندن لإدارة الأعمال في بريطانيا.

> يحمل كارني ثلاث جنسيات هي: الكندية والبريطانية الآيرلندية.

> لدى رئيس الوزراء الجديد أخ يعيش في إقليم آيرلندا الشمالية، وعدة أقارب يعيشون في مدينة ليفربول.

> العائلة تحب الرياضة وبالذات كرة القدم. وفي بريطانيا يشجع كارني نادي إيفرتون، بينما تشجع زوجته نادي آرسنال. وفي كندا يناصر نادي إدمونتون أويلرز (هوكي الجليد) وإدمونتون إيلكس (الكرة الكندية). وبالمناسبة، بلغ تعلق رئيس الوزراء بالرياضة حد مشاركته في «ماراثون أوتاوا» عام 2011 و«ماراثون لندن» عام 2015، وإكماله السباقين.