عام ما بعد المفاجآت

فلسطينيون يتفقدون مبنى مدمراً تابعاً لعائلة أبو العوف بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يتفقدون مبنى مدمراً تابعاً لعائلة أبو العوف بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

عام ما بعد المفاجآت

فلسطينيون يتفقدون مبنى مدمراً تابعاً لعائلة أبو العوف بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يتفقدون مبنى مدمراً تابعاً لعائلة أبو العوف بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

هذه الجولة من الحرب الفلسطينية - الإسرائيلية المزمنة، عرف العالم كيف بدأت ومتى، ولا يعرف متى تنتهي، وكيف.

وتختلف هذه الجولة عن سابقاتها بكثير من المفاجآت.

المفاجأة الأولى: إسرائيل

فوجئت الدولة العبرية وهي تحتفل بيوم كيبور، باجتياح واسع لمستوطنات غلاف غزة من قبل حركة «حماس»، وما إن استفاقت من غفوتها الأقرب إلى الغيبوبة كانت «حماس» قد قتلت مَن قتلت ودمرت ما دمرت، واقتادت أكبر عدد من الأسرى إلى غزة، وذلك في عز الظهيرة.

المفاجأة الثانية: «حماس»

الحركة المتواضعة القدرات قياساً لما لدى الخصم فوجئت.

وهذه المرة لم يكن ما فوجئت به من جانب الخصم، بل من جانبها هي، إذ لم تكن لتتوقع هذا القدر من النجاح، وهذه «الغلة» من الغنيمة، وذلك يعني أن ردّ الفعل الإسرائيلي لن يكون بهذه الضخامة، ولكان على غرار الردود السابقة، مع تقدير أن الاجتياح البري يظل مجرد احتمال تفاوتت تقديراته من «مستبعدة» إلى «محدودة» إلى «حتمية».

المفاجأة الثالثة: أميركا

في مخيلة العالم انطباع راسخ بأن استخبارات الدولة العظمى وفرعها الإقليمي، إسرائيل، لا تعرف فقط كل ما يجري فوق الأرض وتحتها، بل وتعرف ما الذي سيحدث غداً وبعد غد.

فوجئت الدولة العظمى، إذ أُصيبت بالذهول، ولم تمهلها الصدمة بعض الوقت لدراسة متأنية لما حدث، بل بدا كما لو أنها سحبت المسدس على الفور. إذ أمرت حاملات طائراتها العملاقة بالتحرك، إلى أقرب مكان قبالة غزة وإسرائيل، وسارع الرئيس بايدن إلى إرسال وزير خارجيته تمهيداً لزيارته المتعجلة، وبدأت إدارات مؤسسات الدولة العظمى تستعد لمواجهة خطر يتهدد وجود الدولة العبرية، وينذر بحرب إقليمية واسعة، تكون المصالح الأميركية «المكشوفة» هدفاً لها.

المفاجأة الرابعة: المعادلة القديمة لم تعد تعمل

التقديرات البديهية من جانب أميركا للقوة العسكرية الإسرائيلية كانت بأنها قادرة على إنجاز المهام المحددة في أيام أو حتى أسابيع قليلة.

والتقديرات ذاتها كانت من جانب إسرائيل التي لا تزال تعدّ الحرب، خصوصاً على غزة، مجرد عمل تأديبي يسفر عن موت ودمار حجمه أضعاف مضاعفة لما تخسر هي، إذ أوهمت نفسها بأن غزة تحت السيطرة، وأن الحصار المحكم عليها وبعض القصف يكفيان لإسكاتها، وما من حرب صغيرة أو كبيرة إلا وكانت تنتهي بتهدئة، أو هدنة متوسطة أو طويلة الأمد.

كانت إسرائيل تحافظ على التهدئة بالرشوة من نوع زيادة أعداد العمال، وتوسيع مساحة الصيد البحري، وأشياء أخرى في غاية المحدودية والفاعلية والرخص، حتى إنها استقرّت في أمر حماية حدودها الجنوبية على معادلة تنطوي على قدر كبير من الاطمئنان بأن غزة لن تفعل شيئاً.

يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) فوجئ الحليفان الشريكان، أميركا وإسرائيل، بأن المعادلة القديمة مع «حماس» لم تعد تعمل.

المفاجأة الخامسة: المقاومة

تعوّدت إسرائيل على هدوء بدا مريحاً على جبهة غزة، ما وفّر لها إمكانات إضافية للتفرغ الكامل للضفة، التي تعدّها هدفها المركزي. والضفة تعني (والقدس في قلبها)، التحدي الأكبر والأخطر لإسرائيل، فهي الجغرافيا الأوسع والمداخل والمخارج العديدة التي توصل إلى كل مكان في إسرائيل. والمستوطنات الفارغة والمكتظة تغطي كل الضفة الغربية من أقصى جنوبها إلى أقصى شمالها، وما يختلف عن غزة... أن الاستيطان لا يزال قائماً وأن المستوطنين الذين يعدون بمئات الألوف، هم الاحتياطي الجاهز دون حاجة إلى استدعاء.

المقاومة في الضفة لا تحمل أي عنصر مفاجأة فهي عمل يومي، أما في غزة فالأمر هذه المرة اختلف عن كل المرات السابقة.

والمفاجأة أن الجيش الإسرائيلي بكامل عدته وعديده وعتاده، فوجئ بضراوة المقاومة على أرض غزة، ما جعل من تقديرات الجنرالات بأن الحرب مسيطر عليها من البداية إلى النهاية وبالتوقيت، أمراً لم يعد في متناول اليد، فها هم يحاربون على كل متر مربع من القطاع الذي هو بكل المقاييس العسكرية أضيق مكان على وجه الأرض يتعرض لأكبر قدر من النار، دون أن تلوح في الأفق نهاية حاسمة وفق الأهداف الإسرائيلية التي أُعلنت.

وهذه الحرب تتميز بأن كل مفاجأة فيها تجر مفاجآت تالية، وكل التقديرات التي استُخلصت من الحروب السابقة لم تعد ذات قيمة.

المفاجأة السادسة: شوارع العالم

نامت إسرائيل على صدى روايتها المشتركة مع أميركا بأن حرب غزة هي حرب على «داعش» وما وصفته بـ«الفرع الفلسطيني له».

عمّرت هذه الرواية أياماً قليلة، إلا أنها تراجعت واضمحلت، ولم تعد قابلة للنقاش، فإذا بالسلوك الإسرائيلي يبدو «داعشياً» أكثر منه حرباً دفاعية كما قيل في البداية. ما أيقظ ضمير العالم الذي هزه تدمير غزة، وقتل آلاف المدنيين ونصفهم من الأطفال، ذلك دون إحصاء مَن لا يزالون تحت الأنقاض، فأضحى مصطلح دفاع إسرائيل عن نفسها مجرد هراء لا يأخذ العالم به.

وهذا لم يفاجئ الإسرائيليين على الصعيد الدعائي والرواية فقط، وإنما على الصعيد السياسي، إذ أجمع العالم على أن الخروج من هذه الدوامة، هو الذهاب إلى حل سياسي جذري للقضية الفلسطينية، بعد أن تأكد من أن تصفيتها أضحت مستحيلة وهذه ربما تكون المفاجأة السابعة.

بعد نهاية هذا العام سنواجه في العام الجديد احتمالين، أحدهما إيجابي والآخر سلبي؛ الأول أن يذهب العالم بجدية نحو حل الدولتين بما يوفر فرصة حقيقية لقيام دولة فلسطينية.

أمّا الثاني، فهو أن تفتر همة العالم ليعود حل الدولتين من جديد مجرد شعار تملك إسرائيل قدرة على إعاقة تنفيذه.


مقالات ذات صلة

نقلة نوعية للاقتصاد الرقمي السعودي في 2024

خاص السعودية تعزز ريادة الأعمال والاقتصاد الرقمي في قطاع الاتصالات والمعلومات (الشرق الأوسط)

نقلة نوعية للاقتصاد الرقمي السعودي في 2024

ما لا شك فيه أن الفرص السانحة في المملكة العربية السعودية لا تعد ولا تحصى، إلا أن التوجهات التي سترسم ملامح عام 2024، وما بعده ستتخطى التقنيات والحلول الجديدة.

إياد مرعي
خاص أهم 6 توجهات لتقنيات «ويب 3.0» و«بلوك تشين» والعملات الرقمية

خاص أهم 6 توجهات لتقنيات «ويب 3.0» و«بلوك تشين» والعملات الرقمية

خوارزميات الـ«بلوك تشين» يمكن استخدامها لتعزيز أمان الشبكات والمساعدة في اكتشاف مشكلات الأمان المحتملة بشكل أكثر كفاءة من المنهجيات التقليدية.

بن تشو
خاص ثورة المدفوعات الرقمية  في السعودية تعزز فرص التجارة الإلكترونية

خاص ثورة المدفوعات الرقمية في السعودية تعزز فرص التجارة الإلكترونية

يشكّل التحول نحو وسائل الدفع الرقمية محفزاً لتحول أوسع في قطاعات التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجيستية في المملكة العربية السعودية.

إيمان الغامدي
خاص الاتصالات المعزَّزة تعد بنقلة في قطاع السيارات

خاص الاتصالات المعزَّزة تعد بنقلة في قطاع السيارات

تواجه مسألة التحضُّر المدني والنمو الاقتصادي السريع في العصر الحالي عدّة تحدّيات رئيسية، من أبرزها الازدحام المروري الخانق الذي تتسبّب به الزيادة السكانية.

لويس دي لا كروز
خاص بزوغ عصر اقتصاد التجربة مدعوماً بالذكاء الاصطناعي

خاص بزوغ عصر اقتصاد التجربة مدعوماً بالذكاء الاصطناعي

في حين يقف العالم على أبواب مرحلة اقتصادية جديدة حافلة بالفرص والتحديات على كل المستويات، بدأت ملامح «اقتصاد التجربة Experience Economy» في الاكتمال في عدد من…

نضال أبو لطيف

واشنطن واستراتيجية الـ«لا استراتيجية» في الشرق الأوسط

بايدن مع بنيامين نتنياهو خلال زيارته التضامنية لإسرائيل في 18 أكتوبر (د.ب.أ)
بايدن مع بنيامين نتنياهو خلال زيارته التضامنية لإسرائيل في 18 أكتوبر (د.ب.أ)
TT

واشنطن واستراتيجية الـ«لا استراتيجية» في الشرق الأوسط

بايدن مع بنيامين نتنياهو خلال زيارته التضامنية لإسرائيل في 18 أكتوبر (د.ب.أ)
بايدن مع بنيامين نتنياهو خلال زيارته التضامنية لإسرائيل في 18 أكتوبر (د.ب.أ)

بعد عام على هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول)، تتخبط منطقة الشرق الأوسط في موجة تصعيد مستمر، من دون أي بوادر حلحلة في الأفق. فمن الواضح أن إسرائيل مصرة على الخيارات العسكرية التصعيدية، ضاربة بعرض الحائط كل المبادرات الدولية للتهدئة، ومن الواضح أيضاً أن الولايات المتحدة وإدارة الرئيس جو بايدن، إما عاجزتان عن التأثير على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإما غير مستعدتين لممارسة ضغوطات كافية عليه للتجاوب مع دعواتها لوقف التصعيد. هذا في وقت تعيش فيه الولايات المتحدة موسماً انتخاباً ساخناً تتمحور فيه القرارات حول كيفية تأثيرها على السباق الرئاسي.

السؤال الأبرز المطروح حالياً هو عما إذا كان هناك استراتيجية أميركية ما حيال ملف الشرق الأوسط، انطلاقاً من الحرب الدائرة منذ عام. فقد واجهت الإدارة الحالية انتقادات حادة بسبب غياب منطقة الشرق الأوسط عن لائحة أولوياتها منذ تسلم بايدن السلطة. ولكن الأمور منذ 7 أكتوبر 2023 تغيرت جذرياً.

تحدثت «الشرق الأوسط» إلى غيث العمري، المستشار السابق لفريق المفاوضات الفلسطيني خلال محادثات الوضع الدائم وكبير الباحثين في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الذي رأى أن الإدارة الأميركية سعت فعلياً إلى عدم إعطاء الأولوية لمنطقة الشرق الأوسط، وحوّلت تركيزها ومواردها إلى أولويات أخرى. ويقول العمري: «جاءت هجمات 7 أكتوبر لتفاجئ الولايات المتحدة التي لم تكن مستعدة لها، والتي افتقرت لما يلزم لمواجهة أزمة بهذا الحجم». ويرى العمري أن الولايات المتحدة اعتمدت منذ السابع من أكتوبر وحتى تاريخنا هذا على سياسة «مجزأة مبنية على رد الفعل»، مضيفاً: «إنها لم تتمكن من رسم المشهد الاستراتيجي أو ممارسة النفوذ على حلفائها الإقليميين».

امرأة تعرض صورة لجنود إسرائيليين بعد استعادتهم لموقع كفرعزّة إثر هجمات 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

تحدثت «الشرق الأوسط» أيضاً إلى جون الترمان، المسؤول السابق في وزارة الخارجية ومدير برنامج الشرق الأوسط في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية، فقال: «فشلت إدارة بايدن بالتأكيد في تحقيق العديد من أهدافها في العام الماضي، ولكن في الوقت نفسه لم تندلع حرب إقليمية كبيرة بعد». ويعرب الترمان عن «دهشته» من أنه ورغم «الإخفاقات»، فإن الولايات المتحدة «لا تزال هي النقطة المحورية للدبلوماسية الإقليمية».

وفيما تدافع إدارة بايدن عن أدائها بالقول إنها أظهرت الردع من خلال إرسال تعزيزات أميركية إلى المنطقة، إلا أن العمري يختلف مع هذه المقاربة، لافتاً إلى أن نشر هذه الأصول العسكرية ربما ساهم في المراحل المبكرة من الحرب «في ردع إيران و(حزب الله) من الانخراط في تصعيد كبير، إلا أنه فشل في ردعهما إلى جانب وكلائهما كالحوثيين من الانخراط في أنشطة خبيثة على مستوى منخفض». وأضاف: «لقد تسبب ذلك في زيادة الضغط، وأدى في النهاية إلى انتقال الحرب إلى لبنان وربما مناطق أخرى».

الدبلوماسية «هي الحل»

في خضم التصعيد، تبقى إدارة بايدن مصرة على تكرار التصريحات نفسها من أن الحل الدبلوماسي هو الحل الوحيد، محذرة من توسع رقعة الصراع في المنطقة. وعن ذلك يقول الترمان إن بايدن يريد حلولاً دبلوماسية؛ «لأن الحلول العسكرية تتطلب هزيمة شاملة لأحد الأطراف. ونظراً للرّهانات العالية لكلا الجانبين، فإن الحل العسكري بعيد المنال، وسينجم عنه المزيد من الموت والدمار أكثر بكثير مما شهدناه حتى الآن».

أما العمري فيرى أن التركيز على الدبلوماسية هو أمر مناسب؛ لأنه «في نهاية المطاف، تنتهي الحروب وستكون هناك حاجة إلى حل دبلوماسي»، مضيفاً: «عندما يأتي (اليوم التالي)، يجب أن تكون الأسس لترتيبات دبلوماسية جاهزة».

إلا أن العمري يحذر في الوقت نفسه من أن الدبلوماسية وحدها غير كافية إذا لم تكن مدعومة بقوة واضحة، بما في ذلك القوة العسكرية، ويفسر ذلك قائلاً: «إذا لم تتمكن الولايات المتحدة من إقناع خصومها بأنها مستعدة لاستخدام قوتها لإيذائهم، وحلفائها بأنها مستعدة لفعل ما يلزم لمساعدتهم، فإن نفوذها تجاه الطرفين سيكون محدوداً».

تجميد الأسلحة لإسرائيل

سقوط أعداد هائلة من المدنيين في حربي غزة ولبنان منذ بدء العمليات الإسرائيلية للرد على هجمات 7 أكتوبر 2023، دفع الكثيرين إلى دعوة بايدن لوضع قيود على الأسلحة الأميركية لإسرائيل، بهدف ممارسة نوع من الضغوط على نتنياهو لوقف التصعيد، لكن الترمان يرفض النظرة القائلة بأن تجميد الأسلحة سيمهد للحل، ويفسر قائلاً: «إذا اعتمدت إدارة بايدن هذه المقاربة، أتوقع أن يعترض الكونغرس بشدة، وقد تكون النتيجة عرضاً للضعف والهشاشة في سياسة البيت الأبيض، بدلاً من صورة تقديم حلول». ويحذّر الترمان من أن خطوة من هذا النوع من شأنها كذلك أن تدفع إسرائيل إلى «الشعور بمزيد من العزلة التي قد تولّد بالتالي شعوراً أكبر بعدم الالتزام بأي قيود».

الرئيس الأميركي جو بايدن خارجاً من البيت الأبيض ليستقل الطائرة إلى نيويورك (أ.ب)

ويوافق العمري مع هذه المقاربة، مشيراً إلى أنه «من غير الواضح أن أي وسيلة ضغط ستنجح»، فيقول: «إسرائيل تشعر بأنها مهددة وجودياً، مما يجعلها أقل استعداداً لتقبل أي تأثير خارجي». ويوفر العمري نظرة شاملة عن مقاربة الإدارة الأميركية في غزة ولبنان التي تحد من الضغوط التي ترغب في ممارستها على إسرائيل، فيفسر قائلاً: «رغم أن الولايات المتحدة غير راضية عن بعض جوانب سير الحرب، خصوصاً فيما يتعلق بالخسائر البشرية بين المدنيين، فإنها تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد السابع من أكتوبر». لهذا السبب يشير العمري إلى أن الولايات المتحدة تحتاج إلى تحقيق توازن في الضغط بطرق يمكن أن تغير سلوك إسرائيل «دون تقييد قدرتها على تحقيق الهدف المشروع المتمثل في هزيمة (حماس)»، مضيفاً: «هذا التوازن ليس سهلاً».

بالإضافة إلى ذلك، يذكّر العمري بطبيعة العلاقة التاريخية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي «تتجاوز القضية الإسرائيلية - الفلسطينية»، فيقول: «الولايات المتحدة تستفيد استراتيجياً من هذه العلاقة، بما في ذلك الفوائد المتعلقة بالتهديدات الإقليمية الأخرى مثل الأنشطة الإيرانية. وبذلك، فإن الولايات المتحدة لديها مصالحها الاستراتيجية الخاصة التي يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار».

أي حل في نهاية النفق

رغم التصعيد المستمر، تعمل الولايات المتحدة على بناء استراتيجية تضمن عدم خروج الأمور عن السيطرة، ودخول إيران على خط المواجهة، ويشدد العمري على أن «الأولوية الآن هي ضمان بقاء إيران خارج هذه الحرب»، مشيراً إلى أن هذا الأمر ضروري للحد من انتشار الصراع، و«لإضعاف مصداقية إيران الإقليمية ونفوذها مع وكلائها»، لكنه يرى في الوقت نفسه أنه «لا يمكن تحقيق مثل هذه النتيجة إلا إذا كانت إيران مقتنعة بأن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام العمل العسكري».

عنصران من الدفاع المدني الفلسطيني في دير البلح في غزة (أ.ف.ب)

أما الترمان الذي يؤكد ضرورة استمرار الولايات المتحدة «في تقديم مسار للمضي قدماً لجميع الأطراف»، فيحذّر من أن هذا لا يعني أنها يجب أن «تحمي الأطراف من العواقب الناجمة عن أفعالهم»، ويختم قائلاً: «هناك مفهوم يسمى (الخطر الأخلاقي)، يعني أن الناس يميلون إلى اتخاذ سلوكيات أكثر خطورة إذا اعتقدوا أن الآخرين سيحمونهم من الخسارة».