العصر الذهبي للثقافة السعوديةhttps://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7/4752496-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%87%D8%A8%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9
وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود
نودّع عام 2023، بكل ما حمل في طياته من إنجازات ودروس مستفادة، ونرحب بالعام الجديد بعزيمة كبرى لاغتنام الفرص الجديدة وتعزيز المكتسبات، للمضي قدماً في رحلة وزارة الثقافة، رحلة الأحلام الكبيرة، التي كان مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظهما الله - مصدر إلهامها وتمكينها، والمبدع السعودي عنوانها، وإرثنا المتنوع سر قوتها، والمستقبل المشرق وجهتها.
وبعد مضي خمسة أعوام ونصف، نجحت الرحلة في تحقيق مكتسبات استثنائية في فترة زمنية قياسية، جعلت من تجربة السعوديين في مأسسة القطاع الثقافي تجربة فريدة وملهمة، وأصبحت الأحلام واقعاً، بفضل دعمٍ ضخم من قيادةٍ رشيدة تؤمن بمركزية الثقافة في تنمية الإنسان والأوطان، وبشراكةٍ فاعلة مع المثقف والمبدع السعودي، وبجهودٍ دؤوبة من شابات وشبان سعوديين عملوا بجد في المنظومة الثقافة.
وعلى الرغم من تشعّبات القطاعات الثقافية، فإن المنظومة سارت بروحِ فريقٍ واحد، ونجحت منذ ذلك الحين في تحفيز القطاع بإطلاق 500 مبادرة لتطوير جوانبه المختلفة، وتأسيس 11 هيئة ثقافية إلى جانب 25 كياناً ثقافياً، نفخر بها، وقد شاركنا العالم تفاصيلنا الثقافية الملهمة عبر المحافل الدولية لتعظيم التبادل المعرفي والثقافي، ما ساهم في عكس ما تتميز به الثقافة السعودية من عمق تاريخي وقيمة فريدة.
وشهدت الأعوام الماضية توسيع دائرة الشراكات العالمية مع الدول الصديقة والمنظمات الثقافية الدولية، وأصبحت المملكة واحدةً من نقاطِ جذب الثقافة والفنون حول العالم، كما تبنّت رؤيةً واضحة لأهمية تعزيز الثقافة على المستوى الدولي، وذلك عبر مبادراتها التي حظيت بدعمٍ وتأييدٍ دولي.
حقائق
11 مليون زائر
جذبتهم 4000 فعالية ثقافية في السعودية
وتمكّنت رحلتنا من المساهمة في تعزيز الهوية الوطنية عبر مجموعةٍ من المبادرات التحولية والنوعية، وتوفير المحتوى الثقافي وتسهيل الوصول إليه في مختلف مناطق المملكة عبر أكثر من 4000 فعالية ثقافية، جذبت 11 مليون زائر، كما انعكست جهود المنظومة في رفع مستوى الوعي بأهمية الثقافة وتأثيرها على الفرد والمجتمع، حيث أصبح 92 في المائة من سكان المملكة يرون أهمية الثقافة في حياتهم اليومية بحسب الدراسات، وتضاعفت استثمارات القطاع الخاص في القطاعات الثقافية، وازدادت مساهمة القطاعات الثقافية في الناتج المحلي الإجمالي.
تجاوز 3 مستهدفات
كما حققت المنظومة إنجازات مهمة على مستوى العرض والطلب والممكّنات، ونجحت في تجاوز ثلاثة من مستهدفاتها لعام 2030، حيث وصل عدد خريجي التخصصات الثقافية إلى أكثر من 28 ألفا، بينما كان المستهدف الوصول إلى 26 ألفا، كما قفز عدد الموظفين في القطاعات الثقافية إلى 244 ألفا، فيما كان مستهدف عام 2030، 140 ألفا، بالإضافة إلى تجاوز مستهدف عدد المشاركات السعودية في الفعاليات الثقافية الدولية لتصل إلى 35 مشاركة.
وأمام كل ما تحقق، أثبتت التجارب قدرة المنظومة الثقافية على التكيف مع المتغيرات، ومرونتها في خلق نماذج عمل مبتكرة ومستدامة، ولعل التجربة السعودية تجاه أكبر تحدٍّ واجه القطاعات الثقافية في العالم، كوفيد 19، خير برهان على ذلك.
طموحات 2024
وبالنظر إلى المستقبل، ندخل عام 2024 بطموحاتٍ كبيرة حيث سنعمل على تعزيز تلك المكتسبات، ورفدِها بالمزيد من الإنجازات في عالمٍ سريع التطور والتغير، حيث تبرز عدة تحولات كبرى ستؤثر في قطاع الثقافة خلال الأعوام القادمة، وستخلق فرصاً جديدة، ومع أن التحولات المجتمعية وتفضيلات المستهلكين تؤثر على القطاع، فإنها تساعد المنظومة بشكل أساسي على تخطيط القطاع، كما تدفع التحولاتُ الاقتصادية حول العالم القطاعَ الثقافي إلى اعتمادِ مناهجَ جديدةٍ لاستمرار ازدهاره، وتُبرز أهمية التمويل والدعم، كما تعطي التطوراتُ التقنية فرصاً غير محدودة للنمو، وتساهم في خلق فضاءاتٍ جديدة.
3 ركائز أساسية
وتعتمد أولويات المنظومة الثقافية في السعودية بدءاً من العام الجديد على ثلاث ركائز أساسية تتمثل في: الثقافة من أجل زيادة الإبداع ومشاركة المجتمع، ومن أجل النمو الاقتصادي، ومن أجل الاعتزاز الوطني والتبادل العالمي، مع التركيز على تحقيق مزيد من التقدم على نطاق العرض، سواءً في التشجيع على الابتكار والإنتاج والنشر، أو الطلب (الوعي والاستهلاك)، بالإضافة إلى الممكِّنات كالتمويل، والتعليم، والتدريب المهني، والقوانين والأنظمة، والتقنية.
عازمون على تعزيز شراكاتنا الدولية، وتشجيع خطط إدماج الثقافة وتكامُلِها مع السياسات العامة؛ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة حول العالم، وحماية التراث العالمي من تحديات التغير المناخي، والصراعات والمخاطر الأخرى، والمساهمة مع الأصدقاء حول العالم لحماية الكنوز الثقافية التي تعد جزءاً من حضارتنا الإنسانية.
إن تعزيز الثقافة ضرورة أساسية، والحفاظ عليها مسؤولية حضارية، لذلك سنمضي لتحقيق رؤية السعودية 2030، حيث ستصل رحلة وزارة الثقافة إلى منتصف طريقها نحو 2030 في يونيو (حزيران) القادم، وليس أمامنا إلا تحقيقُ تطلّعاتِ قيادتِنا وطموحاتِ بلادِنا التي تستحق أن تزدهر بمختلف ألوان الثقافة، لإثراء نمط حياة الفرد، والإسهام في تعزيز الهوية الوطنية، وتشجيع الحوار الثقافي مع العالم.
ما لا شك فيه أن الفرص السانحة في المملكة العربية السعودية لا تعد ولا تحصى، إلا أن التوجهات التي سترسم ملامح عام 2024، وما بعده ستتخطى التقنيات والحلول الجديدة.
تواجه مسألة التحضُّر المدني والنمو الاقتصادي السريع في العصر الحالي عدّة تحدّيات رئيسية، من أبرزها الازدحام المروري الخانق الذي تتسبّب به الزيادة السكانية.
في حين يقف العالم على أبواب مرحلة اقتصادية جديدة حافلة بالفرص والتحديات على كل المستويات، بدأت ملامح «اقتصاد التجربة Experience Economy» في الاكتمال في عدد من…
نضال أبو لطيف
الحقيقة بين حَربَيْن: يوليو 2006 - أكتوبر 2023https://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7/5068523-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%AD%D9%8E%D8%B1%D8%A8%D9%8E%D9%8A%D9%92%D9%86-%D9%8A%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%88-2006-%D8%A3%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%B1-2023
المحنة الخطيرة التي تعرّض لها لبنان في عام 2006، بالمقارنة مع المحنة التي لا يزال يتعرّض لها منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى الآن، تبينان أن هناك أوجه شبه متعددة في جذورهما، كما أن هناك فروقات شاسعة بينهما، لا سيما بسبب تغير الظروف والأحوال.
منذ اللحظة التي قام بها العدو الإسرائيلي بعدوانه على لبنان في شهر يوليو (تموز) 2006، بحجة العملية العسكرية لـ«حزب الله» واختطافه عنصرين من الجيش الإسرائيلي، دعوتُ مجلس الوزراء للانعقاد والبحث في مخاطر هذا العدوان وتداعياته، واتخاذ التدابير، لحماية الأمن الوطني وحماية أمن اللبنانيين وسلامتهم، في المناطق التي أصبح يستهدفها، وللحؤول دون إفراغ الجنوب اللبناني من أهله.
لقد طرحتُ الأمر على مجلس الوزراء، وقلتُ بوضوح، إننا كحكومة فوجئنا ولم نكن على علم مسبّق بهذه العملية، وإننا لا نتبناها، ونستنكر عدوان إسرائيل على لبنان، وعلى سيادته وعلى الشعب اللبناني، وعلينا تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن، والمطالبة بوقف إطلاق النار.
المسافة بين الدولة و«الحزب»
بذلك نجحت الحكومة آنذاك في إيجاد مسافة واضحة بين الدولة اللبنانية و«حزب الله»، وهو ما أفسح المجال أمامها في مخاطبة المجتمعين العربي والدولي، والتواصل معهما من أجل مساعدة لبنان وتعزيز صموده. وهذا أيضاً ما أهّلها ومكّنها بعد ذلك، وفي ظل عنف الجرائم التي باتت ترتكبها إسرائيل إلى أن تكتسب دور الضحية الذي حاولت إسرائيل أن تلبس رداءه منذ صباح الثاني عشر من يوليو (تموز).
حرصت منذ ذلك الوقت على أن تكون الدولة اللبنانية بكل مكوناتها وإمكاناتها هي المسؤولة عن كل ما يجري، وعن معالجة نتائج ما حصل وما سيحصل، وأنها ستتحمل مسؤولياتها باتخاذ كل القرارات والإجراءات التي تحمي لبنان واللبنانيين، وتوفير مقومات صمودهم والاهتمام بالنازحين اللبنانيين.
منذ ذلك اليوم، تحوّل السراي الحكومي إلى ورشة عمل وطنية لا تهدأ، كما تحول أعضاء الحكومة إلى فريق عمل واحد للدفاع عن لبنان، والعمل على استنهاض الجهود في كل إدارات الدولة ومرافقها وإمكاناتها من أجل توفير مقومات الحياة للبنانيين، كما استنهاض المجتمع المدني للقيام بدورهم بواجب الدفاع عن لبنان.
على المستوى الخارجي، تكثّفت الاتصالات اليومية وبالتعاون مع وزير الخارجية اللبناني بكبار المسؤولين في العالم، من الأمين العام للأمم المتحدة، ومروراً برؤساء الدول العربية الشقيقة، وكذلك الدول الصديقة ممن يملكون القرار، ولهم القوة والنفوذ والتأثير الدولي، وكان مطلبنا الأساسي والأول من مجلس الأمن الدولي وقف إطلاق النار.
في ذلك الوقت، استمرّ العدو الإسرائيلي في شن الحرب على لبنان، وفي استهداف المنشآت والمرافق، وتدمير الجسور والطرقات والمدارس والأبنية في القرى والبلدات، بينما جهدت الحكومة من أجل استنهاض العالم والمنظمات الدولية لإدانة ووقف ما يعانيه لبنان، وما يتعرّض له من مخاطر.
خطة النقاط السبع
في ذلك الوقت، بادرت مع مجلس الوزراء، وبحضور رئيس الجمهورية ومشاركته الفعالة إلى بلورة صيغ الحلول للبنان، ووضعها بمتناول رؤساء دول العالم ومجلس الأمن من أجل وقف الحرب على لبنان ولإنهاء العدوان الإسرائيلي، حيث أقرت الحكومة خطة النقاط السبع التي عرضْتُها في مؤتمر روما، والتي اعتمدها مجلس الأمن من ضمن بناءاته في إصدار القرار الدولي بوقف إطلاق النار.
صدر القرار رقم 1701 عن مجلس الأمن، وتوقفت الحرب، وعاد النازحون إلى ديارهم وقراهم ابتداء من يوم 14 أغسطس (آب) 2006، وأنجزت ورشة البناء والإعمار للبنى التحتية وللأبنية المدمرة والمتضررة على أعلى درجات الكفاءة والصدقية والفاعلية والسرعة، وبفضل المساعدات الكريمة التي قدمتها الدول العربية، لا سيما دول الخليج، والدول الصديقة، والتي استند لبنان في الحصول عليها على الثقة التي رسختها الحكومة اللبنانية في علاقاتها مع جميع الأشقاء والأصدقاء. وبناء على ذلك، فقد عاد لبنان من جديد إلى نهوضه وازدهاره، ولممارسة دوره الطبيعي عربياً وعالمياً، وحيث استطاع لبنان خلال السنوات من 2007 إلى 2010 أن يحقق أعلى نسبة نمو في تاريخه الحديث لـ4 سنوات متوالية، وأن يحقق فائضاً سنوياً كبيراً في ميزان المدفوعات، وكذلك فائضاً إيجابياً كبيراً في مجموع الاحتياط من العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي، وخفضاً نسبياً كبيراً في نسبة الدين العام اللبناني إلى ناتجه المحلي.
وحدة ساحات بلا مقوّمات
بالمقارنة، فإنَّ ما حصل في 8 أكتوبر عام 2023، نتيجة مبادرة «حزب الله» مستنداً إلى نظريته بوحدة الساحات، وهو قد قام بذلك منفرداً وعلى مسؤوليته، ومن دون اطلاع أو معرفة السلطات الشرعية في لبنان إلى إشعال الجبهة على حدود لبنان الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وأيضاً دون الأخذ بالحسبان الظروف شديدة الصعوبة التي بات يعاني منها لبنان آنذاك، ولا يزال.
صباح اليوم التالي، في 8 أكتوبر 2023، أصدرتُ بياناً شدّدت فيه على أن لبنان لا يستطيع، ولا يمكن أن يُزجَّ به في هذه المعركة العسكرية، وعددت 5 أسباب أساسية فحواها الأزمة الوطنية والسياسية لعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وعدم تأليف حكومة مسؤولة، والضائقة الاقتصادية الخانقة، وأزمة النازحين السوريين، وانحسار الصلات الوثيقة مع دول الاحتضان العربي، وعدم توفر شبكة الأمان العربية والدولية التي حمته في عام 2006، وكذلك عدم وجود عطف أو تأييد لدى غالبية اللبنانيين لدعم مثل هذا التدخل العسكري.
الآن، ولأنّ القرار 1701 لم يطبق كما يجب، ولأنَّ الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لم يلعبا دورهما في السهر على تطبيق جميع القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان وبالقضية الفلسطينية كما يجب، وحيث أثبتت إسرائيل أنها لا تسعى لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة، ولا تعترف بالقانون الدولي، ولا بالشرعية الدولية، ولا بالحقوق الإنسانية، وتمعن في جرائم الإبادة والقتل والتدمير في غزة والضفة الغربية، وترتد اليوم على لبنان لتعود وتقتل المدنيين وتهجر الآمنين وتدمر المنازل والمنشآت، وتَستعْمِل وسائل التكنولوجيا الحديثة واصطياد الناس الآمنين.
دور وطني يبحث عن أبطال
الآن، وقد أصبحنا على ما نحن عليه، من إرغامات ومن عوائق، وكذلك من نوافد يمكن الولوج منها نحو إخراج لبنان من نير هذا العدوان الإسرائيلي، فإنّه باعتقادي أن في لبنان الآن دوراً وطنياً كبيراً، يبحث عن أبطاله وفي غياب رئيس للجمهورية، وهما بنظري الرئيس نبيه بري بكونه رئيس السلطة التشريعية، والرئيس نجيب ميقاتي بكونه رئيس حكومة تصريف الأعمال، وعليهما أن يكتسبا بجهودهما وتفانيهما، شرف وأجر هذا الدور وهذه البطولة، وعلى جميع المسؤولين والحريصين على إنقاذ لبنان، أن يبادروا إلى مساعدتهما عبر تبني النقاط الست الآتية:
أولاً: إنَّ الواجب الوطني يقتضي من جميع اللبنانيين التضامن والتماسك والتصرف على قاعدة الوحدة والأخوة الوطنية الواحدة، وأن الشعب اللبناني بِرُمَّته يشجب ويدين هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي يستهدف لبنان كله والصيغة اللبنانية، بتآلف عناصرها وتفاعلها، والتي لا تحتمل غالباً أو مغلوباً.
ثانياً: إنَّ الحلول للبنان لن تكون ويجب ألا تكون إلا عبر الحلول الوطنية الجامعة، التي تركّز على التمسك بحسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف والدستور اللبناني، وبالدولة اللبنانية وسلطتها الواحدة والحصرية، وبقرارها الحر ودورها المسؤول في حماية الوطن والسيادة الوطنية، ومسؤوليتها الكاملة تُجاه شعبها وأمنه واستقراره.
ثالثاً: بما أنّ العدوان يطال كل لبنان ويصيب كل اللبنانيين، وليس من أحد منهم يتوسَّل العدوان الإسرائيلي، لكي يستفيد أو يدعم موقفه السياسي، فإنّ التفكير والبحث يجب أن ينصبَّ على ضرورة أن تعود الدولة اللبنانية لتأخذ على عاتقها زمام الأمور والمسؤولية، وما يقتضيه ذلك من موقف وطني جامع، بحيث يحتضن اللبنانيون بعضهم بعضاً ويكون همهم الوحيد إنقاذ لبنان وإخراجه من أتون هذه الأزْمة المستفحلة والخطيرة، التي تهدّد كيان الوطن ووحدة اللبنانيين وتماسكهم ومصيرهم.
رابعاً: مطالبة مجلس الأمن الدولي بإصدار قرارٍ بوقفٍ فوري لإطلاق النار في لبنان، وتَحَمُّلِ مسؤولياته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، عبر التزام جميع الأطراف بالتطبيق الكامل والفوري للقرار الدولي 1701 بمندرجاته كافة، واحترام جميع القرارات الدولية ذات الصلة.
خامساً: مبادرة رئيس المجلس النيابي بدعوة المجلس إلى الانعقاد لمناقشة المخاطر التي تتربص بالدولة اللبنانية وبالشعب اللبناني بما يحفظ الكيان اللبناني، ويحترم الدستور اللبناني، ويحافظ على وحدة لبنان وسلامة أراضيه. كما الدعوة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية دون أي إبطاء. رئيس يستطيع أن يجمع اللبنانيين، وبالتالي لتشكيل حكومة مسؤولة تتولى التنفيذ الكامل للقرار 1701، وتعمل لاستعادة العافية والسيادة اللبنانية وتعزيز دور الدولة اللبنانية الكامل في الحفاظ على استقلال وسيادة، وحرية لبنان، واستعادة نهوضه، واستقراره.
سادساً: السعي مع جميع الأشقاء العرب وجامعة الدول العربية بكونهم أشقاء الدم والهوية، وكذلك مع جميع الدول الصديقة والمؤسسات الدولية الإنسانية لتقديم كلّ المساعدات اللازمة والعاجلة لصيانة كرامة النازحين المنتزعين من بلداتهم وقراهم والحفاظ على كرامة اللبنانيين، وكذلك لتأمين العودة العاجلة والفورية لعودة النازحين إلى بلداتهم وقراهم ووضع الآليات ورصد المبالغ اللازمة لإعادة إعمار ما تهدم وما تضرر.
لقد أثبتت هذه المحنة الجديدة أن لبنان لم يستفِد من تجربة ودروس عام 2006، وأنه بات مكشوفاً بتفاصيله أمام العدو الإسرائيلي الذي استثمر تفوقه الناري والجوي والتكنولوجي والاستخباراتي والدعم الدولي اللامحدود له بالترخيص بالقتل والتدمير، وهو الذي لا يزال يُراهن على التسبب بالانقسام، والفتنة بين اللبنانيين، التي لا ولن تحصل بإذن الله، وهو لذلك لم يتورع عن ارتكاب المجازر والاغتيالات، التي كان آخرها اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله.
اليوم لبنان والعالم كله أمام الامتحان، فهل تقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن لمناصرة الحق، وهل يبادر اللبنانيون بكل قواهم، للدفاع عن حق لبنان واللبنانيين في الوجود الكريم والآمن، وتلقين إسرائيل درساً في معنى الحق والإنسانية واحترام حقوق الإنسان؟!