برزت «واحة الإعلام» مع اختتام زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المملكة يومَي 13 و14 مايو (أيار) 2025 كمنصة تفاعلية أعادت تقديم المشهد السعودي الراهن من زاوية إنسانية ومعيشية، وهو ما لفت أنظار العديد من المراسلين، حيث التحوّل الاجتماعي والثقافي المتسارع الذي بات ملموساً في شوارع المملكة ومرافقها وحياة سكانها.
وكان برنامج «جودة الحياة» أحد أبرز ملامح هذه الصورة الجديدة؛ إذ عكس تحولاً فعلياً في تجربة الإنسان السعودي.
وتحدث خالد بن عساكر، الرئيس التنفيذي لقطاع التسويق والتواصل في برنامج «جودة الحياة»، عن دور البرنامج في صياغة الصورة الذهنية الجديدة للسعودية، وكيف أصبح الرفاه والتطور المجتمعي واقعاً معيشاً يتجاوز العناوين الإعلامية، ويترك أثره في انطباعات الزائرين وملاحظات المراسلين.
مشاركة برنامج «جودة الحياة»... تجربة تفاعلية عززت الرسالة داخلياً وخارجياً
وقال بن عساكر إن مشاركة برنامج «جودة الحياة» في «واحة الإعلام» محطة مهمة ضمن جهود البرنامج الاتصالية، وقد شكّلت فرصة فريدة لعرض سردية البرنامج أمام جمهور نوعي شمل إعلاميين محليين ودوليين، ووفوداً رفيعة المستوى، وصنّاع قرار.
وأضاف: «ما قدمناه لم يكن عرضاً تقليدياً للمبادرات، بل تجربة متكاملة صُمّمت لتُظهر التحول في المملكة من منظور واقعي وإنساني، يعكس كيف تترجَم الرؤية إلى تفاصيل يومية تمس حياة الناس. وقد لمسنا اهتماماً حقيقياً من الزوار، وفهماً أعمق لطبيعة التحول الجاري».
وأكد الرئيس التنفيذي لقطاع التسويق والتواصل في برنامج «جودة الحياة»: «هذه التجربة عززت قناعتنا بأن سردية جودة الحياة قادرة على خلق تواصل مباشر، ومؤثر، ومبني على الثقة، سواء على مستوى الداخل أو الخارج».
سردية إنسانية ومفاهيم غير تقليدية
وسلط خالد بن عساكر الضوء على ما جذب انتباه الإعلام الدولي في مشاركة برنامج «جودة الحياة»، وقال: «الطريقة التي عرضنا بها التحول الذي تشهده المملكة، كانت من خلال سردية إنسانية مترابطة تنقل التجربة بعيون الناس لا من خلال لغة الأرقام وحدها».
وتابع: «لفتهم أيضاً أن البرنامج يقدّم مقاربة جديدة لمفهوم التنمية، مقاربة تضع جودة الحياة كأولوية وطنية ترتبط بالسكن، وبالثقافة، وبالرياضة... وحتى بالتجربة اليومية في المدينة. ولمسنا اهتماماً خاصاً بمواضيع مثل أنسنة المدن، والتنوع الثقافي، ودمج الهوية المحلية في الفضاء الحضري... وهذه مفاهيم غير معتادة في الخطاب الحكومي التقليدي، لكنها ظهرت هنا بشكل واضح وملموس».
وأوضح أنه «ببساطة، ما جذب الانتباه هو أن القصة قُدّمت بلغة يفهمها الإعلام الأجنبي؛ لغة التجربة، والتفاصيل، والمستقبل الممكن».
الرؤية تتحول إلى واقع يومي ملموس
وأشار الرئيس التنفيذي لقطاع التسويق والتواصل في برنامج «جودة الحياة» إلى أن «رؤية السعودية 2030» تحولت من إطار استراتيجي طموح إلى واقع يومي يعيشه المواطن والمقيم على حد سواء.
وأضاف: «لم يعد التحول مجرد عناوين أو أرقام، بل أصبح ملموساً في تفاصيل الحياة اليومية، من أنسنة المدن، إلى تنوع خيارات الترفيه، وازدهار المساحات العامة، ووصول الخدمات بجودة أعلى وكفاءة أكبر».
وتابع: «اليوم، يشعر من يعيش في المملكة بتغيّر الإيقاع: الحراك المجتمعي أكثر تفاعلاً، والفرص أكثر تنوعاً، ونمط الحياة أكثر اتساقاً مع تطلعات الأفراد. الرؤية لم تكتفِ بتقديم صورة جديدة للعالم، بل صنعت تجربة معيشية مختلفة، يشعر بها كل من يعيش على أرض المملكة، ويشارك في تشكيلها».
صياغة خطاب السعودية الجديد المرتكز على الإنسان والهوية
وشدد بن عساكر على أن برنامج «جودة الحياة» لا يكتفي بدور تنفيذي في تطوير القطاعات، بل يشارك فعلياً في صياغة خطاب السعودية اليوم، بوصفه الواجهة الاجتماعية والثقافية لتحول وطني أوسع، لافتاً إلى أن ذلك «يأتي من خلال المبادرات التي نُطلقها في مجالات الفنون، والرياضة، والسياحة... إذ يساهم في بناء سردية تعكس واقعاً حياً ومتجدداً، يعبر عن تنوع المجتمع السعودي وحيويته وتطلعاته. كما أن البرنامج لا يسعى إلى إنتاج خطاب ترويجي، بل إلى نقل تجربة ملموسة يعيشها الناس في مدنهم وأحيائهم، ويشعرون بها في تفاصيل حياتهم اليومية».
وشدد قائلاً: «إننا لا نقدّم صورة مثالية منفصلة عن الواقع، بل نُظهر التغيرات كما هي، ونربطها بمفاهيم عميقة مثل الانتماء، والتمكين... ومن هنا، يشارك برنامج (جودة الحياة) في إعادة تعريف التنمية، ليس كبنية تحتية أو نمو اقتصادي فقط، بل في بناء إنسان قادر على التفاعل الإيجابي مع محيطه، والتواصل مع العالم من موقع واثق».
وأكد أن «هذه هي السعودية اليوم كما نراها في برنامج (جودة الحياة) تتحرك بثبات، وتتكلم بلغة عالمية، دون أن تتخلى عن جذورها وثقافتها الأصيلة».
خطاب مزدوج بلغة واحدة بين الداخل والخارج
وتطرق الرئيس التنفيذي لقطاع التسويق والتواصل في برنامج «جودة الحياة» إلى أن «البرنامج يتعامل مع التواصل المحلي والدولي كمسارين متكاملين، فالرسالة الجوهرية واحدة: تحسين جودة الحياة في المملكة، لكن طريقة تقديمها تختلف بحسب طبيعة الجمهور والسياق».
وأضاف: «بالنسبة للجمهور المحلي، نُركّز على الأثر الملموس في حياة الناس، على المبادرات التي تُنفّذ، والخدمات التي تتطور، والفرص التي أصبحت متاحة في مجالات مثل الترفيه، والرياضة، والثقافة».
وتابع: «بالنسبة للجمهور الدولي، فالمطلوب هو تقديم صورة واضحة عن حجم التحول، وسرعته، وطبيعة النموذج السعودي اليوم الذي يربط التنمية بالإنسان، والهوية بالانفتاح. والبرنامج لا يصوغ رسائل متباينة، بل يعتمد أسلوباً مرناً يراعي اختلاف التوقعات دون أن يغيّر جوهر الخطاب». وزاد: «هذا ما يجعل سرديتنا متماسكة: نعرض نفس الواقع، لكن بلغة تناسب من يعيشه يومياً، ومن يراقبه من الخارج».
انطباع إيجابي لدى الوفود الدولية
وأوضح أن انطباع الوفود والإعلاميين الدوليين عن برنامج «جودة الحياة» جاء إيجابياً في مجمله، لا سيما فيما يتعلق بتنوع القطاعات التي يشملها، ووضوح الرؤية التي تربط بين مجالات متعددة مثل الثقافة، والرياضة، والتصميم الحضري، والترفيه.
وقال: «هذا التكامل منح الزوار انطباعاً بأن جودة الحياة تُعالج كمفهوم شامل يُلامس مختلف جوانب الحياة اليومية، وليس كمسار أحادي».
وأشار إلى أنه «في المقابل، طُرحت تساؤلات حول مدى وصول الأثر إلى مختلف شرائح المجتمع، وعمق التغيير في الواقع اليومي خارج المدن الكبرى»، موضحاً: «تمت مناقشة هذه النقاط بشفافية، مع التأكيد على أن البرنامج ما يزال في طور التنفيذ، وأن تقييم الأثر يتم وفق مؤشرات مرحلية دقيقة، وليس بناءً على الانطباع السريع أو التجربة العابرة».
وشدد على أنه بشكل عام، لمس الزوار جدية في التوجه نحو التحسين المستمر، ورأوا أن البرنامج يسير في مسار واضح رغم التحديات، مضيفاً: «هذا النوع من التفاعل الذي يجمع بين التقدير والمساءلة، يُعد مؤشراً على اهتمام حقيقي ومتابعة دقيقة لما تحققه المملكة في هذا المجال».
من منصة «واحة الإعلام» إلى سردية عالمية
وأوضح خالد بن عساكر أن بناء الصورة الذهنية لا يتوقف عند الفعاليات الكبرى، بل يبدأ منها، وقال: «ما أنجزناه في (واحة الإعلام) كان فرصة لتقديم سرديتنا أمام جمهور دولي واسع، والمرحلة القادمة تركز على تحويل هذا التفاعل إلى استمرارية واعية ومؤسسية».
وتابع: «سنعمل على تعزيز أدواتنا الاتصالية عبر إنتاج محتوى نوعي متعدد اللغات، وتطوير قصص واقعية من الميدان، وتحفيز التفاعل الرقمي المستمر، كما سنحرص على ترسيخ جودة الحياة كمشروع مجتمعي يشارك فيه الناس، لا مجرد مبادرة حكومية يتم الحديث عنها».
وأكد أنه «في الوقت ذاته، سنستثمر في بناء الشراكات الإعلامية والإبداعية العالمية لنقدم صورة متنوعة، وواقعية، وقابلة للاستمرار»، وقال: «هدفنا أن تُفهَم المملكة من الداخل، وأن تكون (جودة الحياة) هي نافذة العالم إلى التجربة السعودية الحالية».
استراتيجية طويلة: تحويل التغطية الدولية إلى اهتمام مستدام
وبيّن أن تحويل التغطية الدولية إلى اهتمام مستدام يتطلب استراتيجية تركز على بناء علاقات طويلة الأمد مع الإعلام العالمي، وتقديم محتوى متجدد يعكس التحول الفعلي في المملكة، وقال: «كل ظهور إعلامي هو جزء من سردية مستمرة، لا لحظة منفصلة. وعبر الشفافية، والرسائل المتسقة، والإنجازات القابلة للقياس، نحافظ على حضور المملكة في المشهد الدولي».
وشدد على أن المفتاح هو الانتقال من التفاعل مع الحدث إلى تأسيس شراكات إعلامية تمتد أثراً وتأثيراً.
تأثير مباشر في الصورة الذهنية
وأوضح بن عساكر: «ندرك أن الصورة الذهنية لا تتغير بحملة واحدة، لكنها تتشكل عبر لحظات متراكمة من الصدق، والوضوح، والالتزام... (واحة الإعلام) منحتنا لحظة ذهبية لنظهر السعودية اليوم كما هي: مجتمع شاب، منفتح، متنوع، يعتز بقيمه ويحتفي بمستقبله. ولقد بدأنا نلحظ ذلك فعلياً من خلال التغطيات الدولية، والتفاعل على وسائل التواصل، والأسئلة التي وصلت إلينا بعد زيارة الجناح».
التأثير الحقيقي
ولفت الرئيس التنفيذي لقطاع التسويق والتواصل في برنامج «جودة الحياة» إلى أن «أبرز ما خرجنا به هو أن التأثير الحقيقي لا يصنعه الخطاب الطموح فقط، بل الرسائل الواقعية التي تنطلق من التجربة وتصل بلغة الناس».
وقال: «تجربة (واحة الإعلام) أثبتت أن سردية جودة الحياة قادرة على العبور خارج الحدود، إذا قُدّمت بمصداقية وقيمة مضافة»، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة تتمثل في ترسيخ هذا الحضور عبر شراكات دولية، ومحتوى استراتيجي، وتوسيع دوائر التأثير من خلال تواصل متعدد اللغات والمنصات.