صداع الكمبيوتر... 4 أسباب شائعة

استراتيجيات للوقاية من تأثيراته

صداع الكمبيوتر... 4 أسباب شائعة
TT

صداع الكمبيوتر... 4 أسباب شائعة

صداع الكمبيوتر... 4 أسباب شائعة

بعد الملابس التي نلبسها، تُعتبر اليوم الأجهزة الكمبيوترية ذات الشاشات الشيء الثاني الأكثر قرباً مكانياً وزمنياً من أجسامنا. وهذا الأمر ليس خاصاً بالبالغين أو الذين تتطلب أعمالهم الوظيفة الالتصاق بقرب الكمبيوترات، بل إنه أمسى اليوم أكثر حصولاً لدى فئة المراهقين والأطفال، سواء كانت تلك الأجهزة هواتف محمولة أو شاشات لوحية أو كمبيوترات شخصية أو مكتبية.

صداع الكمبيوتر

ولكن يظل الثمن الذي قد يدفعه البعض هو الصداع الناتج عن استخدام تلك الأجهزة الكمبيوترية Computer Screen Headache. ويقول أطباء كليفلاند كلينك: «تُسهّل أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الرقمية الأخرى الحياة بطرق عديدة، لكنها قد تُرهق عينيك، خاصةً إذا كنت تقضي وقتاً طويلاً في استخدامها». ويضيفون: «متلازمة رؤية الكمبيوتر Computer Vision Syndrome شائعة جداً. وقبل ظهور جائحة «كوفيد - 19»، كانت متلازمة رؤية الكمبيوتر تُصيب ما لا يقل عن 50 في المائة من البالغين. ولكن خلال الجائحة، ازداد اعتماد الناس على الأجهزة الرقمية في العمل والتواصل الاجتماعي. ونتيجةً لذلك، ارتفعت نسبة البالغين المصابين بها إلى 78 في المائة. كما تسبب الوباء في إصابة المزيد من الأطفال بمتلازمة رؤية الكمبيوتر. ووفقاً لبعض الأبحاث، عانى ما بين 50 في المائة و60 في المائة من الأطفال من هذه الحالة خلال الجائحة».

ولذا فإن غالبية الناس بحاجة إلى معرفة أعراض صداع الكمبيوتر، وإدراك أسباب المعاناة منه، وكذلك هم بحاجة إلى معرفة كيفية وضع استراتيجيات شخصية للوقاية وللتغلب عليه.

ويعتبر تقليل وقت استخدام الشاشة أفضل طريقة لتجنب صداع شاشات الكمبيوتر، حيث يقول أطباء كليفلاند كلينك: «قلل من وقت استخدامك للأجهزة الرقمية ذات الشاشات. حاول استخدامها لأقل من أربع ساعات يومياً». غير أن هذا قد لا يكون ممكناً دائماً لكل الناس دون معرفتهم أسباب نشوء ذلك الصداع. وحينئذ يُمكنهم أخذ زمام المبادرة في تطبيق خطوات بسيطة لتقليل أو القضاء على صداع الشاشة.

أسباب شائعة

وإليك هذه الأسباب الشائعة لصداع الكمبيوتر وكيفية التعامل معها:

1. إجهاد العين. ليس صحيحاً أن التركيز على شاشة الأجهزة الكمبيوترية عملية سهلة وبسيطة، بل هي معقدة للغاية من النواحي الفيزيائية المتعلقة بشاشات الأجهزة تلك وما يصدر عنها من طاقة ضوئية، وكذلك معقدة في كيفية تكيف وضعية الجسم مع ثبات الشاشة وثبات لوحة المفاتيح، وأيضاً معقدة في مدى صغر وكبر حجم الشاشة وبعدها عن العين ودرجة ارتفاعها بالنسبة للجسم. وكذلك فإنها معقدة من النواحي الفسيولوجية البدنية لكيفية قيام العينين بالرؤية وتحليل المشهد في العينين والدماغ، وهي أيضاً معقدة في كيفية تفاعل الرقبة والظهر واليدين والأصابع وجفون العينين، من أجل إتمام العمل على الكمبيوتر لفترات طويلة وفي ظروف مختلفة.

* نقطة راحة التكيّف. وبداية تُسمى المسافة بين مقدمة الشاشة وأعيننا بمسافة العمل. ومن المثير للاهتمام أن أعيننا ترغب في الاسترخاء عند نقطة أبعد عن الشاشة، تُسمى هذه النقطة بنقطة راحة التكيف RPA. ولكن لرؤية ما يُعرض على شاشة الكمبيوتر، يتعين على الدماغ توجيه عضلات العين لإعادة ضبط التركيز باستمرار بين نقطة راحة التكيف وأمام الشاشة. وهذا «الصراع» بين المكان الذي ترغب أعيننا في التركيز عليه والمكان الذي يجب أن تركز عليه (لأداء الأعمال الكمبيوترية) يمكن أن يؤدي إلى إجهاد العين Eyestrain وإرهاق العين Eye Fatigue، وكلاهما قد يُسبب الصداع.

* قاعدة «20-20-20». ولتقليل إجهاد العين الناتج عن استخدام الكمبيوتر علينا تذكر أن «معظم» حالات إجهاد العين الناتج عن استخدام الكمبيوتر لا تتطلب تدخلاً طبياً، بل يمكن التخفيف منها باتباع ممارسات وقائية جديدة. ومن أبسطها اتباع قاعدة «20-20-20» التي أقرتها الجمعية الأميركية لعلم البصريات، التي تشمل أنه يتعين عليك كل 20 دقيقة، أن تتوقف لتأخذ استراحة لمدة 20 ثانية للنظر إلى شيء أخر يبعد عنك نحو 20 قدماً (نحو 6 أمتار). علاوة على ذلك، يُنصح بإعطاء عينيك راحة تامة لمدة 15 دقيقة بعد ساعتين من الاستخدام المتواصل للكمبيوتر.

وإذا كنت تقرأ نصاً على ورقة أثناء العمل على الكمبيوتر، فلا تضع الورقة بجانب لوحة المفاتيح، بل ارفع الصفحة إلى أعلى بجانب الشاشة لتقليل المسافة التي تقطعها عيناك بين الورقة والشاشة، وتقليل إعادة التركيز، وتقليل فرص إجهاد العين.

واحرص على العناية المنتظمة بالعينين. قد لا تحتاج إلى نظارات طبية للأنشطة اليومية، ولكن يمكنك الاستفادة من ارتداء النظارات الطبية عند استخدام الكمبيوتر.

2. الإضاءة الزائدة. يمكن أن ينشأ الصداع الناتج عن استخدام الكمبيوتر عن العمل في بيئة ساطعة. وتشمل الإضاءة في العديد من المكاتب النوافذ المشمسة، ومصابيح الفلورسنت العلوية ذات اللون الأبيض الفاقع، ومصابيح المكتب الجانبية ذات الضوء الساطع. وإضافةً إلى ذلك، قد لا يقتصر الأمر على وهج جهاز الكمبيوتر فحسب، بل يشمل أيضاً وهج جميع أجهزة الكمبيوتر الأخرى التي من حولك في الغرفة. ويمكن أن يؤدي هذا النوع من السطوع الضوئي المفرط أو الإضاءة الزائدة، إلى أنواع عديدة من الصداع، بما في ذلك الصداع النصفي.

* لضبط وهج شاشة الكمبيوتر نفسها، يوضح أطباء كليفلاند كلينك بالقول: «اضبط سطوع الشاشة وتباينها. يجب أن يكون سطوع شاشتك مساوياً تقريباً لمستوى سطوع الغرفة المحيطة بك. وقد يعني هذا أنك بحاجة إلى ضبط سطوع الشاشة حسب الوقت. يُفترض أن يكون تباين الشاشة بين 60 في المائة و70 في المائة مريحاً لعينيك».

وقد يسأل البعض، هل تمنع نظارات الضوء الأزرق صداع الشاشة؟ وللإجابة، تُظهر الأبحاث أدلة قليلة على أن نظارات الضوء الأزرق يمكن أن تُقلل من إجهاد العين وصداع الشاشة. وفي حين أن دراسة أجريت عام 2021 وجدت أن العدسات التي تحجب الضوء الأزرق Blue-Blocking Lenses لم تُجدِ نفعاً في إجهاد العين، إلا أنه وفي نفس الوقت لم تُبلّغ عن أي آثار جانبية لارتدائها. ولذا فالأمر لك.

* ولمعالجة مشكلات الإضاءة الزائدة، فإنك ببساطة يمكنك:

- خفّض إضاءة السقف لتقليل الوهج.

- استخدم ستائر على النوافذ ومصابيح إضاءة منخفضة الطاقة.

- إذا كنت تعمل على شاشة CRT قديمة الطراز، فقد يكون من المفيد أيضاً استخدام فلتر وهج Anti-Glare يُثبّت في مقدمة الشاشة.

- كبّر النص. لا تحاول قراءة الخطوط الصغيرة جداً. إذا لم يكن حجم الخط 12 على الأقل، فكبّر. اضبط إعداداتك، إن أمكن، بحيث تقرأ نصاً داكناً على خلفية فاتحة.

وضعية الجسم وخصائص الكمبيوتر

3. وضعية الجسم السيئة. إذا وجدت نفسك منحنياً أو متكئاً على شاشة الكمبيوتر عند الشعور بالصداع، فقد تكون وضعية جسمك هي المشكلة. إن انحناء الرقبة السيئ يُعد أمراً شائعاً لدى مستخدمي الكمبيوتر الذين يشكون من الصداع. ويُعرف هذا النوع من الصداع بالصداع العنقي Cervicogenic Headache، وقد يكون موضعه في قاعدة الجمجمة ويمتد إلى جانب واحد من الرأس.

* جفاف العينين. وأحد تداعيات الوضعية السيئة للجسم، هو جفاف العينين. ويقول أطباء كليفلاند كلينك: «يركز العلاج على ترطيب عينيك لمساعدتها على الشعور بالتحسن. قد يوصي طبيبك باستخدام قطرات العين التي تُصرف دون وصفة طبية لترطيب عينيك. كما سينصحك بالعمل على رمش الجفون بشكل أكثر تكراراً. قد لا تُدرك كم تُحدّق في الشاشة دون أن ترمش حتى تُدرك أن هناك مشكلة. وبذل جهد واعي للرمش أكثر يُمكن أن يُساعد دموعك الطبيعية على تهدئة عينيك».

* ولتحسين وضعية الجسم السيئة، هناك بعض الأمور التي يمكنك القيام بها لتحسين وضعية جسمك، مثل:

- ضع لوحة المفاتيح والكمبيوتر بحيث لا يكون رأسك مائلاً ويكون عمودك الفقري في وضع محايد. يجب أن يكون مركز الشاشة على بُعد نحو 10 سنتيمترات أسفل مستوى العين، وعلى بُعد 50 إلى 70 سنتيمترا من العين.

- تحقق من وضعية كتفيك أثناء الكتابة وحاول إرخائهما.

- لا تسند معصميك على لوحة المفاتيح أثناء الكتابة.

- اجلس على كرسي مكتب مُبطّن جيداً ومريح. واضبط ارتفاع الكرسي بحيث تكون قدميك مُستويتين على الأرض.

4. خصائص الكمبيوتر. يُطرح كثيراً أن الإشعاع هو سبب الصداع الناتج عن شاشات الكمبيوتر. ولكن في الواقع، ووفق ما تفيد به بعض المصادر الطبية، لا يعتبر ذلك صحيحاً. والحقيقة أن مستويات الإشعاع الصادرة عن أجهزة الكمبيوتر لا تختلف كثيراً عن مستويات الإشعاع الصادرة عن أجهزة التلفزيون ذات الشاشات المسطحة، وقد اختفت أشعة الكاثود تقريباً مع أجهزة التلفزيون ذات الصمام المفرغ القديمة. ومع ذلك قد لا يُعاني الكثيرون من صداع شاشات التلفزيون، بمقدار معانتهم من صداع الكمبيوتر.

والمجالات الكهرومغناطيسية أمر آخر يتم طرحه عند الحديث عن صداع الكمبيوتر. وتشير الأبحاث إلى أن التعرض للمجالات الكهرومغناطيسية منخفضة التردد RF-EMF، من خلال استخدام الهواتف المحمولة وشبكات الواي فاي، قد يكون مرتبطاً بنوبات صداع نصفي أكثر تكراراً وشدةً.

بشكل عام، لا تزال الصلة الدقيقة بين المجالات الكهرومغناطيسية والصداع النصفي غير واضحة. ومع ذلك، يُعدّ الحد من التعرض غير الضروري لمصادر المجالات الكهرومغناطيسية منخفضة التردد هدفاً منطقياً، خاصةً إذا كان التعرض مرتبطاً بنوبات صداع أكثر شدة.

وكذلك قد يعزو البعض نوبات صداع الكمبيوتر إلى الأنماط والصور. ولكن من المثير للاهتمام أنه لا يوجد دليل قوي على أن الصور الفعلية على شاشة الكمبيوتر تُسبب الصداع.

ومع ذلك إذا كنت تشك في أن أنماط الشاشة تُسبب الصداع لك، فاستشر طبيب العيون، فقد يكون هذا علامة على نوع من الاضطرابات العصبية، الذي يُسمى الصرع الحساس للضوء Photosensitive Epilepsy.

ارتفعت نسبة البالغين المصابين بمتلازمة رؤية الكمبيوتر إلى 78 في المائة

«متلازمة رؤية الكمبيوتر»... معايير للتشخيص الطبي

توضح المصادر الطبية أن صداع شاشة الكمبيوتر هو أحد أعراض حالة تُعرف طبياً باسم «متلازمة رؤية الكمبيوتر»، المعروفة أيضاً باسم «إجهاد العين الرقمي» Digital Eye Strain. وهذه المتلازمة المرضية لها أعراض محددة، قد يُصاب ببعض أعراضها البعض، بينما البعض الأخر قد يُعاني من جميعها. وتشمل الأعراض تلك:

- صداع في الرأس، قد يكون لدى البعض مؤلماً بشكل حاد، ولدى آخرين خفيفاً.

- مشكلات في الرؤية مثل عدم وضوح الرؤية أو ازدواج الرؤية.

- مشكلات في العين مثل ألم في العينين وحولهما أو تعب العينين.

- مشكلات في العين مثل حرقة، واحمرار، وجفاف/ شعور برمل، أو سيلان الدموع.

- ألم أو تصلب في أعلى الظهر أو الرقبة.

- صعوبة في التركيز عن قرب.

- رؤية هالات حول الأشياء.

- حساسية للضوء.

ووفق ما تشير إليه المصادر الطبية تلك، فإن ظهور ستة أعراض أو أكثر من هذه الأعراض قد يعني إصابتك بـ«متلازمة رؤية الكمبيوتر». وإذا كنت تشك في إصابتك بمتلازمة رؤية الكمبيوتر، فاستشر اختصاصي طب العيون للحصول على التشخيص.

ويضيف أطباء كليفلاند كلينك: «يُنصح بزيارة اختصاصي عيون مرةً سنوياً. يمكنه فحص صحة عينيك العامة ومعالجة أي مشكلات لديك. ولكن اتصل بمقدم الرعاية الصحية (لا تنتظر موعدك السنوي) إذا ظهرت عليك أعراض جديدة لمتلازمة رؤية الكمبيوتر، أو إذا تفاقمت الأعراض رغم العلاج».

* استشارية في الباطنية.


مقالات ذات صلة

روتين بسيط يخفف آلام الظهر ويزيد التركيز في العمل

صحتك الجلوس لساعات طويلة في الأعمال المكتبية يعد أحد أبرز العوامل المسببة لآلام أسفل الظهر والإجهاد (جامعة غريفيث)

روتين بسيط يخفف آلام الظهر ويزيد التركيز في العمل

كشفت دراسة أسترالية أن اعتماد روتين بسيط يقوم على الجلوس لمدة 30 دقيقة ثم الوقوف لمدة 15 دقيقة يمكن أن يُشكّل حلاً فعّالاً لتحسين صحة الموظفين المكتبيين

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك الباحثون يؤكدون أهمية الفحص المبكر لاكتشاف ضغط الدم المرتفع لدى الأطفال (جامعة ميامي)

ارتفاع معدلات ضغط الدم بين الأطفال

حذّرت دراسة عالمية كبرى من أن حالات ارتفاع ضغط الدم بين الأطفال والمراهقين دون سن 19 عاماً قد تضاعفت تقريباً خلال العقدين الماضيين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك الاختبار الجديد يمكن أن يساعد في التنبؤ بأمراض الكلى (رويترز)

دراسة: تحليل دم جديد يتنبأ بدقة أكبر بتطور أمراض الكلى

وجد باحثون أنه في حالة وجود تباين كبير بين نتائج تحليل دم جديد لتقييم وظائف الكلى ونتائج تحليل أقدم فإن التشخيص الجديد يحدد بدقة المعرضين للإصابة بأمراض الكلى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك قصور القلب هو حالة لا يستطيع فيها القلب ضخ الدم بكفاءة إلى جميع أنحاء الجسم (رويترز)

«فيتامين د3» قد يحد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية

قالت قناة فوكس نيوز الأميركية إنه يمكن للأشخاص الذين تعرضوا لنوبات قلبية حماية أنفسهم من المخاطر المستقبلية باتباع عادة يومية بسيطة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأشخاص الذين لديهم أسوأ أنماط النوم كانت أدمغتهم أكبر بعام واحد في المتوسط ​​من أعمارهم الزمنية (رويترز)

احذر... عادات النوم السيئة قد تُسرّع شيخوخة دماغك

يعلم معظمنا أن قلة النوم ليلاً قد تجعلنا نشعر بالخمول والانزعاج وعدم القدرة على التركيز، مما يؤثر على قدرتنا على الحكم بالأمور وإنتاجيتنا.

«الشرق الأوسط» (بكين- استوكهولم)

7 نصائح للتغلب على اكتئاب الشتاء

اكتئاب الشتاء  يتميز بانخفاض الحالة المزاجية وتقلبات الشهية (بيكسيلز)
اكتئاب الشتاء يتميز بانخفاض الحالة المزاجية وتقلبات الشهية (بيكسيلز)
TT

7 نصائح للتغلب على اكتئاب الشتاء

اكتئاب الشتاء  يتميز بانخفاض الحالة المزاجية وتقلبات الشهية (بيكسيلز)
اكتئاب الشتاء يتميز بانخفاض الحالة المزاجية وتقلبات الشهية (بيكسيلز)

مع تغيير التوقيت وحلول الظلام باكراً في كثير من المناطق حول العالم، يضطر الكثير منا للذهاب إلى العمل والعودة منه في عتمة الليل، مما قد يسبب انزعاجاً ومزاجاً سيئاً.

قد نشعر بتعب أكثر من المعتاد، أو نفتقر إلى الطاقة، أو نواجه صعوبة في التركيز، خصوصاً مع بداية فصل الشتاء.

يمكن أن يُصيب الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)، أو «اكتئاب الشتاء»، أي شخص. تنصح هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا من يجدون صعوبة في ممارسة أنشطتهم اليومية المعتادة بالتواصل مع طبيبهم العام.

واكتئاب الشتاء، هو شكل من أشكال الاكتئاب ويتميز بانخفاض الحالة المزاجية وتقلبات الشهية ومشاكل النوم، ويبلغ ذروته في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) من كل عام.

بالنسبة لمن يعانون من أعراض خفيفة، هناك طرق للمساعدة على إدارة الأيام الأكثر ظلمة، بل وحتى تقبّلها.

ما أبرز طرق محاربة اكتئاب الشتاء؟

1- ممارسة الرياضة

أبسط وسيلة للتغلب على كآبة الشتاء هي إجبار نفسك على ممارسة النشاط، حتى في الظلام والبرد. أظهرت الأبحاث أن المشي لمدة 15 دقيقة في منتصف النهار يكفي لزيادة النواقل العصبية الأساسية، مثل الدوبامين والنورأدرينالين، التي تساعد على تنشيط الدماغ وتنظيم الساعة البيولوجية. إذا استطعت ممارسة الرياضة في وقت مبكر من اليوم، مع امتصاص ضوء النهار الطبيعي خلال ساعتين من الاستيقاظ، فسوف يكون ذلك أكثر فائدة، بحسب صحيفة «الغارديان».

2- امتلك العقلية الصحيحة

تتبنى الدول الاسكندنافية، مثل الدنمارك، التي تعاني من بعض أطول وأقسى فصول الشتاء على وجه الأرض، مفهوم «هيجي» الذي يُناقش كثيراً. يقوم هذا المفهوم على عدّ الشتاء وقتاً للتهدئة والاستمتاع بالبقاء في المنزل وقضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة. يمكنك أيضاً تحسين مزاجك من خلال استغلال هذا الوقت للتخطيط لأشياء تتطلع إليها لاحقاً في العام. وقد وجدت الدراسات أن كثيراً من الأشخاص الذين يستمتعون بالسفر يجدون متعة أكبر في انتظار العطلة أكثر من الرحلة نفسها.

3- تناول الكربوهيدرات المعقدة

تمنحك الكربوهيدرات الدهنية والمكررة، مثل البيتزا وخبز الثوم، متعةً مؤقتة، لكنها ستجعلك تشعر بالخمول خلال أشهر الشتاء. أما الكربوهيدرات الأكثر تعقيداً، مثل البروكلي والسبانخ والكوسا والعدس، فتستغرق وقتاً أطول في الهضم، مما يعني أنها لا تسبب ارتفاعاً مفاجئاً في سكر الدم قد يؤثر سلباً على مزاجك.

4- تناول مكملات زيت السمك وفيتامين (د)

يلعب فيتامين (د) دوراً في تنظيم المزاج، والحفاظ على مستويات مثالية لسكر الدم، وتعزيز جهاز المناعة، لكن أحد المصادر الطبيعية الرئيسية لفيتامين (د) هو ضوء الشمس. هذا يعني أن نسبة كبيرة من سكان المملكة المتحدة يعانون من نقص فيتامين (د) خلال أشهر الشتاء. وجدت إحدى الدراسات أن البالغين الذين يعانون من كآبة الشتاء والذين تناولوا 400 - 800 وحدة دولية من فيتامين (د3) يومياً، تحسن مزاجهم بشكل ملحوظ.

قد تكون مكملات أوميغا 3 مفيدة أيضاً. تُعد آيسلندا من أقصى دول العالم شمالاً، لكنها الأقل إصابة بكآبة الشتاء. يُعتقد أن أحد أسباب ذلك هو استهلاكهم المفرط للأسماك، مثل أسماك السلمون وأسماك القد، الغنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية المتعددة غير المشبعة. يُعتقد أن أحماض أوميغا 3 لها تأثير مضاد للاكتئاب من خلال تحسين وظائف خلايا الدماغ والدم.

5- التأمل

يؤمن الدكتور نورمان روزنتال، الطبيب النفسي الذي بدأ البحث في ظاهرة كآبة الشتاء، إيماناً راسخاً بالتأمل التجاوزي بوصفه وسيلة لعلاج هذه الحالة. وقد أشارت الدراسات إلى أن استرخاء الجسم والعقل من خلال تحفيز إفراز هرمون الميلاتونين، يمكن أن يؤدي إلى زيادة نشاط القشرة الجبهية اليسرى، وهي جزء من الدماغ يرتبط بالسعادة، وانخفاض نشاط مناطق الدماغ المرتبطة بالتوتر.

6- العلاج بالضوء

أظهرت الأبحاث أن ما بين 50 في المائة و80 في المائة من الأشخاص الذين يعانون من كآبة الشتاء يمكنهم الحصول على راحة جزئية أو كاملة من العلاج بالضوء الساطع، الذي يُطبّق بالجلوس بالقرب من صندوق ضوئي لمدة نصف ساعة يومياً خلال فصلي الخريف والشتاء.

من المهم استخدام وحدات إضاءة مُفلترة بالأشعة فوق البنفسجية، إذ قد يكون استخدام الضوء العادي بهذه الطريقة ضاراً.

7- تناول مُكملات التربتوفان

يمكن تعزيز فاعلية العلاج بالضوء بدمجه مع مُكمل التربتوفان، وهو حمض أميني يتحول إلى السيروتونين في الجسم. السيروتونين هو ناقل عصبي يُنظم السعادة والمزاج، ويُعتقد عادةً أن مستوياته تنخفض لدى الأشخاص الذين يُعانون من كآبة الشتاء.


روتين بسيط يخفف آلام الظهر ويزيد التركيز في العمل

الجلوس لساعات طويلة في الأعمال المكتبية يعد أحد أبرز العوامل المسببة لآلام أسفل الظهر والإجهاد (جامعة غريفيث)
الجلوس لساعات طويلة في الأعمال المكتبية يعد أحد أبرز العوامل المسببة لآلام أسفل الظهر والإجهاد (جامعة غريفيث)
TT

روتين بسيط يخفف آلام الظهر ويزيد التركيز في العمل

الجلوس لساعات طويلة في الأعمال المكتبية يعد أحد أبرز العوامل المسببة لآلام أسفل الظهر والإجهاد (جامعة غريفيث)
الجلوس لساعات طويلة في الأعمال المكتبية يعد أحد أبرز العوامل المسببة لآلام أسفل الظهر والإجهاد (جامعة غريفيث)

كشفت دراسة أسترالية أن اعتماد روتين بسيط يقوم على الجلوس لمدة 30 دقيقة ثم الوقوف لمدة 15 دقيقة يمكن أن يُشكّل حلاً فعّالاً لتحسين صحة الموظفين المكتبيين، وزيادة إنتاجيتهم في بيئة العمل.

وأوضح الباحثون من جامعة غريفيث بالتعاون مع جامعة كوينزلاند أن الدراسة تقدم دليلاً عملياً مبنياً على تجربة ميدانية يمكن تطبيقها بسهولة في المكاتب، دون الحاجة إلى تجهيزات إضافية أو تغييرات كبيرة في بيئة العمل، ونُشرت النتائج، الثلاثاء، في دورية (Applied Ergonomics).

ويُعد الجلوس لساعات طويلة في الأعمال المكتبية أحد أبرز العوامل المسببة لآلام أسفل الظهر والإجهاد العضلي وقلة التركيز الذهني، ما يضر بالصحة الجسدية والنفسية على المدى الطويل. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن قلة الحركة خلال ساعات العمل لا تؤثر فقط على العمود الفقري والعضلات، بل ترتبط أيضاً بزيادة مستويات التوتر وانخفاض الإنتاجية.

ووفق الباحثين، تعد هذه الدراسة من أوائل الأبحاث التي تختبر فاعلية ما يُعرف بنسبة الجلوس إلى الوقوف (30:15) مقارنة بنسب يحددها الموظفون وفقاً لراحتهم الشخصية.

وشملت الدراسة موظفين مكتبيين عانوا من آلام أسفل الظهر خلال الشهر السابق للدراسة، وكانوا يستخدمون مكاتب قابلة لتبديل الوضع بين الجلوس والوقوف.

وتمت مقارنة مجموعتين، الأولى التزمت بنسبة ثابتة 30 دقيقة بالجلوس مقابل 15 دقيقة بالوقوف، بينما اختارت المجموعة الثانية نسبها الخاصة وفقاً للراحة الشخصية.

تحسين ملحوظ

وأظهرت النتائج أن الالتزام بهذه النسبة الثابتة يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في تحسين صحة الموظفين المكتبيين، خصوصاً الذين يعانون من آلام أسفل الظهر الناتجة عن الجلوس الطويل.

كما سجل المشاركون الذين اتبعوا الجدول الثابت انخفاضاً ملحوظاً في شدة آلام أسفل الظهر مقارنة بالمجموعة المرنة، وظهر تحسن في التركيز والانتباه خلال ساعات العمل، ما انعكس بشكل مباشر على جودة الأداء والإنتاجية.

كما أسهم النظام الثابت في خفض مستويات التوتر والإجهاد النفسي وفقاً لاستبانات المشاركين، بينما حققت المجموعة المرنة نتائج أقل بسبب ضعف الالتزام.

وأرجع الباحثون ذلك إلى أن وضوح النسبة وسهولة تذكرها (30:15) ساعدا على الالتزام المنتظم وجعل الروتين أكثر استدامة، في حين أدى النظام المرن إلى انخفاض في انتظام التطبيق، وبالتالي نتائج أقل وضوحاً.

وأشار الباحثون إلى أن هذا الروتين البسيط يمكن أن يكون تدخلاً عملياً ومنخفض التكلفة لتحسين صحة الموظفين في بيئات العمل التي تتطلب الجلوس الطويل، كما يمكن أن يسهم في رفع الإنتاجية والرضا الوظيفي على المدى الطويل.

وأكد الفريق أن «التحرك المنتظم خلال اليوم ليس رفاهية، بل ضرورة للحفاظ على صحة الظهر والعقل معاً»، داعين المؤسسات إلى تبني هذا الأسلوب بوصفه جزءاً من ثقافة العمل الصحي.


ارتفاع معدلات ضغط الدم بين الأطفال

الباحثون يؤكدون أهمية الفحص المبكر لاكتشاف ضغط الدم المرتفع لدى الأطفال (جامعة ميامي)
الباحثون يؤكدون أهمية الفحص المبكر لاكتشاف ضغط الدم المرتفع لدى الأطفال (جامعة ميامي)
TT

ارتفاع معدلات ضغط الدم بين الأطفال

الباحثون يؤكدون أهمية الفحص المبكر لاكتشاف ضغط الدم المرتفع لدى الأطفال (جامعة ميامي)
الباحثون يؤكدون أهمية الفحص المبكر لاكتشاف ضغط الدم المرتفع لدى الأطفال (جامعة ميامي)

حذّرت دراسة عالمية كبرى من أن حالات ارتفاع ضغط الدم بين الأطفال والمراهقين دون سن 19 عاماً قد تضاعفت تقريباً خلال العقدين الماضيين.

وأوضح الباحثون بقيادة جامعة إدنبرة البريطانية أن الحالات ارتفعت من نحو 3 في المائة عام 2000 إلى أكثر من 6 في المائة عام 2020، مما يعكس تزايداً مقلقاً في هذه المشكلة الصحية الصامتة على مستوى العالم، ونشرت النتائج، الأربعاء، في دورية «The Lancet Child & Adolescent Health».

وضغط الدم المرتفع هو حالة صحية تحدث عندما تكون قوة الدم على جدران الشرايين مرتفعة بشكل مستمر، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والكلى والسكتات الدماغية على المدى الطويل.

ويمكن أن يكون سبب ارتفاع ضغط الدم مرتبطاً بالعوامل الوراثية، وزيادة الوزن، وقلة النشاط البدني، والتغذية غير الصحية، والتغيرات الهرمونية، خصوصاً في مرحلة المراهقة.

وغالباً ما يكون ضغط الدم المرتفع صامتاً، ولا تظهر أعراض واضحة، مما يجعل الفحص الدوري والقياسات المنتظمة أمراً ضرورياً للكشف المبكر والوقاية من المضاعفات الصحية المستقبلية. واعتمدت الدراسة على تحليل شمل بيانات أكثر من 443 ألف طفل من 21 دولة، استُخلصت من 96 دراسة كبيرة.

وأظهرت النتائج أن معدلات ارتفاع ضغط الدم بين الأطفال والمراهقين دون سن 19 عاماً تضاعفت تقريباً بين عامَي 2000 و2020، لترتفع من نحو 3 في المائة لأكثر من 6 في المائة خلال عقدين فقط.

ووفقاً للنتائج، فإن عدد الأطفال والمراهقين المصابين بارتفاع ضغط الدم حول العالم تجاوز 114 مليوناً، في وقت تُظهر فيه البيانات أن السمنة تمثل العامل الأبرز وراء هذا الارتفاع المقلق.

وقد تبين أن نحو 19 في المائة من الأطفال والمراهقين الذين يعانون من السمنة مصابون بارتفاع ضغط الدم، مقابل أقل من 3 في المائة بين مَن يتمتعون بوزن صحي.

ووجد الباحثون أن 8.2 في المائة من الأطفال والمراهقين لديهم «ما قبل ارتفاع ضغط الدم»، وهي مرحلة تحذيرية يمكن أن تتطور إلى ارتفاع ضغط دم فعلي. وتزداد هذه الحالة بشكل واضح في مرحلة المراهقة، إذ تصل النسبة إلى نحو 11.8 في المائة بين المراهقين، مقارنة بـ7 في المائة بين الأطفال الأصغر سناً، مع ارتفاع ملحوظ في ضغط الدم عند سن الرابعة عشرة، خصوصاً بين الذكور.

وتشير النتائج إلى أن ارتفاع ضغط الدم لم يعد مشكلة تخص البالغين فقط، بل أصبح تهديداً صحياً متزايداً بين الأطفال والمراهقين حول العالم.

ويؤكد الباحثون أن الفحص المبكر، ونمط الحياة الصحي، والحد من السمنة هي مفاتيح أساسية لحماية الأجيال المقبلة من أمراض القلب والكلى مستقبلاً، مضيفين أن هناك أيضاً دعوة لتثقيف الأطباء والأهالي وصناع القرار، ودمج رصد ارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال ضمن استراتيجيات الوقاية من الأمراض غير المعدية.