سبر أغوار التهاب المفاصل الروماتويدي

تطويرات جديدة لخيارات علاجية أفضل

سبر أغوار التهاب المفاصل الروماتويدي
TT
20

سبر أغوار التهاب المفاصل الروماتويدي

سبر أغوار التهاب المفاصل الروماتويدي

يعدّ التهاب المفاصل الروماتويدي Rheumatoid arthritis (RA) من أمراض المناعة الذاتية. وهذا يعني أن الجهاز المناعي يهاجم الأنسجة الطبيعية عن طريق الخطأ؛ ما يسفر عن التهاب يسبب تورماً وألماً في المفاصل، علاوة على تآكلها التدريجي.

ألغاز التهاب المفاصل

كما يمكن أن تسبب هذه الحالة مشكلات تتجاوز المفاصل، وتؤدي إلى إتلاف الجلد والعينين والرئتين والقلب والأوعية الدموية.

ويعكف الباحثون على محاولة سبر أغوار هذا المرض، ويجاهدون للتوصل إلى رؤى جديدة حول جذور مرض التهاب المفاصل الروماتويدي، وتطوير أدوية أكثر استهدافاً لتوسيع نطاق ترسانة العلاجات الموجهة لمحاربته.

عن ذلك، قالت الدكتورة ديفياني ميسرا، اختصاصية أمراض الشيخوخة وأمراض الروماتيزم، والباحثة في «مركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي» التابع لجامعة هارفارد: «هذا وقت مثير لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي؛ لأننا نتعلم الكثير عن المرض. كل يوم هناك خيار جديد. ويتضمن هذا التحول كذلك علاج مرضانا على نحو أفضل بالخيارات المتاحة لدينا».

لماذا النساء عرضة للخطر؟

عندما يعاني نوع واحد من الجنسين حالة صحية معينة بدرجة تفوق بوضوح النوع الآخر، يصبح لزاماً على العلماء السعي لكشف السبب. وينطبق هذا الأمر على التهاب المفاصل الروماتويدي، الذي يصيب النساء أكثر من الرجال بمرتين إلى ثلاث مرات.

الملاحظ أن الكثير من الأبحاث تركز على الأسس الجينية لالتهاب المفاصل الروماتويدي. وكشفت دراسة أجريت عام 2024 عن تفسير لمعاناة عدد أكبر بكثير من النساء من التهاب المفاصل الروماتويدي، ومجموعة من أمراض المناعة الذاتية الأخرى مقارنة بالرجال.

خرجت الدراسة إلى النور في الأول من فبراير (شباط) 2024 في دورية «سيل» (Cell)، وكشفت عن أن جزيئاً يعرف باسم Xist، وُجد لدى النساء فقط، ربما يستحث استجابة كيميائية معينة، ربما تسفر بدورها عن حالات مناعية ذاتية. وعلقت الدكتورة ميسرا بقولها إن هذا النمط من الاكتشافات يبقى أولياً، ولن يثمر سريعاً عن أي علاجات جديدة. ومع ذلك، فإنه يعزز فكرة أن الاختلافات الجنسية بين النوعين تقف خلف الإصابة بالتهاب المفاصل.

في العادة، تحتوي خلايا الإناث على كروموسومي إكس X، بينما تحتوي خلايا أجساد الذكور على كروموسوم واحد من النوع X وآخر من النوع واي Y. وهنا، أوضحت الدكتورة ميسرا: «أعتقد أن الكروموسوم X قد يفسر بعض المخاطر المتزايدة».

دور هرمون الإستروجين

ونظراً للتفاوت بين الجنسين في الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، يركز العلماء كذلك على دور هرمون الإستروجين في الأمر ــ خصوصاً أن مستويات هذا الهرمون تتقلب بشكل كبير، مع انتقال النساء من مرحلة المراهقة إلى مراحل البلوغ والحمل، ثم انقطاع الطمث.

المثير للاهتمام أن زيادة خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي بمقدار ضعفين إلى ثلاثة أضعاف لدى النساء، تظهر عموماً عندما يجري تشخيص الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي في الثلاثينات أو الأربعينات من العمر، حسبما أوضحت الدكتورة ميسرا. واستطردت قائلة: «إلا أنه عندما يحدث بعد سن الستين، عندما يكون الرجال والنساء معرّضون ومتعرضات بشكل متساوٍ للإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي. ولا نعلم ما إذا كان الأمر له علاقة بانقطاع الطمث، بمعنى أنه يجعل الخطر متساوياً لدى النوعين».

بوجه عام، تبدو العلاقة بين مستويات الهرمونات الأنثوية وخطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، معقدة. وأشارت دراسة حديثة إلى أن النساء اللاتي استخدمن العلاج الهرموني كن أكثر عرضة للإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي بنسبة 46 في المائة عن الأخريات اللاتي لم يستخدمنه.

ومع ذلك، فإن التحليل الذي نشرته دورية «RMD Open» عبر الإنترنت في التاسع من يناير (كانون الثاني) 2024، خلص إلى أن النساء اللاتي لديهن أربعة أطفال أو أكثر، أو أولئك اللاتي عانين انقطاع الطمث قبل سن 45 عاماً، قد يواجهن كذلك خطراً أعلى بكثير للإصابة بهذه الحالة. وعن ذلك، قالت الدكتورة ميسرا: «يبدو الخطر الهرموني المحتمل مقنعاً في إطار هذه النتائج».

جزيء لدى النساء ربما يستحث استجابة كيميائية معينة تؤدي إلى الالتهاب

تطورات على صعيد العلاج

• الأدوية التقليدية. تتركز علاجات التهاب المفاصل الروماتويدي حول مجموعة من العلاجات المعروفة باسم «الأدوية المضادة للروماتيزم المعدلة لسير المرض» disease-modifying antirheumatic drugs (DMARDs)، التي جرى تطويرها للمرة الأولى منذ أربعة عقود.

وقبل ذلك، كانت العلاجات الأساسية عبارة عن ستيرويدات، مثل بريدنيزون وحقن الذهب. إلا أن هذه العلاجات القديمة كانت تخفف الألم والتورم فقط، دون تقليل تلف المفاصل المرتبط بالتهاب المفاصل الروماتويدي.

تُصنف الأدوية المضادة للروماتيزم المعدلة لمسار المرض، على نطاق واسع، باعتبارها إما تقليدية أو بيولوجية أو تركيبية مستهدفة. ويظل ميثوتريكسات Methotrexate (أوتريكسوب Otrexup، تريكسال Trexall) - دواءً تقليدياً مضاداً للروماتيزم المعدل لمسار المرض غير مكلف مالياً، ويجري تناوله عن طريق الفم أو عن طريق الحقن الذاتي - الدواء الأول المعتاد.

وتتضمن الأدوية المضادة للروماتيزم المعدلة للمرض التقليدية الأخرى ليفلونوميد leflunomide (أرافا Arava)، وهيدروكسي كلوروكين hydroxychloroquine (بلاكينيل Plaquenil)، وسلفاسالازين sulfasalazine (أزولفيدين Azulfidine). وفي بعض الأحيان، يجري الجمع بين اثنين أو أكثر من الأدوية المضادة للروماتيزم المعدلة للمرض.

يصيب النساء أكثر من الرجال بنحو 3 مرات

• الأدوية البيولوجية، وهي التي تستخدم في الحالات الأكثر صعوبة. ويجري إنتاجها من مصادر حية تستهدف مسارات التهابية معينة. وتنتمي الفئة الأخيرة، التي تسمى «مثبطات جانوس كيناز» Janus kinase (JAK) inhibitors، إلى الفئة الاصطناعية المستهدفة، التي نتجت عن أبحاث استخلصت الاختلافات الدقيقة في مسارات الجهاز المناعي. وتعمل هذه الأدوية على حجب الكثير من البروتينات، التي تزيد من الالتهاب. وعلى عكس الأدوية البيولوجية، التي تحتاج إلى الحقن أو التسريب، يمكن تناول مثبطات جانوس كيناز عن طريق الفم. وتتضمن الأدوية المستخدمة لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي توفاسيتينيب tofacitinib (زيلجانس Xeljanz)، وباريسيتينيب baricitinib (أوليومانت Olumiant)، وأباداسيتينيب upadacitinib ( رينفوك Rinvoq).

وعن ذلك، قالت الدكتورة ميسرا: « يفضل الكثير من المرضى الأدوية الفموية على الأدوية القابلة للحقن أو المحاليل الوريدية».

وينطوي تناول جميع فئات أدوية التهاب المفاصل الروماتويدي (وكل الأدوية بشكل عام) على آثار جانبية، لكن المجموعة الواسعة من الخيارات المتاحة الآن، تساعد الأطباء على تخصيص العلاجات بحسب احتياجات كل مريض وعوامل الخطر الخاصة به.

وأوضحت الدكتورة ميسرا أنه: «إذا احتجنا إلى الجمع بين الأدوية أو استخدام دواء أقوى، فلدينا المزيد من الخيارات للسيطرة على الالتهاب بشكل أفضل. ومع كل الخيارات المتاحة لدينا، أصبحنا الآن في وضع أفضل لعلاج مرضانا».

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

5 عادات يومية لتعزيز فيتامين «د» في الجسم

صحتك تحتوي بعض الأغذية على فيتامين «د» بشكل طبيعي

5 عادات يومية لتعزيز فيتامين «د» في الجسم

يتزايد نقص فيتامين «د» لدى الناس يوماً بعد يوم، ويؤدي نقصه في الجسم إلى الشعور بالتعب وضعف العضلات وسوء الحالة المزاجية، ما قد يؤدي إلى الشعور بالإحباط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق استخدام التكنولوجيا الرقمية يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالضعف الإدراكي (رويترز)

دراسة: استخدام الهواتف الذكية يقلل خطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن

زعم البعض أن التكنولوجيا الرقمية قد تؤثر سلباً على القدرات الإدراكية، لكن باحثين من جامعة بايلور الأميركية اكتشفوا عكس ذلك تماماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك بائعتان تجلسان وسط البطيخ في سوق جملة بتايلاند (رويترز)

تشعرك بالخفة والنشاط... 5 أطعمة للحفاظ على صحة أمعائك هذا الصيف

عند ارتفاع درجات الحرارة، من المهم التركيز على العافية الجسدية، خصوصاً صحة الأمعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التدخلات لتحسين نوم الأطفال قد تُفيد في التخفيف من مشاكل الصحة النفسية (رويترز)

دراسة: النوم الجيد بالصغر يحسن صحتنا النفسية في الكبر

يُعد فهم التغيرات التي تحدث خلال مرحلتي الطفولة والمراهقة هدفاً أساسياً لعلم النفس التنموي، وهو ذو أهمية بالغة للآباء ومقدمي الرعاية الصحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك من المهم صحياً معرفة كيفية تقليل مستويات التوتر بطرق عملية (رويترز)

سمنة وسكري وقلق واكتئاب... هكذا يؤثر التوتر على صحتك

يعدّ التوتر من المشاعر الشائعة حالياً مع تحملنا كثيراً من المسؤوليات المتعلقة بالحياة الشخصية والعائلية والعملية، وللتوتر كثير من التأثيرات على صحتنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

5 عادات يومية لتعزيز فيتامين «د» في الجسم

تحتوي بعض الأغذية على فيتامين «د» بشكل طبيعي
تحتوي بعض الأغذية على فيتامين «د» بشكل طبيعي
TT
20

5 عادات يومية لتعزيز فيتامين «د» في الجسم

تحتوي بعض الأغذية على فيتامين «د» بشكل طبيعي
تحتوي بعض الأغذية على فيتامين «د» بشكل طبيعي

يتزايد نقص فيتامين «د» لدى الناس يوماً بعد يوم، ويؤدي نقصه في الجسم إلى الشعور بالتعب وضعف العضلات وسوء الحالة المزاجية، ما قد يؤدي إلى الشعور بالإحباط والإرهاق.

كيف تحصل على مزيد من فيتامين «د»؟

يزداد نقص فيتامين «د» بسبب مجموعة من العوامل المرتبطة بنمط الحياة العصرية، حيث يقضي الناس مزيداً من الوقت داخل المباني، ويستخدمون واقي الشمس بكثرة، وغالباً ما يعيشون في المناطق الحضرية مع تعرض محدود لأشعة الشمس. بالإضافة إلى ذلك، تساهم الوجبات الغذائية المنخفضة فيتامين «د»، وزيادة معدلات السمنة، في هذه المشكلة.

التعرض لأشعة الشمس

احرص على التعرض لأشعة الشمس المباشرة على بشرتك، خاصةً الذراعين أو الوجه أو الساقين، ويفضل أن يكون ذلك في بداية الصباح أو بعد الظهر، عندما لا تكون الشمس شديدة الحرارة، وفقاً لموقع «ذا هيلث سايت».

انقل الأنشطة الخارجية إلى ضوء الشمس

نقل الأنشطة إلى الخارج، سواء كانت احتساء القهوة في الصباح، أو القليل من القراءة اليومية، حتى النزهة القصيرة في ضوء النهار، يمكن أن يساعد على رفع مستويات فيتامين «د».

تناول مكمل فيتامين «د» يومياً

قد ينصح الطبيب بتناول جرعة من مكملات فيتامين «د»، خاصة في فصل الشتاء، أو إذا كان تعرض الشخص لأشعة الشمس محدوداً. الجرعات قد من 600 إلى 2000 وحدة دولية.

دمج المشروم في وجبات الطعام

تعدّ بعض أنواع فطر المشروم مصادر نباتية لفيتامين «د 2». وهي مصدر رائع للحصول على الفيتامين من مصدر نباتي.

تناول الأطعمة الغنية بفيتامين «د»

إضافة أطعمة مثل الأسماك الدهنية (السلمون والسردين والتونة)، وصفار البيض والحليب المدعم والحبوب وعصير البرتقال إلى الوجبات اليومية، تزيد من معدلات فيتامين «د».