التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
TT

التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من معهد ماكس بلانك للطب النفسي بألمانيا، أنّ الشبكية بمنزلة امتداد خارجي للدماغ وتشترك في الجينات عينها، ما يجعلها طريقة سهلة للعلماء للوصول إلى دراسة اضطرابات الدماغ بمستويات أعلى من الدقة.

وأفادت النتائج بأنّ العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً، وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية وبطريقة فائقة السهولة؛ «لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ»، وفق الباحثين. وهم أكدوا على أن فهم الآليات البيولوجية حول هذا الأمر من شأنه مساعدتهم على تطوير خيارات علاجية أكثر فاعلية وأكثر شخصية.

وحلَّل باحثو الدراسة المنشورة في دورية «جاما سيكاتري»، الارتباط الجيني بين خلايا الشبكية وعدد من الاضطرابات العصبية النفسية. ومن خلال الجمع بين البيانات المختلفة، وجدوا أنّ جينات خطر الفصام كانت مرتبطة بخلايا عصبية محدّدة في شبكية العين.

وتشير جينات الخطر المعنيّة هذه إلى ضعف بيولوجيا المشابك العصبية، وبالتالي ضعف قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض. ويرجح الباحثون أن يكون هذا الضعف موجوداً أيضاً في أدمغة مرضى الفصام.

وبناءً على تلك الفرضية، أظهر الباحثون أنّ الاتصال العصبي يبدو معوقاً في شبكية العين لدى مرضى الفصام بالفعل.

وأوضحوا، في بيان، الجمعة أنّ «العثور على هذا الخلل في العين يشير إلى أنّ العمليات في الشبكية والدماغ متشابهة جداً؛ وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية، لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ».

في دراستهم السابقة، وجد باحثو معهد ماكس بلانك للطب النفسي، برئاسة فلوريان رابي، تغيّرات في شبكية العين لدى مرضى الفصام أصبحت أكثر حدّة مع زيادة المخاطر الجينية. وبناءً على ذلك، اشتبهوا في أنّ التغيرات الشبكية ليست نتيجة لأمراض مصاحبة شائعة مثل السمنة أو مرض السكري فحسب، وإنما قد تكون ناجمة عن آليات أمراض مدفوعة بالفصام بشكل مباشر.

إذا كانت هذه هي الحال، فإنّ معرفة مزيد عن هذه التغيّرات قد تساعد الباحثين على فهم الآليات البيولوجية وراء الاضطراب. وبالإضافة إلى الفصام، لوحظت تغيرات في الشبكية لدى مرضى الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والتصلّب المتعدّد ومرض ألزهايمر ومرض باركنسون والسكتة الدماغية.

باستخدام بيانات من دراسات كبيرة سابقة، دمج رابي والمؤلّف الأول إيمانويل بودريوت من معهد ماكس بلانك للطب النفسي وجامعة لودفيغ ماكسيميليان ميونيخ في ألمانيا، بيانات المخاطر الجينية من الاضطرابات العصبية النفسية مع بيانات تسلسل الحمض النووي الريبي للشبكية.

أظهرت النتائج أنّ جينات المخاطر كانت مرتبطة بخلايا شبكية مختلفة في الاضطرابات المذكورة أعلاه.

كما ارتبط الخطر الجيني للإصابة بالتصلّب المتعدّد بخلايا المناعة في الشبكية، بما يتماشى مع الطبيعة المناعية الذاتية للاضطراب. وكذلك ارتبطت جينات الخطر للإصابة بالفصام بفئة محددة من الخلايا العصبية الشبكية تشارك في الوظيفة المشبكية، وتحدّد قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض.


مقالات ذات صلة

دواء فعال لمواجهة السكتة الدماغية

صحتك السكتة الدماغية حالة طبية طارئة تحدث عندما ينقطع تدفق الدم إلى جزء من الدماغ (جامعة ريتشموند الأميركية)

دواء فعال لمواجهة السكتة الدماغية

كشفت دراسة سريرية أُجريت في الصين عن أن استخدام دواء «ألتيبلاز» (Alteplase) المذيب للجلطات، قد يزيد فرص تعافي مرضى السكتة الدماغية عند إعطائه خلال 24 ساعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك كلما طالت المدة التي تمضي قبل تشخيص السكتة الدماغية وعلاجها تضررت أنسجة المخ بشكل لا يمكن إصلاحه (رويترز)

اختبار الدم السريع قد يميّز نزيف المخ من السكتات الدماغية الناجمة عن الجلطة

وفق دراسة أولية سيتم تقديمها في مؤتمر السكتة الدماغية الدولي لجمعية السكتة الدماغية الأميركية، فإن اختبار الدم قد يميز بسرعة بين نزيف المخ والسكتات الدماغية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك سحب عينة دم لسيدة مصرية (أرشيفية- رويترز)

اختبار دم بسيط يمكنه الكشف عن الخرف في مرحلة باكرة من العمر

بدأت التجارب السريرية لاختبار دم بسيط قد يُحدث ثورة في تشخيص الخرف، في عيادات هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق طلاق الوالدين يزيد من فرص إصابة الأبناء بالسكتة الدماغية في وقت لاحق من حياتهم (رويترز)

الطلاق يزيد من خطر إصابة الأبناء بالسكتة الدماغية

كشفت دراسة جديدة عن أن طلاق الوالدين يزيد من فرص إصابة الأبناء بالسكتة الدماغية في وقت لاحق من حياتهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تصوير مقطعي لمخ مريض مصاب بألزهايمر (أرشيفية - رويترز)

باحثون يكتشفون «نقطة ساخنة» للشيخوخة في الدماغ

يلعب الدماغ دوراً كبيراً في عملية الشيخوخة، ويعتقد العلماء أنهم حددوا الخلايا التي تتحكم فيها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أطباء يكشفون 4 عوامل رئيسية وراء تزايد حالات السرطان بين الشباب

معدلات الإصابة بالسرطان تؤثر بشكل متزايد على البالغين الأصغر سنّاً (رويترز)
معدلات الإصابة بالسرطان تؤثر بشكل متزايد على البالغين الأصغر سنّاً (رويترز)
TT

أطباء يكشفون 4 عوامل رئيسية وراء تزايد حالات السرطان بين الشباب

معدلات الإصابة بالسرطان تؤثر بشكل متزايد على البالغين الأصغر سنّاً (رويترز)
معدلات الإصابة بالسرطان تؤثر بشكل متزايد على البالغين الأصغر سنّاً (رويترز)

يعتقد بعض الأشخاص خطأً أن السرطان هو في المقام الأول مرض يُصيب كبار السن في معظم الأحيان، لكن البيانات الجديدة من الجمعية الأميركية للسرطان تكشف عن حقيقة مقلقة؛ أن معدلات الإصابة بالسرطان تؤثر بشكل متزايد على البالغين الأصغر سنّاً.

كشف بحث نُشر في 21 يناير (كانون الثاني) أن ما يقرب من 80 ألف شاب بالغ (تتراوح أعمارهم بين 20 و39 عاماً) في الولايات المتحدة يتم تشخيصهم بالسرطان سنوياً، ما يجعله خامس سبب رئيسي للوفاة في هذه الفئة العمرية. وعلى الرغم من الانخفاضات السابقة بسبب الفحص والتطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري، فقد ارتفعت معدلات سرطان عنق الرحم لدى النساء في سن 30-44 بنسبة 11 في المائة من عام 2013 إلى عام 2021.

وتحدثت مجلة «نيوزويك» إلى أحد المؤلفين المساهمين في الدراسة، تايلر كراتزر، وهو عالم مشارك في أبحاث مراقبة السرطان، إلى جانب عدد من الخبراء الطبيين لفهم سبب حدوث ذلك.

لماذا ترتفع معدلات الإصابة بالسرطان بين الشباب؟

وقال كراتزر، الذي يعمل في الجمعية الأميركية للسرطان: «إن الأسباب التي تجعل عدداً من حالات السرطان تتزايد بين الشباب والبالغين في منتصف العمر ليست مفهومة جيداً، لكنها ناجمة على الأقل جزئياً عن تغيُّرات سلوكية».

وناقشت مجلة «نيوزويك» أيضاً عدداً من العوامل التي قد تُسهم في ارتفاع المعدلات مع الدكتورة مونيك غاري، اختصاصية جراحة أورام الثدي في ولاية بنسلفانيا، والدكتور إريك وينر، مدير مركز ييل للسرطان.

قالت مونيك غاري: «لقد وصلنا إلى نقطة حيث أصبحنا بحاجة إلى تحدي فهمنا للسرطان، بصفته مجرد مرض الشيخوخة».

النظام الغذائي

ويُعدّ الوزن الزائد في الجسم -والسمنة- عامل خطر كبيراً للإصابة بالسرطان. وتُشير تقديرات أبحاث الجمعية الأميركية للسرطان إلى أن الوزن الزائد يسهم في نحو 5 في المائة من حالات السرطان لدى الرجال، و11 في المائة لدى النساء، و7 في المائة من جميع الوفيات المرتبطة بالسرطان في الولايات المتحدة.

وتلعب الاختيارات الغذائية أيضاً دوراً حاسماً، فقد ارتبطت الأطعمة المصنعة، خصوصاً اللحوم، بزيادة خطر الإصابة بالسرطان، إلى جانب استهلاك الكحول.

البيئة

كشفت الأبحاث أيضاً أن المنتجات التي نستخدمها تحتوي على مواد كيميائية تُعطل الغدد الصماء، وهي أمور يمكن أن تتداخل مع هرمونات الجسم. ففي هذا العصر، لا يمكن تجنب البلاستيك، وقد ارتبطت هذه المواد الكيميائية التي تُعطل الغدد الصماء بالسرطان أيضاً.

وأوضحت مونيك غاري أن الاضطرابات في جهاز الغدد الصماء يمكن أن تؤدي إلى الالتهاب، ما يُسبب حالات مثل مقاومة الإنسولين، ومتلازمة تكيس المبايض، واضطرابات المناعة الذاتية التي ترتبط بشكل متزايد بالسرطان.

الإنجاب المتأخر

ووجدت الدراسات أن النساء الأميركيات ينتظرن حتى يكبرن لإنجاب الأطفال. وأوضح كراتزر أن هذا التغيير في أنماط الإنجاب يؤثر أيضاً على السرطان لدى النساء، ولكن ليس الرجال.

وقال وينر، طبيب رئيسي في مستشفى سميلو للسرطان في نيو هافن بولاية كونيتيكت: «البلوغ المبكر وعدم إنجاب الأطفال مطلقاً أو إنجاب الطفل الأول بعد سن الثلاثين من عوامل الخطر للإصابة بسرطان الثدي».

أنماط الحياة المستقرة

وشرحت مونيك غاري: «لقد رأينا أيضاً كيف تُؤثر أنماط الحياة المستقرة على خطر الإصابة بالسرطان».

في الواقع، يقضي جيل الألفية أكثر من 60 ساعة أسبوعياً في الجلوس بسبب التنقلات الطويلة، والوظائف المكتبية، ووقت الشاشة، وفقاً لدراسة أجراها علماء في جامعة كولورادو بولدر وجامعة كاليفورنيا في ريفرسايد.