كيف يُعد النوم «كلمة السر» لتحسين الحالة المزاجية؟

شخص يعاني من قلة النوم (رويترز)
شخص يعاني من قلة النوم (رويترز)
TT

كيف يُعد النوم «كلمة السر» لتحسين الحالة المزاجية؟

شخص يعاني من قلة النوم (رويترز)
شخص يعاني من قلة النوم (رويترز)

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن الخطوة الأولى لتحسين الحالة المزاجية هي الحصول على قدر جيد من النوم، وذكرت أن قلة النوم يمكن أن تؤدي إلى تفاقم القلق والاكتئاب، ومشاكل الصحة العقلية الأخرى.

ولفتت إلى انتشار مشاكل النوم، فمثلاً يعاني الأميركيون من الحرمان المزمن من النوم، حيث يقول ثلث البالغين في الولايات المتحدة إنهم يحصلون على أقل من 7 ساعات في الليلة، فيما يعاني المراهقون من وضع أسوأ، فحوالي 70 في المائة من طلاب المدارس الثانوية لا يحصلون على قدر كافٍ من النوم خلال العام الدراسي، ويخلف هذا تأثيراً عميقاً على الصحة العقلية.

وأشارت إلى أن تحليلاً شمل 19 دراسة وجد أنه في حين يؤدي الحرمان من النوم إلى تدهور قدرة الشخص على التفكير بوضوح أو أداء مهام معينة، إلا أنه كان له تأثير سلبي أكبر على الحالة المزاجية.

وكذلك وجدت دراسة استقصائية أجرتها «مؤسسة النوم الوطنية» الأميركية في عام 2022، أن نصف من قالوا إنهم ينامون أقل من 7 ساعات كل يوم من أيام الأسبوع كشفوا أيضاً عن معاناتهم من أعراض الاكتئاب.

النوم له تأثير مهم (رويترز)

و تشير بعض الأبحاث حتى إلى أن معالجة الأرق قد تساعد في منع الاكتئاب والقلق بعد الولادة.

وقالت الصحيفة إنه من الواضح أن النوم مهم، ولكن على الرغم من الأدلة، لا يزال هناك نقص في الأطباء النفسيين أو غيرهم من الأطباء المدربين على طب النوم، مما يترك الكثيرين لتثقيف أنفسهم.

وقال إريك براثر، باحث في النوم بـ«جامعة كاليفورنيا» في سان فرنسيسكو عما يحدث لصحتنا العقلية عندما يواجه الناس مشاكل في النوم، إن ذلك يجعلهم يشعرون بالتوتر والعواطف السلبية.

ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يحتاج البالغون إلى ما بين 7 و9 ساعات من النوم في الليلة، والمراهقون والأطفال الصغار إلى المزيد.

ولفتت الصحيفة أن الأمر لا يتعلق بالكمية فقط، فجودة النوم مهمة أيضاً، فإذا استغرق الأمر أكثر من 30 دقيقة للنوم، على سبيل المثال، أو إذا كنت تستيقظ بانتظام في منتصف الليل، فسوف يكون من الصعب الشعور بالراحة، بغض النظر عن عدد الساعات التي تقضيها في السرير.

وقالت لين بوفكا، عالمة النفس السريرية والمتحدثة باسم «الجمعية الأميركية لعلم النفس» إن بعض الناس «لديهم ميل إلى الاعتقاد بأنهم يعملون بشكل جيد حتى لو كانوا يشعرون بالحاجة إلى النوم أثناء النهار، أو يواجهون صعوبة في التركيز».

وقدّمت الصحيفة نصائح للتغلب على القلق والتوتر، مثلاً عندما تلاحظ تحولات في حالتك المزاجية خلال أوقات معينة من العام، فقد تكون مصاباً باضطراب عاطفي موسمي، وعليك تحديد ما إذا كان عليك استشارة متخصص بشأن هذا الأمر.

وكذلك ينصح بممارسة أنشطة، مثل الرسم والموسيقى والكتابة، لأنه يمكن أن ترفع من معنوياتك، وتفيد صحتك العقلية.

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

وبشأن لجوء البعض إلى الأدوية للتخلص من مشاكل النوم، قالت إنه من الممكن أن تسبب بعض الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب، الأرق أيضاً.

وقال الدكتور راماسوامي فيسواناثان، أستاذ الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة ولاية نيويورك «داونستيت للعلوم الصحية»: «إذا كان الدواء هو السبب، فتحدث إلى طبيبك حول تبديله إلى دواء آخر، أو تناوله في وقت مبكر من اليوم، أو تقليل الجرعة».

وأكدت الصحيفة أن التوتر أمر لا مفر منه في الحياة العصرية، لكنه لا يجب أن يجعلك مكتئباً.


مقالات ذات صلة

صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
TT

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

وذكرت أن قبل خمس سنوات، سمع العالم التقارير الأولى عن مرض غامض يشبه الإنفلونزا ظهر في مدينة ووهان الصينية، والمعروف الآن باسم «كوفيد - 19».

وتسبب الوباء الذي أعقب ذلك في وفاة أكثر من 14 مليون شخص، وأصيب نحو 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم لفترة طويلة، وكذلك في صدمة للاقتصاد العالمي، وأدرك زعماء العالم أن السؤال عن جائحة أخرى ليس «ماذا إذا ظهرت الجائحة؟»، بل «متى ستظهر؟»، ووعدوا بالعمل معاً لتعزيز أنظمة الصحة العالمية، لكن المفاوضات تعثرت في عام 2024، حتى مع رصد المزيد من التهديدات والطوارئ الصحية العامة العالمية.

وإذا ظهر تهديد وبائي جديد في عام 2025، فإن الخبراء ليسوا مقتنعين بأننا سنتعامل معه بشكل أفضل من الأخير، وفقاً للصحيفة.

ما التهديدات؟

في حين يتفق الخبراء على أن جائحة أخرى أمر لا مفر منه، فمن المستحيل التنبؤ بما سيحدث، وأين سيحدث، ومتى سيحدث.

وتظهر تهديدات صحية جديدة بشكل متكرر، وأعلن مسؤولو منظمة الصحة العالمية تفشي مرض الملاريا في أفريقيا، كحالة طوارئ صحية عامة دولية في عام 2024. ومع نهاية العام، كانت فرق من المتخصصين تستكشف تفشي مرض غير معروف محتمل في منطقة نائية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويعتقد الآن أنه حالات من الملاريا الشديدة وأمراض أخرى تفاقمت بسبب سوء التغذية الحاد.

وتشعر القائمة بأعمال مدير إدارة التأهب للأوبئة والوقاية منها في منظمة الصحة العالمية، ماريا فان كيرخوف، بالقلق إزاء وضع إنفلونزا الطيور، فالفيروس لا ينتشر من إنسان إلى إنسان، ولكن كان هناك عدد متزايد من الإصابات البشرية في العام الماضي.

وقالت إنه في حين أن هناك نظام مراقبة دولياً يركز بشكل خاص على الإنفلونزا، فإن المراقبة في قطاعات مثل التجارة والزراعة، حيث يختلط البشر والحيوانات، ليست شاملة بما فيه الكفاية.

وتؤكد أن القدرة على تقييم المخاطر بشكل صحيح «تعتمد على الكشف والتسلسل وشفافية البلدان في مشاركة هذه العينات».

تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهمية الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

وتقول إن جائحة «كوفيد - 19» تركت أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم «مهتزة حقاً»، وتبعتها قائمة طويلة من الأزمات الصحية الأخرى.

وأضافت: «بدأت الإنفلونزا الموسمية في الانتشار، وواجهنا الكوليرا، والزلازل، والفيضانات، والحصبة، وحمى الضنك. إن أنظمة الرعاية الصحية تنهار تحت وطأة العبء، وتعرضت القوى العاملة الصحية لدينا على مستوى العالم لضربة شديدة، ويعاني الكثيرون من اضطراب ما بعد الصدمة. ومات الكثيرون».

وقالت إن العالم لم يكن في وضع أفضل من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بالخبرة والتكنولوجيا وأنظمة البيانات للكشف السريع عن التهديد.

وتضيف أن توسيع قدرات التسلسل الجينومي في معظم البلدان في جميع أنحاء العالم، وتحسين الوصول إلى الأكسجين الطبي والوقاية من العدوى ومكافحتها، تظل «مكاسب كبيرة حقاً» بعد جائحة «كوفيد - 19». وهذا يعني أن إجابتها عمّا إذا كان العالم مستعداً للوباء التالي هي: «نعم ولا».

وتقول: «من ناحية أخرى، أعتقد أن الصعوبات والصدمة التي مررنا بها جميعاً مع (كوفيد) ومع أمراض أخرى، في سياق الحرب وتغير المناخ والأزمات الاقتصادية والسياسية، لسنا مستعدين على الإطلاق للتعامل مع جائحة أخرى، ولا يريد العالم أن يسمعني على شاشة التلفزيون أقول إن الأزمة التالية تلوح في الأفق».

وتقول إن عالم الصحة العامة «يكافح من أجل الاهتمام السياسي، والمالي، والاستثمار، بدلاً من أن تعمل الدول على البقاء في حالة ثابتة من الاستعداد».

وذكرت أن الحل الطويل الأجل «يتعلق بالحصول على هذا المستوى من الاستثمار الصحيح، والتأكد من أن النظام ليس هشاً».

هل الأموال متاحة للاستعداد للوباء؟

وجد وزير الصحة الرواندي الدكتور سابين نسانزيمانا نفسه يتعامل مع تفشي مرضين رئيسيين في عام 2024: حالة الطوارئ الصحية العامة في أفريقيا، و66 حالة إصابة بفيروس «ماربورغ» في بلاده.

ويشارك في رئاسة مجلس إدارة صندوق الأوبئة، الذي أُنشئ في 2022 كآلية تمويل لمساعدة البلدان الأكثر فقراً على الاستعداد للتهديدات الوبائية الناشئة.

ويحذر نسانزيمانا مما إذا وصل الوباء التالي في عام 2025 بقوله: «للأسف، لا، العالم ليس مستعداً، ومنذ انتهاء حالة الطوارئ الصحية العامة بسبب (كوفيد) العام الماضي، حوّل العديد من القادة السياسيين انتباههم ومواردهم نحو تحديات أخرى، ونحن ندخل مرة أخرى ما نسميه دورة الإهمال، حيث ينسى الناس مدى تكلفة الوباء على الأرواح البشرية والاقتصادات ويفشلون في الانتباه إلى دروسه».

وقال إن صندوق الأوبئة «يحتاج بشكل عاجل إلى المزيد من الموارد للوفاء بمهمته»،

وفي عام 2022، بدأت منظمة الصحة العالمية مفاوضات بشأن اتفاق جديد بشأن الجائحة من شأنه أن يوفر أساساً قوياً للتعاون الدولي في المستقبل، لكن المحادثات فشلت في التوصل إلى نتيجة بحلول الموعد النهائي الأولي للجمعية العالمية للصحة السنوية في 2024، ويهدف المفاوضون الآن إلى تحديد موعد نهائي لاجتماع هذا العام.

جائحة «كورونا» غيّرت الكثير من المفاهيم والعادات (إ.ب.أ)

وتقول الدكتورة كلير وينهام، من قسم السياسة الصحية في كلية لندن للاقتصاد: «حتى الآن، أدت المحادثات في الواقع إلى تفاقم مستويات الثقة بين البلدان»، ولا يوجد اتفاق حول «الوصول إلى مسببات الأمراض وتقاسم الفوائد»، وكذلك الضمانات التي تُمنح للدول الأكثر فقراً بأنها ستتمكن من الوصول إلى العلاجات واللقاحات ضد مرض وبائي مستقبلي، في مقابل تقديم عينات وبيانات تسمح بإنشاء هذه العلاجات».

وتشير الأبحاث إلى أن المزيد من المساواة في الوصول إلى اللقاحات في أثناء جائحة «كوفيد - 19» كان من الممكن أن ينقذ أكثر من مليون حياة.

وذكرت وينهام: «الحكومات متباعدة للغاية، ولا أحد على استعداد حقاً للتراجع».

وقالت آن كلير أمبرو، الرئيسة المشاركة لهيئة التفاوض الحكومية الدولية التابعة لمنظمة الصحة العالمية: «نحن بحاجة إلى اتفاق بشأن الجائحة يكون ذا معنى».