عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

وجود الأشقاء يدعم تنوع البكتريا المفيدة لدى الأطفال الصغار

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء
TT

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة البيئة العالمية Environment International في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي لباحثين من فنلندا، عن تأثير عوامل الحياة المختلفة في تكوين البكتيريا المعوية المفيدة gut microflora أثناء فترة الطفولة المبكرة. وشملت هذه العوامل طريقة الولادة، والبيئة التي ينشأ فيها الطفل، ووجود أشقاء من عدمه، والتطعيمات المختلفة والمضادات الحيوية، وطريقة التغذية، وأيضاً عدد المساحات الخضراء المحيطة بالسكن.

ميكروبات الأمعاء

حدَّد الباحثون ثلاثة أهداف رئيسية للبحث الأول: معرفة إلى أي مدى يبلغ نضج ميكروبات الأمعاء أثناء مرحلة الرضاعة. والثاني: معرفة تأثير البيئة على تغيير مجتمع البكتيريا في الأمعاء في الرضاعة المبكرة والمتأخرة. والثالث: معرفة إلى أي مدى يوجد ارتباط بين مقاييس المساحات الخضراء السكنية وصحة ميكروبات أمعاء الرضع؛ لكي تكون نتائج الدراسة ملمة بكل الجوانب.

راجع الباحثون بيانات من دراسات طولية أُجريت في فنلندا لرصد خطوات النمو الصحي للأطفال (STEPS) من جوانب عدة. وضمت هذه الدراسات أمهات فنلنديات وسويديات ولدن أطفالهن بين عامي 2008 و2010 في مستشفى فنلندي معين (مستشفى جنوب غرب فنلنداHospital District of Southwest Finland).

كما شملت الدراسات أيضاً مجموعة فرعية من الرضع مشتقة من المجموعة الأصلية تمت متابعتهم بشكل دقيق جداً. وتم تقسيم الرضع المشاركين إلى مجموعات فرعية حسب فترات الرضاعة. وشملت المجموعة الأولى الرضاعة المبكرة التي تتراوح بين (0.5 و5 أشهر) والرضاعة المتأخرة التي تتراوح بين (11 و17 شهراً).

تضمنت البيانات كل ما يخص الرضع وأسرهم مثل حالة الأسرة الاجتماعية والاقتصادية والتركيبة السكانية للمنطقة التي تعيش فيها الأسرة (وجود أعراق عدة) بجانب السجلات الطبية والتاريخ المرضي للآباء وبشكل خاص الأمهات. وأيضاً تم جمع 1823 عينة براز من الرضع لتوصيف ميكروبات الأمعاء حسب تسلسلها وتم استخدام طرق حديثة في تحليل البراز لاستخراج الحمض النووي (دي إن إيه) لعائلات البكتيريا النافعة.

كما كانت هناك أيضاً بيانات إضافية عن جميع الظروف المحيطة بولادة الطفل، بداية من فترة الحمل وحتى انتهاء فترة الرضاعة من خلال البيانات الرسمية بجانب إجابة الآباء عن أسئلة عدة، مثل: هل تمت ولادة الطفل في الموعد المحدد لولادته؟ وهل كانت هناك مشاكل معينة في الحمل؟ وما هي الطريقة التي تمت بها الولادة... طبيعية أم قيصرية؟ وهل تم حجز الطفل في الحضانة بعد ولادته؟ ما هو وزن الطفل عند الولادة؟ طريقة الرضاعة وهل كانت طبيعية؟ في حالة استخدام اللبن الصناعي، ما هو نوع اللبن وهل كانت هناك حساسية من نوع معين؟ هل تناول الرضيع أي أدوية في مرحلة الرضاعة المبكرة؟ هل تناول الرضيع مضاداً حيوياً في الرضاعة المبكرة أو المتأخرة؟

وتم استخدام بيانات مركز تسجيل السكان في فنلندا لمعرفة الظروف البيئية لمسكن كل أسرة، بالإضافة إلى البيانات الخاصة بالمعلومات الجغرافية للمكان. وتقيم هذه المعلومات نسبة الغطاء النباتي السكني لكل أسرة مقارنة بعدد السكان ومساحة الأرض الكلية، وأيضاً معلومات عن المساحات الخضراء في منطقة الجوار لأسرة كل رضيع والأماكن المفتوحة المحيطة بمكان السكن.

عوامل تشكيل الميكروبات

وأظهرت التحليلات التي تناولت العوامل المؤثرة على تكوين أمعاء الرضع أن العمر هو العامل الرئيسي في تشكيل الميكروبات المعوية. وفي مرحلة الرضاعة المبكرة من عمر الطفل هناك نوع معين من البكتيريا Actinobacteriota يكون هو السائد بنسبة (54 في المائة)، أما في مرحلة الرضاعة المتأخرة فيسود نوع آخر من البكتيريا؛ ما يسلط الضوء على أن عامل العمر فقط كان مسؤولاً عن نحو 9 في المائة من تنوع واختلاف أنواع البكتيريا.

وقال الباحثون إن الدراسات السابقة تعاملت مع الفئة العمرية من عمر يوم وحتى ثلاث سنوات على أنها فئة عمرية واحدة. لكن حسب الدراسة الحالية، هناك فرق واضح بين الرضاعة المبكرة حتى عمر 5 أشهر والرضاعة المتأخرة حتى عمر عام ونصف العام. ولذلك؛ تجب على الأبحاث المستقبلية مراعاة الفئات العمرية في نماذج الدراسة التي تركز على الرضع.

أظهرت النتائج أن تجمعات الميكروبات المعوية لدى الرضع ارتبطت بشكل كبير بطريقة الولادة ووجود أشقاء وعمر الأم. وفي المقابل، كانت العوامل الأقل ارتباطاً بتنوع ميكروبات الأمعاء هي: دخل الأسرة والرضاعة الطبيعية وتعرُّض الأم للمضادات الحيوية في فترة ما قبل الولادة مباشرة بجانب الوقت الذي يقضيه الطفل في الهواء الطلق.

في مرحلة الرضاعة المبكرة كانت طريقة الولادة (سواء قيصرية أو طبيعية) مسؤولة عن 0.5 في المائة من التنوع في مجتمع ميكروبات الأمعاء وانخفضت تدريجياً إلى 0.3 في المائة فقط في مرحلة الرضاعة المتأخرة. واللافت للنظر أن عامل وجود الأشقاء أصبح أكثر أهمية من أي عامل آخر مع الوقت، حيث تزايدت نسبة تنوع الميكروبات المعوية من 0.5 في المائة فقط في مرحلة الرضاعة المبكرة إلى 0.7 في المائة في الرضاعة المتأخرة. وبشكل عام ارتبط وجود الأشقاء بزيادة اختلاف ميكروبات الأمعاء (ظاهرة صحية) في كلتا الفئتين العمريتين.

ولعبت المساحات الخضراء دوراً مهماً في تباين الميكروبات المعوية في مرحلة الرضاعة المتأخرة، بينما لعبت دوراً أقل أهمية في الفئة العمرية الأصغر، وربما يكون ذلك بسبب بقاء الرضع في المنازل المغلقة معظم الوقت في المراحل الأولى من الحياة بسبب الخوف عليهم نظراً لضعف مناعتهم ما يوضح الأهمية الكبيرة للتواجد بجوار المساحات الخضراء ليس على الجهاز التنفسي فقط، لكن أيضاً على أجهزة الجسم الداخلية ومنها ميكروبات الأمعاء.

* استشاري طب الأطفال



الاستهلاك المفرط للزبادي بالفواكه قد يسرّع الشيخوخة

الاستهلاك المفرط للأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بتسارع كبير في الشيخوخة البيولوجية (جامعة ولاية بنسلفانيا)
الاستهلاك المفرط للأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بتسارع كبير في الشيخوخة البيولوجية (جامعة ولاية بنسلفانيا)
TT

الاستهلاك المفرط للزبادي بالفواكه قد يسرّع الشيخوخة

الاستهلاك المفرط للأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بتسارع كبير في الشيخوخة البيولوجية (جامعة ولاية بنسلفانيا)
الاستهلاك المفرط للأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بتسارع كبير في الشيخوخة البيولوجية (جامعة ولاية بنسلفانيا)

أظهرت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين الإيطاليين أن الاستهلاك المفرط للأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بتسريع الشيخوخة البيولوجية لدى البشر، بغضّ النظر عن مستوى جودة النظام الغذائي.

وقدّر باحثون من وحدة أبحاث علم الأوبئة والوقاية من الأمراض في مركز أبحاث الطب النفسي وعلم الأوبئة في بوزيلي، بالتعاون مع جامعة «إل يو إم» (LUM) في كاساماسيما بإيطاليا، استهلاك المشاركين بالدراسة للأطعمة فائقة المعالجة، من خلال استبيان تفصيلي حول مدى تكرار تناول تلك الأنواع من الطعام.

ولا تشمل الأطعمة فائقة المعالجة الوجبات الخفيفة المعبأة أو المشروبات السكرية فحسب، بل تشمل أيضاً منتجات مثل الخبز المجهز للاستخدام في إعداد الساندويتشات، والزبادي بالفواكه، وبعض حبوب الإفطار، وهي حبوب مصنعة غالباً ما يضاف إليها أحد منتجات الألبان، أو بدائل اللحوم المصنعة، على سبيل المثال لا الحصر.

ووفق الدراسة المنشورة في «المجلة الأميركية للتغذية السريرية»، حلّل الباحثون بيانات أكثر من 22 ألف مشارك، واستعانوا بقياسات أكثر من 30 مؤشراً حيوياً مختلفاً للدم لقياس العمر البيولوجي.

وأظهرت النتائج أن الاستهلاك المفرط للأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بتسارع كبير في الشيخوخة البيولوجية للمشاركين. إذ تبين أن الأشخاص أكبر سناً بيولوجياً من أعمارهم الزمنية الفعلية.

وتقول سيمونا إسبوزيتو، الباحثة في وحدة أبحاث علم الأوبئة والوقاية، والمؤلفة الأولى للدراسة، في بيان صادر الثلاثاء: «تظهر بياناتنا أن الاستهلاك المفرط للأطعمة فائقة المعالجة ليس له تأثير سلبي على الصحة بشكل عام فحسب، بل يمكن أن يؤدي أيضاً إلى تسريع الشيخوخة».

وتعرف الأطعمة فائقة المعالجة بأنها الأطعمة المصنوعة جزئياً أو كلياً بمواد لا تستخدم بشكل روتيني في المطبخ، مثل البروتينات المحللة بالطرق الكيميائية، والدهون المهدرجة، وتحتوي عادة على إضافات مختلفة، مثل الأصباغ والمواد الحافظة ومضادات الأكسدة ومواد لمنع التكتل ومعززات النكهة والمحليات.

وعلى عكس العمر الزمني، الذي يعتمد حصرياً على تاريخ الميلاد، فإن العمر البيولوجي يعكس الظروف البيولوجية لجسمنا، بما في ذلك حالة الأعضاء والأنسجة والأنظمة الحيوية بالجسم، وهو ما قد يختلف عن عمرنا الزمني.

وتعد الشيخوخة البيولوجية بمنزلة «ساعة داخلية» لجسمنا، التي يمكن أن تدق أسرع أو أبطأ من السنوات المحددة في التقويم السنوي الذى نستخدمه في حياتنا العادية، ما يعكس الحالة الصحية الحقيقية للكائن الحي.

مجموعة من حبوب الإفطار بأحد المتاجر (رويترز)

وهو ما تعلق عليه الباحثة ماريا لورا بوناسيو، عالمة الأوبئة الغذائية، وأحد باحثي الدراسة: «عادة ما تكون الأطعمة فائقة المعالجة غنية بالسكريات والملح والدهون المشبعة أو المتحولة، كما تخضع لمعالجة صناعية مكثفة تعمل على تغيير قيمتها الغذائية، مع فقدان عناصرها الغذائية والألياف الخاصة بها».

وتضيف: «يمكن أن تكون لهذا عواقب مهمة على سلسلة من الوظائف الفسيولوجية، بما في ذلك عملية التمثيل الغذائي للغلوكوز، وتكوين ميكروبات الأمعاء المفيدة ووظائفها. كما أن هذه المنتجات غالباً ما تكون مغلفة بأغلفة بلاستيكية، وبالتالي تصبح بمنزلة مركبات سامة للجسم».

وتقول ليشيا ياكوفيلو، مديرة وحدة أبحاث علم الأوبئة والوقاية بجامعة «إل يو إم» (LUM) في كاساماسيما: «تدفعنا هذه النتائج إلى إعادة تقييم التوصيات الغذائية الحالية، التي يجب أن تتضمن أيضاً تحذيرات بشأن الحد من تناول الأطعمة فائقة المعالجة في نظامنا الغذائي اليومي».