تعزيز استراتيجيات «الشيخوخة الصحية»

دعم مبادرات «الشيخوخة بكرامة» في «اليوم العالمي لكبار السن»

تعزيز استراتيجيات «الشيخوخة الصحية»
TT

تعزيز استراتيجيات «الشيخوخة الصحية»

تعزيز استراتيجيات «الشيخوخة الصحية»

تُعدّ شيخوخة السكان اتجاهاً عالمياً رئيسياً يُعيد تشكيل المجتمعات في جميع أنحاء العالم، إذ يتجاوز متوسط العمر المتوقع عند الولادة الآن 75 عاماً في نصف بلدان العالم، أي أطول بمقدار 25 عاماً مما كان عليه في عام 1950. وبحلول عام 2030 من المتوقع أن يفوق عدد كبار السن عدد الشباب على مستوى العالم، مع تسارع هذه الزيادة بشكل أكبر في البلدان النامية.

مع تقدّم السكان في العمر، يزداد الطلب على خدمات الرعاية الصحية الشاملة والرعاية والدعم الاجتماعي بصورة كبيرة، خصوصاً بالنسبة إلى كبار السن الذين يعانون من أمراض مثل الخرف.

مؤتمر صحافي عالمي

واعترافاً بهذه التحديات والفرص، سيركّز الاحتفال الرابع والثلاثون بـ«اليوم العالمي لكبار السن» (International Day of Older Persons)، الذي يُحتفل به في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، على موضوع «الشيخوخة بكرامة» (Ageing with Dignity)، مؤكداً أهمية تعزيز أنظمة الرعاية لكبار السن في جميع أنحاء العالم التي تحترم كرامة كبار السن ومعتقداتهم واحتياجاتهم وخصوصيتهم، والحق في اتخاذ القرارات بشأنهم.

وتزامناً مع «اليوم العالمي لكبار السن»، حضر محرر ملحق «صحتك» المؤتمر الصحافي السنوي الذي عقدته شركة «جي إس كي» على مدى يومين في مدينة وافر (قلب إنتاج اللقاحات في العالم) في بلجيكا، سُلّط خلالهما الضوء على خصائص الفئة العمرية لكبار السن، وأهمها ضعف الجهاز المناعي؛ مما يجعل كبار السن أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، وبوجه خاص المعدية، وطرق الوقاية منها. ويشكّل هذا تحدياً كبيراً أمام الحفاظ على شيخوخة صحية، وهو هدف حاسم لكبار السن.

استراتيجيات «الشيخوخة الصحية»

إن المفهوم الأساسي الكامن وراء تأثير الشيخوخة على «الشيخوخة الصحية» (healthy ageing) هو الضعف التدريجي لجهاز المناعة. فمع تقدّم الأفراد خلال العقود السادسة والسابعة والثامنة من حياتهم، يفقد جهاز المناعة لديهم قدرته على مكافحة الأمراض المعدية بشكل فعّال. وتتطلّب هذه القابلية المتزايدة للإصابة بالعدوى اتباع نهج استباقي للحفاظ على الصحة البدنية وتنفيذ الاستراتيجيات الوقائية.

وقد التقت «صحتك» نائب الرئيس للقيادة الطبية العالمية في شركة «جي إس كي»، أحد المتحدثين في المؤتمر الدكتور ألكسندر لياكوس (Alexander Liakos)، ليوضح لنا خصائص مرحلة الشيخوخة وكيف يمكن حماية «الشيخوخة الصحية».

أوضح لياكوس أن علينا أولاً أن نكون واعين لفهم حقيقة أننا لسنا أقوياء في مرحلة الشيخوخة كما كنا في منتصف العمر، وسيزداد ذلك مع تقدمنا في السن. علينا أن نعمل بجد لمواجهة ذلك من خلال عدة خطوات، تشمل الحفاظ على نمط حياة نشط بدنياً نمارس فيه الرياضة بشكل منتظم، وضمان اتباع نظام غذائي متوازن ومغذٍ، وإعطاء الأولوية للنوم الكافي، والمشاركة في أنشطة محفزة عقلياً، وتعزيز الروابط الاجتماعية القوية. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي اعتبار التطعيم ضد بعض الأمراض المعدية، مثل: الإنفلونزا والهربس النطاقي (shingles)، جزءاً من استراتيجية «الشيخوخة الصحية» الشاملة، (وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، 2019).

حقائق حول إصابات كبار السن

- تكتسب الاحتياجات الصحية لكبار السن أهمية متزايدة مع تقدم سكان العالم في السن، فخلال عقد «الشيخوخة الصحية» (2021 - 2030)، سيزداد عدد السكان البالغين من العمر 60 سنة فما فوق بنسبة 34 في المائة، من 1 إلى 1.4 مليار نسمة (وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، في 2020). وبحلول عام 2050، سيكون هناك ما يُقدّر بـ2.1 مليار نسمة، يبلغون من العمر 60 عاماً أو أكثر.

- مع تقدم البالغين في السن تبدأ وظيفة الجهاز المناعي الانخفاض. وفي مرحلة الشيخوخة يزداد النظام المناعي ضعفاً، ويرتفع خطر الأمراض المعدية؛ إذ يُسهم انخفاض المناعة المتصل بزيادة العمر في زيادة قابلية الإصابة بالأمراض المعدية في سن الشيخوخة التي يمكن الوقاية من أغلبها باللقاحات. ومن المتوقع أن يرتفع العبء المجتمعي، على مدى السنوات الثلاثين المقبلة، للأمراض التي يمكن الوقاية منها بالتطعيم لدى البالغين من العمر أكثر من 50 سنة.

- ترتبط مخاطر الإصابة بالأمراض بزيادة شدة الظروف المرضية لدى كبار السن، ومنها الأمراض المعدية، بالإضافة إلى الأورام الخبيثة والحميدة، والأورام الدموية أو المناعية، والغدد الصماء، والاضطرابات النفسية والعصبية، والقلب والأوعية الدموية، والجلد، والهيكل العضلي والعظمي، والجهاز التنفسي والبولي والتناسلي. وترتفع النسبة المئوية للإصابة بمرض واحد منها أو أمراض متعددة مع زيادة العمر بالسنوات، وفقاً لبيانات بحوث الممارسة السريرية في مستشفيات إنجلترا.

- كبار السن الذين يعانون من الأمراض هم أكثر عرضة لخطر دخول المستشفيات، فعلى سبيل المثال، معدلات دخول المستشفيات المرتبط بالفيروس المخلوي التنفسي (RSV) في أوساط البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و74 سنة، ممن يعانون من حالات مرضية مزمنة، في الفترة 2017 - 2018 كانت مرتفعة جداً، مقارنة بمن لا يعانون من أمراض مزمنة.

تبعات الإصابة بالأمراض المعدية

- يمكن أن يكون للعدوى تأثير كبير في الحالة الوظيفية ونوعية الحياة لكبار السن، على المدى الطويل، وقد تتجاوز الأمراض الحادة في تأثيرها.

- كبار السن المنومون بالمستشفيات والمصابون مثلاً بالفيروس المخلوي التنفسي المرتبط بالعدوى التنفسية الحادة (RSV - ARI) يمكنهم أن يواجهوا مشكلات كبيرة طويلة الأجل، فنحو 24.5 في المائة منهم يحتاجون إلى رعاية منزلية متخصصة، و26.6 في المائة يحتاجون إلى التنويم مرة ثانية خلال 3 أشهر، و8 في المائة ممن تم تنويمهم بالمستشفيات بتشخيص مؤكد للإصابة بالفيروس المخلوي التنفسي فقدوا استقلاليتهم بعد مرور 6 أشهر من مغادرة المستشفى. كان معدل الوفيات في غضون سنة من تاريخ تنويمهم بالمستشفيات هو 33 في المائة تقريباً، وفقاً لدراسة حديثة نُشرت في مجلة «الأمراض المعدية» (J Infect Dis 2020)، قام بها تسينج (Tseng HF) وزملاؤه.

- ترتبط الإصابة بالفيروس المخلوي التنفسي (RSV) بآثار ضارة على الإنتاجية، والأنشطة الاجتماعية أو الترفيهية، والعلاقات، والنوم العاطفي أو البدني أو الوظيفي.

- كبار السن معرّضون لخطر متزايد لدخول المستشفيات، وقد يعيشون فترة أطول مع صحة متردية، إذ إنهم الأكثر عرضة للمعاناة من نتائج سيئة بسبب التهابات الجهاز التنفسي السفلي (RSV)، والهربس النطاقي، أو «الحزام الناري» (herpes zoster or shingles).

- لُوحظ، في إحدى الدراسات، أن أعلى معدل لدخول المستشفيات كان في الفئة العمرية 55+، في حين الفئة العمرية 20 - 54 سنة كان لديها معدل دخول إلى المستشفى أقل بكثير. أما معدل الوفيات فهو الأعلى أيضاً في الفئة العمرية 55 عاماً فما فوق، أما الفئة العمرية من 20 إلى 54 سنة فلها معدلات وفيات أقل بكثير.

حقائق عن «الحزام الناري»

«الحزام الناري» (shingles)، المعروف أيضاً بـ«الهربس النطاقي»، هو حالة شائعة تتميّز بظهور طفح جلدي بثري مؤلم. يمكن أن يستمر الألم المصاحب للحالة لعدة أسابيع أو أشهر، وفي بعض الحالات الشديدة، قد تكون له بعض العواقب غير المرغوب فيها؛ إذ يؤدي إلى مضاعفات تكون لها، أحياناً، عواقب أكثر خطورة.

تشير التقديرات العالمية إلى أن «الحزام الناري» واسع الانتشار، وأن واحداً من كل ثلاثة أشخاص في العالم سيعاني نوبة من «الحزام الناري» خلال حياته. وتزداد احتمالية الإصابة مع التقدم في العمر؛ إذ يُلاحظ ارتفاع في معدلات الإصابة بعد سن الخمسين.

وهناك إرشادات وتوصيات حديثة بشأن الوقاية من «الحزام الناري» عالمياً، وهي تعتمد على السلطات الصحية المحلية لكل دولة. والسمة الرئيسية لهذه الإرشادات هي تقديم الوقاية إلى الأشخاص مع تقدمهم في العمر؛ إذ يبدأ إعطاؤهم اللقاح من سن 50 عاماً، مع التركيز على الأشخاص الذين يعانون من ضعف في المناعة.

التطعيم بعد الإصابة، يمكن إعطاء اللقاح للأشخاص الذين تعرضوا للإصابة بـ«الحزام الناري»، بشرط أن تكون هناك فجوة زمنية بين الإصابة وتلقي اللقاح. والخط الأول في الوقاية من «الحزام الناري» هو اللقاح، ويكون غالباً لقاحاً معاد التركيب، مما يعني أنه لا يحتوي على فيروس حي.

وقد أظهرت دراسات سريرية حديثة أُجريت على مدى 20 عاماً أن اللقاح فعّال وآمن، وأن نسبة فاعليته تظل نحو 80 في المائة حتى بعد 11 عاماً من التطعيم الأولي.

تزداد مخاطر الإصابة بالأمراض المعدية والأورام الخبيثة والحميدة والاضطرابات النفسية

التحصين والوقاية من الأمراض

تمتد فوائد تحصين البالغين (كبار السن) إلى ما يتجاوز الوقاية من الأمراض الحادة. كما تمتد إلى ما هو أبعد بكثير من الصحة الفردية وتعود بالنفع على جميع السكان والمجتمعات.

وتكتسب الاحتياجات الصحية لكبار السن أهمية متزايدة مع تقدم سكان العالم في العمر. ومن الممكن تجنّب أكثر من 3 ملايين من الوفيات المبكرة، وهو ما يشكّل أكثر من ربع إجمالي الوفيات، بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 75 عاماً من خلال تحسين التدخلات الوقائية وفي مقدمتها التحصين، وفقاً لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية «OECD» لعام 2019.

ويتضح من نتائج الدراسات التي ذُكرت آنفاً أن كبار السن في خطر أعلى للتعرض بشكل كبير لدخول المستشفيات والوفاة بسبب العدوى، والسبب هو ضعف جهاز المناعة ووجود أمراض مصاحبة أخرى في هذه الفئة العمرية. وتسلط هذه النتائج الضوء على أهمية تدخلات الرعاية الصحية المستهدفة، مثل التطعيم والعلاج المبكر لكبار السن؛ للحد من عبء هذه الأمراض المعدية.

ولذا فإن زيادة الاستثمار في التحصين على مدى الحياة هي أمر بالغ الأهمية للاستفادة الكاملة منه بوصفه استراتيجية وقائية فعّالة.

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

رعشة اليدين: 7 نقاط حول أنواعها وأسبابها

صحتك رعشة اليدين: 7 نقاط حول أنواعها وأسبابها

رعشة اليدين: 7 نقاط حول أنواعها وأسبابها

قد لا يكون بمقدورك منع ارتجاف يديك أو تهدّج صوتك في لحظات غضبك وانفعالك. ولكن حينما يكون القيام بالأنشطة البسيطة، مثل التقاط فنجان من القهوة، فعلٌ صعبٌ للغاية

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك عقوبات الفصل من المدرسة لها آثار نفسية بالغة السوء

عقوبات الفصل من المدرسة لها آثار نفسية بالغة السوء

حذَّرت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال AAP في أحدث توصياتها، من الآثار النفسية بالغة السوء لعقوبة الحرمان من المدرسة.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك استشارات طبية: تغذية مرضى أورام الدماغ... واختلاف ضغط الدم بالليل عن النهار

استشارات طبية: تغذية مرضى أورام الدماغ... واختلاف ضغط الدم بالليل عن النهار

بعد إجراء عملية جراحية للدماغ وإزالة ورم من الدرجة الثانية وبعد تصوير الأشعة، ما النصائح التي يمكن تقديمها للمريض؟ وهل يتبع المريض حمية غذائية خاصة؟

د. حسن محمد صندقجي
يوميات الشرق رأس الدش يحتوي على تشكيلة متنوعة للغاية من الفيروسات (جامعة نورث وسترن)

600 فيروس في فرشاة الأسنان و«دُش الاستحمام»

أفادت دراسة أميركية بأن فرش الأسنان ورؤوس الدش الخاص بالاستحمام تحتوي على تشكيلة متنوعة من الفيروسات، تصل لأكثر من 600 نوع، معظمها لم يُرَ من قبل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك كان يُعتقد على نطاق واسع أن تناول سعرات حرارية أقل يمكن أن يطيل العمر (رويترز)

الجينات أم النظام الغذائي... أيهما يحمل سر العمر الطويل؟

أكدت دراسة جديدة أن جينات الأشخاص مسؤولة بشكل أكبر عن إطالة العمر من النظام الغذائي المتبع.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رعشة اليدين: 7 نقاط حول أنواعها وأسبابها

رعشة اليدين: 7 نقاط حول أنواعها وأسبابها
TT

رعشة اليدين: 7 نقاط حول أنواعها وأسبابها

رعشة اليدين: 7 نقاط حول أنواعها وأسبابها

قد لا يكون بمقدورك منع ارتجاف يديك أو تهدّج صوتك في لحظات غضبك وانفعالك. ولكن حينما يكون القيام بالأنشطة البسيطة، مثل التقاط فنجان من القهوة، فعلٌ صعبٌ للغاية نتيجة الرعشة في اليدين (Tremor)، فإن الأمر محبط ومؤلم نفسياً في الوقت نفسه.

رعشة اليدين وممارسة الأعمال

والأمر لا يتعلق بفنجان القهوة ذلك، بل يمكن أن تؤثر رعشة يديك على طريقة ودقة قيامك بأداء مجموعة واسعة من الأنشطة اليومية الحساسة. وذلك بدءاً من ممارسة العمل الوظيفي والكتابة بالقلم واستخدام لوحة أزرار الكومبيوتر وقيادة السيارة، ناهيك باستخدام الجوال، ووصولاً إلى مجرد إتمام تناول الطعام وتنظيف أسنانك أو الحلاقة، أو استحمامك بطريقة صحيحة.

ومع زيادة وضوح الرعشة، يشعر كثير من الأشخاص بالقلق والحرج في المواقف الاجتماعية، ما يجعل الموقف عليهم أسوأ. وحينئذ قد يكون لهم من المغري للغاية الانسحاب من العائلة والأصدقاء، لتجنب هذه المواقف غير المريحة.

ولكن لا تفعل ذلك. بل عليك أن تعرف مزيداً من المعلومات الأساسية عن الرعشة، وتتعلم قدر المستطاع عن كيفية التعايش مع هذه الحالة. كما أن عليك أن تقوم بدور فعّال في مناقشة أعراضك وأسئلتك مع طبيبك. وكلما زادت معرفتك بحالتك وعلاجها، كان من الأسهل عليك التكيّف مع هذه الحالة، والحد من تدخلاتها المزعجة في أنشطة حياتك اليومية. وفي بعض الظروف، ربما عليك ببساطة وصدق أن تشرح حالتك للأشخاص المقربين الذين تعيش معهم أو تتعامل معهم. وهذا من شأنه أن يجنبك كلاً من ارتباكهم وإحراجك.

حركات لا إرادية

وإليك النقاط الـ7 التالية للتعرف عليها:

1. الرعشة هي تذبذب ميكانيكي لحركات لا إرادية وإيقاعية ومتكررة وغير مقصودة (Unintentional)، وغير قابلة للسيطرة (Uncontrollable)، تحصل في أحد الأطراف أو جزء من الجسم.

والرعشة هي أعلى أنواع اضطرابات الحركة اللاإرادية انتشاراً وشيوعاً. وهناك كثير من أنواع الرعشة، ولكل منها سمات مميزة. ومن المهم التعرف عليها وتشخيصها بدقة وثقة لإدارة معالجتها بنجاح إذا تطلب الأمر ذلك للمصاب. ومن المهم ملاحظة أن الرعشة تختلف عن التشنجات العضلية (Muscle Spasm) والارتعاشات العضلية (Muscle Twitch). فالتشنج العضلي هو انقباض لا إرادي للعضلة، وغالباً ما يكون مؤلماً، ويعيق أداء الحركة. والارتعاش العضلي هو حركة دقيقة متكررة لفترة زمنية قصيرة، وغير خاضعة للسيطرة، تعتري جزءاً صغيراً من عضلة أكبر، وربما يكون اهتزاز تلك الارتعاشات العضلية مرئياً تحت الجلد.

وتفيد المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة (NIH) قائلة: «يمكن أن تحدث الرعشة في أي جزء من الجسم، وتصبح مشكلة عندما تتداخل مع ممارسة الأنشطة اليومية». ويمكن أن تحدث الرعشة طوال الوقت أو في بعض الأحيان فقط. ويمكن أن تحدث أثناء الحركة، مثل الكتابة أو الوصول إلى شيء ما (رعشة الحركة Action Tremor)، أو أثناء استرخاء الشخص وجلوسه أو استلقائه (رعشة الراحة Rest Tremor).

2. قد تكون الرعشة أمراً طبيعياً، ولا تتداخل دائماً مع حياتك اليومية ولا تتطلب العلاج. وحينها تحدث الرعشة فقط عندما تكون تحت ضغط شديد، أو تعاني من القلق أو الخوف. وبمجرد أن يهدأ الشعور، تتوقف الرعشة. وفي الغالب، تتخذ الرعشة أوجهاً متعددة. حيث قد تبدو الرعشة على أحد الأشكال التالية:

- ارتعاش أو رجفة (خصوصاً في اليدين، ولكن يمكن أن تكون أيضاً في الذراعين أو الرأس أو الساقين أو الجذع).

- صوت مرتجف أو متهدج.

- صعوبة في أداء المهام الحركية الدقيقة (مثل الكتابة أو الرسم أو استخدام الأدوات أو تناول الطعام).

- قد تتفاقم هذه الأعراض مع الإجهاد أو التعب أو المشاعر القوية أو استهلاك الكافيين.

- كما تعدّ حركات صك وصرير أسنانك عندما تشعر بالبرد، ارتعاشاً.

وإذا كنت تشك في أن الرعشة التي تشعر بها علامة على حالة أكثر خطورة، أو أنها أحد الآثار الجانبية للأدوية التي تتناولها، فتحدث إلى الطبيب.

رعشة «غير طبيعية»

3. الرعشة «غير الطبيعية» هي نوع من اضطرابات الحركة التي تحدث عندما يكون هناك خلل في أجزاء الدماغ، أو أجزاء أخرى من الجهاز العصبي، التي مهمتها أن تتحكم في «ضبط» مواصفات إتمام القيام بالحركة بتناغم ودقة.

ويمكن أن تكون الرعشة حالة «أولية»، ما يعني أنها مشكلة طبية في حد ذاتها ناجمة عن خلل محدد في عمل الجهاز العصبي، أو أن تكون الرعشة «ثانوية» ناجمة عن أحد أعراض حالة مرضية أخرى، مثل مرض باركنسون أو السكتة الدماغية، أو التصلب المتعدد أو اضطراب تعاطي الكحول، أو فرط نشاط الغدة الدرقية أو اضطرابات نفسية متعددة.

وتفيد المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة حول «كيف يتم تشخيص الرعشة؟»، قائلة إن من المهم للمرء الذي يُعاني من الرعشة، أن يتحدث مع الطبيب المقدم للرعاية الصحية له. ويقوم الطبيب بالسؤال عن التاريخ الطبي بالعموم للمرء، مثل الإصابات والأمراض المزمنة لديه والعمليات الجراحية السابقة وتلقي اللقاحات وغيره. وكذلك يطرح مزيداً من الأسئلة حول الأعراض ووصفها، أي تفاصيل الرعشة نفسها وأي أعراض أخرى مرافقة. وإضافة إلى إجراء فحص بدني عام وإجراء فحص عصبي أدق، قد يطلب الطبيب أيضاً إجراء فحوصات دم أو تصوير دماغي لتحديد أي أسباب كامنة.

أنواع الرعشات

4. لتوضيح التعقيدات التي يواجهها الطبيب أثناء التفريق في عملية تشخيص سبب وجود الارتعاش، هناك نوع يُسمى «ارتعاش الراحة» (Rest Tremor)، وهذا الارتعاش يكون واضحاً حال الراحة، أي حال راحة اليد وعدم القيام بتحريكها مثلاً. ولكن عندما يتم تحريك اليد، فإن الرعشة تضعف أو تختفي. وبالمقابل ثمة رعشة لا تحدث إلّا عند تحريك الطرف أو جزء الجسم، كاليد مثلاً، وتكون مختفية حال الراحة. وتسمى «رعشة الحركة» (Action Tremor).

وهناك نوع آخر يُسمى «رعشة القصد» (Intention Tremor)، وذلك حينما تزداد الرعشة سوءاً عندما يتم توجيه اليد مثلاً، للتحرك نحو جزء معين من الجسم. وكذلك ثمة نوع مختلف يُسمى «رعشة خاصة بمهمة» (Task Specific)، وهي رعشة تحدث فقط مع مهام أو أنشطة محددة. ومثال على ذلك رعشة الكتابة الأولية (Primary Writing Tremor)، التي تحدث بشكل أساسي أثناء الكتابة. كما يمكن أن يحدث بعض الرعشات بسبب أوضاع مختلفة للجسم أو مهام معينة يقوم بها المرء.

وللتوضيح، ثمة حالة تُسمى الرعشة الانتصابية (Orthostatic Tremor)، وهي حالة تتضمن حصول حركة عضلية إيقاعية متكررة وغير مقصودة، لجزء أو أكثر من أجزاء الجسم. وتحدث عادة عندما يقف الشخص منتصباً. ويُنظر إليها على أنها حالة متقدمة.

5. حالات الرعشة ليست كلها غير طبيعية، بل إن كل شخص من الناس يعاني من ارتعاش بسيط في جسمه (الرعشة الفسيولوجية Physiologic Tremor). وهذه الرعشة الصغيرة، التي بالكاد يمكن ملاحظتها، هي نتيجة لعمليات طبيعية تحصل في الجسم. مثل ضربات القلب ونشاط العضلات. وتكون عادة دقيقة وصغيرة جداً، بحيث لا يمكنك رؤيتها، ولا تعيق الأنشطة اليومية. ولكن قد تتفاقم هذه الرعشة وتبدو أكثر وضوحاً نتيجة إجهاد العضلات أو التوتر أو القلق أو التقدم في العمر. وأيضاً قد تتفاقم المشكلة لدى بعض الأشخاص نتيجة تناول كثير من الكافيين أو انخفاض مستويات سكر الدم، أو تناول بعض أنواع الأدوية، أو تناول الكحول. ولذا، عادةً ما تختفي الرعشة الفسيولوجية إذا قمت بإزالة السبب. وعندما تصبح الرعشة أكثر وضوحاً أو تجعل المهام اليومية صعبة، فإن الأمر يتطلب مراجعة الطبيب.

اضطرابات الحركة غير الطبيعية قد تحدث نتيجة خلل في الدماغ او الجهاز العصبي

«الرعشة النفسية»

6. «الرعشة النفسية» (Psychogenic Tremor) أو «الرعشة الوظيفية» (Functional Tremor)، هي ارتعاش غير متحكم فيه لليد أو الطرف، لا علاقة له بأي خلل عصبي يمكن للطبيب اكتشافه. وهي عادة مزيج من رعشة الراحة أو رعشة اختلاف وضعية الجسم أو الرعشة المرتبطة بالقصد والنية.

وبخلاف الأنواع الأخرى من الرعشات، تتميز «الرعشة الوظيفية النفسية» بالبداية المفاجئة ثم الاختفاء ثم تكرار العودة. ولأنها مظهر لتفاعل نفسي وظيفي، وليست ناجمة عن اضطراب عضوي في أي من أجزاء الجهاز العصبي، فإن مواصفات الرعشة تتغير خلال النوبة، وقد تنتقل من جزء إلى آخر في الجسم، ولكن في الغالب لا تشمل الرعشة النفسية حركات الأصابع. والأهم أنها قد تخف أو تزول عند تشتيت انتباه ذهن المصاب بمهام أخرى، أو ربما تزيد مع زيادة الانفعال النفسي.

ولذا تفيد المصادر الطبية بأنه «غالباً ما يعاني الأشخاص المصابون بالرعشة الوظيفية من اضطراب التحويل (حالة نفسية تنتج أعراضاً جسدية) أو حالة نفسية أخرى».

7. «الرُعاش مجهول السبب» (Essential Tremor) حالة تصيب الجهاز العصبي وتسبب الاهتزاز اللاإرادي والمنتظم. ويمكن أن تحدث الإصابة بالرُعاش مجهول السبب في أي مرحلة عمرية، ولكن تكون أكثر شيوعاً في سن 40 عاماً فأكثر. ويمكن أن يصيب هذا النوع من الرعاش أي جزء من الجسم، ولكن يحدث غالباً في اليدين، لا سيما عند أداء المهام البسيطة، مثل الشرب من الكوب أو عقد رباط الحذاء أو وضع مستحضرات التجميل أو الحلاقة. وقد يتأثر نطق الكلام، في حال إصابة الحنجرة أو اللسان. ويمكن أن تتضمن حركات بالرأس تشبه إيماءات «الموافقة» أو «الرفض». وقد تزداد الحالة سوءاً بسبب الضغط العاطفي أو الإجهاد، أو تناول الكافيين أو التعرض لدرجات الحرارة الحادة.

و«الرُعاش مجهول السبب» ليس في العادة حالة خطيرة؛ لكنه يتفاقم عادةً مع مرور الوقت، ويمكن أن يصبح حاداً لدى بعض الأفراد. ولا تسبب الحالات الأخرى الرُعاش مجهول السبب، إلا أنه أحياناً يحدث خلط بينه وبين مرض باركنسون. وللتوضيح، فإن رُعاش اليدين مجهول السبب يظهر عادةً عند استخدام اليدين، أما أعراض الرُعاش الناتج عن داء باركنسون، فتكون أكثر وضوحاً عند إسدال اليدين على جانبي الجسم أو إراحتهما في الحِجر.

* استشارية في الباطنية