هل يعزز الصيام المتقطع صحة القلب؟

دراسات مراجعة تشير إلى فوائده

هل يعزز الصيام المتقطع صحة القلب؟
TT

هل يعزز الصيام المتقطع صحة القلب؟

هل يعزز الصيام المتقطع صحة القلب؟

يعود تقليد الصيام - أو الامتناع عمداً عن تناول الطعام - إلى العصور القديمة، عندما كان الناس يصومون على أمل الشفاء من مرض ما، أو لأسباب دينية.

أما اليوم فلا تزال أشكال الصيام المختلفة شائعة، بفضل فوائدها الصحية المحتملة، بما في ذلك فقدان الوزن، وتقليص المخاطر المرتبطة بالقلب. وكشفت مراجعة حديثة إلى بعض الفوائد المحتملة (انظر: «الصيام المتقطع: أحدث الأدلة»). ومع ذلك، فإن التوقيت ليس كل شيء، فلا تزال بحاجة إلى الاهتمام بالمستوى العام لجودة الطعام الذي تتناوله وكميته.

صور الصيام المتقطع

يتضمن الصيام المتقطع (Intermittent fasting) مجموعة من الاستراتيجيات للحد من توقيت وتكرار الوجبات.

• الأكل المقيّد بالوقت (time-restricted eating). من بين صور الصيام المتقطع: الأكل المقيد بوقت محدد، الذي يتضمن تناول الطعام فقط خلال فترة زمنية معينة (عادة 8 ساعات) على مدار اليوم. على سبيل المثال، لن تتناول الطعام إلا عبر الساعات من 9 صباحاً إلى 5 مساءً. وبعد ذلك، تمتنع عن تناول الطعام على مدار الـ16 ساعة الأخرى.

• صيام الأيام بالتناوب (alternate-day fasting). ويشتمل على الصيام، أو الحد بشكل كبير من السعرات الحرارية التي يتناولها المرء طيلة يوم كامل. وفي هذا الإطار، تختار أياماً معينة خلال الأسبوع لا تأكل فيها شيئاً، أو تقصر ما تتناوله على 400 إلى 600 سعرة حرارية فقط في اليوم، في حين في الأيام الأخرى من الأسبوع، تعاود اتباع نمط الأكل الطبيعي الخاص بك.

في إحدى النسخ الشائعة لهذه الصورة، النظام الغذائي «2:5»، إذ يتناول المرء الطعام بشكل طبيعي على مدار 5 أيام، في حين يقيد السعرات الحرارية التي يتناولها في أثناء يومين غير متتاليين.

ومع صيام اليوم البديل، يمكنك تناول نظام غذائي مقيد السعرات الحرارية كل يوم.

الصيام المتقطع: أحدث الأدلة

من بين سُبل تقييم تأثير نظام غذائي ما أو أي علاج آخر، تجميع نتائج كثير من التجارب العشوائية المختلفة، وهذا ما يسهم في بناء ما يعرف بالتحليل التجميعي (تجميع إحصائي للنتائج) meta-analysis.

وتتمثل نسخة أخرى فيما يطلق مصطلح «مراجعة المراجعات» (umbrella review)، التي تزيد على النسخة السابقة بخطوة أكبر، وذلك عبر الجمع بين نتائج كثير من التحليلات التجميعية المختلفة، ونتائج مقالات المراجعة الأخرى.

كان هذا تحديداً ما فعله فريق من الباحثين مع الصيام المتقطع، فقد جمعت «مراجعة المراجعات» التي نشروها في عدد أبريل (نيسان) 2024 من دورية «إي كلينيكال ميديسين» (eClinical Medicine)، نتائج 23 تحليلاً ومراجعة تجميعية حول الصيام المتقطع، التي شملت أشخاصاً مصنفين باعتبارهم أصحاب وزن زائد أو يعانون السمنة، بجانب البعض من مرضى السكري ومتلازمة التمثيل الغذائي (مجموعة من الحالات التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري). أما مجموعات الضبط والمراقبة فقد تنوعت وشملت أشخاصاً يتبعون نظاماً غذائياً محدود السعرات الحرارية، وأنظمة غذائية ترتبط بأبناء ثقافات معينة، وأنظمة غذائية معتادة (بمعنى ما يتناوله المشاركون عادة).

وخلص الباحثون إلى أدلة جيدة تشير إلى أن الصيام المتقطع يمكن أن يخفض:

- محيط الخصر.

- كتلة الدهون.

- الدهون الثلاثية.

- البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL) والكوليسترول الكلي.

- الأنسولين الصائم (الهرمون المسؤول عن تنظيم مستويات السكر بالدم).

- ضغط الدم الانقباضي (الرقم الأول بقراءات ضغط الدم).

إيجابيات وسلبيات الصيام

يرى د. أرمين يريفانيان، اختصاصي الغدد الصماء في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة «هارفارد»: «بوجه عام، يتميز الصيام بسمعة طيبة على صعيد الأمان»، ومع ذلك، يجب على مرضى السكري، الذين يعتمدون على الأنسولين وبعض الأدوية لخفض مستويات السكر في الدم، توخي الحذر. وفيما يخص هذه الفئة، لا يعد الصيام مصدر خطر، لكنه يتطلب تخطيطاً دقيقاً مع الطبيب المعالج لتقليل خطر انخفاض نسبة السكر في الدم.

الاحتمال الأكبر أن الصيام المتقطع يساعد على تحسين مستويات الكوليسترول، وتقليص عوامل الخطر الأخرى المرتبطة بالقلب، لأن هذه الممارسة تعزز فقدان الوزن. وبسبب ضيق الوقت، من الطبيعي أن تميل إلى تناول سعرات حرارية أقل، خصوصاً إذا توقفت عن عادة الإفراط في تناول الطعام في وقت متأخر من الليل. بجانب ذلك، عندما تتوقف عن تناول الطعام لفترات طويلة، يتحوّل جسمك بعيداً عن الكربوهيدرات في استخلاص الوقود، ويبدأ حرق الدهون المخزنة.

تحديات المواظبة على الصيام

عبر د. يريفانيان عن اعتقاده بأنه «تكمن أكبر مشكلة في الصيام المتقطع في صعوبة المواظبة عليه على المدى الطويل». وتجدر الإشارة هنا إلى أن معظم الدراسات حول ممارسة الصيام المتقطع استمرت من 12 إلى 16 أسبوعاً فقط، وإن كان بعضها قد امتد إلى 6 أشهر. وأشار إلى أنه من الأسهل الالتزام بنظام غذائي عندما تخضع للمراقبة عن قرب في إطار دراسة علمية.

إلا أنه على أرض الواقع، غالباً ما يكون من الصعب الالتزام بجدول صارم لتناول الطعام، خصوصاً في ظل الحاجة إلى التوفيق بين الصيام والتزامات العمل والعائلة والالتزامات الاجتماعية المختلفة.

وهنا، أوضح د. يريفانيان: «الأوقات التي رأيت فيها أن تناول الطعام على نحو مقيد بالوقت يصادف نجاحاً أكبر، وذلك عندما يكون الناس مستعدين لإجراء مجموعة واسعة من التغييرات في نمط الحياة بهدف تحسين صحتهم، وبدلاً من الاعتماد فقط على الصيام المتقطع، فإنهم يستخدمونه أداةً لتغيير جوانب أخرى من نمط حياتهم التي تؤثر على وزنهم ومخاطر أمراض القلب».

وإضافة إلى اتباع نظام غذائي صحي يركز على الطعام النباتي، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتمارين بناء القوة والرعاية الوقائية الروتينية، يمكن أن يصبح الصيام المتقطع أداة آمنة وفاعلة لتحسين صحة القلب والأوعية الدموية.

* رسالة «هارفارد» للقلب، خدمات «تريبيون ميديا».



دراسة: كيس شاي واحد قد يطلِق مليارات المواد البلاستيكية في الجسم

كيس من الشاي (أ.ف.ب)
كيس من الشاي (أ.ف.ب)
TT

دراسة: كيس شاي واحد قد يطلِق مليارات المواد البلاستيكية في الجسم

كيس من الشاي (أ.ف.ب)
كيس من الشاي (أ.ف.ب)

أصبحت البشرية تعرف مدى أضرار انتشار المواد البلاستيكية الدقيقة، حيث تدخل إلى الأنسجة البشرية والصخور القديمة والمياه المعبأة. لكن قد يكون صادماً عدد هذه الشظايا البلاستيكية الصغيرة التي يمكن أن تختبئ داخل كيس شاي واحد، وفق موقع «ساينس أليرت».

وجدت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة برشلونة المستقلة (UAB) في إسبانيا ونُشرت في مجلة «كيموسفير»، أن أكياس الشاي الفردية يمكن أن تطلق مليارات من جزيئات البلاستيك الدقيقة والنانوية (MNPL) في كل مليمتر من الماء تغمرها فيه.

قد تبدو هذه الأرقام مرتفعة بشكل مفاجئ، لكنها تتفق مع الأبحاث السابقة التي تبحث في مزيج من البلاستيك والحرارة العالية، مثل حاويات الطعام الموضوعة في الميكروويف.

وقالت عالمة الأحياء الدقيقة ألبا غارسيا رودريغيز من جامعة برشلونة المستقلة: «لقد تمكنا من توصيف هذه الملوثات بشكل مبتكر بمجموعة من التقنيات المتطورة، وهي أداة مهمة للغاية لتطوير البحث حول تأثيراتها المحتملة على صحة الإنسان».

وقد أثارت دراسات سابقة مخاوف بشأن كمية الجسيمات الاصطناعية من أكياس الشاي وتأثيرها المحتمل على الصحة، وهنا أراد الباحثون أن يكونوا دقيقين قدر الإمكان، باستخدام مجموعة مختارة من أكياس الشاي التي تباع تجارياً.

وأعطى استخدام تقنيات الليزر لقياس سرعة الضوء وتشتته صورة دقيقة للغاية للخصائص الكيميائية والفيزيائية للجسيمات المنبعثة من أكياس الشاي.

تم اختبار ثلاثة أنواع من أكياس الشاي. وأطلقت تلك المصنوعة في المقام الأول من البولي بروبلين نحو 1.2 مليار جسيم لكل مليلتر، بمتوسط ​​حجم 136.7 نانومتر.

وأطلقت أكياس السليلوز في المتوسط ​​135 مليون جسيم لكل مليلتر، نحو 244 نانومتر في الحجم.

أطلقت أكياس الشاي المصنوعة من النايلون 6 في العادة 8.18 مليون جسيم لكل مليلتر، بمتوسط ​​حجم 138.4 نانومتر.

كما اختبر الباحثون كيفية تفاعل جزيئات «MNPL» مع الخلايا المعوية البشرية، ووجدوا أنه في الخلايا المنتجة للمخاط كانت مستويات الامتصاص كافية لوصول البلاستيك إلى نواة الخلية. وهو اكتشاف مفيد من حيث تقييم التأثيرات على صحة البلاستيك العائم الآن في أجسامنا.

وكتب الباحثون في ورقتهم المنشورة: «إن التركيب البوليمري لجزيئات البلاستيك الدقيقة والنانوية (MNPL) يؤثر بشكل كبير على تفاعلاتها البيولوجية؛ مما يؤدي إلى استهداف وتأثيرات متنوعة على الأعضاء والأنسجة والخلايا».

وأضافوا: «يمكن أن تؤدي هذه الاختلافات إلى أنماط تراكم محددة، وملامح سمية، واستجابات مناعية، وتأثيرات صحية طويلة الأمد مثل السمية الجينية والسرطان».

ودعا فريق البحث إلى بذل المزيد من الجهود لتوحيد استخدام البلاستيك في تغليف المواد الغذائية من أجل حماية الصحة العامة. في حين لا تزال هناك الكثير من الأسئلة حول التأثيرات، تظهر الأدلة المتزايدة أن الوجود المتزايد لجزيئات بلاستيكية صغيرة يمكن أن يعرّض النظم البيئية وصحتنا للخطر.

ويُعتقد أن البلاستيك الدقيق والنانوي يمكن أن يتداخل مع العمليات الخلوية الطبيعية ويجعل العدوى أكثر احتمالية. وأظهرت الدراسات أيضاً أن وجود بلاستيك في الأمعاء مرتبط بحالات مثل مرض التهاب الأمعاء (IBD).

وقال الباحثون: «مع استمرار ارتفاع استخدام البلاستيك في تغليف المواد الغذائية، يجب على البحث العلمي وصنع السياسات معالجة التحديات التي يفرضها تلوث MNPL لضمان سلامة الغذاء ورفاهية المستهلك».