فقر الدم المنجلي... علاج جيني واعد وأبحاث على أدوية مطورة

في اليوم العالمي له

فقر الدم المنجلي... علاج جيني واعد وأبحاث على أدوية مطورة
TT
20

فقر الدم المنجلي... علاج جيني واعد وأبحاث على أدوية مطورة

فقر الدم المنجلي... علاج جيني واعد وأبحاث على أدوية مطورة

يوم التاسع عشر من شهر يونيو (حزيران) من كل عام، هو «اليوم العالمي لفقر الدم المنجلي» ويتم الاحتفال به سنوياً بهدف زيادة الوعي به، بوصفه من المشكلات الصحية المنتشرة في العالم، والتعرف على ماهية مرض فقر الدم المنجلي، من حيث الأسباب والأعراض وعواقب المرض، وتقديم معلومات حول كيفية الوقاية والعلاج، وأهمية الفحص المبكر، ودعم الأفراد المصابين بهذا المرض، بالدعوة إلى تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي لهم ولأسرهم، وتوفير الرعاية اللازمة لهم. كما يتم في هذه المناسبة تشجيع البحث العلمي، وحث العلماء والباحثين على إجراء مزيد من الدراسات لتحسين العلاجات، وإيجاد حلول جديدة للمرض، وتعزيز التوجيهات والبرامج الوقائية والعلاجية له.

فقر الدم المنجلي

فَقْرُ الدَّمِ المِنْجَلِي، أو الأنيميا المنجلِيّة (Sickle cell anemia) اضطراب وراثي في خلايا الدم الحمراء، ينتج عنه تكوين خلايا دم حمراء غير طبيعية، تحمل نوعاً مختلفاً من الهيموغلوبين، وهو البروتين الأساس في كريات الدم الحمراء الذي يحمل الأكسُجين وينقله من الرئتين إلى أنسجة الجسم، ما يؤدي إلى تغير شكل كريات الدم الحمراء، من دائرية ملساء مرنة إلى شكل الهلال أو المنجل (ومن هنا جاءت تسمية فقر الدم المنجلي).

تصبح كريات الدم الحمراء قليلة المرونة وشديدة الالتصاق بأغشية الأوعية الدموية (HB S)، والالتصاق بعضها ببعض، وتسد الأوعية الدموية، مسببة آلاماً شديدة، وتلفاً للأعضاء، وزيادة خطر العدوى.

يبدأ ظهور علامات المرض خلال السنة الأولى من العمر، عادة في نحو 5 أشهر من العمر. وقد تشمل الأعراض المبكرة لفقر الدم المنجلي التورم المؤلم في اليدين والقدمين.

حقائق ومفاهيم محدثة

• «الانتشار»: تشير تقارير المعهد الوطني للقلب والرئة والدم، إلى أن فقر الدم المنجلي يؤثر على ما يقرب من 100 ألف شخص في الولايات المتحدة، والملايين في جميع أنحاء العالم.

• «ليس من الضروري أن تكون أسودَ حتى تصاب بالخلية المنجلية»: صحيح أن مرض فقر الدم المنجلي ارتبط منذ فترة طويلة بالأشخاص المنحدرين من أصل أفريقي، ولكن يمكن العثور عليه أيضاً لدى الأعراق الأخرى. ولهذا يتم اختبار جميع الأطفال المولودين في الولايات المتحدة لفحص فقر الدم المنجلي، كجزء من فحص حديثي الولادة الذي يتم إجراؤه بعد الولادة بفترة قصيرة، ويمكن أن يؤدي إلى منع حدوث مضاعفات خطيرة.

• «إنه مرض وراثي»: إما أن يولد الناس به وإما لا يحدث ذلك. إذا وُلدتَ مصاباً بمرض فقر الدم المنجلي، فإن كلا والديك يحملان سمة الخلية المنجلية (أو أحد الوالدين يحمل سمة الخلية المنجلية، والآخر يحمل سمة هيموغلوبين أخرى). لا يمكن للشخص المصاب بسمة الخلية المنجلية أن يصاب بمرض الخلية المنجلية، ولكن يمكنه نقل الجين إلى أطفاله.

آلام وإصابات

• «الخلية المنجلية تسبب أكثر من مجرد الألم»: يمكن أن يتأثر بسببها كل عضو في الجسم، وأهمها خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وأمراض العيون، وحصوات المرارة، والالتهابات البكتيرية الخطيرة، وفقر الدم، على سبيل المثال لا الحصر. والأطفال المصابون بمرض فقر الدم المنجلي معرضون لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية أعلى بكثير من غير المصابين. ولهذا يستخدم الأطباء الموجات فوق الصوتية للدماغ، لفحص وتحديد الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وبدء العلاج لمنع المضاعفات.

• «المضادات الحيوية تغير متوسط العمر المتوقع»: يتعرض الأشخاص المصابون بمرض الخلايا المنجلية لخطر متزايد للإصابة بالعدوى البكتيرية الخطيرة. ويعد المضاد الحيوي البنسلين (يؤخذ مرتين يومياً خلال السنوات الخمس الأولى من الحياة) منقذاً للحياة، ويؤدي إلى تغيير مسار المرض.

• «التأثير على الدورة الشهرية لدى المراهقات المصابات بالمرض»: قد لا تبدأ الدورة في متوسط سن قريناتهن، وقد تكون لديهن أقصر فترة وأقل نزفاً، وتكون سبباً في نوبة من الألم بسبب انسداد الأوعية الدموية الحاد.

• «التأثير على الخصوبة»: من الصعب على مرضى الخلايا المنجلية الحمل، فقد يتعلق السبب بالمرض نفسه أو بعلاجاته.

خيارات علاجية

- «الدراسات البحثية جارية للعثور على خيارات علاجية إضافية»: ومنها عمليات نقل الدم، ودواء «هيدروكسي يوريا»، وعلاجات تحرير (قصّ) الجينات، مثل علاجات «Casgevy» و«Lyfgenia» (حديثاً، وافقت عليهما إدارة الغذاء والدواء الأميركية «FDA» في عام 2023) وتعمل عن طريق إزالة الخلايا من نخاع العظم وتعديلها وإعادتها إلى المريض. وهي تعمل على تغيير حياة الأشخاص المصابين بالخلايا المنجلية، وتتيح لهم العيش حياة أطول مع مضاعفات أقل.

- «في السنوات المقبلة، يبدو العلاج الجيني علاجاً واعداً للخلايا المنجلية»: زرع النخاع العظمي (المعروف أيضاً باسم الخلايا الجذعية) هو العلاج الوحيد. وقد جاء أفضل نجاح من المتبرعين الذين هم أشقاء، يتطابق تركيبهم الجيني مع الشخص المصاب بمرض فقر الدم المنجلي.

مفاهيم خاطئة حول المرض

- «هناك علاج نهائي لفقر الدم المنجلي»: حالياً، لا يوجد علاج نهائي؛ لكن هناك بحوثاً تُجرى حول زرع نخاع العظم، والعلاج الجيني، واكتشاف أدوية جديدة.

- «استخدام مكملات الحديد»: يجب عدم استخدام مكملات الحديد لمعالجة الأنيميا المنجلية دون استشارة الطبيب؛ لأنها قد تسبب ضرراً.

- «هناك تطعيم وقائي»: لا يوجد لقاح لهذا المرض؛ لأنه ينتقل عن طريق جينات الوالدين.

- «حامل المرض يمتنع عن الزواج لخطورة انتقال المرض إلى الأطفال»: من الممكن لحامل المرض الزواج من شخص سليم (غير حامل للمرض) وإنجاب أطفال أصحاء.

تحديات المرضى

إن من الأهداف المهمة لليوم العالمي لفقر الدم المنجلي، مناقشة التحديات التي يواجهها المصابون به، والعمل على رفع مستوى الوعي، وتصحيح المفاهيم المغلوطة عنه، بالإضافة إلى تسليط الضوء على أهمية الفحص الطبي قبل الولادة، لمعرفة ما إذا كان الجنين سيصاب بالمرض، أم سيحمل الصفات الوراثية فقط.

ويواجه المصابون بفقر الدم المنجلي كثيراً من التحديات، منها:

- الألم المزمن: يتسبب المرض في معاناة المريض من ألم شديد ومزمن، بسبب انسداد الأوعية الدموية.

- نوبات الأزمة: وعادة ما تكون طارئة وحادة، وتتطلب تدخلاً طبياً عاجلاً.

- التأثير على الحياة اليومية: القيود على الأنشطة اليومية بسبب الإرهاق وآلام المفاصل.

- الحاجة إلى العناية الطبية المستمرة: من خلال القيام بزيارات متكررة للطبيب والمستشفى.

- الوصمة الاجتماعية: لا يزال هذا المرض والمصابون به يعانون من نظرة المجتمع السلبية تجاههم.

أسئلة شائعة حول فقر الدم المنجلي

- ما الفرق بين الأنيميا المنجلية وأنيميا نقص الحديد (فقر الدم)؟

في الأنيميا المنجلية يحدث تكسر لكريات الدم الحمراء، بينما في فقر الدم تكون خلايا الدم الحمراء سليمة؛ لكن عددها أقل من المستوى الطبيعي.

- هل هناك فرق بين حامل المرض والمصاب به؟ نعم، حامل مرض الخلايا المنجلية هو وارث لنسخة واحدة من الجين المسبب للمرض من أحد الوالدين. أما المصاب بمرض الخلايا المنجلية فهو وارث للجين من كلا الوالدين.

- هل يمكن أن يتطور الشخص من حامل لمرض الخلايا المنجلية إلى مصاب به؟ لا، لا يمكن أن يتطور الوضع في الشخص من حامل للمرض إلى مصاب به؛ لكن حاملي مرض الخلايا المنجلية يمكنهم تمرير الجين لأطفالهم.

- ما هي الاحتياطات التي يجب أن يتخذها الشخص الحامل للمرض عند ممارسة الرياضة؟ يجب أن يأخذ في الاعتبار الاحتياطات نفسها التي يمكن أن تمنع الإصابات والأمراض المرتبطة بالتمارين. وتشمل: مراعاة الحرارة والرطوبة، وشرب السوائل الكافية، وأخذ الراحة حسب الحاجة، وعدم تجاوز المستوى الحالي من اللياقة البدنية.

مرض وراثي يتسبب في أخطار الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض العيون وحصوات المرارة

فقر الدم المنجلي

دور الأفراد والمجتمع

إن الأفراد والمجتمعات مطالبون بإبراز دورهم ومشاركتهم ودعمهم لمرضى فقر الدم المنجلي، في هذا اليوم العالمي، من خلال العمل الجماعي لمكافحة فقر الدم المنجلي. ومن ذلك:

- المشاركة في الفعاليات: ومنها حضور ورشات العمل والندوات التي تتحدث عن المرض.

- دعم المصابين: بتقديم الدعم النفسي والمعنوي لهم ولأسرهم.

- التبرع: التبرع للجمعيات الخيرية التي تعمل على مساعدة المصابين بفقر الدم المنجلي.

- تشجيع اختبارات الكشف المبكر للمصابين بالفقر المنجلي.

- توفير الرعاية الطبية اللازمة للأفراد المصابين بهذا المرض.

- نشر الوعي الصحي والتثقيف حول أهمية الفحص قبل الزواج، واختبار الحامل، لتقليل انتقال الجينات المسببة للمرض.

أما عن دور المنظمات في مكافحة فقر الدم المنجلي، فإن كثيراً من المنظمات الصحية، مثل منظمة الصحة العالمية، والاتحاد الدولي لفقر الدم المنجلي، تبذل جهوداً متواصلة لمكافحة هذا المرض، من خلال:

- تنظيم حملات توعية: للمجتمعات والأفراد حول المرض وكيفية التعامل معه.

- توفير الفحوصات الطبية: مثل فحوصات ما قبل الزواج، والفحوصات المبكرة للأطفال حديثي الولادة.

- تطوير العلاجات: البحث عن علاجات جديدة، وتحسين العلاجات الحالية، بما في ذلك الأدوية والعلاج الجيني.

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

هل تناول المغنيسيوم يكون آمناً أثناء الحمل؟

صحتك يدعم المغنيسيوم صحة الحامل والجنين خلال فترة الحمل (رويترز)

هل تناول المغنيسيوم يكون آمناً أثناء الحمل؟

المغنيسيوم هو أحد المعادن الأساسية السبعة بالجسم وخلال فترة الحمل يدعم صحة الحامل والجنين كما يساعد في وظائف الأعصاب والعضلات وتقوية العظام

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق ما الفرق بين مخفوق البروتين بالماء أو بالحليب؟ (رويترز)

أيهما أفضل شرب مخفوق البروتين مع الحليب أم الماء؟

يُعدّ شرب مخفوقات البروتين طريقة سهلة لزيادة استهلاكك من البروتين ودعم بناء العضلات وصحة العظام وفقدان الوزن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مركبات الأنثوسيانين في التوت الأزرق لا تُعزز المناعة فحسب بل تُثبط نمو خلايا سرطان الكبد في المختبر وفق دراسات مخبرية (رويترز)

10 أطعمة تُنقّي كبدك وتبعد عنه شبح الأمراض

الكبد هو محطة الجسم الحيوية التي تُنظِّم التمثيل الغذائي. إليكم 10 أطعمة ومشروبات ذات تأثيرات وقائية وعلاجية مذهلة للكبد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك المفوضية الأوروبية تجيز عقار «ليكانيماب» لعلاج مرض ألزهايمر (د.ب.أ)

المفوضية الأوروبية توافق على عقار «ليكانيماب» لعلاج ألزهايمر

وافقت المفوضية الأوروبية على عقار «ليكانيماب» لعلاج مرض ألزهايمر، وهي المرة الأولى التي تجيز فيها علاجاً يستهدف العمليات المرضية الكامنة وراء المرض.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
صحتك د. شيويه تشن تشانغ والدكتورة آنا أنجيلوفا فولبوني (كلية كينغز لندن)

أسنان مزروعة في المختبر بديلة للحشوات

قفزة نوعية في مجال طب الأسنان تلوح في الأفق؛ إذ يمكن للسن المزروعة في المختبر، والمصنوعة من خلايا المريض نفسه، أن تندمج بسلاسة في الفك.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

من بينها «الفياغرا»... 5 أدوية ولقاحات لها تأثيرات مفاجئة للوقاية من ألزهايمر

أدوية ولقاحات لها تأثير مدهش في الوقاية من الخرف (رويترز)
أدوية ولقاحات لها تأثير مدهش في الوقاية من الخرف (رويترز)
TT
20

من بينها «الفياغرا»... 5 أدوية ولقاحات لها تأثيرات مفاجئة للوقاية من ألزهايمر

أدوية ولقاحات لها تأثير مدهش في الوقاية من الخرف (رويترز)
أدوية ولقاحات لها تأثير مدهش في الوقاية من الخرف (رويترز)

أحياناً، قد يبدو أن التقدم في السن يجلب قائمة لا تنتهي من الفحوصات الطبية. تصبح بعض اللقاحات واجبة، ويتعين إجراء فحوصات بشكل مستمر، ناهيك باقتراحات الأطباء لبدء دورة علاجية جديدة.

وكثيراً ما يتم التحذير من الآثار طويلة المدى لبعض الأدوية، ولكن يبدو أن هناك بعض اللقاحات أو الأدوية، التي تصبح ملزمة في منتصف العمر، تحمل خصائص وقائية تتخطى الهدف المحدد لها، خصوصاً للدماغ، وفق ما نشرت صحيفة «تليغراف» البريطانية.

وفيما يلي بعض التطعيمات والأدوية التي تؤخذ عادةً في منتصف العمر لأسباب مختلفة، لكن لها تأثير إيجابي على يبدو في الوقاية من ألزهايمر:

1- لقاح القوباء المنطقية

كشفت دراسة جديدة من جامعة ستانفورد، نُشرت في مجلة «نيتشر»، عن أن التطعيم ضد هذه القوباء (وهو طفح فيروسي مؤلم) في منتصف العمر وحتى أواخره، يمنع حدوث حالة واحدة من كل خمس حالات خرف جديدة على مدى السنوات السبع المقبلة، وذلك استناداً إلى فحص السجلات الصحية الإلكترونية.

وأثارت هذه النتائج ضجة كبيرة لدرجة أن الدكتور باسكال غيلدستزر، عالم الأوبئة في جامعة ستانفورد الذي أجرى الدراسة، صرّح لصحيفة «تليغراف» بأنه يسعى الآن لجمع التبرعات من المؤسسات الخاصة والمحسنين لاختبار ما إذا كان لقاح القوباء المنطقية قادراً على منع التدهور المعرفي بشكل قاطع في تجربة سريرية. وقال: «هذا ما نحتاج إليه لإقناع مجتمع الصحة العامة والطب حقاً».

وليس الدكتور غيلدستزر الشخص الوحيد الذي اكتشف أدلة على أن لقاحات القوباء المنطقية قد تساعد على حماية الدماغ من الخرف. ففي العام الماضي، وجدت دراسة أخرى أن لقاح شينغريكس، لكل من تزيد أعمارهم على 65 عاماً، يؤدي إلى انخفاض خطر الإصابة بالخرف بنسبة 17 في المائة مقارنةً بلقاحات القوباء المنطقية القديمة.

وفي حين أن الفوائد تبدو حقيقية للغاية، لا يزال العلماء يحاولون معرفة ما يحدث بالضبط.

في السنوات الأخيرة، ازدادت التكهنات بأصل مرض ألزهايمر المُعدي، وشرح الدكتور غيلدستزر أنه من المحتمل أن فيروس الحماق النطاقي -وهو الفيروس المسبِّب للقوباء المنطقية والذي يُسبب أيضاً جدري الماء لدى الأطفال، والذي يبقى كامناً في الجهاز العصبي لعقود -قد ينشط مجدداً مع ضعف أجهزتنا المناعية مع التقدم في السن، مما يُلحق أضراراً بالدماغ.

وقال: «هناك أدلة تُشير إلى دور هذا الفيروس في كل من الخرف الوعائي ومرض ألزهايمر».

وقد كشفت أبحاث الدكتور غيلدستزر عن نتيجة إضافية، وهي أن التأثير الوقائي للقاح القوباء المنطقية يبدو أكبر بكثير لدى النساء مُقارنةً بالرجال.

ولفت إلى أن «هذا قد يُعزى إلى اختلافات بين الجنسين في الاستجابة المناعية، حيث تُبدي النساء في المتوسط ​​استجابات أعلى للأجسام المضادة للقاح. ولكن قد يكون أيضاً بسبب طريقة تطور الخرف. نعلم أن القوباء المنطقية والخرف أكثر شيوعاً لدى النساء مُقارنةً بالرجال».

2- الستاتينات

لا تُعدّ الستاتينات من أكثر الأدوية شيوعاً، إذ يُعرب الناس غالباً عن مخاوفهم من الإصابة بآلام العضلات والمفاصل، إلا أن دراسة جديدة ومهمة من كوريا الجنوبية أشارت إلى دافع إضافي لتناولها.

استناداً إلى بيانات صحية لأكثر من 570 ألف كوري، أظهرت الدراسة أن أدوية خفض الكوليسترول قللت من خطر الإصابة بالخرف بنسبة 13 في المائة، حتى لدى الأشخاص الذين لديهم مستويات منخفضة نسبياً من الكوليسترول الضار (LDL).

ووفقاً للدكتور فرانشيسكو تامانيني، خبير الخرف في جامعة «ريدينغ»، قد يُشير هذا إلى نظرية ناشئة يُمكن ربطها بكثير من حالات مرض ألزهايمر، وهو الشكل الأكثر شيوعاً للخرف.

تُسمى هذه النظرية «نموذج غزو الدهون» لمرض ألزهايمر، وتتمثل فكرتها في أن حاجز الدم الدماغي، وهو طبقة الخلايا التي تفصل الدماغ عن الدورة الدموية، يصبح أكثر نفاذية مع التقدم في السن.

قد يكون هذا نتيجة للإفراط في شرب الكحول طوال العمر، على سبيل المثال، أو إصابات الرأس المتكررة الناتجة عن الرياضة أو الحوادث.

وتسمح هذه النفاذية المتزايدة لجزيئات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL) بالمرور من الدم إلى الدماغ، مما يُحفّز تلف الخلايا. يقول الدكتور تامانيني: «لا يتحمل الدماغ الكوليسترول الضار إطلاقاً».

وأضاف: «يحتوي الدماغ على نسبة عالية من الكوليسترول، لكن جزيئات كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL) هي الأصغر حجماً. ولكن دخول جزيئات LDL الأكبر حجماً يُعطّل وظائف الخلايا العصبية. وهذا يُفسر لماذا تُقلل أدوية مثل الستاتينات، التي تُقلل من كمية LDL في الدم، من خطر الإصابة».

3- الفياغرا

قد يكون لمستخدمي الفياغرا بانتظام تأثيرات تتجاوز مجرد تعزيز الانتصاب لدى الرجال، حسب التقرير.

ففي الصيف الماضي، كشفت دراسة جديدة عن أن الفياغرا يُمكن أن تزيد من تدفق الدم في الأوعية الدموية الكبيرة والصغيرة في الدماغ، كما تم قياسه من خلال فحوصات الموجات فوق الصوتية والتصوير بالرنين المغناطيسي، ويبدو أنها تُقلل من مقاومة الأوعية الدموية، وهو أمر يُساهم في الإصابة بالخرف الوعائي.

كشفت دراسة جديدة عن أن الفياغرا يُمكن أن تزيد من تدفق الدم بالأوعية الدموية الكبيرة والصغيرة في الدماغ
كشفت دراسة جديدة عن أن الفياغرا يُمكن أن تزيد من تدفق الدم بالأوعية الدموية الكبيرة والصغيرة في الدماغ

وقال أليستير ويب، استشاري الأعصاب في هيئة الخدمات الصحية الوطنية والذي قاد الدراسة: «قد يكون ذلك مفيداً من خلال عكس خلل الأوعية الدموية الصغيرة الذي يحدث مع تقدم العمر، وهو السبب الأكثر شيوعاً للخرف الوعائي».

وأضاف: «من خلال توسيع الأوعية الدموية الصغيرة، يمكن أن يساعد أيضاً على تقليل الضغط على الأوعية الدموية الكبيرة وعكس تصلبها المتزايد مع التقدم في السن».

وقد تُقدّم أدوية ضعف الانتصاب فوائد أوسع لأنواع أخرى من الخرف. تُجري حالياً تجربة سريرية رئيسية من المرحلة الثالثة تُسمى «POLARIS-AD » اختباراً لدواء «AR1001» على مرضى مصابين بمرض ألزهايمر في مراحله المبكرة. وهذا الدواء، الذي تُصنّعه شركة« AriBio»، مُعتمد حالياً في كوريا الجنوبية لعلاج ضعف الانتصاب.

وفي حين يُعتقد أيضاً أن مشكلات الأوعية الدموية تُسهم في مرض ألزهايمر، قال الدكتور تامانيني إن أدوية ضعف الانتصاب يُمكنها أيضاً زيادة إنتاج هرمون قوي يُسمى أكسيد النيتريك.

وأوضح أن «هذا الهرمون مُرتبط في الواقع بدور الدماغ في ترسيخ الذاكرة. لو خُيّرتُ بين المُراهنة على دور الفياغرا والأدوية الأخرى في تقليل خطر الإصابة بالخرف، لراهنتُ على أكسيد النيتريك».

4- أوزمبيك

هل يُمكن أن يكون السيماغلوتيد الدواء المُعجزة لهذا العقد؟ إلى جانب كونه دواءً يُحتمل أن يُحدث نقلة نوعية في إنقاص الوزن، هناك بعض الاقتراحات الصادقة بأن السيماغلوتيد -الذي يُسوّق باسم أوزمبيك لمرض السكري من النوع الثاني، وويغوفي للسمنة- يُمكن أن يُساعد على تقليل خطر الإصابة بمرض ألزهايمر.

ينبع هذا الضجيج من دراستين بارزتين نُشرتا الصيف الماضي. وجدت الأولى أن مرضى السكري الذين يتناولون السيماغلوتيد لديهم خطر أقل بكثير للإصابة بمرض ألزهايمر وأشكال أخرى من الخرف مُقارنةً بمن يتناولون دواءً آخر للسكري يُسمى سيتغلبتين.

يُمكن لأوزمبيك أن يُساعد على تقليل خطر الإصابة بمرض ألزهايمر (رويترز)
يُمكن لأوزمبيك أن يُساعد على تقليل خطر الإصابة بمرض ألزهايمر (رويترز)

ووجدت الثانية أن مرضى ألزهايمر الذين تلقوا حقناً يومية من ليراغلوتيد -وهو دواء مُشابه للسيماغلوتيد ويُحاكي أيضاً هرمون «GLP-1 المعوي»- على مدار عام، عانوا من انكماش دماغي أقل بنسبة 50 في المائة مُقارنةً بمن تلقوا علاجاً وهمياً.

ووفقاً لأستاذ علم الأعصاب في كلية «إمبريال كوليدج لندن»، بول إديسون، فإن التأثيرات الوقائية للدماغ للسيماغلوتيد وأدوية GLP-1 الأخرى لا تقتصر على فقدان الوزن فحسب.

ويوضح إديسون أن هناك أنواعاً متعددة من الخلايا في الدماغ يمكن لهذه الأدوية الارتباط بها، وتشير الدراسات على الحيوانات إلى قدرتها على إزالة البروتينات السامة وتحفيز الخلايا العصبية على إصلاح نفسها.

وقال إديسون: «نعتقد أنه دواء وقائي فعال للأعصاب. يبدو أنه ينشط مجموعات مختلفة من الإنزيمات، مما يقلل الالتهاب ويعزز الذاكرة في النهاية».

ومن المتوقع أن نحصل قريباً على مزيد من الأدلة الملموسة. وأطلقت شركة الأدوية الدنماركية «نوفو نورديسك» دراستين من المرحلة الثالثة، تُسميان «إيفوك» و«إيفوك+»، وتجريان في 40 دولة منذ أكثر من ثلاث سنوات، لمعرفة ما إذا كان لدواء السيماغلوتيد تأثير إيجابي على مرض ألزهايمر المبكر. ومن المتوقع صدور النتائج العام المقبل.

5. لقاح BCG (لقاح مرض السل)

اتضح أن الهربس النطاقي ليس اللقاح الوحيد الذي قد يُحدث فرقاً. فقد سلّطت دراسة، استطلع فيها العلماء بيانات صحية لأكثر من 130 مليون شخص؛ بحثاً عن أدوية ذات خصائص تقي من الخرف، الضوء على لقاح BCG لمرض السل بوصفه وسيلة محتملة لتأخير التدهور المعرفي.

ومع ذلك، قال الدكتور بن أندروود، الباحث في طب نفس الشيخوخة بجامعة كمبردج ومؤلف الدراسة، إنه غير مقتنع بوجود صلة مباشرة بين بكتيريا السل والخرف.

وبدلاً من ذلك، يشتبه في أن اللقاح، الذي استُخدم طبياً لأول مرة عام 1921، والذي يحق لمعظم الناس الحصول عليه، له تأثير أوسع في تعزيز المناعة.

وأضاف أندروود: «ربما يكون للتطعيم تأثير أعم، إذ يُعزز جهاز المناعة ويمنحك حماية أكبر».