الأزمة التنفسية والفشل الرئوي لدى الأطفال

تحدث نتيجة نقص في نمو أجهزة الوليد أو الرضيع

الأزمة التنفسية والفشل الرئوي لدى الأطفال
TT

الأزمة التنفسية والفشل الرئوي لدى الأطفال

الأزمة التنفسية والفشل الرئوي لدى الأطفال

رغم شهرة لفظ الأزمة التنفسية Respiratory distress فإن المعلومات عنه غير معروفة. وهو عرض خطير يمكن أن يؤدي إلى الفشل الكامل في وظائف الجهاز التنفسي وحدوث الوفاة إذا لم يتم علاجه بالشكل المناسب. وهو يمثل التشخيص الأولي لما يقرب من 50 في المائة من الأطفال الذين يتم حجزهم في وحدة العناية المركزة، وسبب شائع لحدوث السكتة القلبية الرئوية cardiopulmonary arrest عند الأطفال.

فشل الجهاز التنفسي الحاد

في الأغلب يكون تكرار فشل الجهاز التنفسي الحاد أكثر عند الرضع وفي مرحلة الطفولة المبكرة منه عن الطفولة المتأخرة والمراهقة، وذلك لعدة أسباب أهمها حصوله نتيجة لنقص النمو في الرضع حديثي الولادة لأن الجهاز التنفسي لا يكون قد تم نضجه بشكل كافٍ أو نتيجة للمضاعفات التي تحدث للرضع المبتسرين (الخدج) وتؤثر على جميع أجزاء الجسم بشكل عام ومنها الجهاز التنفسي، نتيجة للانتقال من الحياة داخل الرحم إلى الحياة خارجه قبل اكتمال نمو العديد من أجهزة الجسم.

رغم أن معظم الأطفال يتنفسون بشكل طبيعي عن طريق الأنف منذ الولادة وحتى عمر 2 - 6 أشهر (قد يتنفسون من خلال أفواههم إذا كان ممر الأنف لديهم مسدوداً بطريقة أو بأخرى)، إلا أنه بسبب قرب لسان المزمار من البلعوم الأنفي يمكن أن يؤدي أي احتقان بسيط في الأنف لم يتم علاجه بالشكل المناسب إلى أزمة تنفسية في هذه الفئة العمرية، وذلك لأن لسان المزمار أكبر حجماً وفي وضع أفقي بالنسبة لجدار البلعوم عند الأطفال أكثر منه عند البالغين.

الأسباب والأعراض

هناك اختلاف كبير في أسباب وشدة المرض، ولكن الأزمة تحدث نتيجة لخلل تبادل الغازات الرئوية (الأكسجين وثاني أكسيد الكربون)، إما لنقص الأكسجين (hypoxia) أو زيادة ثاني أكسيد الكربون (hypercapnia) في خلايا الرئة.

ويمكن تصنيف الأسباب حسب العمر خاصة في الأطفال ناقصي النمو لعدم نضج الجهاز التنفسي بشكل كاف أو العيوب الخلقية، سواء في الجهاز التنفسي أو عضلات القفص الصدري أو في الحجاب الحاجز، أو أي سبب يؤدي إلى انسداد مجرى الهواء لإمكانية دخول أي جسم غريب لدى الأطفال عن طريق الخطأ، ما يتسبب في غلق المجرات الهوائية.

ويمكن حدوثها أيضاً نتيجة لأمراض عصبية تجعل حركة عضلات الصدر شديدة الصعوبة (عضلات الصدر ضرورية لعملية التنفس)، ويمكن أيضاً حدوثها نتيجة لخلل في الجهاز العصبي المركزي (CNS) يؤثر بشكل مباشر على الجهاز التنفسي، وأيضاً يمكن للمضاعفات التي تحدث في الرئة نتيجة لمرض يصيب الجهاز التنفسي ولا يتم علاجه بشكل ملائم مثل الالتهاب الرئوي أو الأورام أو مضاعفات الربو والتهاب الشعب الهوائية

أما الاعراض، فتشمل شعور الطفل بالخمول أو الانفعال أو القلق وعدم القدرة على التركيز. وفي الأغلب يجلس الأطفال الذين يعانون من الأزمة التنفسية ويميلون إلى الأمام لتحسين قوة العضلات الإضافية والسماح بحركة الحجاب الحاجز بسهولة لتساعدهم في التنفس.

وفي البداية، تحدث زيادة كبيرة في عدد مرات التنفس في محاولة من الجسم لإدخال أكبر قدر ممكن من الأكسجين للرئتين وحتى يتغلب على صعوبة دخول الهواء. وفي المراحل الأخيرة من الأزمة التنفسية تقل مرات التنفس، ويكون ذلك مؤشراً بالغ السوء لعدم قدرة الجهاز التنفسي على ممارسة وظيفته الأساسية.

وعند الفحص الإكلينيكي يكون صوت الصفير مسموعاً؛ نظراً لضيق الشعب الهوائية، ويمكن أيضاً سماع أصوات أقرب للخشخشة Crackles في الرئة ويحدث عدم انتظام في ضربات القلب، وفي الأغلب تكون بطيئة لعدم وجود أكسجين كاف خاصة في حديثي الولادة، ويحدث ارتفاع في ضغط الدم.

التشخيص والعلاج

يتم عمل قياس لتركيز غازات الدم في الشرايين (ABG) لمعرفة نسبة الأكسجين وثاني أكسيد الكربون لتأكيد الحالة ولتحديد حدوث فشل الجهاز التنفسي من عدمه، ويمكن أيضاً عمل تعداد كامل لخلايا الدم، حيث تشير زيادة كرات الدم الحمراء إلى نقص الأكسجين، ويجب أن يتم قياس المعادن المختلفة في الجسم حيث تشير النسب المنخفضة في البوتاسيوم والكالسيوم والفوسفات إلى خلل في التوازن وأيضاً تشير إلى ضعف انقباض العضلات ومن اللازم عمل أشعة مختلفة لتأكيد التشخيص سواء الأشعة العادية أو المقطعية والرنين المغنطيسي لتشخيص الالتهابات المختلفة وضيق الشعب والحكم على حالة القلب.

أما العلاج، ففي الحالات التي يحدث فيها انسداد في الجزء الأعلى من مجرى الهواء بشكل جزئي (على سبيل المثال بسبب التخدير أو التهاب اللوزتين الحاد) يتم استخدام مجرى الهواء الفموي البلعومي مؤقتاً في حالة إذا كان الطفل فاقداً الوعي، أو تتم إزالة الجسم الغريب إذا كان الطفل قد تناول أي شيء ووضعه في فمه عن طريق الخطأ ووصل إلى القصبة الهوائية.

ثم يتم إعطاء الأدوية المختلفة التي تحسن من استجابة خلايا الرئة وكفاءتها مثل عقار الإبينفرين والكورتيزون. ويتم إعطاء الهيليوكس Heliox (خليط من غاز الهيليوم والأكسجين) لتقليل عمل التنفس ويكون العلاج بالأكسجين هو العلاج الأساسي للحالة، ولكن يتم إعطاؤه تحت ضغط معين وبطريقة معينة، وفي النهاية يتم وضع الطفل على جهاز التنفس الصناعي بعد فشل هذه الطرق للعلاج.

يعتمد تطور الحالة بشكل أساسي على السبب ويمكن أن يكون التطور جيداً ويتحسن الطفل عندما يكون فشل الجهاز التنفسي حدث بشكل حاد لا يرتبط بنقص الأكسجين في الدم لفترات طويلة (على سبيل المثال في حالة نوبة الصرع أو التسمم الغذائي أو الدوائي)، ولكن في حالة حدوث الفشل نتيجة لمرض مزمن أدى إلى نقص معدلات الأكسجين ربما يكون التطور سيئاً وينتهي بالفشل التنفسي الكامل.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

يقول الخبراء إن هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)
هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)
TT

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)
هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)

تظهر الأرقام السنوية ارتفاعاً حاداً في السكتات الدماغية بين أولئك الذين تبلغ أعمارهم 50 عاماً أو أكثر، حيث يلقي الخبراء باللوم على السمنة المتزايدة وارتفاع نسبة الكوليسترول والسكري وسوء نمط الحياة.

إلا أن هناك سبباً آخر رئيسياً يلقي الخبراء باللوم عليه في هذه المشكلة الصحية، وهو التوتر.

وتحدث السكتة الدماغية عندما ينقطع إمداد الدم إلى جزء من المخ، إما بسبب انسداد وإما انفجار وعاء دموي، ما قد يتسبب في موت خلايا المخ. ودون علاج طارئ، يمكن أن تكون السكتة الدماغية قاتلة أو تسبب إعاقات طويلة الأمد مثل الشلل وفقدان الذاكرة ومشكلات التواصل.

لماذا يسبب التوتر السكتة الدماغية؟

يقول الدكتور جوزيف كوان، المتخصص في إعادة تأهيل مرضى السكتة الدماغية: «في حين أنه من الصعب إثبات أن السكتات الدماغية مرتبطة بالتوتر، إلا أن هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية».

ويضيف كوان، الذي يعمل أيضاً استشارياً أول في مركز السكتة الدماغية في مستشفى تشارينغ كروس، أحد أكثر مراكز السكتة الدماغية ازدحاماً في المملكة المتحدة «عندما تكون متوتراً، يكون لديك مستويات أعلى من الأدرينالين؛ ما يرفع ضغط الدم، ويزيد من الالتهاب في الجسم، وكلاهما يتلف الشرايين، ويعد من عوامل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية».

ولفت كوان إلى أن الأشخاص المصابين بالتوتر غالباً ما يلجأون لسلوكيات تزيد أيضاً من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، في محاولة منهم لتقليل توترهم.

ومن بين هذه السلوكيات شرب الكحول والتدخين وتناول الوجبات السريعة غير الصحية ومشاهدة التلفزيون، ومن ثم كثرة الجلوس وقلة ممارسة الرياضة.

ويقول كوان: «قديماً، كان الناس يعودون إلى المنزل من العمل، ويتناولون العشاء، ويذهبون في نزهة، ويقابلون بعض الأصدقاء، ويخرجون للرقص - ولكن الآن يعودون إلى المنزل، ويسكبون لأنفسهم كأساً من النبيذ، ويأكلون ويشاهدون التلفزيون».

ويضيف: «لقد جعل توصيل الطعام الوضع أسوأ - لست مضطراً حتى إلى مغادرة المنزل لتناول الطعام غير الصحي».

ما العوامل الأخرى التي تلعب دوراً في الإصابة بالسكتات الدماغية؟

تشمل المشكلات الصحية التي تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية ارتفاع ضغط الدم، والرجفان الأذيني (نوع من عدم انتظام ضربات القلب)، وارتفاع نسبة الكوليسترول والسكري.

ويقول كوان إن قلة النوم هي عامل خطر رئيسي للإصابة بالسكتات الدماغية، وكذلك السمنة، ولكن التوتر يغذي كل هذه العوامل.

ويضيف: «عندما تكون متوتراً، لا تنام جيداً وتكون أقل عرضة لممارسة الرياضة والعناية بجسمك».

كيف يمكن أن نتصدى للسكتة الدماغية في منتصف العمر؟

وفقاً للدكتور كوان، يحتاج الأشخاص في منتصف العمر إلى البدء في تناول الطعام بشكل أفضل، وممارسة لمزيد من التمارين الرياضية - والتوقف عن التوتر الشديد ومعالجة ارتفاع ضغط الدم والكولسترول.

ويقول: «لقد عرفنا خلال السنوات العشر الماضية أن أعداد المصابين بالسكتة الدماغية في الفئة العمرية من 45 إلى 55 عاماً تزداد بشكل أسرع من الفئات العمرية الأكبر سناً. إنهم يأتون إلى قسمي بسكتات دماغية حادة جداً».

ويضيف: «إنهم يميلون إلى الإصابة بجميع عوامل الخطر التقليدية المرتبطة بهذه المشكلة الصحية، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والتدخين والتوتر، ومع ذلك فإن ما يذهلني في هذه الفئة العمرية هو الانخفاض الشديد في النشاط البدني».

وينصح كوان الأشخاص بمتابعة قياسات ضغط الدم والكولسترول الخاصة بهم باستمرار، وكذلك قياس أوزانهم والسعرات الحرارية التي يتناولونها وعدد الخطوات التي يمشونها يومياً.