هل صحيح أن العسل يعالج الحساسية الموسمية؟ بحث علمي يجيب

هل صحيح أن العسل يعالج الحساسية الموسمية؟ بحث علمي يجيب
TT

هل صحيح أن العسل يعالج الحساسية الموسمية؟ بحث علمي يجيب

هل صحيح أن العسل يعالج الحساسية الموسمية؟ بحث علمي يجيب

يتمتع العسل بتاريخ طويل كعلاج طبيعي محترم في العديد من الثقافات. فقد أدركت الحضارات القديمة إمكاناته العلاجية، فوظفته في أغراض طبية مختلفة؛ على سبيل المثال، استخدمه قدماء الآشوريين والمصريين والصينيين واليونانيين والرومان لشفاء الجروح. وتواصل العديد من الثقافات اليوم استخدامه كعلاج لالتهاب الحلق والسعال. فيما يؤكد بعض الناس أيضًا أن العسل يمكن أن يخفف من أعراض حمى القش (الحساسية الموسمية).

ويدعي المدافعون عن هذه الطريقة أن العسل يمكن أن يساعد بفضل خصائصه المزعومة المضادة للالتهابات والمضادة للحساسية (على الرغم من عدم وجود أدلة تجريبية على ذلك).

ماذا يقول العلم في الواقع عن هذا العلاج القديم؟

لقد أسفرت الأبحاث الحديثة حول قدرة العسل على تخفيف أعراض حمى القش عن نتائج مثيرة للاهتمام والتي تستحق بالتأكيد المزيد من الاستكشاف.

وأن أحد الجوانب الرائعة التي يتم التحقيق فيها هو قدرة العسل على العمل كشكل من أشكال العلاج المناعي؛ وهي استراتيجية علاجية تهدف إلى تعديل استجابة الجهاز المناعي لمسببات الحساسية.

ويتضمن العلاج المناعي تعريض الجهاز المناعي لجرعات متزايدة تدريجيًا من مسببات الحساسية، مثل حبوب اللقاح، بطريقة خاضعة للرقابة؛ يساعد هذا التعرض على إزالة حساسية الجهاز المناعي بمرور الوقت، ما يقلل من فرط الحساسية ومن ردود الفعل التحسسية. وذلك وفق ما ذكر موقع «the conversation» العلمي المرموق.

حمى القش:

كيف يمكن للعلاج المناعي أن يساعد المرضى الذين لا يحصلون على الراحة من العلاجات المعتادة؛ على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين تناولوا العسل المحلي يوميًا لمدة أربعة أسابيع إلى جانب أقراص الحساسية لديهم تحسن كبير في أعراض حمى القش مقارنة بأولئك الذين تناولوا أقراص الحساسية فقط.

وتعتبر خصائص العسل المضادة للالتهابات ذات أهمية كبيرة عندما يتعلق الأمر بحمى القش.

وفي هذا الاطار، يحتوي العسل على مركبات نشطة بيولوجيًا مختلفة، بما في ذلك مركبات الفلافونويد والأحماض الفينولية، والتي لها تأثيرات مضادة للالتهابات. فيما تعمل هذه المركبات عن طريق منع الالتهابات في الجسم، ما قد يساعد في تقليل العديد من الأعراض الناجمة عن رد الفعل التحسسي (مثل انسداد الأنف أو سيلانه).

كما يحتوي العسل أيضًا على مجموعة غنية من مضادات الأكسدة، مثل البوليفينول. حيث تعمل مضادات الأكسدة هذه على التخلص من الجذور الحرة الضارة (وهي جزيئات غير مستقرة قد تلحق الضرر بالخلايا وتسبب الالتهاب). ومن خلال تحييد الجذور الحرة، قد يساعد العسل في حماية الخلايا والأنسجة من التلف، ما يقلل من الالتهابات التحسسية (وأعراض الحساسية).

ويحتوي العسل أيضًا على خصائص البريبايوتك، والتي قد تفسر أيضًا إمكاناته في إدارة أعراض حمى القش.

والبريبايوتك هي مواد تعزز نمو ونشاط بكتيريا الأمعاء المفيدة، ما يعزز صحة الأمعاء.

وتشير الأدلة الناشئة إلى أن خصائص البريبايوتيك الموجودة في العسل قد تغير تكوين ووظيفة الكائنات الحية الدقيقة في الأمعاء.

وتعد الكائنات الحية الدقيقة المعوية الصحية ضرورية للحفاظ على نظام مناعة متوازن ومنع الاستجابات المناعية الشاذة بما في ذلك ردود الفعل التحسسية. ومن خلال تعزيز نمو بكتيريا الأمعاء المفيدة وتعزيز وظيفة الأمعاء، قد يؤثر العسل بشكل غير مباشر على مدى شدة تفاعلنا مع حبوب اللقاح الموسمية.

ما يجب مراعاته

لا يتم إنتاج كل العسل على حد سواء. فقد يؤثر مصدره وكيفية معالجته على إمكاناته العلاجية.

وغالبًا ما يتم تفضيل العسل الخام، الذي يخضع للحد الأدنى من المعالجة ويحتفظ بالمزيد من مركباته الطبيعية، لفوائده الصحية المحتملة.

يمكن أن يختلف تكوين العسل أيضًا اعتمادًا على أنواع النباتات التي يزورها النحل.

وقد يحتوي العسل أحادي الزهرة، المشتق بشكل أساسي من رحيق نوع نباتي واحد، على مركبات محددة توفر مزايا علاجية مقارنة بالأصناف متعددة الأزهار (المشتقة من أنواع نباتية متعددة). فإذا كنت تفكر في استخدام العسل للمساعدة في تخفيف أعراض حمى القش، من المهم أن تأخذ في الاعتبار بعض الاعتبارات العملية وتوخي الحذر. .

وتوصي الأبحاث بتناول 1 غرام من العسل لكل كيلوجرام من وزن الجسم يوميًا حتى يكون له أي تأثير؛ فبالنسبة لشخص يزن 80 كلغم، فإن ذلك يعني أربع ملاعق كبيرة من العسل يوميًا.

من أجل ذلك، توصي الدراسات أيضًا بتناول العسل قبل موسم حمى القش وطواله للحصول على أقصى استفادة من الأعراض.

ومن المهم ملاحظة أن العسل قد لا يكون مناسبًا للجميع. لذا يجب ألا يتناول الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عام واحد العسل بسبب خطر التسمم الغذائي، وهو مرض نادر ولكنه خطير. كما انه يجب على الأشخاص الذين يعانون من حمى القش الشديدة أو الربو التحدث مع طبيبهم العام قبل استخدام العسل، لأن ردود الفعل التحسسية تجاه منتجات النحل يمكن أن تكون شديدة.

وعلى الرغم من أن العسل يظهر نتائج واعدة في إدارة أعراض حمى القش، إلا أنه يجب أن يكمل العلاجات التقليدية التي يصفها طبيبك بدلاً من استبدالها، لأنه قد لا يعمل بشكل جيد على قدم المساواة مع الجميع. فإذا كنت تعاني من أعراض حادة لحمى القش، فمن غير المرجح أن يوفر العسل راحة كافية.


مقالات ذات صلة

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)

مرض السكري قد يسرّع من انكماش المخ

كشفت دراسة جديدة أن مرض السكري من النوع الثاني قد يؤدي إلى انكماش المخ بشكل سريع مع التقدم في العمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
TT

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

خلصت دراسة جديدة إلى أن الأطفال الذين يعيشون في بلدان تمزقها الحروب لا يعانون فقط من مشكلات في الصحة النفسية بل من المحتمل أيضاً أن يتعرضوا لتغيرات بيولوجية في الحمض النووي (دي إن إيه) يمكن أن تستمر آثارها الصحية مدى الحياة.

وأجرى الباحثون تحليلاً للحمض النووي لعينات لعاب تم جمعها من 1507 لاجئين سوريين تتراوح أعمارهم بين 6 أعوام و19 عاماً يعيشون في تجمعات سكنية عشوائية في لبنان، وراجعوا أيضاً استبيانات أُجريت للأطفال والقائمين على رعايتهم شملت أسئلة عن تعرض الطفل لأحداث مرتبطة بالحرب.

وظهرت في عينات الأطفال الذين تعرضوا لأحداث الحرب تغيرات متعددة في مثيلة الحمض النووي، وهي عملية تفاعل كيميائي تؤدي إلى تشغيل جينات أو تعطيلها.

وقال الباحثون إن بعض هذه التغيرات ارتبطت بالجينات المشاركة في وظائف حيوية مثل التواصل بين الخلايا العصبية ونقل المواد داخل الخلايا.

وقال الباحثون إن هذه التغيرات لم تُرصد لدى مَن تعرضوا لصدمات أخرى، مثل الفقر أو التنمر، ما يشير إلى أن الحرب قد تؤدي إلى رد فعل بيولوجي فريد من نوعه.

وعلى الرغم من تأثر الأطفال من الذكور والإناث على حد سواء، ظهرت في عينات الإناث تأثيرات بيولوجية أكبر، ما يشير إلى أنهن قد يكن أكثر عرضة لخطر التأثيرات طويلة الأمد للصدمة على مستوى الجزيئات.

وقال مايكل بلوس، رئيس الفريق الذي أعد الدراسة في جامعة سري في المملكة المتحدة، في بيان: «من المعروف أن للحرب تأثيراً سلبياً على الصحة النفسية للأطفال، إلا أن دراستنا خلصت إلى أدلة على الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذا التأثير».

وأشار بلوس أيضاً إلى أن التعبير الجيني، وهو عملية منظمة تسمح للخلية بالاستجابة لبيئتها المتغيرة، لدى الأطفال الذين تعرضوا للحرب لا يتماشى مع ما هو متوقع لفئاتهم العمرية، وقال: «قد يعني هذا أن الحرب قد تؤثر على نموهم».

وعلى الرغم من محاولات الباحثين لرصد تأثيرات مدى شدة التعرض للحرب، خلصوا في تقرير نُشر يوم الأربعاء في مجلة جاما للطب النفسي إلى أن «من المرجح أن هذا النهج لا يقدر تماماً تعقيدات الحرب» أو تأثير أحداث الحرب المتكررة على الأطفال.

وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن نحو 400 مليون طفل على مستوى العالم يعيشون في مناطق صراع أو فروا منها.