أسباب فقدان الشهية لدى الأطفال

يحدث نتيجة سلوكيات غذائية خاطئة أو عوامل نفسية

أسباب فقدان الشهية لدى الأطفال
TT

أسباب فقدان الشهية لدى الأطفال

أسباب فقدان الشهية لدى الأطفال

على وجه التقريب، يمكن عدّ شكوى الأمهات من فقدان أطفالهن الشهية أشهر شكوى في عيادات الأطفال، خصوصاً في مرحلة ما قبل دخول المدرسة وبدايات مرحلة المراهقة، وبشكل ملحوظ لدى الفتيات.

والحقيقة أن «فقدان الشهية (losing appetite)» من المشكلات المهمة لدى الأطفال. وهناك كثير من الأسباب لهذه الظاهرة؛ سواء أكانت عضوية أم نفسية، ولكن في الأغلب تكون نتيجة لسلوكيات غذائية خاطئة وعدم تنظيم تناول الوجبات، أو أسباب نفسية، مثل تعرض الطفل للمعاملة السيئة؛ سواء في المنزل من الأبوين أو الأخوات، وفي المدرسة، وتعرضه للتنمر من الأقران.

مشكلة وهمية وأخرى حقيقية

في كثير من الأحيان يمكن أن تكون شكوى الأم مجرد إحساس غير حقيقي؛ بمعنى أن الطفل يتناول بالفعل كميات معقولة من الطعام ولكن الأم تريد أن يأكل كميات أكبر ويلتزم إنهاء طبقه، دون أن تدرك أن هذه السعرات الزائدة يمكن أن تضر بالطفل بدلاً أن تفيده. كما يجب أن تلاحظ الأم ما إذا كان الطفل يعاني من ضعف الشهية تجاه الطعام بشكل عام أم تجاه نوعيات معينة من الأغذية (حتى لو كانت مفيدة أو طيبة المذاق). والأمر الذي يجب أن يلفت نظر الأمهات هو نمو الطفل العضوي والإدراكي الذي ينعكس على الوزن والطول والأداء الدراسي واكتساب المهارات المختلفة.

في بعض الأوقات لا تكون هناك مشكلة حقيقية في الشهية على الإطلاق، بمعنى أن الطفل ظاهرياً يبدو كأنه لا يريد تناول الطعام، ولكن في الواقع هناك مشكلة تتعلق بصعوبة تناول الطعام خصوصاً في الوقت الحالي؛ لأن كثيراً من الأطفال أصبحوا أكثر حساسية بالنسبة إلى موضوع «صورة الجسد (body image)» ولكن لا يريدون قول ذلك بشكل صريح في العمر الصغير خوفاً من رفض الآباء. وبالتالي يجب دعم هؤلاء نفسياً وإخبارهم بأهمية الطعام بصفته وسيلة أساسية للحفاظ على الجسد بشكل جيد، خصوصاً الأغذية الصحية. كما أن لدى بعض الأطفال صعوبة في مضغ الطعام («المهارات الحركية في الفم» oral motor skills)؛ لذلك يكون تناول الطعام صعباً ومؤلماً؛ مما يؤدي إلى إطلاق الأدرينالين الذي يؤثر بالسلب على شهية الطفل.

وجبات خفيفة وآلام الهضم

من الممكن أن يكون سبب ضعف الشهية تناول «الوجبات الخفيفة (snacking)» بين الوجبات الرئيسية؛ لأن الطفل لن يأكل إلا ما يكفي لإيقاف الإشارات الآتية من المخ بالإحساس بالجوع لديه. وإذا تمكن من الوصول إلى الطعام والشراب بسهولة طوال اليوم فقد لا يشعر بالجوع فعلياً.

والأطفال الذين يتناولون الوجبات الخفيفة أو يتناولون الطعام على مدار الساعة قد لا يتعلمون أبداً الإحساس بتلك الإشارات الآتية من الجهاز العصبي، لذلك حتى لو توقف تناول الوجبات الخفيفة بشكل متكرر في المستقبل؛ فقد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتم الربط بين الشعور بالجوع والرغبة في تناول الطعام.

أما عندما يكون هناك ألم في الجهاز الهضمي؛ فإن المخ لا يقوم بإرسال إشارات بالجوع في نوع من الحماية من الإحساس بالألم؛ لذلك فإن الأطفال الذين يعانون من قرحة بالمعدة، أو «ارتجاع حمضي (acid reflux)»، أو حساسية تجاه الطعام... أو أي مشكلة أخرى في الجهاز الهضمي، يعلمون أن تناول الطعام سيجعل الأمر أسوأ. وهذا يعني أنهم سيستمرون في رفض تناول الطعام، ولذلك لا يوجد سبب حقيقي لضعف الشهية، ويجب على الأم أن تلاحظ ما إذا كان الطفل يعاني من نوع معين من الطعام، وفي حالة وجود حساسية أو مرض عضوي يجب اللجوء إلى الطبيب.

هناك سبب نادر، هو أن بعض الأطفال لا يشعرون بالجوع بشكل حقيقي؛ بمعنى أن الإشارة التي يفترض أن تصل من المعدة إلى المخ بصفتها دليلاً على الجوع والرغبة في تناول الطعام، لا تصل إليه بالكفاءة المطلوبة، وبالتالي لا يقبلون على تناول الطعام مثل الأشخاص العاديين، ولذلك لا يمكن مقارنتهم بالأقران الآخرين، وعلى الرغم من أن الأمر يمكن أن يكون مزعجاً للآباء، فإن الفيصل يجب أن يكون هو الصحة العامة للطفل.

التغذية حل أساسي

يجب أن يجري التغلب على مشكلة فقدان الشهية عن طريق التغذية بوصفها حلاً أساسياً، والابتعاد قدر الإمكان عن تناول الأدوية المحفزة للشهية بسبب آثارها الجانبية المتعددة، خصوصاً التي تعمل على تنشيط مراكز الشهية في المخ، واللجوء إلى الطرق الطبيعية.

على سبيل المثال؛ يمكن عمل ما يشبه الجدول لطعام الطفل بحيث يشمل الوجبات الثلاث الأساسية فقط مع بعض الوجبات الخفيفة التي تخلو من السكريات المصنعة، على أساس وجود فاصل زمني بين كل وجبة وأخرى يتراوح بين ساعتين ونصف و3 ساعات، مما يعني أنه إذا بدأ الطفل تناول وجبة الإفطار في الساعة الـ8 صباحاً، فإنه سيبدأ وجبته التالية فيما بين الساعة الـ10:30 والـ11 ويستمر ذلك طوال اليوم.

يجب أن يدرك الآباء أن علاج فقدان الشهية لا يعني أن يتناول الطفل أي طعام في أي وقت من منطلق أن «أي شيء أفضل من لا شيء». وعلى سبيل المثال؛ يمكن أن تتسبب قطعة بسيطة من الشوكولاته أو البسكويت المملح في فقدان الطفل شهيته. ولذلك من المهم الالتزام بجدول ثابت، وأيضاً يجب أن يتناول الطفل الماء بين الوجبات، وفي المقابل يتناول اللبن أو العصائر الطبيعية بعد الانتهاء من تناول الوجبات.

كلما كان الطفل متمتعاً بنشاط بدني كبير؛ ساعد ذلك على زيادة شهية الطفل وإقباله على تناول الطعام لتعويض السعرات الحرارية التي تُحرق، والعكس بالعكس: كلما زاد معدل الخمول، فَقَدَ الطفل شهيته.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

نصائح للتحكم في النفس بنجاح

يوميات الشرق الثقة هي الأساس لأي علاقة ذات مغزى وتعمل كأساس حيوي يعزز الألفة والارتباط العاطفي (رويترز)

نصائح للتحكم في النفس بنجاح

قدَّم موقع «سيكولوجي توداي» نصائح للتحكُّم في النفس؛ حيث قال إن التحكم في النفس يشير إلى مقاومة الرغبات

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك سيدات يلتقطن الصور وسط الأضواء الموسمية المعروضة للاحتفال بعيد الميلاد ورأس السنة في أسواق بيروت (إ.ب.أ)

هل ترغب في تقوية جهازك المناعي خلال العطلات؟ كل ما عليك معرفته

يسلِّط كل هذا النشاط الضوء على أهمية الحفاظ على صحة أنظمتنا المناعية. فما بعض العادات التي يجب على الجميع تبنيها؟

يوميات الشرق المقر الرئيسي لإدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي ايه) في ميريلاند (رويترز)

إدارة الغذاء والدواء الأميركية تحدث تعريف الأطعمة «الصحية»

اعتمدت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي ايه) يوم الخميس تغييرات جديدة والتي بموجبها سيتعين على الأطعمة المعلبة في الولايات المتحدة اتباع قواعد جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك 6 مأكولات بحرية... قيمتها الغذائية وفوائدها الصحية

6 مأكولات بحرية... قيمتها الغذائية وفوائدها الصحية

دون الحديث عن الأسماك، فإن عالم مأكولات الحيوانات البحرية متنوع بشكل كبير، ويكاد أن يكون واسعاً مثل سعة المحيطات نفسها.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك استئصال اللوزتين ربما يرتبط بالإصابة بالقلق لاحقاً

استئصال اللوزتين ربما يرتبط بالإصابة بالقلق لاحقاً

كشفت دراسة لعلماء من السويد عن احتمالية وجود ارتباط بين استئصال اللوزتين، وكذلك إزالة اللحمية وخطر الإصابة باضطرابات نفسية مرتبطة بالقلق في وقت لاحق من الحياة

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

«وكالة الأدوية الأميركية» تجيز دواء للسمنة لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

حقنة لعقار «زيب باوند» Zepbound المعالج للسمنة من مختبر «إيلاي ليلي» (رويترز)
حقنة لعقار «زيب باوند» Zepbound المعالج للسمنة من مختبر «إيلاي ليلي» (رويترز)
TT

«وكالة الأدوية الأميركية» تجيز دواء للسمنة لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

حقنة لعقار «زيب باوند» Zepbound المعالج للسمنة من مختبر «إيلاي ليلي» (رويترز)
حقنة لعقار «زيب باوند» Zepbound المعالج للسمنة من مختبر «إيلاي ليلي» (رويترز)

أعلنت السلطات الصحية الأميركية أنها أجازت علاجا مضادا للسمنة من مختبر «إيلاي ليلي» لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم بمستوياته المتوسطة إلى الشديدة لدى الأشخاص الذين يعانون من البدانة، ما قد يشكّل ثورة بالنسبة لأميركيين كثيرين.

وقالت المسؤولة في «وكالة الأدوية الأميركية» (إف دي إيه) سالي سيمور في بيان أمس (الجمعة) إنّ هذا الترخيص «يُعدّ إنجازا كبيرا للمرضى الذين يعانون من انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم».

والعلاج، الذي يتم تسويقه تحت اسم «زيب باوند» Zepbound، مصرح به بالفعل للمرضى الذين يعانون من السمنة أو الوزن الزائد ولديهم في الوقت نفسه مشكلة صحية ذات صلة (كمرض السكري من النوع الثاني أو ارتفاع الكولسترول في الدم أو ارتفاع ضغط الدم).

وتابعت سيمور: «هذا هو العلاج الدوائي الأول الذي يُقدَّم للمرضى الذين يعانون من انقطاع التنفس أثناء النوم».

وتؤثر متلازمة انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم على حوالى 30 مليون بالغ في الولايات المتحدة، وفقا للأكاديمية الأميركية لطب النوم.

وتتّسم هذه المتلازمة بحدوث نوبات متكررة بشكل غير طبيعي من انقطاع التنفس أو انخفاضه أثناء النوم.

وبحسب دراسات عدة، فإن هذا الوضع يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم وحتى الاكتئاب. وحتى الآن، اقتصرت العلاجات المتوافرة على أقنعة أو أجهزة محدّدة أو عمليات جراحية للمرضى.

وقالت «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» إنه في تجربتين سريريتين، تبيّن أن علاج Zepbound يقلّل من تكرار نوبات انقطاع التنفس أثناء النوم. ومن المحتمل أن يكون هذا التحسّن مرتبطا بفقدان الوزن الذي سجّله المرضى، بحسب «إف دي إيه»، ووفق ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مدير مختبرات «إيلاي ليلي» باتريك جونسون في بيان إن هذا «يُعدّ إنجازا كبيرا في تخفيف عبء هذا المرض والمشاكل الصحية الناجمة عنه».

وقد جرى توسيع ترخيص Zepbound ليشمل الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة المترافقة مع انقطاع التنفس أثناء النوم بشكله المعتدل إلى الشديد.

وتقول «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» إن العلاج الذي يتم تناوله عن طريق الحقن مرة واحدة في الأسبوع يجب أن يقترن بالتمارين الرياضية واتّباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية.

وينتمي هذا الدواء إلى جيل جديد من العلاجات التي أحدثت في السنوات الأخيرة ثورة في إدارة البدانة، وهي آفة صحية عامة.

تعتمد هذه العلاجات على محاكاة هرمون الجهاز الهضمي (GLP-1) الذي ينشّط المستقبِلات في الدماغ التي تؤدي دورا في تنظيم الشهية.

ويتم أيضا تسويق جزيء «تيرزيباتايد» tirzepatide من مختبرات «إيلاي ليلي» تحت اسم «مونجارو» للأشخاص الذين يعانون من مرض السكري من النوع الثاني، منذ ترخيص «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» في عام 2022.

ويطلق على نظيره اسم «أوزمبيك» Ozempic، وهو علاج لاقى رواجا كبيرا في السنوات الأخيرة على شبكات التواصل الاجتماعي بسبب خصائصه في إنقاص الوزن.