لماذا لا يطلب ذوو الميول الانتحارية المساعدة؟

خبير يشرح طرقاً لدعم الأشخاص الذين يفكرون في إنهاء حياتهم

سبب آخر لعدم طلب المساعدة يرتبط بالخجل خصوصاً عند الشباب (رويترز)
سبب آخر لعدم طلب المساعدة يرتبط بالخجل خصوصاً عند الشباب (رويترز)
TT

لماذا لا يطلب ذوو الميول الانتحارية المساعدة؟

سبب آخر لعدم طلب المساعدة يرتبط بالخجل خصوصاً عند الشباب (رويترز)
سبب آخر لعدم طلب المساعدة يرتبط بالخجل خصوصاً عند الشباب (رويترز)

في كل عام، يموت آلاف الأشخاص بسبب الانتحار لأنهم لا يعتقدون أنهم بحاجة إلى علاج طبي، أو يرون أن عيادة الطبيب أو مركز الصحة العقلية هما من العناوين غير الصحيحة للحصول على المساعدة. وهذا ينطبق بشكل خاص على الشباب، إذ وجدت دراسة أن ثلثيهم لم يطلبوا المساعدة خلال شهر قبل انتحارهم، وفقاً لتقرير نشره موقع «سايكولوجي توداي».

ويروي الطبيب كونراد ميشيل ما تعلّمه من مئات المقابلات مع الأشخاص الذين حاولوا الانتحار. وميشيل هو طبيب نفسي ومعالج وأستاذ فخري في جامعة برن في سويسرا، كرّس معظم حياته المهنية لفهم الانتحار وطرق منعه.

وقال ميشيل: «في دراسة مبكرة، سألنا الناس بعد عام واحد من محاولة الانتحار عمّن كان من الممكن أن يمنعهم من إيذاء أنفسهم.. ولدهشتنا، قال 52 في المائة منهم: (لا أحد)».

وتابع: «وذكر 21 في المائة أقارب أو أصدقاء، وذكر 10 في المائة فقط إخصائياً صحياً. وقال 50 في المائة إنهم لا يستطيعون قبول المساعدة. كان تفسيري لهذه النتائج هو أن الأشخاص الذين يفكرون في الانتحار يَعدون الأمر بمثابة تناغم مع الذات، أي كشيء منطقي بالنسبة لهم شخصياً ولا يحتاج إلى علاج».

سببٌ آخر لعدم طلب المساعدة هو الخجل، خصوصاً عند الشباب. إذ أجرى مؤلفو دراسة سويدية مقابلات مع آباء 33 صبياً ومراهقاً ماتوا بسبب الانتحار. وتبين أن العار هو السبب الأكثر شيوعاً لانتحار هؤلاء الشباب: عارٌ على ما فعلوه، عارٌ على ما حدث لهم، عارٌ على المظهر الجسدي، عارٌ على هويتهم، وفق ما أوضحه ميشيل.

وأضاف الطبيب: «في عملي السريري مع المرضى الانتحاريين، سمعت في كثير من الأحيان أنهم لا يعرفون مكان الحصول على المساعدة في الأزمات العاطفية. ولم يعتقدوا أن الطبيب أو خدمة الصحة العقلية سيكونان العنوان الصحيح الذي يمكن اللجوء إليه... كما كانوا خائفين من إرسالهم إلى مستشفى للأمراض النفسية رغماً عنهم... أو بسبب تعاطيهم المخدرات».

تصنيف الانتحار مرضاً

في أقسام الطوارئ ومؤسسات الطب النفسي، لا يزال النموذج السائد للانتحار هو أنه نتيجة لاضطرابات عقلية أو لعوامل خطر الانتحار المختلفة، لكنَّ التجربة الداخلية للشخص الانتحاري لا تتطابق مع مفهوم الانتحار لدى إخصائي الصحة.

وقال ميشيل: «استخدمتُ في كتابي صورة بيانية للدكتور هاوس (من البرنامج التلفزيوني هاوس) بوصفي طبيباً عادياً يتشاور مع مريض انتحاري لتوضيح مشكلات التواصل. لن يتمكن د.هاوس من التواصل مع المريض لأنه يبحث عن علامات الاضطراب العقلي. يُطلق على هذا النوع من التفاعل بين البطلين اسم (الرقص دون لمس)».

وأضاف: «نحن بحاجة إلى نماذج انتحارية تتمحور حول الشخص، والتي يمكن أن توفر أرضية مشتركة للأفراد الانتحاريين والمساعدين لفهم بعضهم بعضاً. هذا هو الشرط الأساسي لخلق الثقة والبصيرة الشخصية في التفاعل مع اختصاصي الصحة».

فهم الأفكار الانتحارية وسبل التعامل معها

يشرح الطبيب ميشيل ان الخطوة الأولى هي تقدير الضيق الانتحاري بوصفه استجابة شخصية ومفهومة للصراعات والتجارب السلبية.

ويوضح: «في عملنا السريري، نستخدم نموذجاً للانتحار بصفته عملاً شخصياً له خلفية فردية. العنصر الأساسي هو فكرة أن الأفعال يجري شرحها بالقصص... لكن المنهج السردي يتطلب من المساعد المحترف أن يتغلب على دور الخبير الذي يفسر السلوك الانتحاري للشخص، ويعرف ما يحتاج إليه الفرد».

النموذج الجديد في الوقاية من الانتحار، هو أن الفرد الانتحاري فقط هو الذي يعرف القصة الشخصية وراء الأفكار والأفعال الانتحارية، وأن المساعد في وضع عدم المعرفة. وتابع ميشيل: «إذا أردنا تشجيع الناس على طلب المساعدة، فنحن بحاجة إلى مساعدين لديهم المهارات اللازمة للاستماع وفهم التجربة الشخصية للشخص الانتحاري بشكل تعاطفي».

الخطوة الأولى ترتبط بتقدير الضيق الانتحاري كاستجابة شخصية ومفهومة للصراعات والتجارب السلبية (رويترز)

الوصول إلى الأشخاص الذين لا يطلبون المساعدة

في دراسة سابقة، سأل ميشيل مجموعة من الأشخاص الذين لديهم جميعاً تاريخ من محاولات الانتحار: «ما الذي يمكن أن ينقذهم من إيذاء أنفسهم؟ فكان جوابهم بالإجماع: كنا بحاجة إلى شخص يستمع إلينا دون أن يحاول إقناعنا بالعدول عن الأمر».

وتابع: «يرشدني ذلك في عملي مع المرضى الانتحاريين... هناك مشروع صحة عامة يُعلّم المساعدين مهارات الاستماع إلى الأشخاص الذين يفكرون في الانتحار بشكل تعاطفي... والمشاريع التعليمية النفسية التي تركز على نموذج الأزمات لديها القدرة على أن تكون ذات معنى للناس، وقد تصل إلى الأفراد المترددين في طلب المساعدة».

رسالة للأشخاص الذين يفكرون في الانتحار

الضغط النفسي والألم مشاعر طبيعية يمكننا التغلب عليها. ومع ذلك، فقد تخلق هذه الأمور تفكيراً كارثياً: «لن يتوقف الأمر أبداً؛ وسوف يزداد سوءاً». لقد قمنا جميعاً، في الماضي، بتطوير مهارات التأقلم الخاصة بنا للتعامل مع التجارب السلبية.

ويقول الطبيب: «مع ذلك، عند نفاد موارد التكيف، نحتاج إلى مساعدة مهنية. الاعتقاد ألا أحد سوف يفهم، والاحتفاظ بالأفكار الانتحارية لأنفسنا يجعل الأمور أسوأ. التحدث مع شخص موثوق به هو مفتاح البقاء. الانتحار ليس حلاً لمشكلة مؤقتة».


مقالات ذات صلة

صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)

مرض السكري قد يسرّع من انكماش المخ

كشفت دراسة جديدة أن مرض السكري من النوع الثاني قد يؤدي إلى انكماش المخ بشكل سريع مع التقدم في العمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)
استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)
TT

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)
استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

أظهرت دراسة جديدة أن الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية، مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر، بين النساء الحوامل يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية(PFAS)» السامة في دمائهن وحليب ثديهن، مما يشكل تهديداً صحياً خطيراً لأطفالهن.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد أجريت الدراسة على ألفي امرأة تم البحث في مدى استخدامهن لمنتجات العناية الشخصية، مثل المكياج، وخيط تنظيف الأسنان، وصبغة الشعر، ومنتجات العناية بالأظافر والعطور أثناء الحمل، وفحص مستويات المواد الكيميائية الأبدية في دمائهن.

ووجد فريق الدراسة أن المواد الكيميائية لم تصل فقط إلى دماء الأمهات وحليبهن، بل كانت مستوياتها عالية جداً بشكل مقلق.

ووصفت أمبر هول، الباحثة بجامعة براون، والمؤلفة المشاركة في الدراسة، النتائج بأنها «مقلقة».

وقالت: «ترتبط المستويات العالية من المواد الكيميائية الأبدية أثناء الحمل بانخفاض الوزن عند الولادة، والولادة المبكرة، وقصر فترات الرضاعة، وانخفاض القيمة الغذائية للحليب، واضطرابات النمو العصبي، وانخفاض استجابة الأطفال للقاحات، وزيادة خطر تعرضهم لمشاكل صحية مدى الحياة».

وأضافت: «يمكن للنساء اتخاذ بعض الخطوات لحماية أنفسهن، مثل تقليل استخدام منتجات العناية الشخصية غير الضرورية أثناء الحمل أو الرضاعة. ويمكنهن أيضاً العثور على منتجات خالية من المواد الكيميائية السامة، على الرغم من صعوبة تحديد وجود (المواد الكيميائية الأبدية) على ملصقات المنتجات».

وتُعَد المواد الكيميائية الأبدية فئة من نحو 15 ألف مركب تستخدم عادة لصنع منتجات مقاومة للماء والبقع والحرارة.

وتُسمى «الأبدية» لأنها لا تتحلل بسهولة في البيئة، وترتبط بالسرطان، وأمراض الكلى، ومشاكل الكبد، واضطرابات المناعة، والعيوب الخلقية، وغيرها من المشاكل الصحية الخطيرة.