دراسة: التدخين يضر بالجهاز المناعي لسنوات

تدخين السجائر يجعل الأشخاص عرضة لمزيد من الأمراض والعدوى (أ.ف.ب)
تدخين السجائر يجعل الأشخاص عرضة لمزيد من الأمراض والعدوى (أ.ف.ب)
TT

دراسة: التدخين يضر بالجهاز المناعي لسنوات

تدخين السجائر يجعل الأشخاص عرضة لمزيد من الأمراض والعدوى (أ.ف.ب)
تدخين السجائر يجعل الأشخاص عرضة لمزيد من الأمراض والعدوى (أ.ف.ب)

توصلت دراسة جديدة إلى أن تدخين التبغ ضار للغاية بالجسم، حيث إنه يغير الجهاز المناعي للشخص، مما يجعله عرضة لمزيد من الأمراض والعدوى حتى بعد سنوات من الإقلاع عن التدخين.

ولعقود من الزمن، أكد خبراء الصحة أن التدخين يمكن أن يؤدي إلى مشكلات خطرة، مثل سرطان الرئة والأزمة القلبية والسكتة الدماغية، لكن الدراسة الجديدة نظرت في جانب آخر؛ هو تأثيره على المناعة.

ووفقاً لشبكة «سي إن إن» الأميركية، فقد فحص الباحثون عينات دم من مجموعة مكونة من ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 20 و69 عاماً، وكانوا يتمتعون بصحة جيدة في بداية الدراسة.

وأراد الباحثون معرفة كيف يؤثر 136 متغيراً؛ بما في ذلك نمط الحياة والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والعادات الغذائية، بالإضافة إلى العمر والجنس وعلم الوراثة، على الاستجابة المناعية بالجسم.

وعرّض الفريق عينات الدم للجراثيم الشائعة، مثل البكتيريا الإشريكية القولونية وفيروس الإنفلونزا، وقاسوا الاستجابة المناعية في كل عينة.

ووجدت الدراسة أن التدخين يقلل من قدرة الجسم على مكافحة العدوى على المديين القصير والطويل، وقد يعرض الشخص أيضاً لخطر الإصابة بأمراض مزمنة تنطوي على التهاب، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة الحمراء.

وعندما أقلع المدخنون المشاركون في الدراسة عن هذه العادة، تحسنت استجاباتهم المناعية على مستوى ما، لكنها لم تتعاف تماماً لسنوات، وفقاً للباحث المشارك في الدراسة الدكتور دراج دافي، الذي يقود «وحدة علم المناعة» في «معهد باستور» في باريس.

وكتب الباحثون في الدراسة؛ التي نشرت في مجلة «نيتشر» العلمية، أن «التدخين يبدو أن له تأثيرات جينية طويلة المدى على شكلين رئيسيين من الحماية في الجهاز المناعي: الاستجابة الفطرية والاستجابة التكيفية. ويختفي التأثير على الاستجابة الفطرية بسرعة عندما يتوقف الشخص عن التدخين، لكن التأثير على الاستجابة التكيفية يستمر حتى بعد الإقلاع عن التدخين».

والاستجابة المناعية الفطرية هي الطريقة العامة التي يحارب بها الجلدُ والأغشية المخاطية وخلايا الجهاز المناعي والبروتيناتُ؛ العدوى. ولكن عندما يقرر الجسم أن الاستجابة الفطرية ليست وقائية بما فيه الكفاية، يبدأ الجهاز المناعي التكيفي في عمله، وهو يتكون من أجسام مضادة في الدم وسوائل الجسم الأخرى، والخلايا الليمفاوية «بي» و«تي»، التي يمكنها «تذكر» التهديد الذي سبق أن واجهه الجسم واستهداف التهديدات الجديدة بشكل أفضل.

ووجدت الدراسة أيضاً أنه كلما زاد معدل تدخين الشخص، زاد تغير استجابته المناعية.

وقالت الدكتورة فيولين سان آندريه؛ المؤلفة المشاركة في الدراسة، والمختصة في علم الأحياء في «معهد باستور» في باريس، إن الرسالة الرئيسية للدراسة، خصوصاً للشباب، هي ضرورة أن يتوقفوا عن التدخين في أقرب وقت ممكن، مع أهمية عدم إقبال غير المدخنين على تجربة هذه العادة مطلقاً.


مقالات ذات صلة

لمحاربة «اكتئاب ما بعد الولادة»... مارسي الرياضة لأكثر من ساعة أسبوعياً

صحتك الأمهات الجدد يمكنهن استئناف ممارسة الرياضة بالمشي «اللطيف» مع أطفالهن (رويترز)

لمحاربة «اكتئاب ما بعد الولادة»... مارسي الرياضة لأكثر من ساعة أسبوعياً

تشير أكبر دراسة تحليلية للأدلة إلى أن ممارسة أكثر من ساعة من التمارين الرياضية متوسطة الشدة كل أسبوع قد تقلل من شدة «اكتئاب ما بعد الولادة».

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
عالم الاعمال «فقيه» تختتم أعمال مؤتمرها الثالث باتفاقيات نوعية لمشروعات واعدة

«فقيه» تختتم أعمال مؤتمرها الثالث باتفاقيات نوعية لمشروعات واعدة

اختتمت مجموعة «فقيه» للرعاية الصحية، الأربعاء، أعمال مؤتمرها السنوي الثالث، الذي عقد بمشاركة نخبة من الخبراء السعوديين والدوليين المتخصصين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك النوم خلال اليوم قد يشير إلى أنك معرّض لخطر أكبر للإصابة بالخرف (أرشيفية - رويترز)

النوم خلال اليوم قد يشير إلى ارتفاع خطر إصابتك بالخرف

إذا وجدت نفسك تشعر بالنعاس خلال اليوم، أثناء أداء أنشطتك اليومية، فقد يشير ذلك إلى أنك معرَّض لخطر أكبر للإصابة بالخرف، وفقاً لدراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق جانب من «مؤتمر الطبّ التجميلي» الذي استضافته الرياض (الشرق الأوسط)

جراحات التجميل للرجال في السعودية... إقبالٌ لافت لغايات صحّية

احتلّت السعودية عام 2023 المركز الثاني عربياً في عدد اختصاصيي التجميل، والـ29 عالمياً، في حين بلغ حجم قطاع الطبّ التجميلي فيها أكثر من 5 مليارات دولار.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
صحتك بعض الأطعمة يسهم في تسريع عملية الشيخوخة (رويترز)

أطعمة تسرع عملية الشيخوخة... تعرف عليها

أكدت دراسة جديدة أن هناك بعض الأطعمة التي تسهم في تسريع عملية الشيخوخة لدى الأشخاص بشكل ملحوظ، داعية إلى تجنبها تماماً.

«الشرق الأوسط» (روما)

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء
TT

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة البيئة العالمية Environment International في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي لباحثين من فنلندا، عن تأثير عوامل الحياة المختلفة في تكوين البكتيريا المعوية المفيدة gut microflora أثناء فترة الطفولة المبكرة. وشملت هذه العوامل طريقة الولادة، والبيئة التي ينشأ فيها الطفل، ووجود أشقاء من عدمه، والتطعيمات المختلفة والمضادات الحيوية، وطريقة التغذية، وأيضاً عدد المساحات الخضراء المحيطة بالسكن.

ميكروبات الأمعاء

حدَّد الباحثون ثلاثة أهداف رئيسية للبحث الأول: معرفة إلى أي مدى يبلغ نضج ميكروبات الأمعاء أثناء مرحلة الرضاعة. والثاني: معرفة تأثير البيئة على تغيير مجتمع البكتيريا في الأمعاء في الرضاعة المبكرة والمتأخرة. والثالث: معرفة إلى أي مدى يوجد ارتباط بين مقاييس المساحات الخضراء السكنية وصحة ميكروبات أمعاء الرضع؛ لكي تكون نتائج الدراسة ملمة بكل الجوانب.

راجع الباحثون بيانات من دراسات طولية أُجريت في فنلندا لرصد خطوات النمو الصحي للأطفال (STEPS) من جوانب عدة. وضمت هذه الدراسات أمهات فنلنديات وسويديات ولدن أطفالهن بين عامي 2008 و2010 في مستشفى فنلندي معين (مستشفى جنوب غرب فنلنداHospital District of Southwest Finland).

كما شملت الدراسات أيضاً مجموعة فرعية من الرضع مشتقة من المجموعة الأصلية تمت متابعتهم بشكل دقيق جداً. وتم تقسيم الرضع المشاركين إلى مجموعات فرعية حسب فترات الرضاعة. وشملت المجموعة الأولى الرضاعة المبكرة التي تتراوح بين (0.5 و5 أشهر) والرضاعة المتأخرة التي تتراوح بين (11 و17 شهراً).

تضمنت البيانات كل ما يخص الرضع وأسرهم مثل حالة الأسرة الاجتماعية والاقتصادية والتركيبة السكانية للمنطقة التي تعيش فيها الأسرة (وجود أعراق عدة) بجانب السجلات الطبية والتاريخ المرضي للآباء وبشكل خاص الأمهات. وأيضاً تم جمع 1823 عينة براز من الرضع لتوصيف ميكروبات الأمعاء حسب تسلسلها وتم استخدام طرق حديثة في تحليل البراز لاستخراج الحمض النووي (دي إن إيه) لعائلات البكتيريا النافعة.

كما كانت هناك أيضاً بيانات إضافية عن جميع الظروف المحيطة بولادة الطفل، بداية من فترة الحمل وحتى انتهاء فترة الرضاعة من خلال البيانات الرسمية بجانب إجابة الآباء عن أسئلة عدة، مثل: هل تمت ولادة الطفل في الموعد المحدد لولادته؟ وهل كانت هناك مشاكل معينة في الحمل؟ وما هي الطريقة التي تمت بها الولادة... طبيعية أم قيصرية؟ وهل تم حجز الطفل في الحضانة بعد ولادته؟ ما هو وزن الطفل عند الولادة؟ طريقة الرضاعة وهل كانت طبيعية؟ في حالة استخدام اللبن الصناعي، ما هو نوع اللبن وهل كانت هناك حساسية من نوع معين؟ هل تناول الرضيع أي أدوية في مرحلة الرضاعة المبكرة؟ هل تناول الرضيع مضاداً حيوياً في الرضاعة المبكرة أو المتأخرة؟

وتم استخدام بيانات مركز تسجيل السكان في فنلندا لمعرفة الظروف البيئية لمسكن كل أسرة، بالإضافة إلى البيانات الخاصة بالمعلومات الجغرافية للمكان. وتقيم هذه المعلومات نسبة الغطاء النباتي السكني لكل أسرة مقارنة بعدد السكان ومساحة الأرض الكلية، وأيضاً معلومات عن المساحات الخضراء في منطقة الجوار لأسرة كل رضيع والأماكن المفتوحة المحيطة بمكان السكن.

عوامل تشكيل الميكروبات

وأظهرت التحليلات التي تناولت العوامل المؤثرة على تكوين أمعاء الرضع أن العمر هو العامل الرئيسي في تشكيل الميكروبات المعوية. وفي مرحلة الرضاعة المبكرة من عمر الطفل هناك نوع معين من البكتيريا Actinobacteriota يكون هو السائد بنسبة (54 في المائة)، أما في مرحلة الرضاعة المتأخرة فيسود نوع آخر من البكتيريا؛ ما يسلط الضوء على أن عامل العمر فقط كان مسؤولاً عن نحو 9 في المائة من تنوع واختلاف أنواع البكتيريا.

وقال الباحثون إن الدراسات السابقة تعاملت مع الفئة العمرية من عمر يوم وحتى ثلاث سنوات على أنها فئة عمرية واحدة. لكن حسب الدراسة الحالية، هناك فرق واضح بين الرضاعة المبكرة حتى عمر 5 أشهر والرضاعة المتأخرة حتى عمر عام ونصف العام. ولذلك؛ تجب على الأبحاث المستقبلية مراعاة الفئات العمرية في نماذج الدراسة التي تركز على الرضع.

أظهرت النتائج أن تجمعات الميكروبات المعوية لدى الرضع ارتبطت بشكل كبير بطريقة الولادة ووجود أشقاء وعمر الأم. وفي المقابل، كانت العوامل الأقل ارتباطاً بتنوع ميكروبات الأمعاء هي: دخل الأسرة والرضاعة الطبيعية وتعرُّض الأم للمضادات الحيوية في فترة ما قبل الولادة مباشرة بجانب الوقت الذي يقضيه الطفل في الهواء الطلق.

في مرحلة الرضاعة المبكرة كانت طريقة الولادة (سواء قيصرية أو طبيعية) مسؤولة عن 0.5 في المائة من التنوع في مجتمع ميكروبات الأمعاء وانخفضت تدريجياً إلى 0.3 في المائة فقط في مرحلة الرضاعة المتأخرة. واللافت للنظر أن عامل وجود الأشقاء أصبح أكثر أهمية من أي عامل آخر مع الوقت، حيث تزايدت نسبة تنوع الميكروبات المعوية من 0.5 في المائة فقط في مرحلة الرضاعة المبكرة إلى 0.7 في المائة في الرضاعة المتأخرة. وبشكل عام ارتبط وجود الأشقاء بزيادة اختلاف ميكروبات الأمعاء (ظاهرة صحية) في كلتا الفئتين العمريتين.

ولعبت المساحات الخضراء دوراً مهماً في تباين الميكروبات المعوية في مرحلة الرضاعة المتأخرة، بينما لعبت دوراً أقل أهمية في الفئة العمرية الأصغر، وربما يكون ذلك بسبب بقاء الرضع في المنازل المغلقة معظم الوقت في المراحل الأولى من الحياة بسبب الخوف عليهم نظراً لضعف مناعتهم ما يوضح الأهمية الكبيرة للتواجد بجوار المساحات الخضراء ليس على الجهاز التنفسي فقط، لكن أيضاً على أجهزة الجسم الداخلية ومنها ميكروبات الأمعاء.

* استشاري طب الأطفال