كشفت أحدث دراسة نُشرت في شهر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، في دورية «لانست» (The Lancet) الطبية، عن الفاعلية الكبيرة التي يتمتع بها اللقاح المدمج الجديد لحمى التيفوئيد (typhoid conjugate vaccine) أو «TCV» في السيطرة على المرض والحماية من الإصابة به عن طريق جرعة واحدة فقط يمكن تناولها للأطفال بداية من عمر 9 شهور ويوفر 4 أعوام كاملة من الحماية الكاملة.
ونُشرت هذه النتائج بعد نجاح المرحلة الثالثة من التجارب الإكلينيكية على اللقاح التي أجراها باحثون في كلية الطب التابعة لجامعة ميريلاند بالولايات المتحدة، بالمشاركة مع دولة مالاوي في أفريقيا ودول أخرى في آسيا تحت إشراف منظمة الصحة العالمية.
حمى التيفوئيد
من المعروف أن حمى التيفوئيد هي عدوى بكتيرية بميكروب «السالمونيلا» (salmonella) الشهير. وتحدث العدوى من خلال تناول غذاء أو شراب ملوث بالميكروب أو الاتصال الوثيق بشخص مصاب بالمرض وتتسبب في ملايين الإصابات حول العالم.
وعلى الرغم من أن معظم الحالات تتحسن بعد مرور أسبوع أو أسبوعين، فإن الإصابة يمكن أن تتفاقم وتحدث مضاعفات خطيرة إذا لم يتم علاجها بالشكل المناسب، ويمكن أن تتسبب بحدوث الوفاة خصوصاً في الأطفال.
وعلى وجه التقريب، هناك 100 ألف حالة وفاة كل عام جراء المرض معظمها في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا. وتشمل الأعراض الارتفاع في درجة الحرارة وآلام البطن والصداع والإمساك، وفى بعض الأحيان يحدث إسهال.
تجارب طبية
قام الفريق البحثي بإجراء التجارب على أكثر من 28 ألف طفل من الأصحاء في مالاوي، وتم تقسيمهم إلى مجموعتين بشكل عشوائي، بحيث تتناول المجموعة الأولى اللقاح الجديد للتيفوئيد (TCV)، فيما تناولت المجموعة الأخرى لقاحاً ضد الميكروب المسبب للالتهاب السحائي (meningococcal). وفى خلال أكثر من 4 سنوات من المتابعة قام فيها الباحثون بالتأكد من تشخيص التيفوئيد عن طريق عمل مزرعة للدم، أُصيب 24 طفلاً فقط بالتيفوئيد في المجموعة الأولى التي تلقت اللقاح الجديد، بينما أُصيب 110 أطفال في المجموعة الثانية التي تلقت اللقاح المضاد للالتهاب السحائي، ما يعنى أن فاعلية اللقاح الجديد بلغت أكثر من 80 في المائة تقريباً في جميع الفئات العمرية التي شاركت في التجربة خلال فترة الدراسة التي انتهت في عام 2022، حيث ظلت فاعلية اللقاح قوية طوال الـ4 سنوات.
وأوضح الباحثون أن نتائج الدراسة تُعد مهمة جداً، لأنها تساعد في تعميم تناول اللقاح في الدول الأكثر عرضة لحدوث المرض مثل مالاوي، التي بدأت بالفعل بإدراج اللقاح الجديد للأطفال تحت عمر 15 عاماً كجزء من جدول التطعيمات الروتينية المقررة على الأطفال هناك.
أول تطعيم مُدمج مع الكزاز
ويُعد اللقاح الجديد هو أول تطعيم مدمج للتيفوئيد يوافق معايير منظمة الصحة العالمية ويتفوق على اللقاحات الأخرى في كثير من النقاط؛ أهمها أنه يستخدم للأطفال تحت عمر عامين، مما يجعله الأول على الإطلاق الذي تتم الموافقة عليه لهذه الفئة العمرية بجانب القدرة على توفير حماية طويلة المدى، وأيضاً يتطلب جرعات أقل (جرعة واحدة فقط) ويقوم بتحفيز تكوين الأجسام المضادة المقاومة للمرض، وحتى في حالة حدوث الإصابة تكون بدرجة أقل حدة ولا تحدث مضاعفات خطيرة.
وقال الباحثون إن إدراج اللقاح الجديد الذي تم دمجه أيضاً مع التطعيم الواقي من مرض التيتانوس (الكزاز) - ولذلك سُمّي المدمج - في جداول التطعيمات الروتينية بالدول المعرضة للإصابة بالمرض والتي ينتشر فيها بشكل كبير وتزداد فيها السلالات المقاومة للمضادات الحيوية، يُعد بمثابة الحماية لأرواح الآلاف من الأطفال، خصوصاً صغار السن تحت عمر العامين.
لقاح آمن
ويعد اللقاح أول لقاح آمن على الإطلاق لهذه الفئة العمرية مع الأخذ في الحسبان، الإجراءات الوقائية الأخرى مثل توفير المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي والحفاظ على نظافة الطعام والشراب.
ويمكن أن يسبب التطعيم باللقاح أعراضاً جانبية بسيطة، مثل التي تحدث مع أي نوع آخر من التطعيمات كالألم والتورم والاحمرار في موضع الحقن، وأيضاً ارتفاعاً طفيفاً في درجة الحرارة وبعض الصداع. وفى الأغلب تنتهي هذه الأعراض بعد فترة بسيطة ولا تحتاج إلى تناول أدوية. وفي حالة عدم هبوط درجة الحرارة يمكن إعطاء دواء الباراسيتمول بوصفه خافضاً للحرارة ومسكناً للألم.
حقائق
100 ألف
حالة وفاة كل عام تقريباً جراء المرض معظمها في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا