أسئلة وأجوبة حول العقاقير الجديدة لمكافحة السمنة

نتائج مذهلة لخفض الوزن وتحذيرات من تكاليفها الباهظة وغش منتجاتها

أسئلة وأجوبة حول العقاقير الجديدة لمكافحة السمنة
TT

أسئلة وأجوبة حول العقاقير الجديدة لمكافحة السمنة

أسئلة وأجوبة حول العقاقير الجديدة لمكافحة السمنة

لا تزال مجموعة ضخمة من الأدوية المضادة للسمنة تتصدر العناوين الرئيسية، وتهيمن على منشورات وسائل التواصل الاجتماعي. ويقف وراء ذلك الكثير من الأسباب الوجيهة، وليس فقط أن العام الجديد يزيد من عزمنا على التخلص من الوزن الزائد.

عقاقير مكافحة للسمنة

وتدعم مجموعة العقاقير المكافحة للسمنة - سيماغلوتايد semaglutide (ويغوفي Wegovy)، وليراغلوتايد liraglutide (ساكسيندا Saxenda)، وتيرزباتيد tirzepatide (زيبوند Zepbound) – دراسات علمية وشهادات مذهلة من أشخاص فقدوا ما يصل إلى 20 في المائة من وزن أجسامهم.

بالتأكيد، هذا أمر رائع، لكن يبقى للقصة جانب آخر؛ وذلك لأن ثمة تساؤلات كبرى لا تزال تدور حول هذه العقاقير، بينما تأتي بعض الإجابات معقدة.

• ما هي هذه العقاقير؟ بوجه عام، تنتمي العقاقير المضادة للسمنة التي أجازتها إدارة الغذاء والدواء حديثاً إلى فئة يطلق عليها «ناهضات مستقبلات الببتيد الشبيه بالغلوكاجون» (جي إل بي ـ1) GLP-1 receptor agonists. وتحاكي هذه العقاقير هرموناً (هو الببتيد الشبيه بالغلوكاجون1)، الذي يساعد الجسد على إبطاء وتيرة إفراغ المعدة، والسيطرة على مستويات السكر في الدم، وتثبيط الشهية ـ وهو مزيج يؤدي إلى فقدان الوزن.

ويحاكي أحد العقاقير، «زيبوند»، «جي إل بي ـ 1»، كما يحاكي هرموناً يسمى الببتيد المطلق للأنسولين المعتمد على الغلوكوز lucose-dependent insulinotropic polypeptide (GIP)، والذي يعتقد أنه يعزز تأثيرات «جي إل بي ـ 1».

في هذا الصدد، شرحت الدكتورة كارولين أبوفيان، المتخصصة في طب السمنة ومديرة مركز إدارة الوزن والصحة بمستشفى بريغهام آند ويمينز التابع لجامعة هارفارد: «يقول الكثيرون إن هذه العقاقير المضادة للسمنة غيرت حياتهم».

بجانب ما سبق، تقلل هذه العقاقير بشكل كبير من خطر الوفاة لأسباب مرتبطة بالقلب لدى الأشخاص الذين يعانون زيادة الوزن أو السمنة، وكذلك أمراض القلب (أو أمراض القلب والسكري معاً، حسب الدواء). علاوة على ذلك، تعزز هذه العقاقير القدرة على ممارسة الرياضة وترفع مستوى نوعية الحياة. وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة أبوفيان: «قد تؤثر العقاقير كذلك على مركز المكافأة في الدماغ، الجزء الذي يمكّنك من تناول كعكة الشوكولاتة رغم شعورك بالشبع. ويبدو أن هذه الأدوية تثبط استجابة المكافأة، والتي قد تقلل كذلك من سلوكيات الإدمان، مثل الرغبة الشديدة في تناول الكحول والسكر والنيكوتين».

• أليست هذه عقاقير لمرض السكري؟ جدير بالذكر هنا، أن العقاقير الثلاثة المضادة للسمنة نالت موافقة إدارة الغذاء والدواء بداية الأمر لعلاج السكري فقط، تحت الأسماء التجارية التالية: «أوزمبك Ozempic» و«فيكتوزا Victoza» و«مونجارو Mounjaro».

ومع ذلك، لاحظ الأشخاص الذين تناولوا هذه العقاقير أنهم فقدوا الكثير من أوزان أجسامهم. وجاءت دراسات لاحقة لتؤكد بالفعل على هذا التأثير؛ ما دعا إدارة الغذاء والدواء نهاية الأمر إلى إجازتها بوصفها عقاقير لإنقاص الوزن، تحت أسماء تجارية جديدة: «ويغوفي» و«ساكسيندا» و«زيبوند». وحال استخدامها بغرض مكافحة الوزن الزائد أو السمنة، عادة ما يجري وصف هذه العقاقير بجرعات أعلى عن نظيراتها التي يجري وصفها لعلاج السكري.

وثمة عقاقير «جي إل بي ـ 1» أخرى أقدم معتمدة لعلاج السكري، مثل دولاغلوتايد (تروليسيتي)، لكن تأثيرها على الوزن أقل فاعلية.

• كيف يجري تناول هذه العقاقير؟ تأتي معظم هذه الأدوية الجديدة على شكل حقن تعطيها لنفسك على نحو يومي أو أسبوعي. ويمكن حملها داخل قلم حاقن، الذي تحقن به جسمك عند منطقة البطن أو الفخذ.

كما تتاح في صورة أقراص، مثل سيماغلوتيد (ريبلسس Rybelsus). بيد أنه ينبغي الانتباه هنا إلى أن هذا الدواء نال موافقة إدارة الغذاء والدواء لاستخدامه في علاج السكري، لكن الإدارة لم تجيزه بعد لإنقاص الوزن.

بجانب ذلك، ثمة تركيبات أخرى من الأقراص يجري اختبارها في الوقت الحاضر.

الآثار الجانبية

• ما الآثار الجانبية؟ تحمل كل من تركيبات مكافحة السمنة والسكري آثاراً جانبية محتملة. وتتضمن الأعراض الشائعة الشعور بالتعب، والغثيان، والقيء، أو الإمساك. وهنا، أوضحت الدكتورة أبوفيان، أن هذه الأعراض عادة ما تختفي في غضون بضعة أسابيع.

وفي حالات نادرة، قد تسبب العقاقير انسداداً في الأمعاء الدقيقة، أو شلل المعدة، أو التهاب البنكرياس.

في هذا السياق، ذكرت الدكتورة أبوفيان: «في حدود علمي، لا تدوم الآثار الجانبية، وإنما تختفي إذا توقفت عن تناول العقاقير، لكن التأثيرات طويلة المدى لتناول العقاقير الأحدث غير معروفة بعد».

• من المرشح لتناول هذه العقاقير؟ تجري الموافقة على تناول هذه العقاقير بغرض إنقاص الوزن فقط لدى الأشخاص الذين جرى تشخيص إصابتهم بالسمنة (مؤشر كتلة الجسم 30 أو أكثر) أو نطاق أعلى من الوزن الزائد (مؤشر كتلة الجسم من 27 إلى 29.9)، من الذين يعانون مشكلة طبية تتعلق بالوزن الزائد، مثل ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع الكوليسترول. إلا أنه بطبيعة الحال، فإن هذا لم يمنع بعض الأشخاص الذين لا تنطبق عليهم هذه المعايير من تناولها.

ولأن هذه العقاقير جديدة وقوية، وتخضع لدراسة مكثفة، من المتوقع أن تتغير التوصيات بخصوص من ينبغي له أن يستخدمها خلال السنوات المقبلة. ومن المحتمل أن يحدد الباحثون فئات جديدة من الأشخاص الذين قد يستفيدون من هذه العقاقير - أو على العكس من ذلك، الأشخاص الذين قد يكونون أكثر عرضة لخطر التضرر من الآثار الجانبية لها.

• إلى متى ينبغي تناول هذه العقاقير؟ لا يعدّ تناول أحد عقاقير «جي إل بي ـ 1» الجديدة من الحلول قصيرة الأجل، فبمجرد شروعك في تناوله، يجب أن تستمر في ذلك لأجل غير مسمى كي تضمن الاستمرار في جني الفوائد المرتبطة بالدواء. وينبغي الانتباه إلى أنه حال توقفك عن تناول هذه العقاقير، ستعاود اكتساب الوزن.

في هذا الإطار، نبهت الدكتورة أبوفيان إلى أن: «الوزن الزائد والسمنة، مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، اثنتان من الحالات الخطيرة التي تتطلب في الغالب علاجاً مستمراً، قد يصل إلى مدى الحياة. وهنا، لا توجد علاجات يكفي تناولها مرة واحدة فحسب».

تساعد على إبطاء وتيرة إفراغ المعدة والسيطرة على السكر في الدم وتثبيط الشهية

التكاليف والتغطية

• ما هي تكلفة العقاقير. بطبيعة الحال، لا تأتي النتائج المذهلة بثمن بخس. تتراوح تكلفة العقاقير الجديد ما بين نحو 900 دولار و1600 دولار شهرياً. وعليك ألا تنتظر من التأمين تغطيتها بأكملها. من جهته، لا يغطي برنامج «ميديكير» الأميركية الأدوية المكافحة للسمنة، علاوة على أن تغطيته أدوية مرض السكري جزئية في أفضل الأحوال، حسب خطة التأمين الخاصة بك.

من ناحية أخرى، غالباً ما يتولى التأمين الخاص سداد ثمن أدوية علاج مرض السكري، طالما أنك جربت علاجات أخرى لمرض السكري دون نجاح. في هذا الصدد، أوضحت الدكتورة أبوفيان أن نحو 20 في المائة إلى 30 في المائة فقط من شركات التأمين الخاصة تغطي في الوقت الراهن التركيبات المضادة للسمنة.

تقدم بعض الشركات المصنعة لعقاقير «جي إل بي ـ 1» كوبونات تحمل خصومات كبيرة، إلا أن الكثير من الصيدليات لا تقبلها. وعليك الحذر من الإصدارات الموفرة التي يجري الترويج لها في الإعلانات عبر الإنترنت وغيرها.

عن ذلك الأمر، حذرت الدكتورة أبوفيان من أن هذه الأدوية المركبة يجري استيرادها من بلاد أخرى، دون إشراف من جانب إدارة الغذاء والدواء، وليس هناك ما يضمن محتوياتها.

• هل هذه العقاقير متاحة؟ ما يزيد الطين بلة أن الارتفاع المحموم في شعبية هذه الأدوية أدى اليوم إلى نقصها؛ الأمر الذي يجعل من الصعب العثور عليها. وعن هذا، قالت الدكتورة أبوفيان: «يعود النقص إلى عدم توقع الشركات المصنعة لهذا المستوى من الطلب»، مضيفة أن «أكثر من 40 في المائة من الأميركيين يعانون السمنة. ولم تتوقع شركات الأدوية عدد الأشخاص الذين يرغبون في استخدام الأدوية. وتحاول الشركات جاهدة توفير الإمدادات الكافية في اللحظة التي نتحدث فيها نتحدث الآن».

وإلى أن تتمكن من إنجاز ذلك، وإلى أن تغطي المزيد من شركات التأمين الأدوية أو يضطر المصنعون إلى خفض الأسعار (وكلا الأمرين قيد المناقشة داخل الكونغرس)، فإن الكثير من الأشخاص الذين يعانون حالات طبية خطيرة يجدون أنفسهم مضطرين إلى التخلي عن الأدوية الأكثر فاعلية المضادة للسمنة التي شهدناها على الإطلاق».

* رسالة هارفارد الصحية - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام
TT

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

مؤشرات وزن الجسم

يستخدم «مؤشر كتلة الجسم» BMI الذي يحسب مقدار وزن الجسم بالكيلوغرامات، مع الأخذ بالاعتبار مقدار طول الجسم بالمتر، ليعطينا «رقماً» يفصل بين 3 حالات: الحالة الطبيعية، وزيادة الوزن، والسمنة.

ونلجأ كذلك إلى قياس «محيط الخصر» WC بعدد السنتيمترات بوصفه «رقماً» يميز وجود سمنة البطن من عدم ذلك.

في السنوات الأخيرة ازداد ظهور أمراض ذات صلة بالسلوكيات غير الصحية في نمط عيش الحياة اليومية، وعادات الأكل السيئة، وتداعيات التقدم التكنولوجي الذي يفصل الناس عن ممارسة النشاط البدني. وقد ثبت تجريبياً أن العواقب الصحية السلبية لذلك تنمو على مستوى العالم بمعدل مثير للقلق. وهي تشمل السمنة Obesity، ومرض السكري من النوع 2، وأمراض القلب.

وإلى جانب ظهور «أمراض نمط الحياة» هذه، هناك انتشار زائد لمتلازمة التمثيل الغذائي Metabolic Syndrome، وهي مجموعة من الاضطرابات الأيضية في العمليات الكيميائية الحيوية التي تجري في الجسم، وترتبط بمقاومة الجسم لمفعول الإنسولين، ونشوء عمليات بطيئة ومستمرة في الالتهابات، واضطرابات الدهون في الدم (خصوصاً ارتفاع الدهون الثلاثية)، وارتفاع ضغط الدم.

«سمنة مركزية» ووزن طبيعي

ومن بين كل ذلك، تطفو السمنة البطنية (السمنة المركزية Central Obesity)، التي تتميز بزيادة كمية الأنسجة الشحمية (الشحوم الصفراء) داخل البطن، بوصفها علامة مميزة في كثير من تلك الحالات.

والسؤال الذي يتبادر للذهن: هل الأمر في شأن الأضرار الصحية مرتبط بالسمنة بوصفها حالة عامة في زيادة كتلة عموم الجسم أم أن الأمر مرتبط على وجه الخصوص بزيادة تراكم الشحوم في البطن (محيط منطقة الوسط)؟

والأدق أيضاً في طرح هذا السؤال عندما يكون لدى المرء حالة «الوزن الطبيعي مع سمنة بطنية» NWCO، أي عندما يكون وزن الجسم طبيعياً لدى الشخص بالنسبة لطوله، ولكن في الوقت نفسه لديه سمنة بطنية... هل من الممكن أن يكون هذا الشيء ضاراً ويمثل خطراً صحياً؟

والإجابة عن هذا السؤال تحتاج بداية إلى التساؤل بالأصل: هل ثمة «مشروعية طبية» لطرح مثل هذا السؤال؟

والإجابة نعم بالتأكيد، أن ثمة مشروعية طبية في طرح هذا السؤال لدواع شتى، أهمها اثنان، هما:

- الداعي الأول أن هناك أمثلة من سمنة أجزاء معينة في الجسم، ثبت أن ليس لها ضرر صحي واضح، حتى لو كان لدى الشخص ارتفاع في مقدار وزن الجسم، وارتفاع في مؤشر كتلة الجسم. وتحديداً أفادت نتائج دراسات عدة بأن سمنة شحوم الأرداف بحد ذاتها لدى النساء، ليس لها تأثير صحي ضار يوازي وجود سمنة تراكم شحوم البطن لديهن. وكذلك ثبت أن سمنة كتلة عضلات الجسم (زيادة مقدار وزن الجسم بسبب زيادة وزن كتلة العضلات فيه وليس زيادة تراكم الشحوم)، التي قد تزيد في مقدار مؤشر كتلة الجسم لتجعله ضمن نطاق السمنة، ليس لها تأثيرات سلبية مقارنة مع سمنة زيادة كتلة الشحوم في الجسم بالعموم وفي البطن على وجه الخصوص. وثبت أيضاً أن سمنة الوزن الطبيعي، مع تدني حجم كتلة العضلات، وارتفاع كتلة الشحوم Sarcopenic Obesity، لها تأثيرات ضارة لا تقل عن سمنة زيادة مؤشر كتلة الجسم.

- الداعي الآخر أن نحو 25 في المائة من البالغين ذوي الوزن الطبيعي، يُصنفون بالفعل على أن لديهم سمنة تراكم شحوم البطن، وفي الوقت نفسه يكون وزن أجسامهم طبيعياً، وفق «المجلة الطبية البريطانية BMJ» عدد 26 أبريل (نيسان) 2017. وهذه النسبة مقاربة جداً للإحصاءات الطبية في الولايات المتحدة. وفي مجتمعات أخرى ثبت أنها أعلى وفق نتائج دراسات طبية فيها. وهي نسبة مهمة بين عموم البالغين الذين قد يعتقدون أن كون مقدار وزن جسمهم طبيعياً يعني تلقائياً أنه لا ضرر متوقعاً عليهم من تراكم الشحوم في بطونهم.

دراسات سمنة البطن

والملاحظ أن الأوساط الطبية تأخرت كثيراً في الاهتمام بهذه الوضعية الصحية ومعرفة آثارها. وأيضاً تأخرت في وضع إرشادات ونصائح طبية للتعامل معها. وفي دراسة مشتركة لباحثين من جامعة آيوا، ومن كلية ألبرت آينشتاين للطب بنيويورك، ومن جامعة كاليفورنيا، ومن كلية الطب بجامعة هارفارد، ومن مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان في سياتل، تم طرح الأمر في دراسة بعنوان: «ارتباط السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بالوفيات بين النساء». ونشر ضمن عدد 24 يوليو (تموز) 2019 من مجلة «شبكة جاما المفتوحة» JAMA NETWORK Open، الصادرة عن «الجمعية الطبية الأميركية» AMA.

وقال فيها الباحثون: «السمنة المركزية، التي تتميز بتراكم الشحوم في منطقة البطن بشكل مرتفع نسبياً، ارتبطت بارتفاع خطر الوفاة، بغض النظر عن مقدار مؤشر كتلة الجسم. ومع ذلك، فإن الأفراد الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي مع السمنة المركزية يتم إهمالهم عادة في الإرشادات الإكلينيكية. وعلاوة على ذلك لا يحظى الأفراد الذين يعانون من السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي باهتمام كبير في وضع استراتيجيات الحد من المخاطر، مثل تعديلات نمط الحياة والتدخلات الأخرى».

ولكن حتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، قد يكون أولئك الذين يعانون من السمنة المركزية مُعرّضين لخطر زائد للوفاة بسبب تراكم الشحوم المفرط في البطن. وفي نتائج دراستهم التي شملت أكثر من 160 ألف امرأة أفادوا بالقول: «ارتبطت السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة بالسرطان، مقارنة بالوزن الطبيعي دون السمنة المركزية».

عوامل خطر أيضية قلبية

ومن ثمّ بدأت تصدر دراسات طبية من مناطق مختلفة من العالم حول هذا الأمر. وعلى سبيل المثال، نذكر دراسة حديثة من الصين، وأخرى من بنما.

وفي دراسة بعنوان: «ارتباط السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بارتفاع ضغط الدم»، تم نشرها العام الماضي، عدد 8 مارس (آذار) 2023 من مجلة «BMC» لاضطرابات القلب والأوعية الدموية، لباحثين من الصين، أفادوا بالقول: «السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي (NWCO) هي حالة أيضية تم وصفها أخيراً في عدد قليل من الدراسات. ويتم تجاهل الأفراد المصابين بها بسهولة في الرعاية الصحية الروتينية، بسبب التركيز الصارم على مؤشر كتلة الجسم».

وأضافوا: «قد يكون لدى الفرد ذي الوزن الطبيعي نسبة شحوم كبيرة في الجسم، وهو ما لا يظهر عندما يكون مقدار مؤشر كتلة الجسم طبيعياً. وتشير الأدلة الموجودة إلى أن السمنة المركزية، التي تتميز بالتراكم المرتفع نسبياً للشحوم في البطن، ترتبط ارتباطاً أقوى بعوامل الخطر الأيضية القلبية من السمنة العامة، وحتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي». وخلصوا في نتائجهم إلى القول: «ترتبط السمنة المركزية، كما هو محدد بواسطة محيط الخصر، بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى البالغين ذوي مؤشر كتلة الجسم الطبيعي».

وضمن عدد يونيو (حزيران) 2022 من مجلة «لانسيت للصحة الإقليمية - بالأميركتين» The Lancet Regional Health - Americas، نشر باحثون من كلية الطب بجامعة بنما، حول انتشار السمنة المركزية والتعرف على مدى وجود عوامل الخطر القلبية الأيضية Cardiometabolic risk لديهم.

ويتم تعريف مخاطر القلب والأيض على أنها مجموعة من التشوهات في العمليات الأيضية الكيميائية الحيوية، وفي القلب، وفي الأوعية الدموية، بما في ذلك السمنة البطنية، ومقاومة الإنسولين، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الكولسترول، ودهون الدم، وتصلب الشرايين، التي تجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، والأوعية الدموية، ومرض السكري من النوع 2.

ولاحظوا أن باستخدام مؤشر «نسبة الخصر إلى الطول»WHtR، كان معدل انتشار السمنة البطنية نحو 44 في المائة بين الذين بالأساس لديهم مؤشر كتلة الجسم طبيعياً. وقالوا في نتائجهم: «ارتبطت السمنة البطنية مع الوزن الطبيعي للجسم بعوامل الخطر القلبية الوعائية، خصوصاً مع ارتفاع تركيز الدهون الثلاثية. قد يكون تقييم السمنة البطنية على مستوى الرعاية الصحية الأولية تقنية مفيدة لتحديد الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي مع خصائص السمنة الأيضية».

ولذا إذا أردنا ألا نفقد متابعة هذه الفئة من الناس، فيجدر قياس محيط الوسط مع قياس وزن الجسم وحساب مؤشر كتلة الجسم، والالتفات إلى كليهما في التقييم الإكلينيكي. وللتوضيح، على الرغم من حقيقة أن مؤشر كتلة الجسم يتم استخدامه على نطاق واسع لتحديد السمنة في الممارسة الإكلينيكية، فإن أحد القيود المهمة لمؤشر كتلة الجسم هو أنه لا يميز بين أشكال مكونات تركيبات أجزاء الجسم المختلفة، حيث قد يكون لدى الفرد ذي الوزن الطبيعي نسبة شحوم متزايدة في منطقة من الجسم، ولكنها قد تكون مخفية بالقيمة الطبيعية لمؤشر كتلة الجسم.

وحتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، فإن أولئك الذين لديهم نسبة عالية من الشحوم في الجسم، لديهم انتشار أعلى لمتلازمة التمثيل الغذائي ومكوناتها من أولئك الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي، ونسبة شحوم في الجسم طبيعية.

25 % من البالغين ذوي الوزن الطبيعي لديهم سمنة تراكم شحوم البطن

تشخيص السمنة بالأساس مجرد حسابات من الأرقام

* عند التكلم عن السمنة في جانب التشخيص، علينا ابتداءً استخدام لغة الأرقام. ومن بين عدة «طرق» مطروحة لدى الأوساط العلمية والطبية، يظل «الأشهر»، و«الأقرب» هو الطرق الأربع التالية في تقييم وزن الجسم والسمنة:

- حساب «مؤشر كتلة الجسم» BMI يتم بقسمة مقدار الوزن بالكيلوغرامات على مربع طول الجسم بالمتر. و«الطبيعي» أن يكون مؤشر كتلة الجسم ما بين 20 إلى 25، أما ما بين 25 و30 فهو «زيادة في الوزن»، وما بين 30 إلى 35 فهو «سمنة»، وما بين 35 و40 فهو «سمنة شديدة»، وما فوق ذلك هو «سمنة مفرطة».

- حساب محيط الخصر Waist Circumference هو طريقة مهمة في تقييم سمنة البطن بالذات. وبدقة، يتم قياس محيط الخصر عند مستوى منتصف المسافة بين أدنى ضلع ملموس وبين الحافة الحرقفية لأعلى قوس عظمة الحوض، وذلك تقريباً أعلى قليلاً من السرّة، بعد إخراج هواء الزفير من النفس، أي قياس محيط أصغر جزء من الخصر. ولكن تجدر ملاحظة أن محيط الخصر يختلف في المجتمعات الجغرافية المختلفة وفق متوسط الطول فيها وعموم حجم الجسم.

ووفقاً للمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة NIH، فإن محيط الخصر الذي يزيد على 102 سنتيمتر (40 بوصة) للرجال ويزيد على 88 سنتيمتراً (35 بوصة) للنساء (غير الحوامل)، هو سمنة البطن. بينما لدى ذوي الأصول من جنوب شرقي آسيا، فإن الطبيعي نحو 94 سنتيمتراً (37 بوصة) للرجال و80 سنتيمتراً (31 بوصة) للنساء. ولذا تحتاج المجتمعات المختلفة دراسات لتقييم الطبيعي وغير الطبيعي في ذلك.

- حساب نسبة محيط الخصر إلى محيط الورك WHR. ومحيط الورك Hip Circumference يختلف عن محيط الخصر، حيث إن محيط الورك هو قياس محيط الجزء الأكبر من الوركين، أي الجزء الأوسع من كتلة الأرداف. والطبيعي أن تكون تلك النسبة أقل من 0.95 للرجال، وأقل من 0.80 للنساء. وما فوق ذلك فهو سمنة. وهي طريقة يتم بها التغلب على وجود حجم أكبر في الأرداف التي تكون الشحوم فيها مختلفة عن نوعية الشحوم التي في البطن. وتحديداً شحوم بيضاء في الأرداف، وشحوم صفراء في البطن.

- حساب نسبة الخصر إلى الطول WHtR: يكون بقسمة مقدار محيط الخصر على مقدار الطول. والطبيعي أن يكون أقل من 0.5، وما فوق ذلك هو سمنة. وهي طريقة يتم من خلالها التغلب على الاختلافات العرقية في متوسط الطول لدى غالبية الناس في المجتمعات المختلفة.