عواقب الحروب على الصحة العقلية

10 % من المعرّضين للصدمات سيعانون من مشكلات خطيرة في الصحة العقلية

عواقب الحروب على الصحة العقلية
TT

عواقب الحروب على الصحة العقلية

عواقب الحروب على الصحة العقلية

تُعد التأثيرات الصحية العقلية من أخطر عواقب الحروب على السكان المدنيين وعلى الفريقين المشاركين في طرفي النزاع، حيث تُظهر الدراسات التي أجريت على عامة السكان زيادة واضحة في حدوث وانتشار الاضطرابات العقلية. وتتأثر النساء أكثر من الرجال، تليهم الفئات الضعيفة الأخرى، وهم الأطفال والمسنون والمعاقون. وترتبط معدلات الانتشار بدرجة الصدمة ومدى توفر الدعم الجسدي والعاطفي.

وتنقل وسائل الإعلام في كل لحظة أهوال حالة «الحرب» المستمرة والمشتعلة، وتصور بعض الاقتباسات الأخيرة من وسائل الإعلام تأثير الحرب على الصحة العقلية، ومنها: «صدمة الحرب تترك أثراً جسدياً»، و«إننا نعيش في حالة من الخوف المستمر»، و«إن الحرب تؤثر سلباً على الصحة العقلية»، و«الحرب جحيم... لها تأثير لا يُشفى أبداً على الضحايا من المدنيين والأشخاص الذين يشاركون فيه»، و«الحرب فظيعة وتتجاوز فهم وتجربة معظم الناس»، و«لقد نشأ اليوم جيل لا يعرف سوى الحرب».

لقد برزت عدد من القضايا من الأدبيات الواسعة حول مدى انتشار ونمط آثار الحرب وحالات الصراع على الصحة العقلية، فهل التأثيرات النفسية ومظاهرها عالمية؟ ما هو تعريف الحالة التي تتطلب التدخل؟ كيف ينبغي قياس التأثيرات النفسية؟ ما هو المسار طويل الأمد للأعراض والمتلازمات المرتبطة بالتوتر؟

كل هذه القضايا تحتاج إلى معالجة من خلال إجراء دراسات مستقبلية وتحليل الدراسات السابقة.

الحروب والطب النفسي

تقول الدكتورة راشمي لاكشمينارايانا (RASHMI LAKSHMINARAYANA) من مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي، لندن، المملكة المتحدة، لقد كان للحروب دور مهم في تاريخ الطب النفسي بعدة طرق. فقد كان التأثير النفسي للحروب العالمية على شكل صدمة قذيفة هو الذي دعم فاعلية التدخلات النفسية خلال النصف الأول من القرن العشرين. وكان الاعتراف بوجود نسبة من السكان غير مناسبين للتجنيد في الجيش خلال الحرب العالمية الثانية هو الذي حفز إنشاء المعهد الوطني للصحة العقلية في الولايات المتحدة الأميركية.

إن الاختلافات في عرض الأعراض النفسية للمدنيين المعرضين لخطر الحرب، وكذلك بين الضباط والجنود، فتحت طرقاً جديدة لفهم ردود الفعل النفسية تجاه التوتر. وعلى مر العقود، تناولت كتب كثيرة ووثائق مختلفة آثار الحرب على الصحة النفسية. ومن بينها كتاب: «الكوارث والصحة العقلية Disasters and mental health»، وتقرير البنك الدولي «الصحة العقلية والصراعات - الإطار المفاهيمي والنهج Mental health and conflicts - Conceptual framework and approaches»، وكتاب الأمم المتحدة «التدخلات في الصدمات في الحرب والسلام: الوقاية والممارسة والسياسة Trauma interventions in war and peace: prevention, practice and policy»، ووثيقة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) «حالة الأطفال في العالم - الطفولة تحت التهديد The state of the world's children - Childhood under threat»، وكتاب «الصدمة ودور الصحة العقلية في التعافي بعد الصراع Trauma and the role of mental health in postconflict recovery»، وفصل عن «الحرب والصحة العقلية في أفريقيا War and mental health in Africa».

الحروب وتدمير الأمم

للحروب تأثير كارثي على صحة ورفاهية الأمم، فقد أظهرت الدراسات أن حالات الصراع تسبب المزيد من الوفيات والعجز أكثر من أي مرض رئيسي. تدمر الحرب المجتمعات والأسر، وغالباً ما تعطل تنمية النسيج الاجتماعي والاقتصادي للأمم.

تشمل آثار الحرب الأضرار الجسدية والنفسية طويلة المدى للأطفال والكبار، فضلاً عن انخفاض رأس المال المادي والبشري. إن الموت نتيجة للحروب هو ببساطة «قمة جبل الجليد».

ولم يتم توثيق العواقب الأخرى، إلى جانب الموت، بشكل جيد. وهي تشمل الفقر المتوطن، وسوء التغذية، والإعاقة، والتدهور الاقتصادي/ الاجتماعي، والأمراض النفسية والاجتماعية، على سبيل المثال لا الحصر.

ولن يتسنى وضع استراتيجيات متماسكة وفعالة للتعامل مع مثل هذه المشكلات إلا من خلال فهم أكبر للصراعات وعدد لا يحصى من مشكلات الصحة العقلية التي تنشأ عنها. (وفقاً للمكتبة الوطنية للطب «National Library of Medicine, NIH»، المعاهد الوطنية للصحة).

الحروب والأدبيات المنشورة

لقد تم تسليط الضوء على الأهمية التي توليها منظمة الصحة العالمية للتعامل مع الصدمات النفسية الناجمة عن الحرب من خلال قرار منظمة (جمعية) الصحة العالمية في مايو (أيار) 2005، الذي حث الدول الأعضاء على تعزيز العمل لحماية الأطفال من الصراعات المسلحة. وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي حث على دعم تنفيذ برامج إصلاح الأضرار النفسية الناجمة عن الحروب والصراعات والكوارث الطبيعية.

وقدرت منظمة الصحة العالمية أنه في حالات النزاعات المسلحة في جميع أنحاء العالم، فإن 10 في المائة من الأشخاص الذين يتعرضون لأحداث صادمة سيعانون من مشكلات خطيرة في الصحة العقلية، و10 في المائة آخرين سيتطور لديهم سلوك من شأنه أن يعيق قدرتهم على العمل بفاعلية. وأكثر الحالات شيوعاً هي الاكتئاب والقلق والمشكلات النفسية الجسدية مثل الأرق أو آلام الظهر والمعدة.

نُشرت العديد من الأدبيات حول تأثير الحرب على الصحة العقلية لعامة السكان واللاجئين والجنود والفئات الضعيفة المحددة.

دراسات الحرب والصحة العقلية

يقول الدكتور/ ر. سرينيفاسا مورثي (R. SRINIVASA MURTHY) بروفيسور الطب النفسي في منظمة الصحة العالمية المكتب الإقليمي لشرق المتوسط، «لقد كان الصراع في البلقان واحداً من أكثر الصراعات التي تمت دراستها على نطاق عالمي واسع. في السنوات الأخيرة، تم فحص الصحة العقلية للناجين من طرفي الصراع».

أظهرت دراسة أولية أجريت بين اللاجئين البوسنيين وجود علاقة بين الاضطرابات النفسية (الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة) والإعاقة. وخلصت دراسة المتابعة لمدة 3 سنوات على المجموعة نفسها، إلا أن اللاجئين البوسنيين السابقين الذين ظلوا يعيشون في المنطقة استمروا في إظهار الاضطرابات النفسية والإعاقة بعد التقييم الأولي.

وجدت دراسة استقصائية لعينة عنقودية مقطعية بين ألبان كوسوفو الذين تتراوح أعمارهم 15 عاماً أو أكثر أن 17.1 في المائة أبلغوا عن أعراض اضطراب ما بعد الصدمة. كان هناك انخفاض خطي كبير في حالة الصحة العقلية والأداء الاجتماعي مع زيادة عدد الأحداث الصادمة لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر، الذين يعانون من أمراض نفسية سابقة أو حالات صحية مزمنة.

وكان النازحون داخلياً معرضين بشكل مزداد لخطر الإصابة بالأمراض النفسية. إذ أعرب الرجال (89 في المائة) والنساء (90 في المائة) عن مشاعر كراهية قوية تجاه الصرب، حيث ذكر 44 في المائة من الرجال و33 في المائة من النساء أنهم سيتصرفون بناءً على هذه المشاعر.

في دراسة عن الصحة العقلية والحالة التغذوية بين الأقلية العرقية الصربية في كوسوفو، كانت درجات استبيان الصحة العامة (GHQ) - في الفئات الفرعية للخلل الاجتماعي والاكتئاب الشديد مرتفعة، لدى النساء وأولئك الذين يعيشون بمفردهم أو في أسرة صغيرة الوحدات أكثر عرضةً للإصابة بالأمراض النفسية. وفي عينة مجتمعية مكونة من 2796 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 9 و14 عاماً تم الإبلاغ عن مستويات عالية من أعراض ما بعد الصدمة وأعراض الحزن. وكان هذا مرتبطاً بكمية ونوع التعرض. وذكرت الفتيات المزيد من الضيق من الأولاد.

عوامل الخطر

ومن خلال الكم الكبير من الدراسات التي تمت مراجعتها، يمكن استخلاص بعض عوامل الخطر والارتباطات الواسعة:

* النساء: تتعرض النساء بشكل مزداد للعواقب النفسية للحرب، هناك أدلة على وجود علاقة عالية بين محنة الأمهات والأطفال في حالة الحرب. ومن المعروف الآن أن اكتئاب الأمهات في فترة ما قبل الولادة وما بعدها يتنبأ بضعف النمو في عينة مجتمعية من الرضع. يلعب الدعم الاجتماعي والقابلات التقليديات دوراً رئيسياً في تعزيز الصحة النفسية والاجتماعية للأمهات في المناطق المتضررة من الحرب. إن العلاقة بين العنف القائم على النوع الاجتماعي والاضطرابات النفسية الشائعة معروفة جيداً. وعلى الرغم من ضعف المرأة، فقد تم الاعتراف بقدرتها على الصمود تحت الضغط ودورها في إعالة أسرتها.

* الأطفال والمراهقون: هناك أدلة ثابتة على ارتفاع معدلات المشكلات النفسية المرتبطة بالصدمات النفسية لدى الأطفال. التقارير الأكثر إثارةً هي تلك الواردة من فلسطين. ومن بين مختلف الفئات العمرية، فإن الأكثر عرضة للخطر هم المراهقون.

* الصدمة (trauma): العلاقة المباشرة بين درجة الصدمة وكمية المشكلات النفسية متسقة عبر عدد من الدراسات. كلما زاد التعرض للصدمة - الجسدية والنفسية - كلما كانت الأعراض أكثر وضوحاً.

* الحياة اللاحقة (subsequent life): أحداث الحياة اللاحقة وارتباطها بحدوث مشكلات نفسية لها آثار مهمة على إعادة التأهيل السريع والكامل وسيلةً لتقليل الآثار السيئة لحالات الصراع.

تتفق الدراسات في إظهار قيمة كل من الدعم المادي والدعم النفسي في التقليل من آثار الصدمات المرتبطة بالحرب، فضلاً عن دور الدين والممارسات الثقافية وسيلةً للتعامل مع حالات الصراع، وفقاً للجمعية العالمية للطب النفسي (World Psychiatry Society).

تتأثر النساء أكثر من الصدمات يليهن الأطفال والمسنون والمعاقون

الخلاصة، فقد تم توثيق حدوث مجموعة واسعة من الأعراض والمتلازمات النفسية لدى السكان في حالات الصراع على نطاق واسع من خلال الأبحاث المتاحة. ومع ذلك، تقدم الأبحاث أيضاً أدلة على قدرة أكثر من نصف السكان على الصمود في مواجهة أسوأ الصدمات في حالات الحرب. ليس هناك شك في أن السكان في حالات الحرب والصراع يجب أن يحصلوا على رعاية الصحة العقلية كجزء من عمليات الإغاثة وإعادة التأهيل وإعادة الإعمار الشاملة. وكما حدث في النصف الأول من القرن العشرين، عندما أعطت الحرب دفعة كبيرة لتطور مفاهيم الصحة النفسية، فإن دراسة التبعات النفسية لحروب القرن الحالي يمكن أن تضيف فهماً وحلولاً جديدة لمشكلات الصحة النفسية بشكل عام.

من المهم الإشارة إلى أن منظمة الصحة العالمية وبعض الهيئات الأخرى المرتبطة بالأمم المتحدة قد أنشأت مؤخراً فريق عمل لتطوير «الصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي في حالات الطوارئ»، ومن المتوقع أن تكمل نشاطها في عام واحد.

*استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

صحتك تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (د.ب.أ)

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا وغيرهما من الفيروسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يُعدّ اكتئاب ما بعد الولادة من المشكلات النفسية المزعجة التي تعاني منها الأمهات (رويترز)

كيف تتخطين «اكتئاب ما بعد الولادة»؟

يُعدّ اكتئاب ما بعد الولادة من المشكلات النفسية المزعجة التي تعاني منها الأمهات، وقد تستمر معهن لأشهر طويلة، وتتطور لدى بعضهن إلى حد التفكير في الانتحار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف (رويترز)

أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف

كشفت دراسة جديدة أن أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نصائح لتجنب الشعور بالتعب والإرهاق وسط برودة الطقس

ينصح خبراء التغذية بنصائح عدة لزيادة النشاط وتجنب التعب في الشتاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

لتطوير علاجات مضادة للهرم

د. أنتوني كوماروف (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات
TT

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

بينما تلاشت جائحة «كوفيد» إلى حدٍ كبير في خلفية الأحداث اليومية، لا يزال جانب واحد من الفيروس المسبب لها باقياً: «كوفيد طويل الأمد».

«كوفيد طويل الأمد»

يُعرَّف «كوفيد طويل الأمد» Long COVID بأنه استمرار أو تطور أعراض جديدة بعد ثلاثة أشهر على الأقل من الإصابة الأولية بفيروس «سارس-كوف-2» SARS-CoV-2 (الفيروس المسبب لكوفيد) دون أي تفسير آخر.

يؤثر «كوفيد الطويل الأمد» على ما يقدر بنحو 6 في المائة إلى 11 في المائة من البالغين الذين أصيبوا بـ«كوفيد»، وفقاً لأحدث الإحصائيات من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، فيما يواصل العلماء معرفة المزيد حول كيفية تأثيره على الناس وآثاره المحتملة على المدى الطويل.

حوار طبي حول «كوفيد»

للمساعدة في الإجابة على بعض الأسئلة الأكثر شيوعاً حول «كوفيد الطويل الأمد»، لجأنا إلى الدكتور مايكل فان إلزاكر Dr. Michael VanElzakker، عالم الأعصاب وباحث «كوفيد طويل الأمد» في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد.

صعوبة فرز «كوفيد طويل الأمد»

س. ما مقدار ما نعرفه عن «كوفيد طويل الأمد»؟

- الدكتور فان إلزاكر: نحن نعرف الكثير. وهناك بعض الأدلة الجيدة حول ما قد يكون سبباً للأعراض. ​​ومع ذلك، فإن البحث يعاني من صعوبة فرزه لسببين رئيسيين. الأول هو أن كوفيد ظاهرة جديدة، لذلك ليس لدينا العديد من الدراسات طويلة الأمد. أما التحدي البحثي الرئيسي الثاني فهو أن «كوفيد الطويل» هو تسمية واسعة النطاق تشمل أي أعراض جديدة استمرت أو تطورت بعد الإصابة الأولية بفيروس «سارس - كوف - 2».

الأعراض

بالنسبة لبعض الأشخاص، قد يعني هذا إرهاقاً شديداً بشكل غير عادي أو صعوبة في التركيز، ولكنه قد يعني أيضاً ضيق التنفس أو فقدان حاسة التذوق أو الشم أو الصداع النصفي أو رنين في الأذنين أو حتى تساقط الشعر.

أضف إلى ذلك أن الدراسات التي تشمل كل أنواع «كوفيد الطويل» لا تحظى باحتمالية كبيرة لإيجاد إجابات، وأفضل أبحاث «كوفيد الطويل» تختار بعناية أنواعاً معينة من المرضى.

أسباب متنوعة

س. ما الذي يسبب «كوفيد الطويل»؟

- الدكتور فان إلزاكر: نظراً لأن «كوفيد الطويل» ظاهرة متنوعة، فمن المرجح أن تكون الأسباب متنوعة. على سبيل المثال، إذا أصيب أحد المرضى بحالة شديدة من «كوفيد - 19» تركته في المستشفى، فقد يكون لبعض أعراضه طويلة الأمد علاقة كبيرة بإصابة الأنسجة التي حدثت له عندما كان مريضاً.

ولكن بالنسبة للمرضى الذين أصيبوا بحالة خفيفة أو معتدلة من «كوفيد - 19» وما زالوا يشعرون بالمرض، فهناك العديد من النظريات. أحد الاحتمالات المباشرة هنا هو أن الفيروس لم يتم القضاء عليه بالكامل أبداً ويستمر في خزان يحفز الالتهاب والأعراض، على الأقل في مجموعة فرعية من المرضى.

تم العثور على دليل على وجود بروتينات نشطة لفيروس «سارس-كوف-2» أو بروتينات فيروسية مثل بروتين «سبايك» في عينات الدم وخزعات الأنسجة لبعض الأشخاص المصابين بـ«كوفيد - 19» لفترة طويلة.

مدة استمرار المرض

س. كم من الوقت يستمر «كوفيد طويل الأمد»؟

- الدكتور فان إلزاكر: لا نعرف الإجابة لأن كوفيد جديد جداً، لكن بعض الأشخاص الذين مرضوا في الموجة الأولى منذ أكثر من أربع سنوات ما زالوا مرضى.

وأفاد معظم الأشخاص الذين يعانون من أعراض «كوفيد» أنهم تعافوا تماماً في غضون ثلاثة أشهر (وغالباً في غضون أيام أو أسابيع قليلة). هناك أيضاً العديد من الحالات التي يستغرق فيها التعافي وقتاً أطول من ثلاثة أشهر، لكن الناس أفادوا في النهاية بالعودة إلى طبيعتهم.

من المعرضون أكثر له؟

س. هل بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بـ«كوفيد طويل الأمد»؟

- الدكتور فان إلزاكر: نظراً لأن معظم الأشخاص أصيبوا بـ«كوفيد» الآن، لكن مجموعة فرعية فقط تعاني من «كوفيد طويل الأمد»، فلا بد أن يكون هناك بعض الضعف.

الشدة الأولية للمرض هي أحد العوامل، إلى جانب بعض الحالات مثل مرض السكري، أو العدوى الموجودة مثل فيروس «إبشتاين بار»، أو أمراض القلب أو الرئة الموجودة.

ومع ذلك، ليس كل من يعاني من «كوفيد طويل الأمد» لديه عوامل خطر واضحة. هناك تأثير تراكمي كذلك. وربما أيضاً ليس من الأخبار الجيدة أن العديد منا يصابون بالعدوى المتكررة.

العلاج بإدارة الأعراض

س. كيف يتم علاج «كوفيد طويل الأمد»؟

-الدكتور فان إلزاكر: تركز معظم الرعاية السريرية طويلة الأمد لـ«كوفيد» حالياً على إدارة الأعراض، نظراً لأن الاختبارات السريرية الحالية لا تحدد الآليات البيولوجية الأساسية التي تحرك الأعراض. ​​هناك العديد من طرق البحث في التجارب السريرية الجارية، بما في ذلك تلك التي تستخدم العلاجات المناعية التي تدعم بدلاً من قمع الجهاز المناعي وأساليب مختلفة مضادة للفيروسات.

يدرس الباحثون أيضاً كيفية التعرف على الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بـ«كوفيد» طويل الأمد عندما يصابون بالعدوى في البداية والعلاجات المبكرة التي قد تساعد.

مضاعفات المرض

س. هل يسبب كوفيد طويل الأمد مضاعفات طويلة الأمد؟

-الدكتور فان إلزاكر: نظراً لأن «كوفيد» يبلغ من العمر خمس سنوات فقط، فقد بدأنا للتو في التعرف على العواقب طويلة الأمد لكل من الحالة الأولية لـ«كوفيد» و«كوفيد طويل الأمد». لسوء الحظ، نعلم من الدراسات الأولية أن خطر تفاقم الأعراض لدى الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة يزداد مع التعرض لـ«كوفيد». ويشمل ذلك أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري ومرض ألزهايمر لدى كبار السن. مع مرور الوقت، قد نتعلم المزيد من المخاطر.

س. كيف يمكنك حماية نفسك من «كوفيد طويل الأمد»؟

-الدكتور فان إلزاكر: التطعيم يقلل من خطر الإصابة بـ«كوفيد طويل الأمد» بعد الإصابة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الناس الاستمرار في ارتداء أقنعة «كيه إن 95» KN95 الملائمة في الأماكن العامة المزدحمة، مثل المطارات والمتاجر.

• رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا».