الفلورايد الزائد في الماء يُضعف الإدراك عند الأطفال

من التداعيات تزايُد الأخطاء في اختبارات الرسم والذاكرة

الفلورايد الزائد في الماء يرتبط بانخفاض معدّل الذكاء (بابليك دومين)
الفلورايد الزائد في الماء يرتبط بانخفاض معدّل الذكاء (بابليك دومين)
TT

الفلورايد الزائد في الماء يُضعف الإدراك عند الأطفال

الفلورايد الزائد في الماء يرتبط بانخفاض معدّل الذكاء (بابليك دومين)
الفلورايد الزائد في الماء يرتبط بانخفاض معدّل الذكاء (بابليك دومين)

أكدت دراسة حديثة لجامعة تولين الأميركية أنّ «الفلورايد الزائد في الماء مرتبط بخطر إصابة الأطفال بالضعف الإدراكي». وأوضحت الدراسة المنشورة نتائجها في دورية «Neurotoxicology and Teratology»، (الخميس)، أنّ «التقديرات تشير إلى أنّ أكثر من 200 مليون شخص حول العالم يتعرّضون لمستويات عالية من الفلورايد في مياه الشرب».

والفلورايد ضروري لمنع تسوّس الأسنان، لكن الكمية الزائدة منه في الماء ترتبط بانخفاض معدّل الذكاء في الدراسات الوبائية السابقة التي أجريت في مجتمعات ريفية بالصين والهند.

إلى ذلك، أظهرت البحوث السابقة على الحيوانات أنّ الفلورايد يمكنه عبور المشيمة وحواجز الدم في الدماغ والمناطق التي تفتقر إلى مصادر مياه بديلة. هذا يعني أنّ التعرّض الزائد له يمكن تسبّبه بمشكلة مزمنة تبدأ أخطارها مبكراً عند الحمل.

وأجريت الدراسة على 74 طفلاً في سنّ المدرسة، يعيشون في ريف إثيوبيا، حيث تستخدم المجتمعات الزراعية آباراً بمستويات متفاوتة من الفلورايد الموجود طبيعياً، تتراوح ما بين 0.4 إلى 15.5 ملليغرام في اللتر، في حين توصي منظمة الصحة العالمية بأن تكون مستويات الفلورايد في الماء أقل من 1.5 ملليغرام في اللتر.

ويُعدّ الوادي المتصدّع في إثيوبيا، حيث أجريت الدراسة، منطقة بحث مثالية للتحقيق في التأثيرات المحتملة للفلورايد، لتعرُّض تلك المنطقة باستمرار لمستويات الفلورايد الموجودة بشكل طبيعي في المياه.

وقيّم الباحثون قدرات الأطفال على رسم أشياء مألوفة مثل حمار أو منزل، في حين استخدموا اختبار الذاكرة القياسي المُحوسب، الذي يقيس قدرة الشخص على تخزين المعلومات واسترجاعها، أداةً أخرى لقياس القدرة المعرفية للأطفال. ويُجرى هذا الاختبار عادة على جهاز كمبيوتر، وغالباً ما يكون تفاعلياً.

ووجدت الدراسة أنّ التعرّض الزائد للفلورايد في مياه الشرب مرتبط بالضعف الإدراكي لدى الأطفال، وبمزيد من الأخطاء في اختبارات الرسم والذاكرة.

وقال الباحث الرئيسي للدراسة في كلية الصحة العامة والطب الاستوائي بجامعة تولين الأميركية، الدكتور تيودروس غوديبو، إنّ «العلاقة السببية بين التعرّض للفلورايد والسّمّية العصبية لا تزال غير واضحة، لكن نأمل أن تحفّز هذه النتائج الأولية على إجراء مزيد من البحوث حول التأثيرات المعرفية المحتملة». وأضاف: «رغم أن ثمة حاجة إلى مزيد من الدراسات الوبائية للتحقّق من صحة النتائج، تكشف دراستنا قلقاً متزايداً بشأن التأثيرات السّمّية العصبية المحتملة للفلورايد، خصوصاً أثناء نمو الدماغ المبكر والطفولة».

ويأمل بإجراء دراسة جديدة على مجموعة أكبر من الأطفال في إثيوبيا، خصوصاً في مجتمعات تحظى بمياه منخفضة الفلورايد، حتى يتمكن من تحديد ما إذا كان الفلورايد ساماً للأعصاب عند مستويات منخفضة أيضاً.


مقالات ذات صلة

فانس في تصريحات قديمة: النساء العاملات «اخترن طريق البؤس» ورجال أميركا «مقموعون»

الولايات المتحدة​ جيه دي فانس المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس الأميركي (أ.ب)

فانس في تصريحات قديمة: النساء العاملات «اخترن طريق البؤس» ورجال أميركا «مقموعون»

قال المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس الأميركي إن النساء العاملات «يخترن طريق البؤس» بإعطاء الأولوية لمهنهن على حساب إنجاب الأطفال كما ادعى أن الرجال «مقموعون».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

خلاف بين محامي ترمب والمحقق الخاص بشأن الجدول الزمني لقضيته

ظهرت خلاف بين المدعي الخاص الذي يلاحق ترمب بتهمة محاولة إلغاء نتائج انتخابات 2020 وفريق الدفاع عن الرئيس السابق بشأن الجدول الزمني لإجراءات النظر في القضية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وابنته إيفانكا (إ.ب.أ)

ترمب: إيفانكا رفضت أن تصبح سفيرة لدى الأمم المتحدة وفضّلت توفير فرص عمل للملايين

قال الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، إن ابنته إيفانكا كان ينبغي أن تكون سفيرة للأمم المتحدة، و«القادة الأكثر روعة» يأتون من أسكوتلندا مثل والدته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص إيثان غولدريتش خلال المقابلة مع «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط) play-circle 00:45

خاص غولدريتش لـ «الشرق الأوسط»: لا انسحاب للقوات الأميركية من سوريا

أكد إيثان غولدريتش، مساعد نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى والمسؤول عن الملف السوري في الخارجية، أن القوات الأميركية لن تنسحب من سوريا.

رنا أبتر (واشنطن)
العالم عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)

كندا: نساء من السكان الأصليين يسعين لتفتيش موقع اختبارات سابق لـ«سي آي إيه»

تأمل نساء من السكان الأصليين بكندا وقفَ أعمال البناء في موقع مستشفى سابق في مونتريال، يعتقدن أنه قد يكشف حقيقة ما جرى لأبنائهن المفقودين عقب تجارب تعرّضوا لها.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية
إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية
TT

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية
إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية

كان الملح جزءاً أساسياً من الحضارة لآلاف السنين، وأثبت أنه ذو قيمة كبيرة بصفته مادة حافظة للأغذية، واستُخدم سابقاً عملةً في التجارة، لكن الآن، يُسبب لنا ضرراً لأننا، وفق موقع «ذا تلغراف»، نتناول منه نحو 8.4 غرام في اليوم، وهو أكثر من الحد الأقصى المسموح به، الذي يعادل ملعقة صغيرة واحدة (أي نحو 6 غرامات).

يسهم هذا الاستهلاك المرتفع في ارتفاع ضغط الدم، الذي يصيب واحداً من بين كل 3 أشخاص، ويزيد احتمال الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، واكتشف العلماء الآن أنه يعرض سلامتنا للخطر من خلال اضطراب الأمعاء.

تقول الطبيبة، إميلي ليمينغ، عالمة الميكروبيوم (الميكروبات) واختصاصية التغذية، إن استهلاك كمية كبيرة من الملح تحدث خللاً في توازن الميكروبات في الأمعاء.

تشير إحدى الدراسات التي نُشرت في مجلة «نيتشر»، وشملت 12 مشاركاً تناولوا كبسولة يومية تحتوي على 6 غرامات من الملح إلى جانب نظامهم الغذائي المعتاد، ما رفع استهلاكهم اليومي من الملح إلى نحو 14 غراماً، إلى أن الميكروبات المفيدة «اللاكتوباسيلس» كانت قد اختفت.

عبوة ملح على طاولة الطعام (غيتي)

وتوضح إميلي ليمينغ: «هذا يعني أن بكتيريا الأمعاء أصبحت أقل قدرة على صنع جزيئات خاصة تُعرف باسم الأحماض الدهنية ذات السلسلة القصيرة التي تُساعد على خفض الالتهابات، واسترخاء الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم».

وتشير الأبحاث أيضاً، وفقاً لموقع «ذا تلغراف»، إلى أن استهلاك كمية أكبر من الملح يؤدي لاختلال الشهية لأنه يتدخل في إطلاق هرمون «ببتيد شبيه بالغلوكاكون- 1» (GLP-1) وهو هرمون تنتجه الأمعاء بعد تناول الطعام لإطلاق الشعور بالشبع.

وتضيف ليمينغ: «هذه النتائج ترجح أن الأنظمة الغذائية الغنية بالملح قد تجعلنا أكثر جوعاً».

وتابعت: «هناك ارتباط مقلق بالسرطان أيضاً، فنحو 4 حالات من بين كل 10 حالات من سرطان المعدة تسببها العدوى ببكتيريا (الهليكوباكتر بيلوري). واستهلاك كميات زائدة من الملح يمكن أن يتلف طبقة المعدة، ما يجعلها أكثر عرضة لهذه العدوى».

ومع ذلك، هذا لا يعني أنه يجب التخلي تماماً عن الملح في نظامنا الغذائي.

إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية

تقول ليمينغ: «الملح مهم لأنه يساعد عضلاتنا على العمل بشكل صحيح، ويتيح للأعصاب إرسال الإشارات، ويحافظ على توازن الماء والمعادن في أجسامنا».

ومع ذلك، تقدر أن الجسم يحتاج فقط إلى ربع ملعقة صغيرة (نحو 1.25 غرام) يومياً، والتي يحصل عليها معظم الأشخاص من نظامهم الغذائي دون وضع عبوة ملح على مائدة الطعام، حتى لو كانوا يتجنبون عموماً الأطعمة المعالجة.

كيفية تقليل استهلاك الملح

تقول إميلي ليمينغ: «أول خطوة هي استخدام كمية أقل من الملح أثناء الطهي، أو على طاولة العشاء وتعويض الطعم بإضافة الأعشاب والتوابل».

وينقل «ذا تلغراف» عن أبحاث، أن استخدام القرفة أو الثوم يساعد في خفض ضغط الدم، في حين يمكن للفلفل الحار والزنجبيل والروزماري أن تساعد في إدارة مستويات السكر في الدم. أو استخدام الملح قليل الصوديوم، الذي يُشبه مذاقه الملح العادي، لكن يحتوي على جزء بسيط من الصوديوم، وهو أحد العناصر الكيميائية التي ترفع ضغط الدم.

استخدام بديل الملح عند الطهي ارتبط بانخفاض خطر الوفاة المبكرة لأي سبب (رويترز)

ويضيف: «مع ذلك، فإن هذه التغييرات ستقلل استهلاكك إلى حد معين فقط؛ إذ يتم تضمين نحو ثلاثة أرباع كمية الملح التي نستهلكها في نظامنا الغذائي مسبقاً في الأطعمة التي نشتريها. فيحتوي الكاتشب على نحو 0.3 غرام لكل جرعة، والبيتزا ما بين 2-4 غرامات، والخبز نحو 0.4 غرام لكل شريحة، والشوربة نحو 2.2 غرام لكل طبق».

وتقترح الطبيبة إميلي ليمينغ «النظر إلى المكتوب على ظهر عبوة المنتج، واختيار المنتجات ذات الكميات الأقل ملحاً». وكذلك توصي بأن يكون «نصف طبق وجبتي الغداء والعشاء من الخضراوات وتناول الفواكه مرتين يومياً على الأقل».

بائع يعرض العنب للبيع (إ.ب.أ)

وتشير إميلي ليمينغ إلى أن «بعض الأبحاث الحديثة سلطت الضوء على أن النسبة بين الصوديوم والبوتاسيوم قد تكون أكثر أهمية للصحة، من قياس مستويات الصوديوم وحدها». والبوتاسيوم، الذي يوجد في الموز والفطر والأفوكادو، يساعد في إزالة الملح من مجرى الدم.

وتختتم: «لذلك، فإن الأطعمة المخمرة لا تزال خياراً صحياً، رغم احتوائها على كميات عالية من الملح، لأنها غنية بالبوتاسيوم والألياف، إضافة إلى مواد نباتية ثانوية مفيدة أخرى».